مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10498.04) نقطة    وزير الدفاع يجري اتصالًا هاتفيًا برئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة قطر    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة تنظيف أسطح الجوامع والمساجد    نائب أمير مكة يستقبل رئيس فريق تقييم أداء الجهات الحكومية المشاركة في تنفيذ الخطة العامة للطوارئ    المملكة تعزي قطر في وفاة أحد منسوبي الأمن جراء الاعتداء الإسرائيلي الآثم    "Grand Arrival"تجمع كانيلو وكروفورد في لاس فيغاس استعدادًا للأمسية التاريخية    الدولار يحافظ على استقراره وسط ترقب الأسواق بيانات التضخم الحاسمة    أمير حائل يستقبل أمين المنطقة    تعليم الطائف يعلن بدء استقبال طلبات إعادة شهادة الثانوية لعام 1447    أكتوبر: انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    البرامج الجامعية القصيرة تمهد لجيل من الكفاءات الصحية الشابة    تجاوز الإشارة الحمراء.. خطر يهدد الأرواح ويعتدي على الحقوق    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    السعودية ترحب بتوقيع اتفاق استئناف التعاون المشترك بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية    الأمير سعود بن طلال يُدشن موسم صرام الأحساء 2025 لتعزيز قطاع التمور    أحلام تبدأ بروفاتها المكثفة استعدادًا لحفلها في موسم جدة    حساب المواطن يودع 3 مليارات ريال لمستفيدي دفعة شهر سبتمبر    بلدية الظهران تباشر تنفيذ مشروع تطوير طريق الأمير سلطان بن عبد العزيز    الاتحاد الأوروبي يدين الهجوم الإسرائيلي على قطر    الإحصاء: ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 6.5% في يوليو 2025    المواقيت ومساجد الحل.. خدمات متجددة وتجربة ميسرة للحجاج    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    إسرائيل تشرِّع الفوضى المُقنَّعة    جلسة طارئة لمجلس الأمن اليوم    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 يسجّل أرقاما قياسية ويستقطب ملايين المشاهدين حول العالم    محمية الإمام تركي تُشارك في معرض كتارا الدولي    "التخصصي" يفتتح جناح الأعصاب الذكي    "الملك سعود الطبية" تطلق خدمة تخطيط القلب لمرضى الرعاية المنزلية    عيادة متنقلة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن اعتلال الشبكية الناتج عن السكري    إطلاق خدمة «بلاغ بيئي» بتطبيق توكلنا    أكد اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمواجهته.. رئيس وزراء قطر: العدوان الإسرائيلي «إرهاب دولة»    السعودية: ندعم الحكومة السورية في إجراءات تحقيق الاستقرار.. قصف إسرائيلي لمواقع في حمص واللاذقية ودمشق    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: سلطات الاحتلال تمارس انتهاكات جسيمة ويجب محاسبتها    رقابة مشددة على نقل السكراب    التعثر الدراسي .. كلفة نفسية واقتصادية    «حقيبة الرفاة».. جريمة هزت العالم    رئيس موانئ يزور جازان للصناعات    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين بناء على ما رفعه ولي العهد.. نائب أمير الرياض يسلم وسام الملك عبدالعزيز للدلبحي    إنتاج أول فيلم رسوم بالذكاء الاصطناعي    8 مشروعات فنية تدعم «منح العلا»    يسرا تستعد لعرض فيلم «الست لما»    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. سمو ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى غدًا الأربعاء    نونو سانتو أول الراحلين في الموسم الجديد بإنجلترا    «براق» تحقق ثاني كؤوس مهرجان ولي العهد للهجن للسعودية    ولي العهد وملك الأردن يبحثان الهجوم الإسرائيلي الغاشم    ولي العهد لأمير قطر: نقف معكم ونضع إمكاناتنا لمساندكم في حماية أمنكم    أهمية إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية قبل الزواج    الاتفاق يجهز ديبملي    تاريخ وتراث    شراكة سعودية - صينية في صناعة المحتوى الإبداعي بين «مانجا» للإنتاج و«بيلي بيلي»    إدانة سعودية وولي العهد يهاتف أميرها.. الإرهاب الإسرائيلي يضرب قطر    رسالة من رونالدو إلى أوتافيو بعد رحيله عن النصر    تعزيز الابتكار في خدمات الإعاشة لضيوف الرحمن    مجلس الوزراء: نتائج الاستثمار الأجنبي المباشر تخطت مستهدفات 4 سنوات متتالية    ‏أمير جازان يطّلع على التقرير السنوي لأعمال الجوازات بالمنطقة    دواء جديد يعيد الأمل لمرضى سرطان الرئة    عندما يكون الاعتدال تهمة    صحن الطواف والهندسة الذكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الكاريزما» في عالم اليوم: داسيلفا وأردوغان مثالين
نشر في الحياة يوم 26 - 05 - 2010

عندما اتجهت أنظار العالم في الأيام الماضية إلى طهران ترقب وساطة الرئيسين البرازيلي لولا دا سيلفا والتركي رجب أردوغان لتسوية أزمة تخصيب اليورانيوم الإيراني، لم يكن الاهتمام كله متعلقاً بنتائج هذه الوساطة. فقد انصب جزء من هذا الاهتمام على أداء الوسيطين، اللذين يحظى كل منهما بإعجاب في غير قليل من الأوساط الدولية. فهما من أكثر قادة العالم جذباً للانتباه في السنوات الأخيرة لما يحققانه من إنجاز، ولطريقتهما في معالجة الأمور.
فقد ساهم كل منهما في وضع بلده بين الدول الصاعدة بسرعة الصاروخ إلى قمة العالم الاقتصادية وعلى خريطة البلاد التي تزداد مكانتها بإطراد. وإذا كان التحول الكبير الذي أحدثه أردوغان داخل بلاده وسياستها الخارجية معروفاً لدى العرب على نطاق واسع، فكذلك الحال بالنسبة إلى «بصمة» دا سيلفا على سياسات بلاده الاقتصادية والاجتماعية والخارجية والتي يعرفها الناس جيداً في أميركا اللاتينية.
ولكن المهم هو أن لكل منهما مكانة مميزة على المستوى الدولي أيضاً، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف على سياساتهما. فيبدو كل منهما قائداً مميزاً ليس فقط في أدائه ولكن أيضاً في شخصه.
وهذا نوع جديد من «الكاريزما» التي بدا منذ سبعينات القرن الماضي أنها في حال انحسار. فقد رُسمت في منتصف ذلك القرن وربعه الثالث صورة معينة للقيادة «الكاريزماتية» في البلاد النامية انطلاقاً من قادة كبار مثل نهرو وتيتو وسوكارنو وعبدالناصر ونكروما. وعندما رحل هؤلاء القادة، بدا أن نمط القيادة «الكاريزماتية» غاب معهم. ودعم هذا الاعتقاد أن العالم المتقدم لم يقدم، بدوره، قادة من نوع تشرشل وأيزنهاور وديغول وكنيدي بعد رحيلهم.
وازداد الاعتقاد، حتى على المستوى الأكاديمي، بأن عصر القيادة «الكاريزماتية»، التي تمتلك سحراً شخصياً قوياً وقدرة خطابية بالغة، وتمارس تأثيراً غير عادي في الجمهور والنخب، قد مضى.
وحدث في العقود الثلاثة الأخيرة ما دعم هذا الاعتقاد، وخصوصاً ثورة الاتصالات التي أنتجت تحولين تاريخيين: أولهما في بدايتها عندما أحدث التلفزيون انقلاباً في الحملات الانتخابية عبر ما صار يُطلق عليه صناعة المرشحين. وعندما تكون هذه الصناعة في انتخابات رئاسية، فهي تعني صناعة الرئيس الذي قد لا يحتاج - والحال هذه - الى مقومات قيادية كافية، ناهيك عن أن تكون «كاريزماتية».
أما التحول الثاني فقد ارتبط بالتوسع الهائل والتطور الجوهري في وسائل الاتصال عبر البث الفضائي والإعلام الالكتروني والمزج بين الهاتف والكومبيوتر المحمولين.
فقد أصبح رؤساء الدول والحكومات وغيرهم من القادة السياسيين مكشوفين ليل نهار أمام الناس، على نحو أزال المسافة التي يلزم وجودها لكي تلمع «الكاريزما» في جانبها الشخصي.
فصار صعباً إخفاء ما يخدش صورتهم بدءاً من زلات اللسان ووصولاً إلى الأخطاء الكبرى، الأمر الذي يظهرهم بشراً عاديين، بمن في ذلك المميزون بينهم.
غير أن هذا الاعتقاد بنهاية عصر «الكاريزما» جانبه الصواب. فقد اختلف مفهوم «الكاريزما»، وتغير طابعها. كان هذا المفهوم قد انصرف في مرحلة سابقة إلى الشخص أكثر مما ارتبط بأدائه وما حققه من نجاح أو فشل. ولذلك لم تكن سياسات بعض أعظم القادة «الكاريزماتيين» فاشلة فحسب، بل كارثية أيضاً. وقد ترك بعضهم بلاده في وضع سفلي من دون أن يؤثر ذلك في تعلق شعوبهم بهم وحبهم لهم.
غير أن هذا لم يعد ممكناً في عالم اليوم. أصبح الفصل صعباً بين طابع شخصية القائد وأدائه. وبات نجاحه أو تحقيقه إنجازاً من ضرورات «الكاريزما» أياً يكون سحره الشخصي وقوة تأثيره في الناس.
وهذه هي حال قادة من نوع دا سيلفا وأردوغان اللذين حقق كل منهما مكانة مميزة على رغم أنهما ليسا من أصحاب الشخصيات الساحرة. كما أن كلاً منهما وصل إلى السلطة عبر الانتخابات، وليس من خلال قيادته ثورة أو انتفاضة بخلاف ما كانت عليه الحال من قبل بالنسبة إلى القادة «الكاريزماتيين» في منطقتهما. وهما، إلى ذلك، زعيمان معتدلان.
وحتى حين يلجآن إلى خطاب شعبوي فبحساب. فلم تعد الشعبوية شرطاً للقيادة غير العادية. والدليل على ذلك هو الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الذي بدا، خلال لقائه معهما كما في كل مناسبة، حاكماً عادياً من النمط التسلطي.
وثمة دليل أقوى نجده في حال رئيس فنزويلا هوغو شافيز الذي فشل في أن يبدو زعيماً غير عادي، على رغم أنه يأتي عجباً في سعيه هذا، ويخوض معارك «دونكيشوتية» ويبدد موارد بلاده الطبيعية التي لم يضف إليها شيئاً.
فشتان بينه وبين دا سيلفا الذي نجح في تقليص نطاق الفقر في بلاده، في الوقت الذي نهض بالاقتصاد وقدم نموذجاً جديداً في التصنيع وقاد تحول البرازيل إلى دولة كبرى. فلم تكن سياسته الاجتماعية على حساب الإنجاز الاقتصادي. كما تبنى سياسة خارجية مستقلة، ولكن من دون شعارات ومزايدات. ولم يحل استقلالها دون تدعيم العلاقات مع الولايات المتحدة في ما تقتضيه مصالح بلاده.
لذلك صار دا سيلفا نموذجاً لليسار الديموقراطي الذي يمزج بين الإنجاز الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، فيما أصبح أردوغان نموذجاً لتيار إسلامي ديموقراطي لا مثيل له حتى الآن في عالمنا العربي.
وإذ يجمعهما ميل ديموقراطي لم يكن من تقاليد تيارات اليسار والإسلام السياسي، وما زال محدوداً في أوساطها، فقد اقترنت «كاريزما» كل منهما بعلاقة قوية مع جمهور من المواطنين - الناخبين وليس الرعايا - المبايعين. وتبلورت هذه العلاقة في عمليات انتخابية بدأت بلدية ونقابية وانتهت تشريعية ورئاسية، وليس في ثنايا ثورات ديموقراطية ملونة لم تنتج قادة «كاريزماتيين» لأن زعمائها الذين تولوا السلطة فشلوا في تحقيق إنجاز، أو ارتكبوا أخطاء كبيرة فانكشفوا حتى أمام من تبعوهم، على رغم أن بعضهم امتلك المقومات الشخصية اللازمة لهذا النوع من القيادة. والمثل الأبرز على ذلك يوليا تيموشينكو، التي أُطلق عليها خلال ثورة اوكرانيا في 2004 وبعيدها، «الأميرة البرتقالية». وبدت بشخصيتها الساحرة وحيويتها الفائقة وقدرتها الخطابية رمزاً لهذه الثورة، التي لم يتخيل أحد وقتها أنها تحمل في داخلها بذور انهيار سريع بسبب عدم التوافق بين القوى التي أشعلتها. وقد فشلت تيموشينكو في إثبات قدرتها القيادية حين غاب عنها أن بناء توافق وطني هو الطريق إلى النجاح، فساهمت في تفريق من كان مفترضاً أن تجمعهم.
والحال أن النجاح والإنجاز صارا شرطين لا غنى عنهما للقيادة «الكاريزماتية»، إلى جانب الشخصية الجاذبة والمؤثرة. لذلك، فشتان بين دا سيلفا وكاسترو مثلاً، أو بين أردوغان وعبدالناصر، على رغم أن في عالمنا العربي من لا يرون فارقاً، لأن ضباباً كثيفاً يجثم على العقل ويعوق الرؤية.
* كاتب مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.