اكتسب لاعبو منتخب جنوب إفريقيا الأول لكرة القدم دفعة معنوية قوية بعد لقائهم مع رئيس بلادهم الأسبق نيلسون مانديلا، الذي أصبح علامة مميزة في مجال مكافحة التمييز العنصري، قبل مشاركتهم في المباراة الافتتاحية لبطولة كأس العالم في 11 يونيو الجاري أمام المكسيك. واستقبل مانديلا، الذي سيكمل عامه ال92 في 18 يوليو المقبل، لاعبي ال «بافانا بافانا» والجهاز المعاون، في منزله بجوهانسبرج، وكذلك المهاجم البرتغالي الشهير كريستيانو رونالدو، الذي رافقه في هذه الزيارة المدير الفني للمنتخب البرتغالي كارلوس كيروش. الرياض. شمس ويعاني مانديلا من مشكلات صحية في الوقت الحالي، ونادرا ما يستقبل الزائرين بعد أن قلص من ظهوره في المناسبات العامة على مدار الأعوام القليلة الأخيرة، وطلب العديد من الشخصيات البارزة، التي حضرت إلى جنوب إفريقيا من أجل متابعة فعاليات كأس العالم زيارته والاجتماع به، ولكن مانديلا الفائز بجائزة نوبل للسلام وافق فقط على أن تكون الزيارة لعدد صغير؛ بسبب حالته الصحية. وكان مقررا أن يظهر لفترة قصيرة خلال الاحتفالات بانطلاق كأس العالم يرحب فيها باللاعبين ثم يتابع باقي مراسم الاحتفال عبر التليفزيون، بعد أن أسهم بدور مهم في حصول بلاده على شرف تنظيم البطولة للمرة الأولى في القارة السمراء، رغم تأثير برودة الطقس الشتوي الليلي في الملعب على صحته، ولكنه ألغى مشاركته بعد الحادث الذي أدى لمقتل حفيدته زيناني، 13 عاما، في حادث سير، قبل ساعات قليلة من الافتتاح، عندما كانت في طريق عودتها إلى المنزل بعد حضورها حفلا موسيقيا في جوهانسبيرج على هامش كأس العالم، ولمانديلا ثمانية أحفاد آخرين. لقد عاش مانديلا في سويتو قبل أن يقضي 27 عاما في السجن «1963 1990» بسبب مقاومته ومعارضته لسياسة التمييز العنصري التي مارستها الأقلية البيضاء الحاكمة طوال 150 عاما، وتعد مشاعر السعادة الغامرة التي اجتاحت البلاد لحظة الإفراج عنه في فبراير 1990 غير مسبوقة في تاريخ جنوب إفريقيا، وبعد أربعة أعوام، فاز مانديلا برئاسة بلاده في أول انتخابات ديموقراطية تشهدها. وعندما تخلى مانديلا عن ترشيح نفسه لرئاسة ثانية في مايو 1999، بعد بلوغه ال80 من عمره آنذاك، كان واضحا أن ذلك لن ينهي حقبة سياسية كما هو الحال مع كثيرين سواه، يعلمون أن النسيان يطوي ذكرهم عند فراقهم السلطة، بل استمرت المحطات في حياة أشهر سجين ومناضل في العالم، وبقي دوره مطلوبا على المستوى الإفريقي والدولي طوال الأعوام التالية، ووجد التكريم في كل مكان؛ حيث حصل على الدكتوراه الفخرية من 50 جامعة في أنحاء العالم، وبقي بعد أن تقدم به السن يستيقظ يوميا في ال30: 04 صباحا، ويعمل 12 ساعة يوميا، ويؤكد أنه لا يجد مكانا أجمل من بيته مع أحفاده. وواجهت جنوب إفريقيا بعد فترة رئاسة مانديلا مشكلات كانت شخصيته الطاغية شعبيا تواريها عن الأنظار، عندما كان يعمل في سدة الرئاسة، ما يؤكد حقيقة أن مانديلا المناضل في شبابه، والسجين لما يتجاوز ثلث عمره، والرئيس المتسامح مع أعدائه، كان رمزا بارزا من الرموز الإيجابية النادرة في العصر الحديث .