يعيش الطالب عبدالله العنزي في الفلبين من أجل إنهاء دورة مكثفة وطويلة في قيادة الطائرات. وعبدالله هو زميل مقرّب للشاب المواطن (عبدالرحمن العنزي)، الذي سقطت طائرته أواخر الأسبوع الماضي أثناء جولة تدريبية اعتيادية. وفي لقاء ل»شمس» مع المتدرب عبدالله العنزي، كشف خفايا تلك الحادثة، كما تحدث عن وجودهم كمجموعة من الشباب المواطنين في الفلبين، وحول أهدافهم وطموحاتهم بعد إنهاء دورتهم. تأخرت فنجوت أوضح العنزي في بادئ الأمر، أن الطائرة التي سقط بها رفيقه عبدالرحمن، هي في الأصل طائرته التدريبية هو (من نوع سسنا 152)، وكان من المفترض أن يخرج في جولة بها ذلك اليوم، لكن تأخر دقائق عدة؛ ما دفع مدير التدريب إلى تسليم الطائرة لعبدالرحمن، الذي لم يلبث أن هوت به، لينجو من حطامها بأعجوبة. وقال العنزي: إنه «لولا الدقائق القليلة التي أخّرته عن الوصول لكان هو مستقل تلك الطائرة»، مشيرا إلى أن الخلل الفني الذي أصابها كان سيقع أيا كان قائد الطائرة. إحساس السقوط ويروي العنزي تفاصيل إقلاع الطائرة ثم سقوطها، منذ البداية بقوله: «عندما أخبروني بأنهم ألغوا قيادتي لهذه الطائرة التي أتدرب عليها منذ انضممت إلى المعهد، وأن قائدها سيكون رفيقي عبدالرحمن تذكرت على الفور، لغرابة الموقف، أن عبدالرحمن قال في صباح ذلك اليوم إنه غير مرتاح ويحس بشعور غريب، وقلت له إن ذلك قد يكون مرده الإرهاق أو السهر، إن كان ساهرا. لكن على أي حال توقفنا في المدرج بعد أن استقللت طائرة أخرى، وعند الساعة العاشرة صباحا أعطى برج المراقبة الإذن لعبدالرحمن ليقلع بطائرته، وكان برفقته مدربه فقط، وبعد أن صعدت الطائرة نحو السماء على ارتفاع 200 قدم تقريبا، فوجئنا بها نحن على الأرض وهي تنحرف نحو اليمين انحرافا مفاجئا اتضح أنه بسبب تعطل المحرك الأيمن، ولم تكن مسافة الارتفاع كافية لإجراء أي مناورة ضد تعطل المحركات فلم يكن أمام الطائرة سوى السقوط بسرعة وخلال لحظات قليلة». أحياء أم موتى؟ ويضيف العنزي: «عندما بدأت الطائرة تترنح فوقنا ظننا أنه استعراض يقوم به عبدالرحمن ولم نستوعب ما الذي يحدث حتى لاحظنا أن الطائرة بدأت تهوي دون تحكم وخلال لحظات غابت عن أنظارنا بعد أن سقطت وسط دغل من الغابات المجاورة للمدرج وموقع التدريب». ويتابع: «انطلقنا مسرعين نجري على أقدامنا نحو موقع السقوط، وكنت أفكر من دون نتيجة هل هم أحياء أم موتى؟ وهل سأعود إلى الوطن مع عبدالرحمن أم مع جثته؟ وعلى كلٍ فقد كنا أثناء الاتجاه إلى موقع السقوط في حالة من اللاوعي، وأذكر أنني انطلقت على قدميّ، ثم وصلت إلى الموقع عبر سيارة، وكان مكان السقوط في منطقة زراعية واسعة ولاحظنا الفلاحين في البدء وقد اجتمعوا حول الطائرة، محاولين إنقاذ ركابها وإبعادهم عن جسمها قدر الإمكان؛ خوفا من حصول انفجار أو حريق أو ما شبه ذلك». ذهول وابتسامة صفراء وكان العنزي أول الواصلين من زملاء عبدالرحمن إلى الموقع، وكان قد حاول تحضير نفسه لرؤية أي وضع قد يبدو عليه صديقه، فقد يكون ميتا، وقد يكون ينازع البقاء أو مصابا بإصابات شديدة، لكن أيا من ذلك لم يحدث، بل وجد العنزي رفيقه قابعا قرب الطائرة وعلى وجهه علامات الذهول، وظل عبدالرحمن، بحسب العنزي، لدقائق وهو لا يعلم ما الذي جرى من هول الصدمة وكان يضحك ويبتسم، واتضح أنه سليم تماما من الإصابات، ما عدا جروح سطحية بسيطة، وكذلك بالنسبة إلى مدربه. وأضاف: «لم يستوعب عبدالرحمن ما حصل بشكل تام إلا بعد مرور نحو 15 ساعة على الحادثة، وحينها بدأ بالخوف عندما تذكر أنه كان يمكن أن يُقضى عليه في هذه الحادثة». لكنه أكد: «عبدالرحمن مصرّ على إكمال التدريب مهما حصل». السعوديون.. وحلم الطيران وحول الأكاديمية التي يتدربون فيها قال عبدالله: إن «اسمها أكاديمية دلتا، وهي توفر دورات مكثفة لقيادة الطائرات»، وأوضح أنه لم يسبق أن سجلت أكاديميتهم أي حالة لسقوط طائرات، قبل هذه المرة، لكنه قال: «إن أكاديمية مجاورة سبق أن حصلت فيها حادثة سقوط قبل فترة وجيزة ولمتدربين سعوديين أيضا». وأشار العنزي إلى أن عدد السعوديين في الأكاديمية يبلغ نحو 100 طالب، وتتفاوت مدة الدراسة بحسب المتدرب وإجادته للغة وخبرته السابقة، لكن في معظم الأحوال يجب على الطالب قضاء سنة كاملة على الأقل قبل أن يصبح مستعدا مبدئيا لقيادة الطائرات، وتكلف الدراسة لمدة سنة مبلغا يتراوح بين 35 و50 ألف ريال. وكشف أن جميع المتدربين السعوديين يتدربون على حسابهم الخاص ولم تبتعثهم جهة معينة لذلك. مشيرا إلى أنهم كمتدربين يأملون بالحصول على وظائف جيدة بعد أن يتموا دراستهم، سواء في الجهات الحكومية أو القطاع الخاص.