إثراء يختتم فعاليات برنامج الفورمولا 1 في المدارس بأبها وإعلان الفائزين    عقوبات مالية على منشآت بقطاع المياه    «ستاندرد آند بورز»: الاقتصاد السعودي سينمو 5 % في 2025    المملكة وتوحيد الصف العربي    «مالكوم» يا أهلي !    «الدون» في صدارة الهدافين    لصان يسرقان مجوهرات امرأة بالتنويم المغناطيسي    فهد بن سلطان يقلّد مدير الجوازات بالمنطقة رتبته الجديدة    استقبل أمين عام مجلس جازان.. أمير تبوك: المرأة السعودية شاركت في دفع عجلة التنمية    مؤتمر لمجمع الملك سلمان في كوريا حول «العربية وآدابها»    «أحلام العصر».. في مهرجان أفلام السعودية    هل تتلاشى فعالية لقاح الحصبة ؟    اختبار يجعل اكتشاف السرطان عملية سريعة وسهلة    وزير الحرس الوطني يستقبل قائد القطاع الأوسط بالوزارة    قصف إسرائيلي مكثف على رفح    أبو الغيط يحذّر من «نوايا إسرائيل السيئة» تجاه قطاع غزة    وزير الدفاع ونظيره البوركيني يبحثان التعاون والتطورات    القيادة تعزي البرهان في وفاة ابنه    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة من الهلال    مالكوم: فوز ثمين.. وجمهور الهلال «مُلهم»    الهلال يتغلب على الأهلي والاتحاد يتجاوز الابتسام    أبو طالب تقتحم قائمة أفضل عشر لاعبات    فريق القادسية يصعد "دوري روشن"    ثتائي آرسنال على رادار أندية روشن    أخضر تحت 19 يقيم معسكراً إعدادياً    استمرار الإنفاق الحكومي    افتتح المؤتمر الدولي للتدريب القضائي.. الصمعاني: ولي العهد يقود التطور التشريعي لترسيخ العدالة والشفافية    وزير العدل يفتتح المؤتمر الدولي للتدريب القضائي في الرياض    فيصل بن بندر يدشّن سبعة مشاريع لتصريف مياه السيول والأمطار في الرياض    أنسنة المدن    أكدت أن الجرائم لا تسقط بالتقادم.. «نزاهة» تباشر قضايا فساد مالي وإداري    اختتام "ميدياثون الحج والعمرة" وتكريم المشروعات الفائزة والجهات الشريكة    فنون العمارة تحتفي بيوم التصميم العالمي    تعليم مكة يدعو المرشحين للمشاركة في «أيتكس»    الميزان    ولي العهد يعزي رئيس الإمارات    ريادة إنسانية    اكتشاف الرابط بين النظام الغذائي والسرطان    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» إلى الرياض    بكتيريا التهابات الفم تنتقل عبر الدم .. إستشاري: أمراض اللثة بوابة للإصابة بالروماتويد    جواز السفر.. المدة وعدد الصفحات !    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال21 من طلبة كلية الملك عبدالله للدفاع الجوي    الهواية.. «جودة» حياة    الحرب على غزة.. محدودية الاحتواء واحتمالات الاتساع    يتوارى البدر.. ولكنه لا يغيب !    مناورات نووية روسية رداً على «تهديدات» غربية    الشورى: سلامة البيانات الشخصية تتطلب إجراءات صارمة    "آل هادي" إلى رتبة "لواء" ب"الشؤون القانونية للجوازات"    اجتماع سعودي-بريطاني يبحث "دور الدبلوماسية الإنسانية في تقديم المساعدات"    إخلاء شرق رفح.. السكان إلى أين؟    «مهرجان الحريد».. فرحة أهالي فرسان    أمير منطقة تبوك يستقبل أمين مجلس منطقة جازان ويشيد بدور المرأة في دفع عجلة التنمية    خطط وبرامج لتطوير المساجد في الشرقية    وحدة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لهيئة "الأمر بالمعروف" تنفذ لقاءً علمياً    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    القبض على مروج إمفيتامين مخدر    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يضم بين دفتيه مجموعة من الدراسات والمقالات .. قضايا ومواقف في الفكر الإسلامي لمعالي الدكتور نزار مدني
نشر في البلاد يوم 24 - 11 - 2012

اثراء جديد للساحة الفكرية قدمه معالي الدكتور نزار عبيد مدني في مؤلفه الجديد قضايا ومواقف في الفكر والسياسة والذي يبلور مختلف القضايا ذات الاهتمامات القطرية والقومية والدولية والفكرية المختلفة والتي ترتكز على محور مشترك يسعى نحو ربط الفكر بالواقع وتغذية الواقع للفكر بالنسبة للقضايا المطروحة، سواء على الصعيد الوطني او العربي او الاسلامي او الدولي.
الكتاب يأتي في 415 صفحة من القطع المتوسط ويحتوي على خمسة فصول اولها قضايا وطنية وثانيها قضايا عربية، اما ثالثها فيتناول القضايا الاسلامية، بينما يتناول الرابع القضايا الدولية، والفصل الاخير يتناول القضايا الفكرية المختلفة.
يقول الدكتور نزار بن عبيد مدني في مقدمة كتابه ان مقالاته التي يضمها الكتاب تطرح ابحاثا غير مسبوقة في موضوعها، وتحتوي افكارا جديدة ورؤى مبتكرة لم يسبق التطرق اليها في مجالها، وان الهدف الوحيد من طرحها في هذا الكتاب وتقديمه الى الساحة الفكرية في بلادنا وفي غيرها من البلدان العربية والاسلامية ينبثق من حرص معالي الاستاذ نزار مدني على اثرائها بالمزيد من البحث والتحليل وصقلها بالكثير من النقد والتعليق.
ونجد في مقالات الكاتب انه تطرق الى العديد من المواضيع الحيوية ومنها:
“التوفيقية".. مفتاح شخصيتنا الوطنية
إذا كان ثمة ظاهرة تضرب بجذورها في اعماق شخصيتنا الوطنية، بل وتتغلغل في الحياة الدينية والسياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية في بلادنا، فهي ما يمكن ان نطلق عليه “الثنائية القطبية" وتتبدى هذه الظاهرة اول ما تتبدى حين نتلمس تأثير البعد الديني على شخصيتنا الوطنية، ثم تفصح عن نفسها حين نعرّج على تأثير البعد السياسي، وتبرز من مكمنها حين تناقش تأثير البعد الاجتماعي، وتسفر عن مكنونها حين نعالج تأثير البعد الاقتصادي، بل انها تطل علينا - وإن على استحياء - حتى في تناولنا لتأثير البعد الجغرافي.
حينما ننطلق من تأثير البعد الديني نجد أن التأثير الذي يحدثه الاسلام في مقومات مجتمعنا لا ينسحب على السياسة والتربية والاقتصاد والثقافة والفكر فحسب، ولكنه يمتد ليكون الخصائص والملامح الاساسية التي تتسم بها شخصيتنا الوطنية ذاتها، ونحن حين نتحدث عن الإسلام في هذا الإطار، فإننا نتحدث في واقع الأمر عما اسماه البروفسور علي عزت بيجوفيتش ب"الوحدة ثنائية القطب" والمقصود بها تلك التي تصهر قضايا ومحاور ثنائية متباعدة ومتنافرة مثل: المادة والروح، الدين والدنيا، العبادة والعمل، الفردية والجماعية، السماء والأرض.. وتذيبها لتكون منها مركباً جديداً وخلاصة جديدة.
هذه الوحدة الكامنة في طبيعة الاسلام هي التي مكنته من ان يجمع بين المتناقضين في كيان واحد، وهو جمع او توحيد لا يقوم على اساس فكرة التجاور والتقارب فحسب، وانما على اساس وجود التفاعل والتزاوج الذي تنتج عنه كائنات جديدة متكاملة العناصر ومنسجمة الاجزاء، وهي عملية تتشابه بشكل تام مع ما يحدث في الطبيعة، حينما تلتحم ذرات من عناصر مختلفة فتنتج عنها عناصر ذات خصائص جديدة، كما تفعل ذرات الأوكسجين حين تتحد مع ذرات الهيدروجين لتنتج الماء الذي يشرب منه الإنسان والحيوان والنبات.
وهذه الوحدة الكامنة في طبيعة الاسلام تفصح عن نفسها في شعائره وشرائعه، وهي تتجلى في أوضح صورة في أركان الاسلام الخمسة، فالصلاة بهذا المعنى ليست عملية “آحادية الجانب"، ولكنها فرض يجمع ويوحد بين الجانبين التعبدي والروحي من جهة، والعملي والصحي (الوضوء) من جهة أخرى، وهي ليست مجرد اجتماع الناس لأداء الصلاة في جماعة فحسب، ولكنها أيضاً مناسبة للعلاقات “الشخصية المباشرة، مما يجعلها مدرسة يومية للتآلف والمساواة والوحدة من جهة، وضد الفردية والسلبية والانعزال من جهة أخرى، وما يقال عن الصلاة يمكن قوله ايضا عن بقية الأركان، بل ان الوحدة التي يتميز بها الاسلام تتضح وتبرز في امور كثيرة متعددة، تقود في التحليل النهائي الى حقيقة ان الاسلام هو دعوة لحياة مادية وروحية في آن.
ظاهرة التطرف
التطرف ظاهرة تكرر في كل زمان ومكان، فهي تكرر في جميع المجتمعات، وعبر كافة العصور وفي إطار مختلف النظم السياسية والاجتماعية، وهذا من ثم يجعل منها ظاهرة قابلة للدراسة العلمية، بمعنى أن إمكانية مواجهتها والقضاء عليها، أو على الأقل التخفيف من غلوائها، أمر ممكن وقابل للتحقيق، والتطرف أيضا ظاهرة مرضية، وبصفته هذه فإن التصدي له ومعالجته - شأنه في ذلك شأن أي مرض من الأمراض - يمكن أن يتم إذا استكملت ثلاثة عناصر رئيسة هي: التحديد والتعريف، ثم التشخيص، ثم تقديم الوصفة العلاجية المناسبة.
نقطة البداية في العنصر الأول، وهو التحديد والتعريف، هي التفرقة بين التطرف والجريمة، فالجريمة هي الخروج على القواعد الاجتماعية والقانونية المتعارف عليها باتخاذ سلوك مناقض لما تقضي به تلك القواعد، وبهذا المعنى هي حركة في عكس اتجاه القاعدة الاجتماعية، أما التطرف فهو - في جوهره - حركة في اتجاه القاعدة الاجتماعية، ولكن مدى هذه الحركة يتجاوز في العادة الحدود التي تسمع بها القاعدة أو يرتضيها المجتمع، هذه التفرقة على جانب كبير من الأهمية، لأنها تبين لنا أن “المتطرف": يبدأ مسيرته من داخل القاعدة الاجتماعية، ومن ثم فلا يمكن ايقافه أو معاقبته لأنه يتحرك في واقع الأمر مع تلك القاعدة وفي اتجاهها، على خلاف المجرم الذي يمكن محاسبته منذ اللحظة الأولى لنشاطه، لأن هذا النشاط قد تحرك في الأساس ومنذ البداية في اتجاه معاكس للقاعدة الاجتماعية.
ومن ثم تصبح المشكلة الصعبة والمعّقدة والدقيقة التي تواجهها الأجهزة السياسية والأمنية هي تحدي اللحظة الي يتجاوز “المتطرف" عندها حدود الحركة المقبولة اجتماعياً، أو المسموح بها نظامياً “قانونياً"، والتي يمكن عندها فقط وصفه بالتطرف واعتباره قد خرج على القاعدة “أي قبل أن يُقدِم على ارتكاب العمل الذي تنطبق عليه مواصفات الجريمة".
حين نطبق هذا المنظور على حالات التطرف التي شهدتها بلادنا، نجد أن الشخص المعني يبدأ كأي شخص متدين يطبق تعاليم الإسلام ومبادئه، ويلتزم بقيمة ومثله العليا، ويحث الناس على السير في هذا الطريق، وبطبيعة الحال، فإن مثل هذا التوجه لا غبار عليه، بل إنه يُعدّ توجهاً محموداً ولابد من تأييده وتشجيعه والحث عليه.. ثم يواصل هذا الشخص مسيرته متجهاً نحو التشدد مع نفسه، ومع المجتمع.. ثم ينتقل خطوة أخرى حيث يبدأ في إصدار أحكام قاطعة بالإدانة على كل من لا يسير في نفس الاتجاه الذي يسير هو فيه، ويصاحب ذلك موقف متشدد من المجتمع ومؤسساته وحكومته، بحيث يؤدي به في النهاية إلى العزلة والمقاطعة للمجتمع والحكم عليه بالردة أو الكفر.. ثم تتحول العزلة والمقاطعة عند البعض الى موقف عدواني حركي، وهنا يبدأ المنعطف الخطير في هذه المسيرة حيث يبدأ التشبع، ومن ثم اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ فكرة: أن هدم المجتمع ومؤسساته هو جهاد في سبيل الله، لأنه مجتمع منحرف لا يحكم بما أنزل الله.
إيجابيات وسلبيات
من الأمور التي تثير لدي شعوراً بالغرابة حيناً، وبالكآبة أحياناً أخرى، استحفال ظاهرة أحسب أنها تنتشر في مجتمعنا بشكل يدعو إلى التأمل، ويدفع إلى التفكير، فنحن ننعى وجود بعض السلبيات في مجتمعنا ونعدها دليلاً على التأخر، أو برهاناً على التخلف، وهي قد تكون كذلك بالفعل، ولكننا حين نرصد وجود السلبيات نفسها في المجتمعات الأخرى، وخاصة المتقدمة منها، تبدو في أعيننا وكأنها ظواهر طبيعة، ولا نعدها مؤشراً على الانحلال، أو شاهداً على الانحطاط، بل ربما نعدها جزءاً من الحضارة السائدة، لنضرب بعض الأمثلة:
إذا ارتكبت في مجتمعنا جريمة سرقة أو قتل أو سطو أو ما شابه ذلك من الجرائم التي وجدت منذ أن وجد الإنسان، لأنها جزء من الطبيعة البشرية، نبادر على الفور إلى اعتبار ذلك سمة من سمات المجتمع المتخلف، حيث تنتشر الجريمة نتيجة الفقر والجهل والمعاناة، وقد يكون كل ذلك أو بعضه صحيحاً، ولكننا نسمع ونقرأ عن أنواع من أغرب وأحياناً من أبشع الجرائم التي ترتكب في المجتمعات الغربية مثلاً، وخاصة ما يسمونه الجريمة المنظمة organized crime التي تتفشى في تلك المجتمعات، وتهزأ من كل شرعية وانضباط، وتمارس أقذر وأعتى أنواع الجرائم وأكثرها بشاعة، ومع ذلك فلا ضير ولا تثريب، لأننا نعد ذلك ضريبة المدنية والحضارة، وثمن الرقي والتقدم.
مثال آخر، نرصد في مجتمعنا بين الفينة والأخرى مؤشرات تدل على تفشي ظواهر السحر والخرافة والشعوذة، فنصاب بكثير من الأحباط، وربما بقليل من الذعر، ولاشك أننا محقون في ذلك، ولكننا إذا علمنا مدى ما يعانيه المجتمع الأمريكي مثلاً من انتشار هذه الظواهر لاعترانا الكثير جداً من الذهول والدهشة، فنحن نعرف أن المجتمعات الغربية بعامة، والمجعتمع الأمريكي بخاصة، تعاني أشد المعاناة من انتشار اتجاهات السحر والخرافة والشعوذة، وشتى مظاهر اللامعقول، والأعجب من ذلك أن تلك المجتمعات تسمح بنشر مثل هذه الاتجاهات والظواهر، والترويج لها في كثير من وسائلها الإعلامية ونوافذها الثقافية والفنية، وبعضنا يرقب كل ذلك بمزيج من الانبهار والإعجاب باعتبار أنه يمثل قمة الحرية وذروة الانفتاح.
مثال ثالث، نرصد في مجتمعنا بين الفينة والأخرى مؤشرات تدل على بعض مظاهر التصدع الأسري كزيادة عدد حالات الطلاق، أو بعض الانحرافات في سلوك الأبناء والبنات، أو ضعف الوشائح والروابط الأسرية عما كانت عليه، أو عما يجب أن تكون عليه، ويتوهم البعض مبالغين في الوهم، أن مجتمعنا على شفا حفرة من الانهيار، وأن أنظمتنا الاجتماعية قاب قوسين أو أدنى من التحلل والانفراط، ولكننا نسمع ونقرأ عن الأوضاع الأسرية في المجتمعات الغربية ما يثير الشفقة، ويبعث على الأسى، وينبئ بالفعل بنذر التحلل والانفراط، إن لم نقل الانهيار، سواء بالنسبة لعدد حالات الطلاق، والخيانات الزوجية، والاطفال غير الشرعيين، وإجهاض بنات المدارس، أو بالنسبة لانتشار المخدرات والمشروبات الروحية بين طلبة وطالبات المدارس، وإقدام الأحداث على ارتكاب جرائم القتل والسطو والاغتصاب، ناهيك عن تفكك الوشائج والعرى العائلية بصفة عامة، ومع ذلك كله لا يرى بعضنا في هذه الظواهر والمؤشرات برهاناً على التصدع، أو دليلاً على الانحطاط، والأغرب من ذلك أن بعضنا لا يتحرج في الإشادة بتصرفات الأسرة الغربية، والإعجاب ببنيتها، واعتبارها مثلاً أعلى في الرقي والتمدن، في حين أننا نعلم أن الاستقلال المفرط والمبكر عن الأسرة خلق للإنسان الغربي مشكلات اجتماعية ونفسية هائلة، ولا أريد هنا أن أسترسل في الحديث عن انهيار الأسرة كمؤسسة اجتماعية في الدول الغربية والآثار السلبية التي ترتبت على ذلك، ولكن تكفي الإشارة إلى أن إحساس الفرد في مجتمعنا بأنه لا يعيش لنفسه فحسب، وإنما يدين بالولاء العميق، ويشعر بالالتزام نحو أسرته، إن هو إلا مؤشر على تغلب الروح الجماعية لا الروح الفردية المطلقة التي تميز الفرد في المجتمعات الغربية، حيث تسود روح المنافسة، ويتحكم شعار “البقاء للأقوى" ففي مثل تلك المجتمعات ليس هناك منفذ أمام الفرد سوى أن يخوض معركته في الحياة بمفرده، مركّزاً جُلّ همه على النجاح المادي باعتباره يمثل القيمة العليا في النظام القيمي، الذي يحكم تلك المجتمعات، ومن هنا فهو غالباً ما يقطع أواصر علاقاته الأسرية، ولا يشعر بالالتزام إلا أمام نفسه، وأمام أسرته الصغيرة فحسب.نتج عن تفكك الوشائج العائلية والأسرية هذا - على سبيل المثال لا الحصر- وضع مؤلم بالنسبة لكبار السن، الذين يتحوّلون عندما يبلغون سن التقاعد، أو عندما يبلغ منهم المرض مبلغه، إلى عبء ثقيل على ذويهم، وكثيراً ما يلجأ هؤلاء إلى التخلص منهم بإدخالهم دُوراً أعدت خصيصاً لرعاية المسنين.
وعلى النقيض من ذلك ترفض القيم والمثل العليا، التي أنعم الله بها على مجتمعنا رفضاً قاطعاً مثل هذا التحجر في القلوب، فإن إحساس الفرد في مجتمعنا بأنه لا يعيش لنفسه فقط، هو من أبرز السمات التي يتحسّر عليها زوار مجتمعنا من الأجانب، كما أن العلاقات والوشائج بين افراد الأسرة لدينا تحظى بأسمى منازل الاحترام والتقدير والعناية، فنحن بحمد الله ننعم بالدفء والحب والحنان في علاقاتنا الأسرية، وكأن كلاً منا قد أمن الكوارث بفضل الله ثم بفضل أفراد أسرته الذين قد يظهر بينهم التباعد، ولكن ما إن تصيب أحدهم الكارثة حتى تراهم قد إلتفوا حوله من حيث يدري ولا يدري.أرجو أن يكون واضحاً أن القصد من جميع ما ذكر ليس التقليل من شأن بعض السلبيات، التي يعاني منها مجتمعنا مثل الجريمة أو الشعوذة أو المشكلات الأسرية، أو حتى التطرف والغلو، وغير ذلك من الظواهر الاجتماعية التي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات، فوجود مثل هذه المشكلات أمر طبيعي، خاصة في عصرنا هذا، حيث تقترب المسافات، وتتفاعل الاحداث والمؤثرات، ويفقد المجتمع - أي مجتمع - قدرته على التقوقع على الذات، والانكفاء على النفس، والعزلة عن بقية المجتمعات، والتأثر بها، سلباً أو إيجاباً، ولكن ما أريد أن أقوله: إننا لا يجب أن نلصق كل السلبيات والصفات السيئة بأوضاعنا الاجتماعية، في الوقت الذي نعد فيه أن غيرنا من المجتمعات، وبخاصة المجتمعات الغربية، تمثل الصفات الحميدة والإيجابيات، فكما أن لدينا سلبيات، فإن لديهم سلبيات أشد وأعتى، وكما أن لديهم إيجابيات، فإن لدينا إيجابيات أسمى وأرقى، والمشكلة - في نظري - أن تهاون مجتمعنا في التمسك بقيمه الأصيلة والعض عليها بالنواجذ، وعدم تقديره لما لديه من كنوز تراثية واجتماعية، ومن جانب آخر تراخي الحس الوطني لدى بعض أفراده، بما يصاحبه من تدني الشعور بالانتماء، وضعف الاعتزاز بالوطنية، يجعله ينظر إلى المجتمعات الأجنبية نظرة تتسم بالتمادي في الانبهار، والإفراط في الإعجاب، والمبالغة في تقليد أنماطها الثقافية دون تبصر ومواءمة، إن ضعف ثقة الإنسان فيما لديه يجعله أسيراً لما لدى غيره، والتأثر بالغير من موقف الضعف يورث المشكلات، ويعيق التقدم والتطور. ولكن، هل معنى ذلك أن نعزل أنفسنا، ونتقوقع على ذاتنا، ونبقي مجتمعنا بمنأى عن التفاعل مع أيجابيات العصر؟
الجواب هو، بالتأكيد.. لا، فإن مجتمعنا لا يستطيع ولا ينبغي بحال من الأحوال أن ينعزل عن المحيط الدولي الذي يدور في فلكه، أو أن يصم أذنيه ويغمض عينيه عن تأثيرات المجتمع الدولي الذي يعيش في إطاره، أو أن يوصد أبوابه ويغلق نوافذه أمام الطوفان التقني وثورة الاتصالات، اللذين جعلا العالم المعاصر أشبه بقرية كبيرة لا مفر من التعامل بين سكانها، ولا مناص من التفاعل بين أفرادها، ولا مندوحة من الاعتماد المتبادل في شؤون حياتهم وأمور معاشهم، بيد أنه في تعامله وتفاعله هذا لا يستطيع ولا ينبغي له بحال من الأحوال أن يتجرد عن واقعه، ويغفل عن إيجابياته، أو أن ينسلخ عن ماضيه وتراثه، أو ينحرف عن قيمه ومثله وانتماءاته، بكل ما يفرضه ذلك عليه من معايير، وما يتطلبه من واجبات، وما يحتمه من مسؤوليات وتبعات.
رسالة إلى أمة
إنه لّما يثير الأسى في النفوس، ويدمي القلب حزناً وكمداً: أن الوضع الذي آلت إليه حالَتُكِ في هذا الزمن الرديء قد جعل مشاعر أبنائك تتلبد، وتطلعاتهم تخمد، وجذوتهم تنطفئ، فهم لم يعودوا يحلمون بالوحدة كما كانوا يحلمون، ولم يعودوا يعبأون بالتضامن كما كانو يعبأون، ولم يعودوا يحفلون بمفهوم الأمة كما كانوا يحفلون، ولا أدري كيف لأمةٍ مثلك أن ترضى بمثل هذا الوضع، وكيف يمكن لها في مدة وجيزة من الزمن وتحت وطأة بعض النكسات والعثرات أن تتغافل عن وقائع التاريخ، وأن تتعامى عن حقائق الجغرافيا، وأن تشيح بوجهها وتغمض عينيها عن الإيجابيات مفضلةً أن تغرق حتى أذنيها في السلبيات، ولا شيء غير السلبيات.
ولكن من المؤسف أن هذه - واقعياً - هي طبيعة الأوضاع التي تحيط بكِ، وهذا - فعلياً - هو واقع المناخ الذي يغلف أجوائِكِ، وتلك - عملياً - هي نوعية الظروف التي تخيم على أحوالكِ.
لاشك أن الهزائم العسكرية التي تعرّضت لها كانت أليمة، ولا خلاف أن الأزمات السياسية التي مَررتِ بها كانت عنيفة، ولا ريب أن المشكلات الاقتصادية التي تُمسِكُ بخناقكِ لا زالت مستعصية، وصحيح أن أوضاعك الاجتماعية والثقافية والفكرية لا تخلو من السلبيات، ولكن هل يجدر بأمة أصيلة مثلك أن تستسلم لهذه المعضلات والنكسات والعثرات؟ وهل يليق بأمة عريق مثُلك أن تشطب بجرة قلم تاريخاً حافلاً بالانتصارات والأمجاد، وأت تختم بالشمع الأحمر سجلاً ناصعاً من الإنجازات والبطولات؟ والعجيب في أمرِكِ أن المعطيات الهائلة التي تزخر بها جعبتك تؤكد نقيض كل هذه السلبيات وكل هذه المثّبطات.
ألستِ تلك الرقعة الهائلة من الأرض التي تمتد عبر قارتين وتنفرد بالإطلال على محيط يوصل إلى الشرق البعيد في آسيا، ومحيط يوصل إلى الغرب البعيد في أوروبا؟
ألَستِ تلك القارة التي تلامس شواطئها بحراً يتصل بالحضارة الحديثة وبحراً يتصل بالحضارة العريقة؟
ألِستِ ذلك الكيان الذي يمثل إمكانية استمرار الحضارة في العالم بما تحفل به أرضُكِ من مصادر وموارد وخيرات؟
والأهم من هذا كله، ألَستِ ذلك الكيان الذي يتميز بالتجانس الثقافي واللغوي على الرغم من اتساع المساحة وبعد المسافة، بل وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلت ولاتزال تبذل لطمس ثقافته ومحو فكره وهويته؟ ليس هذا فسحب، بل إن التجانس الثقافي واللغوي الذي تتوحدين عبره من المحيط إلى الخليج يؤكده ويفرضه عامل توحيدي أكثر أهمية وأبعد أثراً في تكوين الأمم ورقي المجتمعات وهو عامل الدين، فلقد أعطى الإسلام لأبنائك عقيدة، وكوّن لديهم شعوراً برسالة، بعد أن أحل وحدة العبادة محل التمزق والبعثرة، ورفض العصبية القبلية المفرّقة وأحل محلها رباط العقيدة، وجاء بفكرة “الأمة" التي تستند على العقيدة، والتي كان من أساسها المساواة والتفاضل بالعمل والتقوى، وجاء التنزيل بلسان عربي مبين. فثبّت العربية وأكسبها منزلةً خاصة ومكانةً مرموقة وجعلها أساس العروبة حين جعل النسبة إليها، فكان لذلك أبعد الأثر في تكوينك التاريخي والحضاري، وبمقدم الإسلام توافرت لأبنائك الطاقة اللازمة لقهر عوامل الفرقة التي ظلت تجهض الفاعلية العربية ردحاً طويلاً من الزمن، وحين تحققت وحدتهم تيسّر لهم أن ينطلقوا شعباً موحد الغاية والهدف، وليس كقبائل متنافرة متصارعة فيما بينها، وما إن تحققت الوحدتان الدينية والقومية حتى انقلب الضعف إلى قوة، والتفرق إلى تماسك، ثم إن الإسلام أمَدّ أبناءكِ برسالة صقلت نفوسهم، وشحذت هممهم، وضاعفت فاعليتهم أفراداً وجماعات، كما هذبت طباعهم، وأتَمّت مالديهم من مكارم الأخلاق.
إنها ليست أزمة ثقافة.. ولكنها أزمة مثقفين
تقع على المفكرين والمثقفين في أي مجتمع من المجتمعات، وفي أي عصر من العصور، مسؤولية جسيمة، فما يقولونه وينادون بهه لا ينبغي أن يُعدّ لغواً يذهب أدراج الرياح، أوترفاً فكرياً ما يلبث أن ينتقل إلى زوايا النسيان، ولكنه بذور تغرس في التربة الاجتماعية قد يثمر غرسها على جودته فيغل للمجتمع عطاءً ونتاجاً كأفضل ما يكون العطاء والإنتاج، وقد يمثر غرسها على سوئه فيغل للمجتمع بلاءً وشراً ما بعده بلاء وشر، وإذا كان ثمة سمة يتميز بها هؤلاء المفكرون والمثقفون فهي أنهم عادة لا يندفعون وراء تيارات أو أفكار عارضة دون أن يتدبروا أمرها، ويميّزوا غثها من سمينها، فقوام وجودهم هو أنهم يعرفون دون سواهم أن يواجهوا الأزمات بفكر مطمئن، وأن يتعاملوا مع الكوارث بتوجه عقلاني، وأن يطلوا من خلال العابر على ما هو باق وثابت، ومن خلال الحاضر على ما هو مقبل وآت.
ولئن كان واجب المفكر والمثقف دوماً أن يخلص لمجتمعه وفكره، وأن يتحاشى شطحات الفكر وزلاته، فإن من حق المجتمع عليه ألاً يزيد في تعقيد المفاهيم واضطراب الأفكار أو تضاربها، وأن يقدم من الأمر كل مدروس، ومن الرأي كل مبحوث، والتوجهات التي يريد أن يبثها وينشرها ينبغي أن يبنيها على أساس دراسة علمية دقيقة ومستفيضة لمضمونها وطرق تحقيقها، وللواقع الاجتماعي والبيئة السياسية التي تنطلق منها، وألا يكتفي بالتشدق بها وتكرارها بمعزل عن ذلك الواقع وتلك البيئة.ولا أريد أن أذهب مذهب الذين يبالغون في دور المثقفين والمفكرين إلى الحد الذي يعتبرون فيه أن المسؤولية عن كثير من الكوارث في تاريخ الأمم والشعوب لا تقع في الحقيقة على السياسيين والقادة الذين يتسببون في تلك الكوارث، وإنما تقع قبل ذلك على أولئك المفكرين والمثقفين الذين لم يخلصوا لفكرهم فأطلقوه مدفوعاً برغبة أو برهبة، وجبنوا عن تجلية الحقائق وإيضاح الوقائع، وخانوا الأمانة العلمية، ولم يتنبهوا أو ينبهوا إلى مواطن الزلل ومكامن الخطر.
إذا كانت هذه هي ملامح الدور المهم الذي يميز المفكرين والمثقفين عبر الزمان والمكان، فمن المؤسف أن بعض الذين يصنفون أنفسهم في عداد هذه الفئة في عالمنا العربي لم يتمكنوا من ممارسة الدور الحيوي الذي استطاع نظراؤهم في المجتمعات الأخرى أن يقوموا به، فهم يجمدون حين تنبغي المرونة، ويتقوقعون حيث يجب التحرك، وهم يقدمون رجلاً ويؤخرون أخرى حيث يتحتم الثبات وعدم التذبذب.
وينقسم المثقفون الذين نشير إليهم إلى فئتين: منهم من هاجر هجرة خارجية، فلم يعودوا يستنشقون هواء الوطن الذي ولدوا فيه، أو ينتسمون عبير المجتمع الذي ترعرعوا في كيانه، ومنهم من هاجر هجرة داخلية بمعنى الانغلاق والانكفاء على الذات، فهم موجودون في أوطانهم بأجسادهم وبارتباطاتهم الحياتية اليومية، ولكنهم غير موجودين بعقولهم ولا بقدراتهم وطاقاتهم الفكرية الحقيقية، يعيشون على الهامش بمنأى عن المشاركة بفاعلية وإيجابية في القضايا الحيوية التي تمس بلدانهم وأوطانهم، يشاهدون الأحداث تجري أمامهم، ويرون الكوارث والمحن تعصف بأمتهم، ولكنهم عاجزون عن الاسهام في تحليل أسبابها ودوافعها، قاصرون عن الإدلاء بدلوهم في كيفية معالجتها والتخلص من عواقبها، تراهم يعيشون في أبراج عاجية يقتاتون على مجردات ومطلقات abstracts لا صلة لها بضجيج الحياة وصخبها، ويتعاملون مع مسلمات عفا عليها الزمن ولم تعد تتفاعل مع الأحداث والتيارات التي تعصف بمجتمعاتهم وأوطانهم.
تأملات في اللغة
ليس بدعاً القول: إن اللغة تعد من أهم الوسائل التي تحافظ بها الأمة - أي أمة - على شخصيتها، وتؤكد بها ذاتها وهويتها، فهي صورة نابضة بالحياة للأمة وكيانها وخصوصيتها، ومرآة نقية تعكس ماضيها وتراثها وأمجادها، وليس غريباً وصف اللغة بالكائن الحي الذي يخضع للنمو والتطور في بعض مراحله، وللجمود والثبات في مراحل أخرى، إذا كانت هذه قاعدة تنطبق على سائر اللغات، فإنها تنطبق بشكل دقيق وواضح على لغتنا العربية، وبخاصة وهي تمر من خلال المنعطف الراهن في حياتها وتاريخها.تتعرض اللغة العربية في هذا المنعطف إلى تحديات كثيرة أثّرت على نموها وتطورها، من هذه التحديات، على سبيل المثال لا الحصر، المواجهة بينها وبين اللغات الأخرى - اللغة الإنجليزية بالتحديد - التي تعد بلا منازع مصدر تهديد خطير لها باعتبارها - من جهة - اللغة التي تمثل تيار “العولمة" الكاسح بمفرداته وتعبيراته ومصطلحاته الجديدة، التي بات ذكرها على كل لسان، وأصبح استعمالها عنواناً للحداثة ودليلاً على مواكبة العصر، وباعتبارها - من جهة أخرى- تمثل لغة الحضارة المتسيدة التي يؤكد لنا “قانون" الحضارات: أنها سعت عبر التاريخ، وتسعى دائماً، ليس فقط إلى فرض خطابها السياسي والفكري والثقافي، بل إلى فرض لغتها في المقام الأول.ومن هذه التحديات زحف تيار العامية تحت تأثير العناية بالأدب الشعبي والشعر الشعبي والموروث الشعبي، ومهما كانت المبررات التي تذكر والحجج التي تساق من أن العناية بالعامية ودراستها لا يعني في المقابل التأثير على مكانة الفصحى ومنزلتها، فإن الخطر يظل كامناً، والتهديد يبقى ماثلاً، وهناك بون شاسع وفارق كبير بين دراسة العامية كظاهرة لغوية وبشكل علمي أكاديمي وأسلوب عربي فصيح، وبين تعقيدها وتقنينها وأحيائها ونشرها على كل لسان وفي كل مكان، كما هو حاصل الآن في وسائل الإعلام والنشر، “هناك قناة فضائية عربية تجعل من استعمال العامية المحلية هدفاً وسياسة واستراتيجية لها".
ومن التحديات أيضاً عزوف بعض ابنائها عنها، وعقوق البعض الآخر لها، حيث يتمثل العزوف في بعض أولئك الذين يشيحون بوجوههم عنها التماساً لمظاهر الحياة الحديثة، ظناً منهم أن حشر الألفاظ الأجنبية في تعبيراتهم، وإقحامها على أطراف ألسنتهم وفي خطابهم اللغوي اليومي هو بمثابة تذكرة مرور لهم نحو التقدم والرقي، وحيث يتمثل العقوق في فئتين: فئة لا تتورع في سعيها إلى “ تسويق" منتجاتها وزيادة مبيعاتها وجني الأرباح الطائلة من وراء ذلك عن استعمال اللغات الاجنبية في اللافتات والملصقات والإعلانات، بل وفي المكاتبات الرسمية في داخل مؤسساتها وشركاتها، وفئة محسوبة على الفكر والثقافة تنجرف بلا وعي تارة، وعمداً مع سبق الإصرار تارة أخرى، وراء مقولات بعض التيارات الاستشراقية والتغريبية من أن اللغة العربية قاصرة عن الوفاء باحتياجات الحياة العصرية، بدعوى أن التطورات العلمية الحديثة قد جلبت معها مصطلحات لم تكن معروفة أو متداولة من قبل، وأن كثيراً من الأفكار والمفاهيم الحديثة والمستجدة هي فوق طاقة الأساليب العربية.وعلى الرغم من أن مجال الحديث عن الكيفية التي يمكن بها مواجهة هذه التحديات له رجاله وفرسانه، الذين لا يشق لهم غبار، إلى أن ما أود أن أشير إليه هو حقيقة أن أهمية اللغة في حياتنا تتمثل في أنها حاجة وضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، لذلك يقتضي والواجب تسهيل الحصول على تلك الحاجة للناس بأبسط الوسائل وأيسرها، كما يقتضي الحفاظ عليها بتنسيقها وترتيبها وصقلها وضبط معانيها وتطوير وتحديث معاجمها لتلائم مقتضيات الحاضر ومتطلباته، وذلك مخافة أن تضطرب مدلولاتها فيتعذر استعمالها، وبخاصة في المجالات العلمية الحديثة، وينصرف الناس عنها إلى اللغات الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.