في منافسات بطولة الماسترز للسنوكر.. أرقام استثنائية وإشادات عالمية بتنظيم المملكة    وزير البيئة يتفقد مشاريع المنظومة بتبوك ويلتقي بالمستثمرين    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025| الهولندي ManuBachoore يحرز لقب EA SportFC 25    أمن الطرق يحذر من القيادة في أجواء الغبار ويدعو للالتزام بإرشادات السلامة    سمو ولي العهد يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس دولة فلسطين    340 طالبا وطالبة مستفيدون من برنامج الحقيبة المدرسية بالمزاحمية    إنقاذ مقيمة عشرينية باستئصال ورم نادر من فكها بالخرج    ولي العهد وملك الأردن يبحثان تطورات الأوضاع في فلسطين    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير جمهورية الصومال لدى المملكة    "انطلاق دورة صقل وترفيع حكام التايكوندو بجدة"    فريق طبي سعودي يجري أول زراعة لغرسة قوقعة صناعية ذكية    رابطة العالم الإسلامي ترحّب بعزم أستراليا ودراسة نيوزيلندا الاعتراف بالدولة الفلسطينية    "المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور" منصة عالمية للشراكات الإستراتيجية    نائب أمير الرياض يستقبل سفير إندونيسيا لدى المملكة    ملتقى أقرأ الإثرائي يستعرض أدوات الذكاء الاصطناعي وفن المناظرة    أخصائي نفسي: نكد الزوجة يدفع الزوج لزيادة ساعات العمل 15%    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بتخصيص خطبة الجمعة القادمة عن بر الوالدين ووجوب الإحسان إليهما    بعد هدفه الأول مع الهلال.. من الأوروغواي: نونيز ينسجم سريعًا مع قاهر السيتي    البركة الخيرية تواصل دعم الهجر وتوزع السلال الغذائية والأجهزة في هجرة الوسيع    جامعة جازان تطلق برنامجًا تدريبيًا في الذكاء الاصطناعي    بدء استقبال الترشيحات لجائزة مكة للتميز في دورتها السابعة عشرة    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة قاع الثور    احتلال مدينة غزة جزء من خطة استراتيجية تنتهي بالتهجير    تراجع أسعار الذهب    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    باكستان تدعو لاتخاذ خطوات تنفيذية لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة    أوروبا تعلن استعدادها لمواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا    شدد الإجراءات الأمنية وسط توترات سياسية.. الجيش اللبناني يغلق مداخل الضاحية    مقتل واعتقال قيادات إرهابية بارزة في الصومال    مجهول يسرق طائرة مرتين ويصلحها ويعيدها    حساب المواطن: 3 مليارات ريال لدفعة شهر أغسطس    النيابة العامة: رقابة وتفتيش على السجون ودور التوقيف    «منارة العلا» ترصد عجائب الفضاء    منى العجمي.. ثاني امرأة في منصب المتحدث باسم التعليم    تشغيل مركز الأطراف الصناعية في سيؤون.. مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية في درعا والبقاع    حسام بن سعود يطلع على برامج جامعة الباحة    سعود بن بندر يستقبل مدير فرع رئاسة الإفتاء في الشرقية    ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي 7.9 %    والدة مشارك بالمسابقة: أن يُتلى القرآن بصوت ابني في المسجد الحرام.. أعظم من الفوز    البدير يشارك في حفل مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم    عبر 4 فرق من المرحلتين المتوسطة والثانوية.. طلاب السعودية ينافسون 40 فريقاً بأولمبياد المواصفات    رانيا منصور تصور مشاهدها في «وتر حساس 2»    كشف قواعد ترشيح السعودية لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم    أخبار وأرقام    أمير القصيم أكد أهميته الإستراتيجية.. طريق التمور الدولي.. من السعودية إلى أسواق العالم    إطلاق مبادرة نقل المتوفين من وإلى بريدة مجاناً    ثمن جهود المملكة في تعزيز قيم الوسطية.. البدير: القرآن الكريم سبيل النجاة للأمة    النصر يسعى لضم لاعب إنتر ميلان    القادسية يعترض على مشاركة الأهلي في السوبر    الإفراط في استخدام الشاشات .. تهديد لقلوب الأطفال والمراهقين    ضمادة ذكية تسرع التئام جروح مرضى السكري    185% نموا بجمعيات الملاك    مجمع الملك عبدالله الطبي ينجح في استئصال ورم نادر عالي الخطورة أسفل قلب مريض بجدة    نائب أمير جازان يزور نادي منسوبي وزارة الداخلية في المنطقة    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"السديس": البيعة أصل في الدين لها واجبات ومسؤوليات وتبعات
نشر في تواصل يوم 13 - 02 - 2015

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن والابتعاد عن معاصيه , حاثًّا على شكر الله عز وجل على نعمة الإسلام والفضل بين الأمم.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام اليوم: أيها المسلمون لقد قصدت شريعَتُنا الغرَّاء، تحقيق أعظم المَصالح وأسْنَى المَقاصِد، وتزْكِيَة النُّفوس دُونَ البوائق والمفاسد، فهي خاتمةُ الرسالاتِ ومجمع لُبَابِها، وأوعَبُها لقضايا الحياة وآرابِهَا؛ لأنها الرسالة المباركة الميمونة، التي انطوت التطور والمرونة، واتسمت بمواكبة أحداث العصور ومستجداتها، واستيعاب القضايا ومتغيراتها، قال سبحانه: "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ"، وإنَّ من عظيم محامدها: إدْلاجها في استصلاح أحوال الناس في المعاش والمعاد، مستجلبة لهم أكبر المصالح والخيرات، وأعظم الهدايات والمبرات، واهتمامها الحثيث، بتحصيل بوارق الحَقِّ الذي لا يبور، ودفع المساخط عنهم والشرور. وإن من القضايا الجوهرية التي أَوْلاها التشريع المنزلة السامية المنيعة، وبَوَّأها من التحقيق الصدارة والطليعة، قضية الحُكم والإمامة، وسياسة الرعية بالشريعة الماجدة، ومنهج الخلافة الراشدة.
وأوضح فضيلته أنه لو لم يكن للناس إمام مُطاع؛ لانثلمت شرائع الإسلام، ولَتَعطلت الأحكام، وفسد أمر الأنام، وضاعت الأيتام، ولم يُحَجَّ البيت الحرام، قال الإمام أحمد:"الفتنة، إذا لم يكن ثَمَّ إمام يقوم بأمر الناس"، وقال الإمام الماوردي: "الإمامة أصل، عليه استقرَّت قواعد الملَّة، وانتظمت به مصالح الأمّة، حتى استتبت به الأمور العامّة والخاصَّة."، مِن أجْلِ ذلك كانت قضية التشريع الإسلامي، وإقامة الإمامة والولاية على رأس القضايا التي عني بها هذا الدين، وأرسى أسسها سيد المرسلين حيث قال:" إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم" (رواه أبو داود بسند صحيح)، وقال ربنا في محكم التنزيل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ"، قال الإمام ابن تيمية:" نزلت هذه الآية في الرعية، عليهم أن يطيعوا أولي الأمر إلا أن يأمروا بمعصية الله".
وأكد الدكتور السديس أنه على هذا المنهج القويم سار الصحابة حيث اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة وبايعوا أبا بكر الصديق قبل تجهيز النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يبيتوا ليلتهم مع جَللِ المصاب، وعظم الفادحة إلا وفي أعناقهم بيعة لإمام، واستخلف الصِّدِّيق عمرَ، وجعلها عمرُ في ستةٍ من أصحاب النبي فبايعت الأمة عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
وبين فضيلته أن بيعة الإمام تعني العهد على الطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر وعدم منازعة الأمر أهله، وهي واجبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ"، قال أهل العلم:"وهذه الآية وإن كانت نزلت في بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم فإن البيعة لمن بعده من ولاة أمر المسلمين داخلة في عمومها، وهذه الآية الكريمة نصٌ في وجوب البيعة وتحريم نقضها ونكثها، قال سبحانه: "فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا"، ويقول صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم في صحيحه: "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية"، وفي حديث عبادة بن الصامت: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكرهنا، وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله" رواه مسلم.
وأضاف فضيلة الشيخ السديس: فالبيعة قررتها الشريعة وأوجبتها نصوص الكتاب والسنة، فهي أصل من أصول الديانة، ومعلم من معالم المِلّة، يوجب الشرع التزامها والوفاء بها، لأنها أصل عقدي وواجب شرعي، يقول الإمام النووي: "وتنعقد الإمامة بالبيعة"، ويقول العلاّمة الكرماني: "المبايعة على الإسلام عبارة عن المعاقدة والمعاهدة عليه"، إنها لُحْمة على السمع والطاعة تنصّ،وعلى الإجلال والمحبَّة تحضُّ وتخصّ، إنها علاقة عَقَدِيَّة تعبدية تقوم على ركيزة إعلاء مصالح الدين ورفع صرح الشريعة، وإعلاء راية الحسبة، وتتجافى عن المصالح الذاتية، والمطامع الشخصية، والحبِّ المزعوم، والمديح الكاذب،والإطراء المزيَّف، والاقتيات على فتات موائد الأحداث.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام إن للبيعة واجبات، ومسؤوليات وتبعات؛ أهمها وأُولَاها: السمع والطاعة في غير معصية، ففي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية" ( أخرجه البخاري)، وقال صلى الله عليه وسلم:"اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم" (رواه مسلم)، وثانيها:حفظ هيبة الأئمة ومكانتهم، روى الترمذي في سننه وأحمد بإسناد رجاله ثقات من حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله"، وقال الإمام القرافي:"ضبط المصالح العامة واجب، ولا ينضبط إلا بهيبة الأئمة في نفوس الرعية، ومتى اختلفت عليهم أو أهينوا تعذرت المصلحة."،وقال الماوردي ~:" لا بد أن يكون للإمام عظيم الهيبة "وثالثها: المناصحة بالضوابط الشرعية دون تشنيع، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، قال الإمام الشوكاني: "ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل، أن يناصحه، ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد، بل يأخذ بيده ويخلو به، ويبذل له النصيحة."، ومن ظن أنَّ النَّقد لأهل الحلِّ والعقد، والعلماء والدعاة، ورجال الخير والحسبة، على هذا المنوال، فقد جانب الصواب، وأبعد النُّجعة، وعين النصيحة نبذ ذلك، لإفضائه بتماسك الأمة وترابطها، إلى يباب الفرقة، ورعونات الأهواء، ولخلوصه إلى انتقاص من جاء الشرع برعاية حقوقهم وحفظ هيبتهم.
وأوضح فضيلته أن من نَبَوَات الأفهام، وكَبَوَات الأقدام، في كثير من المجتمعات، ولدى كثير من الفئام والأطياف، أنَّ التغيير والإصلاح كامن في المروق والإيجاف، والصولةِ والإرجاف، دون تبصّر في النتائج ونظر في العواقب، وتنوّر للمآلات بفهم حصيف ثاقب أو أنَّه يكمن في التنصُّل من الدّين والتميُّع في تطبيق الشريعة وتقديم التنازلات تلو التنازلات والانفلات من الثوابت والمبادئ والقيم، والانسياق وراء الانفتاح غير المنضبط دون مراعاة لخصوصية الأمة المسلمة، يقول الإمام ابن القيم:"الإنكارُ على الملوك والولاة بالخروج عليهم أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر".
وأشار الدكتور السديس إلى أن رابع واجبات البيعة والولاء الدعاء لهم قال الإمام أحمد رحمه الله لو أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للإمام خامسها: التعاون معهم وتأليف القلوب لهم وعدم تأليب العامة عليهم لتنتظم مصالح الدين والدنيا.
ولا ريب أن عليهم تجاه شعوبهم أداء الأمانة وتحقيق العدل وتحكيم الشرع ونصرة المظلوم ورعاية مصالح المسلمين.
وشدد فضيلته قائلا إنها لقضية أوجب التذكير بها نَدُّ الفهم، وغلبةُ الوهم، واقتضت أُلفة الجماعة، سَبْرَ أغوارها، وتجليةَ أخبارها، لاسيما في عالمٍ يموج بالتحديات والصراعات، ويَعجُّ بالمشكلات والأزمات، وتعصف به التيارات والانتماءات والولاءات، لجهاتٍ وتنظيمات ضالة، تسلك سبيل الغلو والعنف والإرهاب، والتطرف والبغي والإرعاب، تسفك الدماء، وتبعثر الأشلاء، وتسعى للفساد في الأرض قتلا وتحريقا، بغيا وتفريقا باسم الإسلام، وبكل وحشيةٍ وبربريةٍ تجاوزت الحدود الشرعية والأخلاقية، ولا يقرها دينٌ ولا قيمٌ ولا إنسانية، وقد ثبت في الصحيح أنه:"لا يعذب بالنار إلا رب النار" (رواه البخاري)، فاللهم إنا نبرأ إليك من شناعة فعل هؤلاء الخوارج، والأدهى في ذلك اعتمادهم على المتشابه من النصوص والاستدلال بالأحاديث الضعيفة والمنسوخة واجتزاؤهم نصوص أهل العلم ونقولاتهم وسلبها عن سياقاتها الصحيحة؛ فعلى شباب الأمة الفطناء ألا يغتروا وينخدعوا بهذه الشناعات التي تشوه صورة الإسلام الحنيف، ومبادئه السمحة، ووسطيته واعتداله، وألا يركنوا للشائعات المغرضة، فالإسلام دينُ العفو والرحمة والتسامح، بريءٌ منها كل البراءة، ألا ما أجدر الأمة الإسلامية اليوم وهي تبحث عن مخرج لما بُلِيت به من فتن وما مُنيت به من محن، أن تترسم خطى رسولها محمد صلى الله عليه وسلم في تطبيق هذا المبدأ العظيم في الولاء وصدق الانتماء، وتسارع بمبايعة إمامها الحق على السمع والطاعة في المنشط والمكره وألا تنازعه الأمر الذي هو أهله وأحق به.
وأكد الدكتور السديس في خطبته أنَّ من شكر النعماء والتحدث بالآلاء ماتعيشه هذه الديار المباركة – لا تزال بحراسة الله مُسوَّرة، وبالإسلام مُنوَّرة – من التئام سلطان الشرع والعلم والكياسة، بسلطان الحُكم والملك والسياسة، في مظهر فريد ونسيج متميز، ومنظومة متألقة من اجتماع الكلمة ووحدة الصف والتفافِ الأمة حول قيادتها، ومبادرة للبيعة الشرعية على الكتاب والسنَّة، بسلاسة وانسيابية ويسر وتلقائية، قلَّ أن يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً، في عالم يموج بالتحولات والاضطرابات وكثرة النوازل والمتغيرات، في نهج محكم منذ تأسيسها، بقبلة المسلمين ومهبط الوحي ومنبع الرسالة؛ فبوأها المكانة الكبرى في العالم الإسلامي، والمركز القيادي والثقل العالمي الذي تتطلع إليه الأمة؛ مما جعلها نموذجا يحتذى في العالم، بالأمن والاستقرار والتوازن والاعتدال، والجمع بين الأصالة والمعاصرة، ولا عزاء للمغرضين والمزايدين.
وأضاف فضيلته يقال ذلك تحدثاً بنعم الله وتذكيراً بآلائه، فلله الحمد والمنّة،وبهذه المناسبة فإننا نجدد البيعة الشرعية لولاة أمرنا وفقهم الله على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بيعة شرعية مخلصة وولاءً صادقًا على السمع والطاعة بالمعروف في العسر واليسر والمنشط والمكره، امتثالاً لأمر الله عزّ وجل واستنانا بسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، سائلين الله لهم العون والتأييد، والتوفيق والتسديد، إنه سميع مجيب.
وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي المسلمين بتقوى الله تعالى , قائلا إن طاعته أقوم وأقوى , حاضا جموع المسلمين على التزود بالتقوى للآخرة, لأن خير زاد هو التقوى.
وأضاف فضيلته في خطبة الجمعة اليوم أن الدنيا في تقلب أحوالها الكثيرة يدرك قدرها ويعلم سرها فمن وثق بالدنيا فهو مغرور ومن ركن إليها فهو مثبور فقصر مدة الدنيا بقصر عمر الإنسان فيها , و أن عمر الفرد يبدأ بساعات وبعد الساعات الأيام وبعد الأيام الشهور وبعد الشهور الأعوام ثم ينقضي عمر الإنسان على التمام.
وأوضح فضيلته أن الإنسان لا يدري ماذا يجري بعد موته من الأمور العظام , وأن عمر المخلوق لحظة من عمر الأجيال , موردا قول الحق تبارك وتعالى:"إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ"، وقوله عز من قائل: "وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ".
وتابع فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي قائلاً: إن الله تعالى أخبرنا بقصر لبث الناس في قبورهم إلى بعثهم للحساب , وأن هذه المدة الطويلة كساعة, قال جل من قائل:"وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ"، وقوله تعالى:"وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ"، وقوله تبارك وتعالى في محكم التنزيل:"فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ"
وقال فضيلة الشيخ الحذيفي: فما عمرك أيها الإنسان في ساعة وما نصيبك من هذه الساعة , فطوبى لمن فعل الأعمال الصالحات و هجر المحرمات ففاز برضوان الله في نعيم الجنات خالداً في اللذات مع المتقين بجوار رب العالمين , وويل لمن اتبع الشهوات وأضاع الصلوات والواجبات فهلك في الدركات مع الكافرين.
وحث فضيلة الشيخ الحذيفي كل من أطغته صحته فعصى وأفسده فراغه فلهى وفتنه ماله فتردى واتبع هواه فهوى وغره شبابه فنسي البلى ومن جرأه على ربه فسحة الأجل وبلوغ الأمل حتى اختطفه الموت , أن يرجع إلى ربه ويتوب وأن يستيقظ من الغفلة المطبقة ويستجيب وأن يعتبر بالقرون الخالية والمساكن الخاوية كيف صاروا أثرا بعد عين وخبرا بعد عز , مذكرا بأنه في إقبال عام وإدبار عام عبرا, حتى ينتهي الأجل وينقطع الأمل مستشهدا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أكثروا ذكر هادم اللذات فإنه ما ذكر في كثير إلا قلله ولا في قليل إلا كثره ) وقوله عليه السلام ( كفى بالموت واعظاً).
ودعا فضيلة الشيخ الحذيفي المسلمين إلى العمل لدار الخلد التي لا يفنى نعيمها ولا ينقص ولايبيد موردا قول الحق تبارك وتعالى: "ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ"، وقوله تعالى وقوله الحق: "مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ".
وختم فضيلته خطبة الجمعة بالقول إن الله فتح أبواب الرحمة بفعل الخيرات و ترك المنكرات فلا يغلق أحد على نفسه باب الرحمة بمحاربة الله بالذنوب قال تعالى: "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.