تابعتُ بتشويق وسعادة، نشاطات وتصريحات الحملة المعروفة ب «المساواة»، ولمن لم يسمع عنها، فهي: حملة «إنسانية» لمعلمات للمطالبة بالمساواة مع المعلمين في الحقوق والواجبات. وترفع تلك الحملة شعار «لا للتمييز ضد المعلمات». وكان آخر سلسلة «الحوار الإعلامي» بين «المساواة» و«التربية والتعليم»، امتعاضاً شديداً من معلمات الحملة، قبل يوم، بسبب تصريحات لنائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات نورة الفايز، وتبع الامتعاض وصف الحملة لتصريحات الفايز ب «المنفرة». بعيداً من مدى دقة التصريح المنسوب لنائب الوزير، وبعيداً من الذي فهمته المتحدثة الرسمية باسم الحملة غيداء أحمد، من التصريح: «إشارة لهن ل «ترك» الوظيفة بعد معاناتهن»... وبغض النظر عن كل ذلك، انطلقت حملة «مساواة» أو حملة «معلمات ضد التمييز» في 16 من شهر (تموز) يوليو الماضي، «للمطالبة بالمساواة مع المعلمين في الحقوق والواجبات، وذلك بمخاطبة جمعية حقوق الإنسان وهيئة حقوق الإنسان بمطالبهن، ووصف نقاط التمييز التي ترى عضوات الحملة أنها مورست بحقهن منذ أكثر من 14 عاماً في قطاع التربية والتعليم، ثم بمخاطبة وزير التربية والتعليم بأهداف الحملة». وتضمنت تلك المخاطبات «شرحاً مفصلاً لجميع عناصر التمييز التي مورست ضد المعلمات منذ أكثر من 14 عاماً تقريباً وتحديداً منذ عام 1415ه، ومن أمثلتها تعيين المعلمات على بند الأجور، وعدم احتساب خدماتهن، وعدم تحسين مستوياتهن، وعدم الاهتمام بهن تدريبياً، وعدم الوقوف بجانبهن في ما يتعلق بالنقل المدرسي والتعيين والنقل وغير ذلك من التمييز في الواجبات». وفي 29 يوليو، ثارت حفيظة الحملة على بيان ينفي فيه المتحدث الرسمي بوزارة التربية والتعليم الدكتور عبدالعزيز الجار الله ممارسة وزارته أي نوع من أنواع التمييز ضد المعلمات. وقالت المتحدثة الرسمية باسم الحملة حينها: «إن اعتراف الوزارة – في البيان ذاته - بتسريع استحداث الوظائف في قطاع البنين على حساب إبطائه في قطاع البنات، هو التمييز بعينه». واعتبرت ما جاء في البيان الصحافي الذي أصدرته الوزارة في 27 يوليو بمثابة «المواجهة ضد حملتهن، وأن هذه التصريحات ستزيد من أعداد المعلمات اللاتي سينضممن للحملة»، وقالت حينها أيضاً: «إن اعتراف التربية بتسريع استحداث الوظائف في قطاع البنين على حساب قطاع البنات بغض النظر عن الجهة المسؤولة عنه، سيؤخذ كدليل بيد المعلمات لتقديمه إلى فرعي جمعية حقوق الإنسان في الدمام والرياض». وللأمانة نشير إلى تصريح المتحدث الرسمي بوزارة التربية والتعليم، الذي أثار حفيظة الحملة آنذاك: «إن إجراءات تحسين المستويات موحدة، وتشمل المعلمين والمعلمات، وأن تحسين المستويات يسير في قطاع تعليم البنين بشكل أفضل مما هو موجود في قطاع تعليم البنات، وأن ذلك ليس بسبب وجود اختلاف في النظام، ولكن بسبب أن إحداث الوظائف على المستويات التعليمية يتم في قطاع البنين أكثر مما يتم في قطاع تعليم البنات، وبالتالي يتمكن قطاع تعليم البنين من تصحيح أوضاع المعلمين المعينين على مستويات أقل بشكل أكبر مما يتم في قطاع البنات». وهنا أنتهي من النقل من «غوغل»، وأشير إلى غرضي من ذلك النقل. لست هنا في معرض مناقشة لمن الحق – للتربية والتعليم أم للمساواة – بل لقراءة ما وراء سلسلة «الحوار الإعلامي» بين «المساواة» و«التربية والتعليم»، أو تصريحاتهم في شكل أدق. فما يبدو لي وراء ذلك هو «الحضارة» و«الشفافية»، واحترام حق المرأة بالتعبير أو حق من يشعر بالتمييز. إن انتصار هذه الحملة – بغض النظر عن من هو المخطئ - ليس انتصاراً للمرأة فقط، بل لكل من يتعرض للتمييز. وربما كان انتصارهم يتمثل في قدرتهم على ضمان استمرار الحوار وطرح حججهم وأدلتهم ودرسهم وتحليلهم لتصريحات «خصمهم»، والرد عليها. وليس بالضرورة أن يكسبوا قراراً لصالحهم، فهم كسبوا منذ انطلاق حملتهن باختيارهن لوسيلة التظلم، وبتحويل قضيتهم إلى قضية رأي عام «محترمة»، بغض النظر مرة أخرى عمن يملك الحق. ولا أجد في «خزينتي» أبلغ من عبارة: «والله رِجَال»... يا «مساواة». وحتى لا أتهم نفسي بالتمييز، فكلمة «رجال» استخدمتها كتعبير مجازي، لا ك «تمييز جنسي»، فليس كل «رَجلٍ» رجلاً.