* لم يعد سريان الشائعات التي ينسج خيوطها أصحاب القلوب المريضة خبرًا، ولكن الخبر أن تطرق (شائعة الوفاة) أذن صاحبها؛ فيصبح في حيرة من أمره، والاتصالات تنهال على هاتفه من كل بقاع الأرض، ومجرد سماع صوته يُطمِئن المُهاتِفين بأنه- وبحمد الله- لا يزال (حيًا يرزق). * فنانة معروفة وجدتها نفسها قبل عدة أيام مطالبة بإثبات أنها لا تزال على قيد الحياة، لأن شائعة مجهولة المصدر تشير لوفاتها، تم تناقلها عبر السوشال ميديا، والخبر ينتشر بسرعة في زمن يتفرغ فيه ضعاف النفوس؛ لضخ الأكاذيب وصياغة الوهم والتخاريف، فويل لأصحاب الضمائر المنزوعة ممن ينسجون خيوط تلك الأراجيف. * أينما كنت تدركك شائعات الموت التي تفتل حبالها شبكة لتصطادك، معظم أصدقائك ومعارفك وزملائك ومحبيك يتحولون بحسن نية إلي (موصل جيد) لنقل تلك الأكاذيب بدوافع الحب والخوف، دون أن يدروا بأنهم يساهمون في انتشارها، فالقلق يسيطر عليهم تمامًا عند سماع شائعة مزعجة، ولأن الأعمار بيد الله وحده، والمرء يغادر الدنيا ما بين طرفة عين وانتباهتها، لا يجد من يسكنهم القلق وسيلة للاطمئنان عليك ومعرفة الحقيقة سوى طرح الأسئلة عبر الوسائط المختلفة، ومن لا يملك إجابة تضمد جراح استفهام السؤال المزعج يبحث عن شخص ممن يعتقد أن عنده (الرد اليقين) لتبدأ رحلة القلق والتساؤلات، وتزداد رقعة انتشار المخاوف والشائعات!!. * السؤال الذي ينبغي ألا ننسى طرحه على أنفسنا: هل خوفنا على من يهمنا أمرهم من أصدقائنا وبعض الشخصيات العامة يدفعنا لتداول الشائعات بسرعة البرق، ونفيها ساعة تلو الأخرى، أم أن هناك من يسعى بتخطيط رخيص لبث الرعب في أفئدة الناس بنشر سموم الأكاذيب، واغتيال الأحياء بسهام الأراجيف، ورؤية الحزن الخاطف- حتى ولو للحظات- يسيطر على أهلهم ومحبيهم، والأسى يسكن ضلوع أصدقائهم ومعجبيهم؟. * كثيرة هي الشائعات بالوسط الفني والحقل الإعلامي؛ ولكن أكثرها سخفًا شائعات الموت التي تنتشر سريعًا، وإن كان عمر صمودها قصير جدًا (ولو طال) لأن المستهدف بالشائعة ومن هم حوله حتمًا سيقومون بنفيها، والمؤسف أن التعامل مع هذا النوع من الشائعات صعب جدًا لحساسيتها، وسرعة انتشارها وصعوبة السيطرة عليها لحظة إطلاقها في ظل عصر الطفرة التقنية والحياة الإسفيرية؛ والتقصي حول مصدر تلك الشائعات ضرورة قصوى؛ ومقاضاة من ساهموا في تدشينها ونشرها دون أن يتأكدوا، هو الطريق الوحيد لوضع حدٍ لمثل هذه الظواهر، فمن يتم استخدامه في الترويج بجهل منه أو بسابق علم، فإنه لا يقل خطورة عمن نسج الشائعة، ولولاه لظلت حبيسة داخل العقل المريض الذي أنتجها؛ لذا يصبح التشدد والحسم ضرورة مع (هواة النقل الطائش) من الباحثين عن (انفراد) لا معني له لمجموعاتهم في (الواتساب)، أو الفوز بسبق خبري مجهول المصدر؛ ليضعه أحدهم في صفحاته علي وسائل التواصل الاجتماعي، فلو تحلي الواحد من هؤلاء بقليل حكمة وصبر لظفر بالخبر اليقين، و(قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل). نفس أخير * لسان المرء شهد تشتهيه…. وإمّا حنظل لا حلو فيه ومن مَلَك اللسان فذاك غُنم…. وليس الغنم مالاً تقتنيه اذا حمل الوشاة اليك سوءًا…. تبيَّنْ لا تُصدِّق حامليه.