أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    "مسام" يحقق إنجازًا كبيرًا بتطهير أكثر من (67) مليون متر مربع من الألغام في اليمن    إحباط تهريب 67,500 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    أمير جازان يزور محافظة فرسان ويبحث المشاريع التنموية والسياحية بالمحافظة    فيفا يُعلن أسعار تذاكر لقاء الهلال وسالزبورغ    نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون الصناعة يزور ويفتتح منشآت صناعية    أمير منطقة جازان يتفقد مكتب الضمان الاجتماعي بمحافظة جزر فرسان    قرعة كأس السوبر.. مواجهة نارية مرتقبة في هونج كونج    بطولة حائل للدرفت أكثر من 60 متسابقاً يتنافسون على لقب ثلاث فئات    نائب أمير الشرقية يستقبل عددًا من رجال الأمن ويُشيد بجهودهم الأمنية المتميزة    مركز صحة القلب بمدينة الملك سعود الطبية يفعّل دوره الإنساني    خدمات متكاملة لخدمة جموع المصلين في المسجد النبوي    جامعة الأمير سطام ضمن أفضل 100 جامعة عالميًا في تصنيفات التايمز للتأثير لعام 2025    صندوق الاستثمارات يطلق شركة إكسبو 2030 الرياض    الهلال يحظى بإشادة عالمية بعد تعادله التاريخي أمام ريال مدريد    الذهب يتذبذب مع استمرار توترات الشرق الأوسط    الولايات المتحدة تقرر فحص حسابات التواصل الاجتماعي لجميع المتقدمين للحصول على تأشيرة طالب    "نوفا" تطلق رحلة زراعة 200 ألف شجرة بالتعاون مع مركز تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر    وكيل وزارة الحج والعمرة يدشّن جائزة "إكرام للتميّز" لتحفيز مراكز الضيافة خلال موسم حج 1446ه    أكثر من 3 آلاف عامل يواصلون أعمال النظافة في المسجد النبوي.    جمعية البر بأبها توقّع شراكة مع 7 جمعيات أهلية بعسير    المنتخبات الخليجية تفشل في التأهل رغم وفرة الإنفاق    الجامعة الإسلامية أطلقت مبادرة لتحفيز المبتعثين لديها على النشر في المجلات العلمية الدولية    المنتخب السعودي ينهي استعداداته لمواجهة أمريكا في الكأس الذهبية    استشهاد 16 فلسطينيًا وسط غزة    انخفاض أسعار النفط    المساحة الجيولوجية تفتح باب القبول في برنامج "صناع الغد"    لن نستسلم وسنعاقب تل أبيب.. خامنئي: أي هجوم أمريكي عواقبه لا يمكن إصلاحها    عريجة يزف نجله محمد    الهوية الرقمية والسجل لا يخولان الأطفال لعبور"الجسر"    مغربي يكرم كشافة شباب مكة بدرع و"مانجو"    دول «التعاون»: اعتداءات تل أبيب «انتهاك صارخ».. روسيا تحذر أمريكا من دعم إسرائيل    أعلنت السيطرة على بلدتين أوكرانيتين جديدتين.. روسيا تتقدم في سومي بعد استعادة كورسك    " مركز الدرعية" يطلق برنامج تقنيات السرد البصري    حققت حلمها بعد 38 عاما.. إلهام أبو طالب تفتتح معرضها الشخصي    تستضيفه جامعة الأعمال في فبراير المقبل.. مؤتمر لدعم الموهوبين السعوديين وتعزيز روح الابتكار    في ثاني جولات مونديال الأندية.. الأهلي في اختبار بالميراس.. وميامي يلاقي بورتو    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    2.7 مليار تمويلات زراعية    يوليو المقبل.. إلزام المنشآت الغذائية بالكشف عن مكونات الوجبات    رسالة المثقف السعودي تجاه وطنه    الرواشين.. فنّ يتنفس الخشب    أخضر اليد يخسر مواجهة مصر في افتتاح مبارياته ببطولة العالم تحت 21 عاماً    الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. وبيان مملكة السلام    وزير العدل يدشّن بوابة خدماتي لمنتسبي الوزارة    انتظام مغادرة رحلات الحجاج من «مطار المدينة»    انسيابية في حركة الزوار بالمسجد النبوي    فهد بن سلطان للمشاركين في أعمال الحج: جهودكم محل فخر واعتزاز الجميع    العلاقات الأسرية تساعد الأطفال على النوم الهادئ    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يجري عملية بتقنية المنظار ثنائي المنافذ وينهي معاناة مراجع مصاب ب«الجنف» مع انزلاق وتضيق بالقناة العصبية    صحي مدينة الحجاج ببريدة يخدم 500 مستفيد    لماذا تركت اللغة وحيدة يا أبي    ميكروبات المطاعم تقاوم العلاج بالمضادات الحيوية    مؤشر الأسهم السعودية يغلق على انخفاض بأكثر من 120 نقطة    أمير الرياض يوجه بتسمية إحدى حدائق العاصمة باسم "عبدالله النعيم"    السعودية صوت الحق والحكمة في عالم يموج بالأزمات    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الحريصي في منزله    أمير تبوك خلال تكريمه المشاركين في أعمال الحج بالمنطقة جهودكم المخلصة في خدمة ضيوف الرحمن محل فخر واعتزاز الجميع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفزع الإسرائيلي من مظاهر الإعياء الأميركي
نشر في البلاد يوم 17 - 10 - 2011

النخب الإسرائيلية تربط بشكل واضح بين تراجع مكانة الكيان الصهيوني الدولية وتعاظم المخاطر التي باتت تحيق به وبين مظاهر ضعف الولايات المتحدة وعجزها عن مواصلة التأثير بشكل فاعل على مسارات الأحداث في العالم، وتحديدا في الوطن العربي. وبالنسبة لهذه النخب ، فإن تدهور العلاقات بين إسرائيل وتركيا، وتفجر ثورات التحول الديمقراطي في العالم العربي وتأثيرها السلبي على إسرائيل ما هي إلا أعراض لضعف الولايات المتحدة وتراجع مكانتها.وعلى الرغم من أن النخب الإسرائيلية تختلف فيما بينها حول أسباب ضعف الولايات المتحدة وتراجع مكانتها، إلا أن هناك إجماعا إسرائيليا على أن قدرة تل أبيب على تأمين مصالحها الإستراتيجية ترتبط بشكل أساسي باحتفاظ الولايات المتحدة بتأثيرها الطاغي على توجيه مسار الأحداث في العالم، وفي المنطقة على وجه الخصوص.وكما يقول دوف فايسغلاس، مدير ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون، والذي كان المسؤول الأول عن تنسيق العلاقات بين تل أبيب وواشنطن في عهده، فإن حرص الولايات المتحدة على رعاية المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية مثل أهم ذخر لإسرائيل، مشيرا إلى أن الكثير من الدول «المعادية» لإسرائيل كانت تحسب خطواتها وتبلور سياساتها تجاه تل أبيب بحذر شديد بسبب حساسيتها للموقف الأميركي، وخشيتها من ردة فعل واشنطن.
ويتخذ يوسي ساريد وزير القضاء الإسرائيلي الأسبق، وأحد منظري اليسار الصهيوني من حادثة اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة دليلا واضحا على حقيقة أن الولايات المتحدة تمثل «الرئة» بالنسبة لإسرائيل، وأن أي ضرر يصيب هذه «الرئة» سيؤدي إلى عدم قدرة إسرائيل على مواصلة البقاء.
ويشير ساريد إلى أن نتنياهو الذي تحدى الرئيس أوباما وتحرش به ومس بصدقيته، لم يجد في ساعة الحقيقة إلا بابه ليدقه طالبا النجدة لتأمين خروج آمن لحراس السفارة الذين أوشكوا على الهلاك.وترصد النخب الإسرائيلية العديد من مظاهر ضعف الولايات المتحدة -التي حسب اعتقادها- باتت تغري الكثير من الأطراف بالتمرد عليها ورفض وصايتها، وعلى رأس هذه المظاهر: الانسحاب الأميركي من العراق وقرار إدارة أوباما الانسحاب من أفغانستان، وعجز واشنطن عن حماية الأنظمة المتحالفة معها، سواء التي سقطت أو توشك بفعل ثورات التحول الديمقراطي، بشكل يؤذن بعصر عربي جديد، يكون فيه للمواطن العربي القدرة على تقرير مصيره وتحديد السياسات التي تتبعها بلده.وكما يقول الكاتب الإسرائيلي نداف إيال، فإنه قد انقضى العهد الذي كانت إيماءة من أميركا تكفي لأن يعجل أي زعيم عربي لكي يشعل جبهة أو يخمدها.
ويجزم وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق إسحاق مردخاي أنه لم يكن بوسع إسرائيل شن حربها على قطاع غزة أواخر عام 2008 في ظروف مثالية لولا تعاون الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، الذي كان ينطلق في تعاونه مع الإسرائيليين من افتراض مفاده أن أهم مقومات الحفاظ على حكمه هو الإسهام في تأمين المصالح الأميركية، وأن التعاون مع الإسرائيليين يحقق هذه المصالح.
من هنا فإن النخب الإسرائيلية ترى أن مظاهر الإعياء الأميركي، وعجز واشنطن عن الحفاظ على الأنظمة المتحالفة معها يبعث برسالة واضحة وجلية لدول العالم مفادها أنه يجب عدم الاعتماد على واشنطن، وبالتالي فإن مغازلة إسرائيل والسعي لتحقيق مصالحها لم يعد ضمانة لاستقرار الأنظمة.
إن أخطر تداعيات الضعف الأميركي وتراجع دور واشنطن -كما يرصده الإسرائيليون- هو عجز الولايات المتحدة عن إملاء خطوط سياساتها العامة على المنطقة، بل واضطرارها مرغمة لاتباع سلوك مناقض للقواعد التي حكمت علاقتها بالمنطقة ودولها، كما حدث في أوج الثورة المصرية، واضطرار الرئيس أوباما لدعوة الرئيس مبارك للرحيل، على الرغم من أن وزيرة خارجيته كانت تشدد عند بدء تفجر أحداث الثورة على إن العلاقة مع نظامه إستراتيجية لمصالح الولايات المتحدة.
ويتوقع تساحي هنغبي رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست سابقا أن تكون اتفاقية «كامب ديفيد» بين مصر وإسرائيل، التي يعتبرها أهم مركب من مركبات «الأمن القومي» الإسرائيلي، أول «ضحايا» الضعف الأميركي، مع تشديده على أنه بدون هذه الاتفاقية، فإن إسرائيل ستكون مجبرة على العودة للمربع الأول، وفي ظروف بائسة.ولا يفوت هنغبي أن يذكر الجميع بأن إسرائيل متعلقة بتواصل احترام هذه الاتفاقية أكثر بكثير من تعلق مصر بها. وتجمع النخب الإسرائيلية على أن مصر لا تحتاج أن تدخل في حالة حرب مع إسرائيل، حتى تحول حياة الإسرائيليين إلى «جحيم»، كما يقول وزير الداخلية الإسرائيلي الأسبق حاييم رامون، مشيرا إلى أنه يكفي أن يسلك الحكم الجديد في مصر بعد الانتخابات القادمة سلوك رئيس الوزراء التركي أردوغان، لكي تتغير البيئة الإستراتيجية الإسرائيلية رأسا على عقب، بشكل يهدد وجود إسرائيل ذاتها.
إن أكثر ما يثير الهلع في نفوس النخب الإسرائيلية من تداعيات الضعف الأميركي ليس فقط انهيار التحالفات الإستراتيجية التي كانت تربط إسرائيل بما كان يعرف بدول الاعتدال، مثل مصر وتركيا، بل إن هناك خشية حقيقية أن تستحيل هذه التحالفات إلى حالة عداء وحرب. فقد توقف الإسرائيليون كثيرا عند التصريحات التي أطلقها أردوغان التي هدد فيها بمرافقة سلاح البحرية التركي السفن التي تقل المتضامنين مع غزة، مع كل ما ينطوي عليه هذا التطور من تداعيات خطيرة، قد تفضي إلى مواجهة عسكرية مع الجيش التركي.ولا يفوت بن كاسبيت كبير المعلقين في صحيفة «معاريف» أن يذكر قراءه بما أسرّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإحدى الشخصيات الإسرائيلية في صيف 2002، حيث ينقل كاسبيت عن نتنياهو قوله: « إذا تحولت تركيا إلى طرف معادٍ لنا، فلن يكون هناك ما يضمن وجودنا في هذه البقعة من العالم».لكن أخطر تداعيات الضعف الأميركي المرتقبة على إسرائيل هو مستقبل نظام الحكم في الأردن، كما يقول رئيس الموساد الأسبق داني ياتوم، فإن النظام الأردني الحالي استمد شرعيته بشكل أساسي من دوره الوظيفي ضمن المنظومة الأميركية.
ويرى ياتوم أن هناك خيارين لا ثالث لهما أمام هذا النظام، فإما أن يلتقط الرسالة بسرعة ويعيد موضعة نفسه ومراعاة اتجاهات الرأي العام الأردني، وضمن ذلك قطع تحالفه مع إسرائيل والولايات المتحدة، أو المخاطرة بسقوطه. ويسود إجماع بين النخب الإسرائيلية الحاكمة والمثقفة في تل أبيب حول حيوية العلاقة مع هذا النظام.ولا يتردد ياتوم في القول إن الضرر الإستراتيجي الذي ستتكبده إسرائيل جراء فقدان علاقتها بالنظام الأردني أكبر بكثير من فقدان تحالفها مع مصر أو تركيا. ويرسم الجنرال عاموس مالكا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي الأسبق صورة قاتمة لمستقبل إسرائيل في حال سقط النظام الأردني القائم، أو حتى إذا انتقل إلى صيغة الملكية الدستورية، كما تنادي الحركات الإصلاحية الأردنية، بشكل يصبح فيه للشعب الأردني الكلمة الفصل في تقرير السياسات الخارجية والداخلية عبر حكومة منتخبة من الشعب. ويؤكد مالكا أن القوى البشرية التي تقف تحت تصرف الجيش الإسرائيلي ليس بإمكانها تأمين الحدود بين الأردن وإسرائيل، وهي الحدود الأطول، والتي تمكن الكيان الصهيوني من حمايتها بفضل التعاون والتنسيق الكبير الذي أبداه النظام الأردني.
كابوس الطوق السني
تدرك النخب الإسرائيلية أن الفراغ الذي سيتركه الضعف الأميركي والتحولات المتلاحقة في العالم العربي ستملؤه تحولات جيوستراتيجية ذات تأثير «فتاك» على مصير الدولة العبرية. وقد بات الكثيرون في إسرائيل يتحدثون عن إمكانية تشكل تحالف إقليمي مناهض لإسرائيل ومتمرد على السياسة الأميركية، تنضم إليه بشكل أساسي الدول التي تتحرر من ربقة الاستبداد.ويستدل من المداولات التي أجراها المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي أن هناك خشية من أن تؤدي التطورات في العالم العربي إلى سقوط النظام في كل من الأردن وسوريا، وعندها تحين الفرصة لتشكيل تحالف يضم تونس وليبيا ومصر والأردن وسوريا وتركيا، وهو ما يطلق عليه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يادلين «كابوس الطوق السني»، الذي سيقلص تشكله هامش المناورة المتاح أمام الدول التي تحاول الحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة.ويرى يادلين أن أخطر ما ينطوي عليه هذا السيناريو «الكارثي» هو أنه سيكون بإمكان دول هذا المحور الإخلال بموازين القوى القائم حاليا دون أن يكون لدى إسرائيل هامش مناورة معقول لدرء هذا الخطر، لا سيما في كل ما يتعلق بإمكانية نجاح هذه الدول، أو بعضها في تطوير سلاح نووي.ويرى يادلين أنه سيكون من الصعب على إسرائيل التشكيك بمسؤولية دول تحكمها أنظمة ديمقراطية، وتجنيد دعم دولي ضدها. وفي المقابل فإن هناك من يرى أن الضعف الأميركي سيحرم إسرائيل من منجزات كبيرة حققتها بفعل مكانة أميركا.ويقول الباحث في الشؤون الإستراتيجية إيتمار بن تسفي أن الولايات المتحدة التي ضغطت ونجحت في إضفاء شرعية على استثناء إسرائيل من التوقيع على ميثاق منع نشر الأسلحة النووية، لا يمكنها ضمان بقاء هذا الواقع. ويتوقع نائب وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق إفرايم سنيه أن ينهار المشروع الصهيوني بمجرد نجاح إحدى الدول العربية في تطوير سلاح نووي. ويقول: « لا تحتاج مصر أن تستخدم السلاح النووي ضدنا ولا حتى أن تهدد باستخدامه، فيكفي أن يعلم مواطنونا أن دولة عربية قد طورت سلاحا نوويا حتى يكون الشغل الشاغل للإسرائيليين الفرار من دولتهم، والبحث عن ملجأ آمن في مكان آخر
تراجع المكانة الدولية
على مدى عقود من الزمن تمكنت إسرائيل من مراكمة نفوذ وتغلغل في كثير من المناطق في العالم بسبب التحالف مع الولايات المتحدة، وكما يقول مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلي الأسبق شلومو أفنيري فإن كثيرا من الدول كانت تتزلف لإسرائيل وتعاونت معها لأنها كانت تؤمن أن الطريق إلى قلوب الأميركيين يمر في تل أبيب، وهو يرى أن تواصل بروز مظاهر الضعف الأميركي ستسهم فقط في دفع الكثير من الدول لإعادة تقييم علاقاتها بالكيان الصهيوني، وهو ما يعني إحداث مزيد من التراجع لمكانة إسرائيل الدولية وتقليص قدرتها على توفير بدائل للتحالفات التي خسرتها.
مسؤولية إسرائيل
على الرغم من أن هناك اختلافا بين النخب الإسرائيلية حول تقييم الأسباب التي أدت إلى تراجع مكانة الولايات المتحدة وإضعاف دورها العالمي، إلا أن عددا كبيرا من المعلقين الإسرائيليين يرون أن السياسات التي اتبعتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أسهمت في إضعاف الدور الأميركي وتراجع مكانة الولايات المتحدة.ويتهم وزير التعليم الإسرائيلي الأسبق يوسي ساريد إسرائيل بالمسؤولية عن المس بهيبة الولايات المتحدة في المنطقة عبر تعمد قياداتها تحدي الإدارة الأميركية، والتحرش بها والتدليل للعالم أنه بالإمكان الحصول على دعم لا محدود من أميركا، وتحديها في الوقت نفسه.
ويرى ساريد أن إسرائيل، لا سيما في عهد نتنياهو، قد أحرجت الولايات المتحدة، ليس فقط عبر رفض الوفاء بمتطلبات تحقيق تسوية سياسية للصراع، بل أيضا عبر مواصلة التهويد والاستيطان في ظل تحدٍ سافر للإدارة الأميركية، وهو ما أدى في النهاية إلى تعرية الموقف الأميركي وفضحه في المنطقة، مما أدى إلى عجز واشنطن عن إرغام السلطة الفلسطينية على عدم التوجه للأمم المتحدة وطلب عضوية في الجمعية العامة.
وترى الكثير من النخب أن القيادة الإسرائيلية الحالية ارتكبت حماقة كبيرة عندما اندفعت للتأثير على السياسة الأميركية الداخلية للضغط على الرئيس أوباما لإجباره على التراجع بشكل مهين عن مواقف سبق أن التزم بها أمام القيادات العربية -مثل مطالبته إسرائيل بوقف الأنشطة الاستيطانية- لإدراك هذه القيادة حاجة الرئيس إلى دعم المنظمات اليهودية، معتبرة أنه على الرغم من نجاح إسرائيل في تقييد أيدي أوباما، إلا إن التداعيات الإستراتيجية للنزال مع أوباما كانت سلبية جدا لإسرائيل لأنها مست بثقة العرب في رئيس الولايات المتحدة، وبالتالي قلصت من تأثير مواقفه عليهم.
قصارى القول، تدلل الشهادات الإسرائيلية آنفة الذكر على أن تحسين قدرة العرب على مواجهة إسرائيل وتحقيق منجزات في هذه المواجهة يرتبط بالسعي للحفاظ على السياقات التي تضمن تعميق أزمة أميركا وإضعاف دورها وتأثيرها والخلاص من وصايتها، وهذا ما تضمنه ثورات التحول الديمقراطي في الوطن العربي، في حال لم يفقد الثوار القدرة على توجيه بوصلة الفعل نحو الاتجاه الصحيح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.