كان لجدتي رحمها الله نظرتها في الأمور فكانت تقول إذا أردت أن تعرف مدى نظافة المرأة في بيتها فانظر إلى أبنائها وإلى زوجها وما هم عليه من "هندام" وإذا أردت أن تعرف مدى حرصها مع ترتيب منزلها فانظر إلى حمام منزلها. فأذكر وأنا في السابعة من عمري أو ما فوق كانت تقول لي دائماً ونحن نأخذ أماكننا حول "كانون النار" في ليالي الشتاء وهي توزع علينا حبات "أبو فروى" المشوي على تلك النار القائدة. عندما تريد أن يحترمك الناس فيجب أن تبدي احترامك لهم وأن تظهر بالمظهر الجيد أمامهم سواء كان في ملبسك أو في كلامك. فلا تقطع من يتحدث وأن تكون مصغياً أكثر من متحدثٍ، فالإنسان له أذنان وله فم واحد أي يستمع ضعف ما يتحدث. وعليك أن تشيع حولك بيئة نظيفة لا ترمي شيئاً من الأوراق حولك أو قذف بقايا الأشياء في الشارع، فالشارع ليس للفضلات فهناك من يشاركك فيه وعليك أن ترعى ذوقه. تذكرت كل هذا وأنا أشاهد نماذج عجيبة فأنت لابد أنك مررت بطبائع من الناس الذين يتحدثون في كل شيء وفي الفاضي والمليان كما يقال، وهناك الذين يقذفون بكل بقاياهم إلى عرض الشارع في عملية مستفزة. إن "السلوك" الإنساني تربوي يعتمد على ما غذي عليه الإنسان منذ سنواته الأولى، ألم يُقال:"التعليم في الصغر كالنقش على الحجر".