حققت مخرجات معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة الدور الفاعل في إبراز مكانة المملكة واهتمامها بضيوف الرحمن والعناية بشؤون الحج والعمرة، كشعائر تؤدى من المسلمين في شتى أنحاء المعمورة، وذلك بإثرائه المعرفي ونتاجه البحثي والأساليب العلمية الحديثة، لتحقيق عمل من أفضل الأعمال وأشرف القربات إلى الله. وعزز المعهد تميزه وتفرده على المستوى العالمي باختلاف أهدافه البحثية عن نظرائه في العالم من ناحية اختصاصه بالحج والمشاعر المقدسة والمدينتين المقدستين، وما يرتبط بهما من أمور تخطيطية أو بيئية أو إنسانية. وتتميز أبحاث الحج بصعوباتها كونها تتركز على أيام معدودة محددة من العام لجمع المعلومات وإجراء القياسات ودراسة شرائح متباينة من الأجناس واللغات والمستويات. ويعد إنشاء معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى أحد تلك الأعمال التي خصصت لتطوير الخدمات المؤدية لتيسير المناسك والعناية بالشعائر الدينية عموماً، وتطور خلال سنوات طويلة متدرجاً من وحدة بحثية أُنشئت عام 1395ه بجامعة الملك عبدالعزيز، تتولى النهوض بإحصائيات الهدي والأضاحي إلى أن أصبح مركزاً لأبحاث الحج في عام 1401ه، وجهة استشارية فنية للجنة الحج العليا ولجميع الجهات العاملة في الحج، حتى صدرت الموافقة الكريمة بنقل المركز إلى جامعة أم القرى بمكةالمكرمة عام 1403ه، وربطه بلجنة إشراف عليا. وفي خطوة نحو عهد جديد، وأُفق أرحب ورؤية أشمل؛ صدرت الموافقة في عام 1418ه بتغيير اسم المركز إلى معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، لتتوالى خطوات التطور وصولاً لإنشاء فرع المعهد في المدينةالمنورة، وفي عام 1421، صدرت الموافقة على عضوية المعهد في لجنة الحج المركزية، وتم تأسيس مركز التميز في أبحاث الحج والعمرة في عام 1428ه للاهتمام بالبحوث التطبيقية، واستقطاب تقنيات حلول البنى التحتية للنقل والحركة وإدارة الحشود. وفي عام 1433، صدرت الموافقة على تغيير اسم المعهد إلى معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة. عاش المعهد محطات مهمة في تاريخه، عندما بدأ في موسم حج 1399ه، بإعداد تجارب على تصميم مخيمات جبلية، وفي موسم حج 1403ه، تم تطبيق قرار منع دخول السيارات الصغيرة للمشاعر بناءً على توصيات المركز، والبدء في الإفادة من لحوم الهدي والأضاحي بتأسيس مشروع المملكة للإفادة من لحوم الهدي والأضاحي، حيث تمت الاستفادة من لحوم 113 ألف رأس. واستناداً على توصيات المركز، تم في موسم حج 1410ه تخصيص طرق مظللة للمشاة، ونفذ في موسم حج 1412ه، تجربة منع الافتراش على جسر الجمرات وتحته، وعقد في شهر ذي القعدة 1413ه، أول ندوة من ندوات المركز بعنوان "الإسكان في الحج"، وفي عام 1414ه، تم تطوير طرق المشاة بناءً على توصيات مركز أبحاث الحج، ليتم في موسم حج 1415ه، توحيد اتجاه السير على جسر الجمرات العلوي بعد إعادة بناء وتنظيم الجزء الشرقي من الجسر بناءً على توصيات المركز. وتم في موسم حج 1416ه، تطبيق تجربة محدودة للنقل بالحافلات الترددية، عرفات - مزدلفة، حيث كانت بتصميم وتخطيط وتشغيل المركز، وشهد موسم حج 1417ه، التوسع في تجربة النقل بالحافلات الترددية لتشمل مرحلة "مزدلفة – منى"، بعد استكمال عدد من التجهيزات في الطرق والجسور والمواقف، وشهد موسم حج 1418ه، وبناءً على توصيات المركز إتمام المرحلة الأولى من مشروع الخيام المقاومة للحريق، وجرت دراسة بدائل الطبخ للغاز بمشعر منى. وقدم المعهد في رمضان 1427ه، دراسة نتائج إزالة الخط المحدد لبداية الطواف، وفي رمضان 1428ه أقيم حفل لقاء الباحثين بالمعهد للاطلاع على دراسات حركة الطائفين وإدارة الحشود بالحرم، فيما شهد المعهد في 21ربيع أول 1429ه، تدشين انطلاق مشروع موسوعة الحج والحرمين، وتم في 25 ربيع أول 1429ه تقديم معهد خادم الحرمين الشريفين والمهندسين والخبراء مقترحات لتوسعة المسعى بالأدلة والوثائق وآراء الخبراء والجيولوجيين والمهندسين وشهود العيان. وبدءاً من عام 1432، قام المعهد بتطبيق تجربة (مخيم الحج الأخضر) إلى أن صدر تعميم وزارة الحج والعمرة بالتوسع في تطبيق التجربة على جميع مخيمات حجاج الداخل ابتداء من عام 1439. وفي عام 1438، قام المعهد بتطبيق تجربة الوجبات مسبقة التحضير، التي اعتمدت كنمط للتغذية في مواسم الحج ابتداء من حج 1442. كما أطلق المعهد في عام 1441 – على توجيه سمو وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا "منصة وفادة"، بالشراكة مع برنامج خدمة ضيوف الرحمن وهي منصة إلكترونية تقدم من خلالها البرامج التدريبية لتطوير مهارات العاملين في خدمة ضيوف الرحمن. كما يقوم المعهد منذ عام 1441، بقياس رضا الحجاج والمعتمرين عن الخدمات المقدمة لهم، بالتعاون مع الجامعات الحكومية بمنطقة مكةالمكرمة, ويرأس منذ عام 1434 – لجنة لدراسة التقارير الحكومية ومقترحات المواطنين بعضوية مندوبين من عدد من الجهات أعضاء لجنة الحج المركزية. من جانبه أوضح عميد المعهد الدكتور تركي بن سليمان العمرو أن المعهد نهض بتطوير منظومة متكاملة ومستدامة للحج والعمرة والزيارة تحقيقاً للمقاصد الشرعية، ضمن رسالته المتمثلة في تقديم دراسات وبرامج بحثية واستشارية وتدريبية، وخدمات للمجتمع، بناءً على رؤيته كمرجع علمي استشاري رائد في أبحاثِ الحج والعمرة والزيارة وتطبيقاتها، حيث يسعى المعهد لتأسيس بنكٍ للمعلومات عن الحج والعمرة، يكون مرجعاً علمياً شاملاً لمختلف أنواع الإحصائيات والحقائق، ومن ثَم عمل نموذج محاكاة حسابي لمختلف عمليات الحج، مما يساعد كثيراً على التخطيط، والعمل على بناء سجلٍ تاريخي متكاملٍ بالدراسات والوثائق والصور والأفلام والخرائط، والمخطوطات التاريخية للحج، ومكةالمكرمةوالمدينةالمنورة؛ ليكونَ مرجعاً تاريخياً وعلمياً ثابتاً. وأفاد أن المعهد الذي يهدف للمحافظة على البيئة الإسلامية في المناطق المقدسة، ومكةَالمكرمةوالمدينةِالمنورة، ويهتم بتطوير الخدمات والمرافق المقدمة في الحج والعمرة والزيارة، ورفع كفاءتها التشغيلية، ضمن مهامه التي تتركز في إجراء الدراسات والبحوث العلمية التي تهدف إلى تيسير أداء المناسك، وتقديم خدمات أفضل لحجاج بيت الله الحرام وعماره، وزوار مسجد رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، وذلك من خلال دراسة الأوضاع الراهنة، وجمع البيانات والمعلومات المفصلة عن مختلف جوانب ومراحل الحج والعمرة والزيارة، ومتطلبات واحتياجات الحجاج والمعتمرين والزوار، وما يقدم لهم من خدمات ومرافق، حتى يمكن من خلالها الحصول على صورة واضحة عن الأوضاع السائدة، ومن ثم تطوير إيجابياتها والتغلب على سلبياتها. وأكد حرص القيادة الحكيمة على حشد الطاقات وبذل الجهود خدمةً لهذه المقدسات، وارتقاء بالأداء، وإنجاحا للمواسم (حجاً وعمرةً وزيارةً)، فكانت وستظل خدمة وفود الرحمن وساماً تفتخر به هذه البلاد قيادةً وحكومةً وشعباً، وتبذل الغالي والنفيس، في سبيل راحة القاصدين لهذه الديار المقدسة، وتذليل ما يواجههم من صعوبات أثناء أدائهم للمناسك والشعائر. وأشار إلى أنه مع تزايد أعداد الوافدين لأداء فريضة الحج ومناسك العمرة والزيارة، يتواصل السعي للتحسين والتطوير والتجويد, حيث أخذ المعهد على عاتقه بذل أقصى الجهود، وتوظيف أعلى القدرات، والكفاءات العلمية والبحثية المستنيرة؛ من أجل دراسة قضايا الحج والعمرة، وما يتعلق بهما، ومن ثَمّ وضع المقترحات، والحلول، والمخترعات، والابتكارات، إسهاماً في خدمة وفود الرحمن، وقاصدي هذه البقاع الطاهرة، وتحقيقا لأهداف ورغبات المملكة العربية السعودية في خدمة هذه المقدسات.