دعا اختصاصيون نفسيون إلى تقديم الرعاية النفسية إلى أطفال الأسر المتضررة من كارثة الأمطار والسيول التي تعرضت لها محافظة جدة الأربعاء قبل الماضي. ويأتي ذلك في ضوء ما أكدته الإحصائيات من ارتفاع أعداد الأطفال الذين أصبحوا يعانون حالات نفسية نتيجة تعرضهم لأزمة سيول جدة. وكان عدد من المواطنين شكا من بعض الحالات النفسية التي أصبح فلذات أكبادهم يعانونها، ما دفعهم إلى مراجعة العيادات النفسية، وقد تفاوتت درجاتها فمنها الشديدة ومنها ما دفع الطفل إلى الانعزال وعدم الرغبة في الكلام. وأوضح المدير العام للصحة النفسية بحائل استشاري الطب النفسي الدكتور نواف الحارثي ل «شمس» أن حالة الصدمة التي يدخل فيها الكبار والصغار نتيجة تعرضهم لأي ظرف طارئ غير اعتيادي يخزن الدماغ حينها المعلومات وبعد ذلك يحللها، فإن كانت المعلومة أكبر من قدرة الدماغ على تحليلها، فتصل إلى مرحلة الصدمة يصبح من الصعب معالجتها في الدماغ داخليا، وبالتالي تحدث ما يسمى «بالصدمة النفسية». وبين أن الصدمة النفسية في الطفل أشد وأقوى، فالأطفال خبرتهم بسيطة وبالتالي قدرتهم على المعالجة تصبح أصعب وأكثر تعقيدا، فتبدأ آثارها عند الأطفال بالبكاء، والانزعاج، عدم الاستقرار سواء النفسي أو الحركي، اضطراب النوم والشهية، عدم القدرة على الاندماج مع الناس، كذلك التوهان وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين بشكل جيد، الأحلام المزعجة، والتشنج، وهذه تؤثر في سلوكيات الطفل خلال فترة الإصابة، فيصبح مثلا من الصعب على الطفل الاستحمام ومشكلة نزول البحر وكذلك مشاهدة المطر حتى لو كان بسيطا. وأشار الدكتور نواف عن طرق العلاج لمثل هذه الحالات: «والذي يتم على ثلاث مراحل، الأولى التعامل مع الآثار النفسية الحادة بالتهدية وتخفيف المؤثرات التي حوله وبحسب عمر الطفل، وأحيانا يتم استخدام العقاقير المهدئة، المرحلة الثانية العلاج النفسي السلوكي المعرفي، وهذه المرحلة يبدأ فيها التعامل مع الموقف «التعرض الخيالي» الذي حصل بالاسترخاء مع الموقف ويخضع لجلسات نفسية، المرحلة الثالثة مرحلة التعرض التدريجي المباشر فيأخذ الطفل في مكان فيه مياه، مثلا أخذه إلى حوض سباحة ثم إلى الشاطئ ثم إلى تجمع مياه يشبه السيول، وهذه الخطوة تعيده إلى الفترة السابقة مما يسهل على المعالج وإخراجه من الحالة التي يعانيها». وأوضح استشاري الطب النفسي الدكتور عبدالعزيز الحجي ل «شمس» أن صورة الأمطار الغزيرة والخراب والدمار والسيول المتدفقة بقوة في الشوارع، وحتى اقتحامها المنازل وارتفاع منسوبها قد تختزنها ذاكرة الطفل، وتحولها إلى مخاوف وهواجس سلبية دائمة لتلحق به اضطرارا نفسية يصعب شفاؤها لاحقا.