شرعت الحكومة الجزائرية رسمياً في عملية تأهيل عناصر «الحرس البلدي» وهو جهاز أمني أنشئ في منتصف التسعينات للإسهام في «مكافحة الإرهاب». وكلّف الوزير الأول أحمد أويحيى أعضاء الحكومة ومسؤولي الإدارات العمومية والمؤسسات التابعة لها عبر الولايات ب «التوقف موقتاً» عن توظيف مستخدمين في سلك الأمن الداخلي للمؤسسات إلى غاية «الانتهاء من إعادة نشر وتوظيف عناصر الحرس البلدي». ووضعت الحكومة الجزائرية مشروعها تحت عنوان الاعتراف بدور أعوان الحرس البلدي في مهمات «مكافحة الإرهاب» منذ تأسيس الجهاز في عام 1996. وعلمت «الحياة» من مصدر حكومي، أمس، أن أويحيى أمر ببدء توظيف آلاف من عناصر الحرس البلدي ضمن عملية إعادة النشر والتي تتم «في ظل الاعتبار الكامل المستحق لهؤلاء المستخدمين المعنيين الذين تحمّلوا ما عليهم في الذود عن الوطن والمحافظة على أمن الممتلكات والأشخاص». وقال إن العملية «ستتم في كنف الحرص على ضمان كرامة المعنيين وحقوقهم». ولا تعني هذه الخطوات إلغاء الجهاز ككل، لكن الأمر يتعلق بفئات ستتوجه إلى مهمات الحراسة الأمنية في الإدارات العمومية. وجاءت خطوة أويحيى لتوظيف عناصر الحرس البلدي في الإدارات بتكليف مباشر من رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة. وأمهل أويحيى الوزراء والمسؤولين المعنيين بالتعليمة إلى غاية نهاية الشهر الجاري (أيار/مايو) لإفادته بقائمة احتياجات المؤسسات لموظفين أمنيين كي يتم تحويل عناصر حرس البلدي نحو هذه الوظائف. وأُفيد أن الرئيس بوتفليقة ينتظر من المعنيين جرد الوظائف المطلوبة ليس فقط في الأمن الداخلي، وإنما في وظائف مماثلة كحراس الغابات لدمج الحرس البلدي فيها. وبعد 14 سنة على استحداث سلك الحرس البلدي، يُعتقد أن وزارة الداخلية تستعد بدورها لإطلاق جملة من المشاريع التي قد تغيّر كثيراً الأوضاع التي يعيشها قرابة 94 ألف فرد في الحرس البلدي. وتتمثل هذه المشاريع في جهاز جديد يسمى الشرطة البلدية يوضع تحت وصاية «الأميار» (رؤساء البلديات)، ويتشكل من العناصر الأكثر تأهيلاً وممن يملكون مستوى علمياً. وعوض أن يتولى هذا الجهاز مهمات مكافحة الإرهاب، يُتوقع أن تُسند إليه مهمات ذات علاقة بما يُعرف ب «الأمن الجواري». وتعتزم وزارة الداخلية الاحتفاظ بنصف العدد الحالي لأداء المهمات الجديدة مع تحول السلك إلى شرطة بلدية، ليبقى فقط في السلك أولئك الذين يستجيبون الشروط المطلوبة، بخاصة منها ما يتعلق بالمستوى الأدنى من التحصيل العلمي (المرحلة التاسعة)، ويُعتقد أن ما يقرب من ثلث أعوان الحرس البلدي الحاليين لا يحملون هذا المستوى، فضلاً عن كبار السن الذين قد لا تسمح قواهم الصحية ببذل الجهد العضلي المطلوب في مهمات الشرطة البلدية. ولذلك يُمكن فهم الأسباب التي دفعت الرئيس الجزائري إلى تكليف الوزارة الأولى بالبدء في توظيف هؤلاء في مؤسسات إدارية مع ترك مشروع الشرطة البلدية للأكثر كفاءة علمية.