- كيف ينسى يحيى مغفوري، العائل الوحيد لعائلته المكونة من 12 فردا بعد رحيل والده، مأساة أسود يوم في حياته، حين لمح شقيقته الصغرى «همس» - 7 سنوات - محمولة على كتفي عنصر من الدفاع المدني بعد أن كتب لها الرحيل مختنقة في حريق مستشفى الفاجعة فجر الخميس الماضي. «همس» طالبة الصف الأول الابتدائي كما يقول شقيقها يحيى، دخلت إلى قسم الأطفال مصابة بكسر في ذراعها، ورغبت والدتها في المغادرة بعد ما بدأت في التعافي، غير أن الأطباء قرروا إبقاءها ليوم الخميس بغرض مزيد من الاطمئنان، لكنها غادرت في ذات اليوم إلى رحمة الله، فيما غادرت والدتها المصابة بعدة حروق إلى قسم العناية المركزة في حالة حرجة ولا تعلم حتى اللحظة أن صغيرتها رحلت بضفائرها. يستعيد يحيى، تفاصيل الفجر الحزين ويقول: تلقيت اتصالا من أحد أقاربي قرب الفجر، شعرت في صوته رنة حزن وقبل أن أستجمع قوتي أنبأني بأن المستشفى الذي ترقد فيه شقيقتي «همس» ووالدتي الآن يحترق، في لحظات كنت في محيط الموقع، كانت أصوات هدير آليات الدفاع المدني وسيارات الإسعاف تملأ المكان وسط تجمع أمني كثيف. حاولت التوغل إلى عمق المبنى لإنقاذ أمي وأختي، فمنعني رجال الأمن وبعض المتطوعين. المشهد كان مرعبا ومخيفا، فالدخان الأسود يملأ المكان، وألسنة اللهب تتصاعد. ثمة أمل ظل يتصاعد، والمنقذون والمتطوعون يجلون بعض المرضى، في كل مرة كنت أركض بينهم لأستطلع الوجوه، عسى أن تكون «همس» ومعها والدتي. مرت الدقائق متثاقلة، فالدقيقة الواحدة في موقف كهذا لها حساب آخر. يكفكف يحيى دموعه ثم يواصل: بعد وقت قصير حانت لحظة الحقيقة، هي اللحظة التي لن أنساها ما حييت، رأيت «همس» محمولة على كتفي رجل أمن، كادت دواخلي تهتف: وجدتها، وجدتها، أسرعت وأمسكت بيدها، أحركها لعلها تستيقظ وتبتسم لي ولكن، كان القدر أسرع. في موقف كهذا، الدموع تغسل الأحزان، تركتها تسيل، ثم مضيت مسرعا أبحث عن والدتي، فأكد لي المسعفون أن كل المنومين والمرافقين أحيلوا للعلاج والإسعاف في مستشفيات أخرى قريبة، فانطلقت كالمجنون، أطرق كل الأبواب والدموع تسبقني، وأدركت في النهاية أنها أصيبت باختناق وحروق متعددة وترقد في العناية المركزة في حالة خطرة، أسال الله أن يعجل بشفائها لتعود إلينا. هي الآن لا تعلم شيئا عن رحيل «همس»، ولا ندري كيف نبلغها خبرا كهذا. قرية الكربوس، لن تتجاوز، قريبا، أحزان رحيل «همس»، وأحزان أسرتها المكونة من 12 من الذكور والإناث تحمل إعاشتهم الشاب يحيى بعد رحيل الأب في حادث سير قبل سبع سنوات، ويتحمل يحيى مسؤولياته مسلحا بوظيفة في أحد القطاعات الحكومية، تقدم لها قبل نحو شهرين، ويخضع لدورة تدريبية قبل تخرجه وتسلم وظيفته.