تستعيد الجزائر غدا (السبت) ذكرى مرور نصف قرن على التفجير النووي الفرنسي الأول على أراضيها. وتجيء الذكرى وسط مرحلة من التوتر في العلاقة بين البلدين، خصوصاً مع رد الفعل الفرنسي سلبياً حيال طلب تقدم به مجموعة من النواب الى البرلمان يقضي بتجريم الاستعمار الفرنسي مع مطالبة فرنسا بالاعتذار من الشعب الجزاري وتقديم تعويضات مناسبة عن ضحايا تلك الحقبة المظلمة. وقد أجرت فرنسا في 13 فبراير'شباط العام 1960 أول تفجير نووي في الصحراء الجزائرية في منطقة رقان، على بعد نحو 1800 كيلومترا جنوب غرب العاصمة الجزائرية. وبهذه المناسبة أصدرت السلطات الجزائرية أمس (الخميس) طابع بريدي أول يخلّد ذكرى ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر. وقد كشفت "مجلة الجيش"، الناطقة باسم وزارة الدفاع الوطني الجزائرية بعددها للشهر الماضي أن 150 جزائريا استخدموا ك"فئران تجارب" في التفجير النووي الفرنسي الأول الذي أطلق عليه اسم "اليربوع الأبيض". وأشارت إلى أن الضحايا علقوا على أعمدة في محيط التجربة لدراسة آثار التفجير النووي على الإنسان. من جهة أخرى، ذكر الباحث الفرنسي المتخصص في التجارب النووية الفرنسية برينو باريلو أن سلطات الاستعمار الفرنسي استخدمت 42 ألف جزائري ك"فئران تجارب" في تفجير أولى قنابلها النووية في صحراء الجزائر في 13 أكتوبر'تشرين الأول و27 ديسمبر'كانون الأول 1960. ونقلت صحيفة الشعب الجزائرية الحكومية عن دراسة أعدها باريلو أن فرنسا أجرت التجربتين المذكورتين في بلدة "الحمودية" و"جبل عين عفلى" التابعتين لمنطقة رقان في أقصى الجنوبالجزائري. وذكر أن هذه القنبلة النووية فجّرت على مقربة من 42 ألف شخص من السكان المحليين وأسرى جيش التحرير الجزائري، ما يمثل أقسى صور الإبادة والهمجية التي ارتكبها المحتل بحق الجزائريين الذين يطالبون حاضراً باحترام الذاكرة قبل الاندراج في أي مخطط للصداقة بين البلدين. ونقل باريلو في دراسته صوراً لمقاومين جزائريين مصلوبين يلبسون أزياء عسكرية مختلفة، وصوراً أخرى عن دمار أحدثته القنبلة على بيئة المكان، وما آلت إليه معدات عسكرية من طائرات ومدرّعات كانت رابضة على بعد كيلومتر من مركز التفجير. وقلّل وزير المجاهدين الجزائري (وهم قدامى المحاربين في "جبهة التحرير الجزائرية") محمد الشريف عباس من قيمة القانون الذي أصدره البرلمان الفرنسي العام الماضي بشأن تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر وجزر بولينيزيا. واعتبر عباس هذا القانون "عمل سياسي أكثر من كونه مادي"، مشيرا إلى أن الكثير من ضحايا تلك التجارب توفوا، كما يفرض القانون شروطاً تعجيزية على كل من يرفع دعوى للتعويض عن إصابته بأمراض جراء تلك التجارب. وأكد الوزير الجزائري بأن حكومة بلاده لا تعلم العدد الحقيقي لضحايا هذه التجارب في الجزائر. في السياق عينه، كشفت رئيسة "جمعية الدفاع عن ضحايا التجارب النووية الفرنسية بالجزائر"، المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، في تصريح لإذاعة الجزائر الرسمية أن قافلة جزائرية تتألف من أطباء تعكف حاضراً على وضع خارطة لانتشار مرض السرطان في المناطق الصحراوية التي شهدت تلك التجارب النووية الفرنسية. وقالت إن فرنسا أحصت 12 نوعا من السرطان نجمت من هذه التجارب. وفي وقت سابق، صادق البرلمان الفرنسي على قانون يقر تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر وجزر بولينيزيا، لكنه يضع معايير صارمة لتحديد أهلية الضحية. وبموجب القانون، سترفع فرنسا السرية عن برنامج تجاربها النووية. يذكر أن فرنسا أجرت 17 تفجيراً نووياً في باطن وسماء وسطح صحراء الجزائر.