في ليلة مطيرة، وقفت أنظر إلى السماء، وأنظر إلى الأرض، أرى الماء ينزل صافيا، وإذا به يسيل على الأرض كدرا! ويطير بي الخيال إلى الحجر الأسود، أليس جاء الخبر أنه أنزل من الجنة أبيض فسودته خطايا بني آدم(*)! كم هو صاف وحي السماء! كم هي نقية سمحة سنة محمد صلى الله عليه وسلم فلم يلطخها التواؤنا، وتشوهها تأويلاتنا ما بين التهاون والتفريط، وبين الشدة والإفراط! تذكرت وأنا أرى الكدر يسيل في الأرض، أن هذا المنظر لن يستمر، بل سيزول ويبتعد إلى أن يتلاشى، لكن يحتاج أن يستمر نزول المطر عدة أيام. هكذا الفكر الكدر والمشوه الذي أفسد علينا جمال شريعتنا، وصفاء عقيدتنا سيزول ويتلاشى إذا استمر وحي السماء يطرق الآذان، ويهطل على القلوب، فيا بلابل السنة أسمعونا صدحكم بها، وداوموا حفظها ونشرها حتى لا يبقى في الأرض كدر. (*)عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم"رواه الترمذي، وصححه، وصححه الألباني.