الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة على ماتحقق من إنجازات ومستهدفات لرؤية المملكة ٢٠٣٠ خلال ٨ أعوام    وزارة الحج والعمرة تحذر من حملات الحج الوهمية    «الطيران المدني»: تسيير رحلات مباشرة من الدمام إلى النجف العراقية.. ابتداء من 1 يونيو 2024    ولي العهد يهنئ رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة بذكرى يوم الاتحاد لبلادها    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    أخو الزميل المالكي في ذمة الله    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    كيسيه يعلق على الخسارة أمام الرياض    جوارديولا: الضغط يدفعنا إلى الأمام في الدوري الإنجليزي    إصابة حركة القطارات بالشلل في ألمانيا بعد سرقة كابلات كهربائية    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    تشكيل الهلال المتوقع أمام الفتح    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    وزير الشؤون الإسلامية يعقد اجتماعاً لمناقشة أعمال ومشاريع الوزارة    أمريكا: اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان    أستراليا تقدم الدعم للقضاء على الملاريا    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    "زرقاء اليمامة" تعيد الأضواء ل"مركز فهد الثقافي"    إصابة مالكوم وسالم الدوسري قبل مباراة الهلال والفتح    65.5 مليار إجمالي أقساط التأمين ب2023    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    مقامة مؤجلة    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    هيئة السوق المالية تصدر النشرة الإحصائية للربع الرابع 2023م.    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة نظير المستهدفات التي حققتها رؤية المملكة 2030    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    الأخضر تحت 23 عاماً يواجه أوزبكستان في ربع نهائي كأس آسيا    المملكة تبدأ تطبيق نظام الإدخال المؤقت للبضائع    أمير الرياض يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة على ما تحقق من منجزات وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    «ألبرتو بُري» يتجاوز مأساته    تحول تاريخي    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    مصر تبدأ العمل بالتوقيت الصيفي بتقديم الساعة 60 دقيقة    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    مقال «مقري عليه» !    فلسطين دولة مستقلة    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    لو ما فيه إسرائيل    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي مديري عموم فروع الرئاسة في مناطق المملكة    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمراض المزمنة.. نظرة متفائلة
نشر في تواصل يوم 03 - 05 - 2018

في نوفمبر 2014 كتبت مقالاً بعنوان "تعزيز الصحة.. من أين نبدأ" وقلت حينها إن علينا أن نبدأ بتعزيز الصحة من "خارج القطاع الصحي" حتى حين.... رابط المقال
وفي أغسطس 2015 كتبت مقال "تفاؤل بالوقاية" تفاءلت فيه بتصريحات لكبار مسؤولي وزارة الصحة آنذاك التي لفتت النظر إلى ضرورة التوجه نحو الوقاية في أعمال الوزارة رابط المقال
وفِي فبراير 2016 كتبت مقالاً بعنوان "لماذا أهتم" رابط المقال "تحلطمت" حينها بستة عشر سبباً استراتيجياً بررت بها ضرورة البدء الملموس في تغيير توجهات الخدمات الصحية من التركيز – شبه الكلي – على العلاج، بإضافة الوقاية إلى الهموم اليومية للقائمين عليها.
أما الْيَوْمَ (ولم يمر وقت طويل على حلطامتي تلك) فيسعدني أن أشارككم تفاؤلاً أعيش مظاهره وأراقب أسبابه حول قرب التغلب على #الأمراض – المزمنة ووصول منحنياتها إلى مستويات مستقرة يتوقف فيها التسارع الذي وصفته مرة بأنه "تسارع صاروخي". بل إنني اليوم أكثر تفاؤلاً بقرب تراجع هذه المنحنيات وتناقصها.
واليكم مصادر تفاؤلي:
. كان لرؤية المملكة 2030 التي أخذتها وزارة الصحة على محمل الجد، كان لها دور كبير في توجيه الخدمات الصحية نحو الاهتمام بالرعاية الصحية الأولية وتحسين الخدمات وتقليص المصروفات بالتركيز على الخصخصة واهتمام القطاع الحكومي بالتوجهات الوقائية والعناية بجودة الحياة والنمط المعيشي، وتطوير طروحات التوعية الصحية.
. زيادة نسبة ممارسي الرياضة وانتشار ثقافة #المشي – للصحة في السنوات الخمس الأخيرة، الذي اعتبره خط الدفاع الأول في #تعزيز – الصحة وتحسين #الصحة – العامة والوقاية من #الأمراض – المزمنة وتقليص مضاعفاتها. فرياضة المشي هي الخيار الأكثر قدرة على نقل المجتمع من الخمول والكسل إلى الحركة والنشاط، فبالمشي نبدأ.
ولقد امتلأت مؤخراً وسائل التواصل الاجتماعي مشياً، وأصبح المشي حديث المجالس في كثير من الأحيان. ولا أنكر أننا بحاجة ماسة لمعرفة دقيقة بفئات المجتمع التي أصبحت تُمارس الرياضة بعد سنوات من الخمول، وماذا يمارسون من الرياضات؟ وما هي دوافعهم (تنافس. ترفيه، صحة، رغبة ذاتية....)؟ وما هي أسباب قناعاتهم بالمشي؟ وماذا يمارسون من رياضات أخرى؟ ..... إلخ.
. تبلور نماذج العمل التطوعي في مجال نشر ثقافة #المشي – للصحة وانتشار تجاربه على شكل #مجموعات – المشي من #مشاة – السعودية وغيرها ومجموعات #الهايكنج التطوعية ومجموعات المشي النسائية، ومجموعات الدراجات الهوائية، وتزايد عددها يوماً بعد يوم. بل تبلورت صيغ القطاع الخاص في تنظيم رحلات #المشي – في – الطبيعة والمغامرات ورحلات الهايكنج في السنوات الأربع الأخيرة بشكل غير مسبوق.
. جهود القطاعات الأخرى التي جاءت ضمن رؤية المملكة في تحسين جودة الحياة وتفعيل دور التعليم في مكافحة السمنة وتسهيل الرياضة للجميع بتنظيم أعمال النوادي الرياضية للجنسين، ومواكبة أمانات المدن والبلديات لانتشار ثقافة المشي بإنشاء مزيد من مضامير المشي وجهود "أنسنة" المدن وغيرها من الجهود.
. انتشار قصص النجاح في الوقاية من #الأمراض – المزمنة متمثلة في آلاف الحالات التي "نجت" من أثر "الوراثة" وتخلصت من السمنة (أم الأمراض المزمنة) وقصص آخرين أصبحوا يعيشون شيخوخة صحية وتقاعداً نشطاً في الأعمار التي اعتدنا فيها التسليم بحدوث الأمراض المزمنة. فقد كان التصور الغالب أن هذه "أمراض مستعصية" ذات بعد وراثي محتم، ولا تختفي وليس لها حل سوى البدء بالأدوية ثم التنقل إلى أدوية أخرى أقوى ثم الاضطرار للتدخلات الطبية والجراحية للتعامل مع المضاعفات.
وَمِمَّا يدعم هذا التفاؤل (الذي يبدو في نظر البعض متسرعاً) تقبل المجتمع للتوعية الصحية وتحسين أنماط الحياة بعد عقود طويلة من المعاناة مع السكري والضغط وأمراض شرايين القلب وجلطات الدماغ.... إلخ. بكل عبئها النفسي والاجتماعي. وما أصاب الناس من يأس من الوقوف في "طوابير الخدمات الصحية" للحصول على "تحسن محدود" وقد لا يغير كثيراً من المسار المعهود لهذه الأمراض.
. ما يقوم به المتطوعون النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي من عمل تطوعي بالتوعية في مجالات #تعزيز – الصحة و#التوعية – الصحية بل بدأت الكثير من مؤسسات القطاع الخاص والخيري والمسؤولية الاجتماعية في دعم هذه الأعمال.
وقد كان لتظافر هذه الجهود التطوعية وترابط وتشابه أنشطتها على مستوى المملكة في نشر ثقافة المشي واستخدام الدراجة، كان له دور في بلورة النموذج الذي ينبغي أن يكون عليه #المجتمع – الصحي.
. جهود إعادة النظر في توجه الهيئة العامة للرياضة (رعاية الشباب سابقاً) من الرياضات التنافسية الصرفة إلى إضافة مجالات رياضية أوسع، وبدء التركيز على الرياضات المجتمعية وشمولها فئات أكثر، وظهور توجه الهيئة نحو #مجتمع – صحي – رياضي.
. انتشار مجموعات الواتساب المتخصصة التي تركز على التغذية الصحية والنمط المعيشي الصحي والنشاط البدني بشكل غير مسبوق، يتبادل أفرادها الخبرات والتجارب والتوصيات باستخدام منتجات ومؤسسات توفر "الأكل الصحي" التي تزايد عددها مؤخراً بشكل لافت.
. وَمِمَّا يدعم الانتقال (الذي يبدو سريعاً) بتناقص معدلات الأمراض المزمنة ما نلمسه من سرعة تقبل المجتمع لربط التوعية الصحية بتوجيهات الشريعة السمحة وبالإرث والترابط المجتمعي في التناصح والأمر بالأخذ بالأسباب وتوافق ذلك مع الفطرة السليمة. وهذا مما يميز مجتمعنا الكريم مقارنة بما يحدث في جهود التوعية المتناقضة (بين توجيهات العلم والحريّة الشخصية) التي نراها في تجارب الغرب.
. وقد أكون أكثر تفاؤلاً بتغيُّر نظرة المجتمع التقليدية للنشاط البدني بأن المشي مرتبط بالمرضى والحوامل ومن لا يقدر مادياً على استخدام السيارة الخاصة،،،، إلى أن يصبح المشي للجميع. بل إن الذين يعيشون الخمول لم يعودوا يتفاخرون بخمولهم، ويشعرون بالتقصير ويظهرون العزم على البدء "ذات يوم" بل إن كثيراً من هؤلاء ظلوا "مراقبين" لهذا الحراك لسنوات ثم انخرطوا أخيراً في تجربة رياضية أو أخرى ولحقوا بالركب.
. قد يكون من أسباب تفاؤلي ظهور ونشر المزيد والمزيد من الأبحاث الطبية التي تربط بين الأمراض المزمنة والنشاط البدني والنمط المعيشي وآثارها التي تتفوق على ما تفعله الأدوية، بعدما كان التعليم الطبي المستمر يركز على المشكلة داخل إطار المستشفيات والتدخلات السريرية لا خارجها.
. أصبح عدد أكبر من الأطباء والعاملين في المجال الصحي ينصحون مرضاهم بممارسة النشاط البدني والمشي وتعديل النمط المعيشي الصحي، ويعطون العلاجات دورها الحقيقي المحدود، ولا يعولون عليها أكثر من اللزوم كما كان سابقاً. بل أصبح الكثير منهم ينشرون مزيداً من قصص النجاح عن بعض مَرْضاهم وتحسن حالاتهم.
. ومن واقع تواجدي في أعمال التدريب والاستشارات الصحية، فقد بدأت ألمس توجهاً أوسع نحو سوق الاستشارات والإدارة الاحترافية للحملات في مجالات #تعزيز – الصحة والوقاية من "أمراض العصر" كما ألاحظ اهتماماً أكبر لدى القطاع الصحي الحكومي والخيري والخاص وقطاعات المسؤولية الاجتماعية بأنشطة التسويق الاجتماعي والتسويق الصحي والتوظيف العلمي لها في جهود تحسين الأنماط المعيشة... إلخ.
أما بعد: أقف مع من قد يشكك في حجم التفاؤل الظاهر في حديثي هذا، وأدعو إلى أن نكون متفائلين حتى لو ثبت ضعف أسباب التفاؤل التي أوردتها، أو أن هذا الانحسار لا يزال في بداياته. بل أرى أن محاصرة هذه الأمراض بالوسائل المذكورة هو ما يجب أن نركز عليه إن كنّا مقتنعين بجدوى الوقاية؛ وهو ما لا يشك فيه أحد.
أدعو المؤسسات العلمية والبحثية والجامعات، إلى التحري العلمي عما حدث في معدلات ممارسة النشاط البدني والتغير في معدلات حدوث الأمراض المزمنة في السنوات الأخيرة. وما إذا كانت مبررات التفاؤل هذه مؤثرة، وما هو أثر كل من هذه الظواهر والأسباب التي أوردتها في التحكم في الأمراض المزمنة والمفاضلة بينها كأدوات ووسائل للتدخل. كما أدعو القائمين على التعليم الطبي وعلى التخصصات الصحية إلى إعطاء مجالات وعلوم الوقاية حظاً أوفر وتطوير القدرات البشرية في هذه المجالات.
كما أدعو إلى دعم الرعاية الصحية الأولية والصحة المدرسية في الوقاية من الأمراض المزمنة، والاهتمام بتحسين البيئة وتعزيز الصحة في أوساط العمل وتعزيز صحة الموظفين.
ختاماً، أدعو إلى مزيد من التعاضد بين القطاع الحكومي والخيري والخاص في مجالات التوعية الصحية، وتفعيل أعمال المسؤولية الاجتماعية نحو مزيد من التحكم في الأمراض المزمنة التي صرح أحد وزراء الصحة من السابقين بأنها تستهلك ما يتراوح بين 40 و50% من مصروفات وزارة الصحة.
ودمتم سالمين.
* د. صالح بن سعد الأنصاري
الأستاذ المساعد في طب الأسرة والمجتمع
مستشار الصحة العامة في وزارة الصحة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.