الساعة الآن هي تمام العاشرة مساء. منذ ساعات وأنا أعتزم كتابة هذه الزاوية.. لكن شيئا ما يشغلني. المهم أن الوقت تأخر وتجاوزت الموعد النهائي بمراحل. ومنذ ساعات يلح علي الزميل راشد كمال، وهو محرر هذه الصفحة، بتسليم المقال، ليس لأنه متابع شغوف لما أكتب، كلا، راشد يفكر كالتالي: «إذا لم يكتب مقاله المهبب؛ فسأضطر لإحلال مكان الزاوية بأخبار، وأنا لا أحب الأعمال الإضافية». وبالمناسبة، يتميز راشد بخفة الظل. قبل سنة من الآن طلب إجازة ليسافر إلى بلده ويتزوج بفتاة من هناك، ولسبب ما فقدت عقلي ووعدته بأن أهديه جوالا إذا فعل، لكنني نسيت أو تناسيت، وسافر هو دون أن أراه. بعد شهر عاد من رحلته بخفي حنين. لا زواج ولا يحزنون. ومع ذلك ما زال مصرا على تذكيري بالهدية التي لم أقدمها إليه. طيب.. قلنا إذا تزوجت يا حبيبي. راجعني بعد أن تجلب معك صك النكاح وصورة تثبت وجودك إلى جوار عروس على كوشة يحوطها المعازيم والنساء المزغردات. على سيرة الإجازات. لدينا زميل آخر سافر إلى بلده في إجازة. هناك اتفق هو ومجموعة من أصدقائه القدامى على الذهاب إلى أحد الملاهي. أصدقاؤه مجموعة من «الملحطين». لا يملك أي واحد منهم سيارة. وهنا قرر صديقنا أن يلجأ إلى الحل الأخير. والده شخصية مؤثرة ومحترمة هناك. وسيارته يعرفها حتى طوب الأرض. رفض في البداية حين طلب منه صاحبنا أن يعيره سيارته، لكنه تراجع وأعطاه المفتاح بعدما أخذ عليه عهدا بعدم الذهاب بالسيارة إلى مكان مسيء. لم يكذب صاحبنا خبرا. حلف له أغلظ الأيمان بأنها ستكون في الحفظ والصون، وستعود بشهادة حسن سيرة وسلوك. ذهب الرفاق إلى الملهى، وكانت سهرة ولا أحلى. وعادوا إلى قواعدهم سالمين.. «ولا من شاف ولا من دري». في الصباح استيقظ صاحبنا على صراخ والده الذي صب عليه جام الغضب: «كنت في ملهى. يا خسارة تربيتي فيك!!». كان عمال الملهى وضعوا ملصق دعاية تعلوه صورة راقصة عارية تحت ماسحة زجاج سيارة والد صاحبنا الذي يعد واجهة للبلدة؛ فكانت السيارة مكان تجمهر للشباب الذين هالهم جمال الراقصة. إذا ذهبتم إلى مشوار مماثل، فانتبهوا جيدا.. فتشوا تحت ماسحات الزجاج؛ فأنتم لا تعرفون أية مصائب تنتظركم.