مشكلة المجتمع الذي يرمي أخطاءه على أكتاف الآخرين، ويعلق سقطاته الفردية أو الجماعية على شماعة المؤامرة أو التغرير أو الجهل مشكلة مستعصية! فشبابنا الذين رضعوا مناهجنا التعليمية وتلقوا تعاليم دينهم ودنياهم في مدارسنا وجوامعنا وشوارعنا ثم تحولوا بين عشية وضحاها إلى إرهابيين وتكفيريين وانتحاريين وأجساد مفخخة هؤلاء ليس لهم ذنب.. فهم مغرر بهم من قبل جماعات منظمة وشبكات خارجية! وهذا ما يصرح به آباء وأمهات من تورطوا في هذه الجماعات المتشددة والإرهابية. على الرغم أن السلطات المختصة تستعيدهم من كهوف الظلام وجبال التشرد والضياع، وتحاول أن تعيد صياغة أفكارهم لينخرطوا في النسيج الاجتماعي ويبدأوا حياتهم الأسرية والوظيفية هانئين مستقرين معززين بالنصح مكرمين بالعفو محاطين بالهبات والعطايا، ولكن بعضهم ما يلبثوا أن ينسلخوا من كل هذه الحياة لينحازوا للموت والدمار تحت ذريعة الجهاد ونصرة الأمة! وشبابنا الذين يتأنقون ببزاتهم الحمراء وقصات الكدش أو (الكعشة) كما نطلق عليها في القاموس المحيط الشعبي، ويظهرون على الفضائيات ويجاهرون بمغامراتهم الغرامية وغزواتهم الجنسية مغرر بهم وضحية مؤامرة إعلامية! وكمثال على ذلك ما قالته والدة المجاهر بالرذيلة فضائيا إن ابنها ضحية الفضائيات، وأن المسؤولين عن البرنامج هم الذين ورطوا ابنها، وذلك في ردها عن سؤال: ابنك كمتورط رئيسي في القضية، هل تعتقدين أنه مذنب أم ضحية؟ أجابت بالحرف: «ابني ضحية يا ناس، ضحكوا عليه ناس لا يخافون الله، وأنا سمعت أن فيه ناس آخرين نشروا في الصحف أنهم كانوا ضحايا مثل ابني في برامج هذه القناة». ولا أدري أين الغرر عندما تكون إنسانا بالغا عاقلا تميز بين طرق الخير والشر، وتستطيع فرز الجيد من الرديء، وتتخذ قرارك النابع من قناعاتك الشخصية بعيدا عن أي وصاية دينية أو اجتماعية؟!. إذن هل يغفر المجتمع لكل مجرم أو إرهابي أو منحل تحت مظلة الغرر الواسعة التي أضحت المشجب المفضل لكل من وقع في المحظور الاجتماعي أو الديني؟!. إذا كان كذلك فالزاني مغرر به من قبل المرأة، والسارق من قبل الحاجة أو الطمع، والقاتل من قبل الشيطان ومدمن المخدرات من قبل أصدقاء السوء، ولتتعطل الأحكام والحدود والقوانين ونتحول إلى شريعة (الغاب).. ويكفي!