في تطور سياسي وقضائي متسارع، شهد الملف السوري خلال الساعات الماضية مستجدات لافتة، شملت تصريحات للرئيس السوري أحمد الشرع أكد فيها أن بلاده لم تعد معزولة عن العالم، إلى جانب صدور مذكرة توقيف غيابية بحق الرئيس السابق بشار الأسد بتهم تتعلق بأحداث درعا عام 2011. وخلال كلمة ألقاها في حملة"الوفاء لإدلب"، شدد الشرع على أن وحدة الشعب السوري واجب لا مفر منه، مشيراً إلى أن إعادة بناء سوريا الجديدة يتطلب مشاركة جميع أبنائها دون تفرقة. وأضاف:"التقيت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بكبار قادة العالم، ورأيت احتراماً وتقديراً لما قدمتم، سوريا لم تعد معزولة، وأثبتت أنها قادرة على تقديم الكثير". وأكد الرئيس السوري أن رفع العقوبات ليس هدفاً بحد ذاته، بل وسيلة لتحسين الاقتصاد وجذب الاستثمارات وتطوير البنية التحتية وخلق فرص عمل، في إطار عملية إعادة الإعمار. وتأتي هذه التصريحات بعد أشهر من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في يونيو الماضي، إنهاء برنامج العقوبات الأمريكية على سوريا، بما يتيح دمجها مجدداً في النظام المالي الدولي مع استمرار العقوبات الفردية على شخصيات وكيانات مرتبطة بالنظام السابق. في المقابل، كشف القضاء السوري عن خطوة غير مسبوقة تمثلت في إصدار قاضي التحقيق السابع بدمشق، توفيق العلي، مذكرة توقيف غيابية بحق الرئيس السابق بشار الأسد، متعلقة بأحداث درعا التي اندلعت في نوفمبر 2011. وأوضح القاضي أن المذكرة تتضمن اتهامات بالقتل العمد والتعذيب المؤدي إلى الوفاة وحرمان الحرية، مؤكداً إمكانية تعميمها عبر الإنتربول لملاحقة الأسد على المستوى الدولي. وأشار العلي إلى أن هذه الخطوة جاءت استجابة لدعاوى رفعها ذوو ضحايا أحداث درعا، التي شكلت الشرارة الأولى للثورة السورية. ففي مارس 2011، اعتقلت الأجهزة الأمنية أطفالاً كتبوا شعارات مناهضة للنظام على جدران المدارس، ما فجّر احتجاجات واسعة قوبلت بقمع عنيف خلّف قتلى وجرحى، ودفع بالاحتجاجات إلى التحول من مطالب إصلاحية إلى دعوات لإسقاط النظام، قبل أن تنزلق البلاد إلى حرب أهلية مدمرة استمرت لأكثر من عقد. وبينما تسعى القيادة السورية الجديدة إلى تثبيت حضورها الدولي وتعزيز مسار إعادة الإعمار، يرى مراقبون أن صدور مذكرة توقيف بحق الأسد قد يشكل منعطفاً مهماً في مسار العدالة الانتقالية، ويؤشر إلى بداية مرحلة مختلفة في التاريخ السوري السياسي والقضائي.