في تصعيد دبلوماسي حاسم قد يعيد إيران إلى طاولة التفاوض، أو يفتح الباب أمام موجة جديدة من العقوبات الدولية، اتفقت الولاياتالمتحدة مع كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة على منح مهلة نهائية تمتد حتى نهاية أغسطس المقبل؛ لإبرام اتفاق نووي جديد مع طهران، وسط تصاعد التوتر الإقليمي وتراجع الثقة الدولية في نوايا إيران النووية. وأجرى وزراء خارجية الدول الأربع اتصالاً هاتفياً، تم خلاله التوافق على أن هذا الموعد هو آخر فرصة لإيران؛ لتقديم ضمانات ملموسة بشأن التزامها بالاتفاق النووي لعام 2015، المعروف ب"خطة العمل الشاملة المشتركة"، وذلك وفقاً لما نقله موقع "أكسيوس" الأمريكي، عن ثلاثة مصادر مطّلعة، قالت: إن القوى الأوروبية الثلاث تعتزم، في حال عدم التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية أغسطس، تفعيل ما يعرف ب"آلية الزناد"، التي تتيح إعادة فرض جميع عقوبات مجلس الأمن الدولي، التي كانت قد رُفعت بموجب اتفاق 2015. وتعني هذه الخطوة عملياً عودة إيران إلى عزلة دولية أوسع؛ تشمل حظر الأسلحة، والقيود المصرفية، ووقف التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية، وهي عقوبات جُمّدت منذ توقيع الاتفاق في عهد إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما. وفي هذا السياق، صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بأن أوروبا باتت قريبة من استعادة العقوبات إذا لم تقدم طهران ما يكفي من التطمينات. وقال من بروكسل: "سنفعّل العقوبات قبل نهاية أغسطس إذا لم نتلق التزامات حازمة وملموسة وقابلة للتحقق من الجانب الإيراني". ودعا بارو إلى استئناف فوري لعمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المنشآت النووية الإيرانية، محذرًا من أن"استمرار التعتيم يفاقم القلق الدولي ويقوّض فرص التوصل إلى تسوية دبلوماسية". ويعود الاتفاق النووي إلى عام 2015، عندما وقعت إيران إلى جانب الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين على خطة العمل الشاملة المشتركة، التي حدّت من برنامج طهران النووي مقابل تخفيف العقوبات، غير أن هذا التفاهم بدأ بالانهيار في عام 2018، حين قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق، معيدة فرض سلسلة من العقوبات القاسية على إيران في إطار استراتيجية"الضغط الأقصى". وردت طهران بتقليص التزاماتها تدريجياً، وأعلنت في عام 2020 وقف التعاون الكامل مع مفتشي الوكالة الدولية، ورفعت مستوى تخصيب اليورانيوم، مما أثار مخاوف من عودة المشروع الإيراني إلى عتبة السلاح النووي. وفي 2021 و2022، أُطلقت مفاوضات غير مباشرة بين واشنطنوطهران في فيينا، لكنها فشلت في التوصل إلى اتفاق جديد بسبب خلافات بشأن آليات الرقابة والضمانات. ومع عودة ترمب إلى البيت الأبيض في مطلع عام 2025، أعادت الولاياتالمتحدة تفعيل سياسة "الضغط الأقصى"، ووقّع ترمب أمراً تنفيذياً أعاد حزمة عقوبات صارمة على القطاعات الحيوية الإيرانية، في محاولة لردع طهران. كما شهدت الأشهر الماضية خمس جولات تفاوضية بين واشنطنوطهران، عُقدت في سلطنة عمان وقطر، لكنها توقفت بسبب التصعيد العسكري، بعد الضربات الإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية وردود طهران الصاروخية، ما جعل الوضع أكثر تعقيدًا.