«الحج والعمرة»: إيقاف إصدار تصاريح العمرة عبر تطبيق «نسك» لمدة شهر    خلال أبريل.. ضبط 117 حالة اشتباه بالتستر التجاري.. وإحالة المخالفين إلى الجهات المختصة    وزير الحرس الوطني يرعى حفل تخريج دورة تأهيل الضباط الجامعيين ال35 والدفعة ال40    مؤتمر مستقبل الطيران 2024 يختتم فعالياته في الرياض    "الإحصاء": الصادرات غير البترولية تسجل ارتفاعاً بنسبة 3.3% في الربع الأول 2024م    علامة HONOR تكشف عن بنية الذكاء الاصطناعي المكونة من أربع مستويات وتمضي قدماً مع Google Cloud من أجل مزيد من تجارب الذكاء الاصطناعي في VivaTech 2024    رفع كسوة الكعبة المشرَّفة للحفاظ على نظافتها وسلامتها.. وفق خطة موسم الحج    أدبي الطائف يقيم الأمسية السودانية ضمن لياليه العربية    رابطة روشن تعلن عن إقامة حفل تتويج للهلال    محمية الملك سلمان.. أول موقع رئيسي للتنوع البيولوجي    "مايكروسوفت" تترجم مقاطع الفيديو وتدبلجها    "سدايا": حريصون على المعايير الأخلاقية بالذكاء الاصطناعي    محافظ الخرج يُكرم شركة "لمسات احترافية" لجهودها في تنظيم الفعاليات الوطنية والمحلية    فرص تمويل واستثمار ب"كان" من الصندوق الثقافي    "ساما" تضع حداً للتمويل الجماعي ونسبة توطين 5% سنوياً    نائب أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال 49 من طلاب مدارس الرياض    نائب أمير الشرقية يرعى حفل تخريج 6120 طالباً وطالبة من جامعة حفر الباطن    تمكين المرأة.. وهِمة طويق    «صراع الهبوط» يصطدم بالكبار    تخريج 700 مجند من دورة «الفرد»    مغني الراب.. راح ضحية استعراض مسدسه    أزمة بين «سكارليت» و«شات جي بي تي» والسبب.. تشابه الأصوات    أمير تبوك يكرِّم الطلاب والطالبات الحاصلين على المراكز الأولى في المسابقات    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 142 مجندة من الدورة التأهيلية    منصور بن متعب وفيصل بن فرحان ينقلان تعازي القيادة في وفاة الرئيس الإيراني    جنة الأطفال منازلهم    العمر.. والأمل    علم النفس المراحل العمرية    الأمير منصور بن متعب ووزير الخارجية ينقلان تعازي القيادة في وفاة الرئيس الإيراني ووزير الخارجية ومرافقيهما    وصول ركاب الخطوط السنغافورية بسلام بعد رحلة جنونية    رحلة في العلاقات السعودية الأمريكية.. من المُؤسس إلى المُجدد    لقاء علمي يستعرض تجربة بدر بن عبدالمحسن    خبراء يناقشون تجربة «أوبرا زرقاء اليمامة»    هيئة المتاحف تنظم المؤتمر الدولي للتعليم والابتكار    القبض على أربعة مروجين للمخدرات    لا فيك ولا في الحديد    تنمُّر التواصل الاجتماعي.. قصة كارسون !    "الصحة": اشتراط ثلاثة لقاحات لأداء فريضة الحج    آل مجرشي وآل البركاتي يزفون فيصل لعش الزوجية    السبت الكبير.. يوم النهائيات الخمسة.. العين يطمح للقب الآسيوي.. والأهلي لتأكيد زعامته للقارة السمراء    ثلاثي روشن يدعمون منتخب البحارة و رونالدو: فخور بتواجدي مع البرتغال في يورو 2024    البرتغالي جوزيه مورينيو في ضيافة القادسية    الخريجي يقدم العزاء بمقر سفارة إيران    الأمن الغذائي    واتساب يتيح قفل المحادثات على الأجهزة المتصلة    معرض «لا حج بلا تصريح» بالمدينة المنورة    د. خوقير يجمع رجال الإعلام والمال.. «جمعة الجيران» تستعرض تحديات الصحافة الورقية    229 مشروعاً تنموياً للبرنامج السعودي في اليمن    أتالانتا الإيطالي "يقسو" على باير ليفركوزن الألماني.. ويفوز بلقب الدوري الأوروبي    الاستعداد النفسي أولى الخطوات.. روحانية رحلة الحج تبعد هموم الحياة    توريد 300 طن زمزم يومياً للمسجد النبوي    الأمير سعود بن مشعل ترأس الاجتماع.. «الحج المركزية» تستعرض الخطط التشغيلية    حاتم جمجوم يتلقى التعازي من الأمراء والمسؤولين في حرمه    الكاتب العقيلي يحتفل بتخرج إبنه محمد    "أبرار" تروي تحديات تجربتها ومشوار الكتابة الأدبية    استشاري: حج الحوامل يتوقف على قرار الطبيب    جناح الذبابة يعالج عيوب خلقية بشرية    تخريج دفعة من مجندات معهد التدريب النسوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللبنانية هدى زغبي تتقصى علاقة الجينات بالدماغ
نشر في شرق يوم 02 - 03 - 2012

هل تتحكّم الجينات بالدماغ وأعصابه وأمراضه (وربما أفكاره ومشاعره وعواطفه)، أم أن ظاهرة الذكاء البشري هي أشد تعقيداً من تفسيرها بأثر الجينات وحدها؟ على رغم جسامة هذا السؤال، إلا أنه يشكّل مجرد نموذج أولي عن المتاهة العويصة التي ترسمها علاقة الدماغ بالجينات. ولا تردع صعوبة هذه المتاهة العلماء عن تقصي مساراتها، بل إنها تستدرجهم إلى ذلك وتغريهم بالمثابرة والمتابعة والصبر.
تندرج الأميركية-اللبنانية هدى الهبري زغبي في قائمة هؤلاء العلماء الذين فتنتهم العلاقة بين الجينات والدماغ، فنهضوا لسبر أغوارها. وعندما غادرت الزعبي لبنان في سبعينات القرن الماضي، إبان الحروب المديدة فيه، اعتقدت أن غيابها لن يطول إلا شهوراً معدودة، تعاود بعدها الدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت.
ولسوء الحظ (أو حسنه؟)، امتدّت إقامتها «الموقتة» في هيوستن (تكساس) لأكثر من ثلاثة عقود، بل لا تزال مستمرة! وخلال هذه السنوات، حققت إنجازات طبية وازنة.
13 سنة
أنهت زغبي تدريبها الطبي في كلية «مهاري»، في «ناشفيل» في ولاية تينيسي. ونالت عام 1988 شهادة التخصص في كلية بايلور الطبية في «هيوستن». استغرقت دراستها الطب 13 عاماً. وشملت الطب العام وطب الأطفال والأعصاب وعلوم الجينات. وفي كلية بايلور، تشغل زغبي حاضراً منصب أستاذ في طب الأطفال وعلم الوراثة البشرية وعلم الأعصاب. كما تعمل باحثة في «معهد هوارد هيوز الطبي». وتدأب على الاهتمام علمياً بعلوم الجينات والخلايا والكيمياء الحيوية، بهدف التعمّق في الجينات والأمراض العصبية، وعلاقتهما مع النمو الطبيعي للجهاز العصبي.
وفي لقاء مع «الحياة»، تحدّثت زغبي عن هذه المروحة الواسعة من الاهتمامات العلمية، فقالت: «بعد حصولي على الدكتوراه في طب الأطفال والأعصاب، انتقلت الى التخصّص في دماغ البشر، لفهم طبيعة الخلايا العصبية وتركيبتها وعملها وأمراضها». وأشارت الى ان تجربتها في معالجة الأطفال المصابين بأمراض مستعصية، كانت مملؤة بأحاسيس اليأس، نظراً الى اقتصار عملها على تشخيص حالهم المرضية، مع الاكتفاء بإعطائهم بعض المُسكّنات، من دون الوصول الى العلل الحقيقية لتلك الأمراض، وتالياً عدم التمكّن من وصف علاج شافٍ لهم... فمن الممكن تشخيص حال المريض وتحليل أعراضها، ولكن الطب لم يكن يعرف أي جزء من الدماغ هو المسؤول عن حدوث التدهور في الجهاز العصبي عند الأطفال.
ودخلت زغبي الى حلبة التفاصيل، قائلة: «معظم أمراض الدماغ عند الأطفال لا تعالج. ويحدث كثير منها لأسباب وراثية. ويزيد في خطورتها أنها قد تتكرر، في حال إنجاب أطفال آخرين. لم يكن لدينا حلول لها. ولم نكن نعرف التغيرات التي تطرأ على الدماغ، فتتسبب في هذه الاضطرابات». ورأت زغبي ان حدوث خلل في الجينات مهما ضؤل، يترك عواقب وخيمة جداً على الجهاز العصبي، وقد يتسبّب بشل قدرة المريض على الحركة والنطق والتفاعل مع محيطه الاجتماعي. وقد استثار هذا الأمر روح التحدي في زغبي، فقررت ان تدرس علم الوراثة لمدة ثلاث سنوات.
إعادة السمع وتوازن الجسم
شكّل تأسيس «مختبر زغبي» zoghbi lab في 1988 انعطافة في المسار المهني لهذه الباحثة. إذ ضمّ ما يزيد على 30 باحثاً من جنسيات مختلفة. وبفضله، اكتشفت زغبي عدداً من الجينات المسؤولة عن أمراض عصبية مستعصية لم تكن معروفة في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، حين كانت البحوث عن الجينات في بدايتها. وفي مطلع التسعينات من القرن عينه، شرعت بحوث زغبي تؤتي أُكُلُها. إذ اكتشفت جينة متّصلة بمرض عصبي يسمى «أتاكسيا» Ataxia، يؤثر في توازن الجسم. ووصفته زغبي بأنه «مرض صعب، يصيب الانسان بعد سن الثلاثين. ويلقى المصاب به حتفه بعد مرور عشر سنوات. ويزيد في خطورته انه ينتقل وراثياً بنسبة تقارب 50 في المئة».
وقبل اختتام القرن الماضي، اكتشفت زغبي جينة مسؤولة عن عمل أعصاب السمع، ما يعني أنها مهمة بالنسبة الى الصم، خصوصاً أولئك الذين يفقدون السمع تدريجاً مع التقدّم في العمر. وشرحت زغبي كيفية استعادة السمع. «إذا وضعت هذه الجينة في أُذن فأرة بعد إفقادها السمع، فإنها تستعيده بسرعة»، مشيرة الى ان الجينة نفسها تساهم في تنظيم أعمال التنفس وحركة الأمعاء، على ما تبيّن لاحقاً. وفي هذا السياق، أكّدت زغبي ان «مختبر جينفك» lab genvec، الأميركي اتكأ في الآونة الأخيرة على بحوثها، بل طوّر جينة السمع على أمل ان يصبح في امكان المرضى استعادة سمعهم.
وبفخر يصعب إخفاؤه، أوضحت زغبي أن الاكتشاف الطبي الأهم المرتبط بإسمها، هو تعرّفها إلى جينة ترتبط بمرض يسمى «ظاهرة ريت» («ريت سندروم» syndrome rett، الذي يعتبر من تنويعات مرض التوحّد («أوتيزم» autism). ولخّصت زغبي عمل هذه الجينة بقولها إنها تؤثر في البنات الصغيرات، أكثر من الصبيان، مُشيرة إلى أن أبرز أعراض «ريت سندروم» هي عُسْر الكلام وصعوبة التعلّم والمشي والنظر والتنفس، والتخلف العقلي، وفقدان التوازن، ومعاناة نوبات الصَرَع، والميل الشديد الى العزلة. وأشارت إلى ان بحوثاً كثيرة اخرى أدت الى اكتشاف جينات تتصل باضطرابات الدماغ، مثل الإصابة بأمراض التوحّد والاكتئاب وتدهور القدرات العقلية عند المسنين وغيرها. وأكّدت زغبي ان مختبرها يركز بقوة على التجارب المتعلقة باستخدام الجينات علاجياً، واعدة بقرب بزوغ فجر هذا النوع المتطوّر من العلاج.
وإضافة الى إنجازاتها علمياً، تتمتع زغبي برصيد باهر من التكريمات التي كافأت جهودها الحثيثة. وتعتبر أول باحثة في كلية بايلور تنتخب عضواً في المعهد الطبي، وأول عالمة عربية تنتخب عضوةً في «الأكاديمية الوطنية للعلوم» في أميركا، مع الإشارة إلى أن هذه الجمعية تضم في عضويتها قرابة 1600 عالِم. وأشرفت زغبي على 23 طالب دكتوراه و45 طالباً في بحوث ما بعد الدكتوراه.
وكذلك أعطت تفاصيل عن بعض أوجه علاقتها مع «الجامعة الأميركية في بيروت»، مبيّنة أنها تشمل تدريب بعض الطلاب في مختبرها الخاص أو في جامعات أميركية مرموقة، ومشاركتها في مجموعة من المؤتمرات الدولية التي نظّمتها «الجامعة الأميركية في بيروت»، مثل «مؤتمر أمراض الدماغ الوراثية» الذي عُقد في 2009.
وأعطت زغبي تقويمها لتجربة كونها إمرأة عربية تعمل في مجال علمي صعب، ضمن المركز العلمي الأميركي الفائق التقدّم. وبكلمات مُعبّرة، قالت: «لا فرق بين رجل وامرأة، ولا بين أميركية وغير أميركية. ففي الولايات المتحدة، تبدو أبواب النجاح مفتوحة أمام الجميع، بل إن الكفاءة وحدها توضع فوق الاعتبارات كافة». ورأت أنها كانت محظوظة لأنها حقّقت إنجازاتها من طريق الجهد في بحوث تضع العِلم في خدمة الإنسان، متمنية أن توفّق في اكتشاف مزيد من الجينات المتّصلة بالأمراض المبكرة في الدماغ، ما قد يساهم في إنقاذ الأطفال من إصابات قد تعطّل جهازهم العصبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.