يتوجه حوالى 25 مليون بريطاني، من اصل 40 مليوناً يحق لهم الانتخاب، الى صناديق الاقتراع اليوم لاختيار رئيس وزرائهم الجديد للسنوات الخمس المقبلة والمجالس المحلية في انكلترا، وسط عدم يقين اثر سلباً في الاسترليني وسوق لندن، وفي ظل اشارات عن اتجاه ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين الى الفوز. في حين يُخشى ان يحكم زعيم حزب العمال غوردون براون لايام اضافية بانتظار تشكيل غالبية نيابية قادرة. ووفق نتائج استطلاعات للرأي نشرت صباح امس اختفى «المفعول السحري» للمناظرات التلفزيونية الذي كان ظهر بعد «المبارزة» الاولى ورسم للرأي العام «صورة وردية» لزعيم الحزب الليبيرالي الديموقراطي نيك كليغ. وكان مستوى الاستطلاعات يشابه مستواها في الرابع من نيسان (ابريل) الماضي عشية الدعوة الى الانتخابات. وسيختار البريطانيون اليوم 650 نائباً من بينهم رئيس البرلمان الجديد، الذي عادة كان يفوز بالتزكية، بعدما قرر مرشح احد الاحزاب الاستقلالية تحديه في مقعده «لايذاء» المحافظين الذي لم يتضمن برنامجه الانسحاب من اوروبا. ومع ان بوادر تقدم كبير لكاميرون قد تعني انتهاء حكم عمالي مستمر منذ 1997 الا ان عدم حسم ربع المقترعين تقريباًً موقفهم جعل التوقعات تفيد بان المجلس الجديد قد يكون من دون غالبية. ويحاول المحافظون والعمال الفوز باكبر عدد من المقاعد في معركة كسر عظم بين اتجاهين شُبهت بما جرى العام 1974 عندما كانت الخزينة فارغة والانقسام السياسي كبيراً في شأن كيفية تنمية الموارد والحد من الانفاق. ويصل عجز الخزينة حالياً الى نحو 167 بليون استرليني تبارت الاحزاب في كيفية خفضها تدريجاً من دون ذكر لكيفية ذلك او الحديث العلني عن امكان زيادة الضرائب وخفض القوى العاملة في القطاع العام الذي يُقدر ان يخسر حوالى نصف مليون شخص على مدى السنوات الخمس المقبلة ليرتفع عدد العاطلين عن العمل الى ثلاثة ملايين. وكانت الحملات الانتخابية شهدت اضافة الى المناظرات الرئيسية، التي اضفت حيوية على الانتخابات، اللجوء الى «سلاح الزوجة» من دون ظهور فضائح جنسية للمرشحين من اي حزب. وعملت سارة براون، زوجة غوردون براون، مستشارة اعلامية لحملته في حين مثلت سامنتا كاميرون زوجة كاميرون «السلاح السري» وصورة المرأة المحافظة التي تشارك زوجها في تحمل مسؤوليات المنزل وساعد في تجميل صورتها انها حامل للمرة الرابعة وتأمل وضع طفلها في 10 داوننغ ستريت. لكن ميريام كليغ زوجة زعيم الحزب الليبيرالي الديموقراطي نيك كليغ غابت غالباً عن المعركة لسببين الاول انها محامية دولية لديها الكثير من العمل والثاني لانها اسبانية الاصل لا تريد احراج النساء الانكليزيات بجمالها المتواضع وشهرتها واناقتها! ومع ان نتائج الانتخابات لن تظهر قبل ساعات الصباح الاولى من غد الجمعة الا ان بوادر «شحذ السكاكين» بدأت تمهيداً لايصال مرشح الى زعامة العمال خلفاً لبراون الذي اعلن انه سيتحمل مسؤولية النتائج مهما كانت قاسية. وقد يبقى براون رئيساً موقتاً للحكومة، اذا لم يحصل اي من الاحزاب على 326 مقعداً (اكثر من عدد النواب الباقين في المجلس). وحينها سيحاول كبار الموظفين التقريب بين زعماء الاحزاب للبحث في تشكيل تحالفات تمهد لتسليم الحكم الى من يستطيع جمع غالبية. ووفق العرف يمكن لزعيم احد الاحزاب ان يشكل حكومة اقلية اذا ضمن عدم تصويت حزب آخر على حجب الثقة عنه مقابل مقايضات. ومع ان الامر يبدو محتملاً جداً في الانتخابات اليوم الا ان البريطانيين عادة ما يشعرون بالخطر من برلمان غير مكتمل الصورة. وعلى هذا الاساس قد يحصل كاميرون على العدد الكافي من النواب حتى مع نواب ايرلندا الشمالية وويلز الذين قد يعقد معهم صفقة تسمح له بالحكم مقابل مساعدات مالية للمقاطعتين وعدم خفض الانفاق فيهما. وكان زعماء الاحزاب الثلاثة واصلوا امس حملاتهم حتى «الرمق الاخير» كما ذكرت «هيئة الاذاعة البريطانية» بانتظار ان يتخذ الشعب البريطاني قرار الاختيار اليوم.