شدد الدكتور محمد العبدالعالي المدير الجديد في صحة جازان، في أول حوار له بعد تعيينه عقب كارثة المستشفى العام، على معاقبة كل مخطئ أو مفسد مع عدم أخذ الناس بالظنون والشكوك، وأن الإداري الذي يفشل في التغيير لا يستحق الثقة، مشيرا إلى أنه سيقف بقوة ضد أصحاب الأجندات السالبة. مؤكدا أنه سيتقدم باستقالته فورا إذا شعر بعدم قدرته على تحقيق الطموحات وإحداث تغييرات في هيكل الصحة بالمنطقة. ورفض العبدالعالي التعليق على إعفاء سلفه الدكتور أحمد السهلي عقب حريق المستشفى، وقال إن التكليف والإعفاء ليسا حقا مكتسبا لأي موظف، فالإعفاء قد يرتبط بتوقيت معين ولأمر معين ولا يمكن ربط مفهوم العدل أو الظلم بقرار الإعفاء أو التكليف. نافيا وجود عناصر في الشؤون الصحية تعمل على محاربته. اسألوا الوزير! بعد كارثة الحريق والأوضاع الصحية المتردية في جازان انتظرت كل الأوساط الشخصية الجديدة التي ستتولى الإشراف على القطاع.. حدثنا عن المهمة ومخاطرها. بدءا أقدم العزاء لأهالي الضحايا، وأسأل العلي القدير أن يتقبلهم شهداء، فالحادث الأليم مس مشاعر كل مواطن ومنسوبي وزارة الصحة. وأعتبر المهمة صعبة بكل المقاييس وتحديا كبيرا. لماذا وقع الاختيار عليك تحديدا؟ اسألوا الوزير «قالها ضاحكا».. هذه الثقة تعني لي الكثير وتحملني مسؤولية كبيرة، لابد أن أكون عند حسن ظن المسؤولين لتغيير القطاع الصحي في المنطقة للأفضل. متى بلغت بالقرار وهل تم التشاور معك قبل صدوره؟ طبيعي حدوث مشاورات وتبادل وجهات النظر والاتفاق على كل ما يدعم مثل هذه القرارات والمهام الجديدة. لم أتردد البعض يشكك في إمكانية نجاحك على خلفية موقعك السابق في إدارة إحدى المحافظات الصغيرة. كيف ترد على هذا الرأي؟ بصرف النظر عن المقارنة بين محافظة ومنطقة، القيادة والتخصص في أي مجال إداري والخبرة هي الفارق، وإذا توفرت الأدوات وتم تطبيقها بكل كفاءة فالمسألة تعتمد على كيفية تطبيق المنهجية السليمة لتكون قادرا العمل في أي مكان وتواكب حجم أي مهام. هل فكرت قبل قبول التكليف.. وهل طلبت المشورة من أحد لمساعدتك في القرار الصعب؟ قبلت المهمة بلا تردد، ولم أجد في نفسي حاجة لأي مشورة، رأيت أن ثقة القيادة العليا ونظرتها أشمل وأوسع. متى بلغت بقرار التعيين؟ لم أعلم بصدور القرار إلا قبل حضوري لجازان بيومين فقط. قرار إعفاء سلفك الدكتور أحمد السهلي، كيف قيّمته لحظة إبلاغك بالمهمة؟ لم أفكر كثيرا في مسألة الإعفاء، فالقرار له معطيات، وأنا على يقين أن الزميل القدير السهلي قدم ما عليه بعد فترة تكليفه وأنا الآن أكمل المسيرة، فالمنطقة فيها معطيات وبيئة تحتاج إلى تقييم في النطاق الصحي أو ما يحيط به، لنتمكن جميعا من وضع أهداف جيدة تبنى على أولويات، ونعمل بها وهو الأهم حاليا. لا لهذا السؤال! إعفاء الدكتور أحمد السهلي من إدارة صحة المنطقة.. هل تعتقد لأنه غير مناسب للموقع؟ لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، لست أنا من اتخذ القرار. هناك من هم أحق مني بالإجابة والتقييم. ما الظروف التي قد تجبرك على طلب إعفاء من هذا الموقع؟ إذا وجدت أني لا أستطيع أن أقدم لزملائي الموظفين والمرضى ما يريدون، أو في حالة فشلي في تحقيق أهدافي التي رسمتها.. في هذه الحالة سأتقدم بطلب إعفائي بشجاعة ودون تردد. يتردد أن تكليفك مدة شهرين تم طبقا لرغبتك لتضمن «خط رجعة» في حال فشلك في مواجهة التحديات الصحية في جازان؟ بكل وضوح أقولها الأهم من المدة الحديث عما حصل في المدة التي توليت فيها المهمة. هل يعني ذلك أنك راض عما قدمته في الفترة التي لا تتجاوز عشرة أيام؟ كل من يعمل بشكل منظم ودقيق سيضع خطة ليتابعها بدقة ويتأكد أنها حققت أهدافه أم لا منذ أول ساعة وليس أول يوم أو أسبوع. عند تكليفك هل تلقيت توصيات أو تحذيرات معينة من وزير الصحة؟ كانت توصيات عامة تركزت على ضرورة إحداث تغيير إيجابي في كافة الملفات ذات الأولوية. مع التحديات الماثلة هل تستطيعون تغيير الوضع الراهن؟ القائد الذي لا يستطيع التغيير لا يعد قائدا ولا يستحق الثقة. أتوقع مقاومة.. ولكن كأنكم تراهنون على النجاح بكل ثقة؟ ولم لا. لا أعتقد أن المسؤولين منحوني الثقة إلا لتحقيق تطلعات المواطنين، ولابد أن يكون هدفنا هو الرقي بالخدمات والمضي نحو الأمام والتفكير في غير ذلك هو بداية الفشل. حتى وإن وقف أمامك من يحاربك؟ لا أعتقد أن أحدا يحاربني، في مثل أي بيئة تستوجب التغيير قد تجد من يعمل على مقاومة التغيير وهذا أمر طبيعي، ويمكننا الاستفادة من ذلك بطريقة إيجابية، فالقائد الذي لا يتوقع أن مقاومة قد تواجهه يجهل نظريات وأسس وفنون القيادة، وإذا فشل القائد في إدارة التغيير فالعيب منه لا من الآخرين، لأن وجود المقاومة أمر طبيعي، فلا بد إذن من تغيير مثل هذا السلوك وتوجيهه نحو المسار السليم للاستفادة منه. يتردد أن هناك جهات أو أسماء معينة في الوزارة تحارب مديري الشؤون الصحية في جازان، دعنا نسأل، لو وجدت من يقف ضدك في الوزارة ماذا ستفعل؟ لا أعتقد وجود مثل هذه الصراعات أو المضايقات، كل ما أعرفه الآن هو أنني أملك كامل صلاحيات مدير الشؤون الصحية في منطقة جازان. لا لأصحاب الأجندات إذن ستفشل إذا لم تتمكن من مواجهة مثل هذه المضايقات، أو بطريقة أوضح مواجهة من يريدون فرض آرائهم؟ صلاحياتي معروفة وصلاحيات الوزارة أيضا معروفة، وإذا لم يكن لدي القدرة على إقناعهم، فأنا قيادي أفتقر للموهبة. أخذ الناس بالظنون هل يمكن استثناء أي من منسوبي الصحة فيما لو ارتكب أي خطأ؟ لم يسبق أن استثنيت أحدا، والنظام فوق الجميع. ما الإجراءات التي ستتخذها إذا لمست بعض أوجه الفساد في صحة جازان؟ هناك أجهزة رقابية على جميع مرافق الدولة والواجب هو تسهيل أعمالها والتعاون معها وتنفيذ توصياتها، وهذا نوع من أنواع الرقابة الخارجية، أما ما يتعلق بالرقابة الداخلية سواء من الجولات أو التفتيش، فإذا وجد ما يشير إلى وجود خلل أو مخالفة نظامية في تطبيق الأنظمة فالواجب التحقق أولا وعدم أخذ الناس بالظنون والشكوك وإذا ثبت بعد التحقق ارتكاب الخطأ، فلا بد من المساءلة وتطبيق النظام. البعض يتحدث عن كوادر مؤهلة في المديرية جديرة بالثقة لكنها ظلت مهمشة، كيف ستنصف هؤلاء؟ قاعدتي التي لا أميل عنها شعرة، أي تكليف أو تقييم سيعتمد على الجدارة، ولا توجد أي اعتبارات أخرى، من هو أجدر ويقدم عمله بالطريقة التي تخدم الجميع يستحق أن يكون في المكان المناسب. مستشفى مفخرة مستشفى الأمير محمد بن ناصر صمم ليكون مركزا للعزل ومن ثم حول إلى مستشفى نساء وولادة وبعد ذلك إلى مركز للقلب، ألا ترى أن تلك التحولات قد تكون سببا في حدوث كارثة لا سمح الله؟ المستشفى وجميع التخصصات محل تقييم من خلال المسح الشامل الذي تشرف عليه وزارة الصحة، وسيكون للأمن والسلامة اهتمام وعناية، وأي ملاحظة نستشعرها في المستقبل ستؤخذ في عين الاعتبار، كما أن وجود التخصصات الدقيقة نعتبرها مفخرة وزرت المستشفى ووجدت أنه يقدم خدمات واعدة للمنطقة. هذا يعني أنك تقر بوجود ملاحظات؟ لا أقر ولا أنفي، وإنما هناك مختصون يقومون بالمسح في كامل المستشفيات ونتائج تقييم المختصين نأخذها في عين الاعتبار. بعد كارثة مستشفى جازان، هل وضعتم خططا إستراتيجية لتدريب العاملين وتقييم المنشآت الطبية بشكل دوري؟ نعم، وقد أقيمت في بعض المنشآت عدد من الدورات، وهناك جدولة لتنظيمها في جميع المنشآت الصحية بالتعاون مع الدفاع المدني. منطقة جازان مازالت تعاني من كثرة استقالات الأطباء الأجانب لأنها غير مشجعة للعمل، كما يقولون، ماذا أعددتم لذلك؟ أنا شخصيا حين باشرت عملي في جازان تشجعت كثيرا، فالمنطقة جاذبة وواعدة وفيها عديد من المقومات المحفزة للعمل لمدة طويلة، وبدأنا نسمع من الزملاء عن أبرز مطالبهم وعن مدى توافر البيئة المناسبة لهم لضمان استمراريتهم، وسيتغير الوضع بإذن الله. المنطقة فيها حالات كورونا ودرن وملاريا وحمى الضنك، كيف يتم التعامل معها؟ لدينا برامج وقائية وعلاجية واضحة للأمراض المعدية ومكافحة العدوى، وتعتبر برامج رئيسة يجب دعمها بقوة، خاصة الوقائي منها، وبالتعاون مع الزملاء سيكون هناك عمل منظم، منه إعادة تشكيل مركز القيادة والتحكم وإيجاد برامج لمكافحة الأمراض المعدية في كل المنطقة. فسر لنا إعلان حصول مستشفى الملك فهد المركزي على شهادة «جي سي أي» بينما هناك عديد من الخدمات لم تتوفر بعد إلى جانب البنية التحتية المتهالكة. حصول المستشفى على الشهادة يعني أنه وصل إلى الحد الأدنى المطلوب، على الأقل لكي يجتاز التقييم ويحصل على الشهادة، وهذا مكسب ليس سهلا، أما الوصول إلى مستويات الجودة فليس هناك سقف محدد. ملاحظات على «المركزي» هناك من يقول إن المستشفى لم يحافظ على نفس مستواه في تقديم الخدمات الصحية للمرضى والمراجعين؟ اجتمعنا مطلع الأسبوع مع إدارة الجودة وبحثنا الاعتمادات في مستشفى الملك فهد وغيرها ووضعنا خطة لتحضير المستشفيات استعدادا لإدخالها في التقييم، وأؤكد على زملائي بمستشفى الملك فهد وغيرهم بأن المعايير في الجودة يجب أن تكون أساسية في عملنا. يبدو أنك رصدت عديدا من الملاحظات منذ لحظة وصولك؟ نعم. ولذلك أول خطوة للتحسين هي اكتشاف الخطأ ثم التصحيح. يشاع أن عددا كبيرا من مشاريع المنطقة يطالها التلاعب فما رأيكم؟ سنشكل لجانا لجميع المشاريع وسنعامل الجميع حسب النظام. يعاني عدد كبير من موظفي صحة المنطقة من عدم الإنصاف والمساواة؟ سأسعى جاهدا على أن يحصل كل موظف على حقوقه كاملة مادام يؤدي عمله وواجباته على أكمل وجه ويظهر رغبته في التطوير. لا تلاعب في البدلات في سؤال حول ضعف بعض مديري صحة جازان السابقين وحدوث تلاعبات نتيجة ذلك، قال مدير الصحة الجديد: «إدارة المتابعة تعتبر مهمة للغاية، ويفترض على كل إداري أن يكون رقيبا ومتابعا مؤتمنا على المال العام وصحة الناس ونظام العمل. لدينا رغبة في سرعة تطوير الخدمات للمريض ورفع مستويات جودة الإدارات الرقابية ومنح الصلاحية لها طالما تتوافق مع النظام دون تردد مع كائن من كان.. لا يوجد أحد تحت مظلة الشؤون الصحية بمنأى عن النظام». وفيما يتعلق بحدوث تجاوزات في البدلات، أوضح أن «جميع البدلات تصرف وفق الأنظمة ولا يمكن تجاوز الأنظمة بكل حال، وهذا ما سنعمل به، وأما ما يتعلق بأساس صرف البدل فيما لو تم منحه نظاميا واتخاذ الإجراءات السليمة فهذا هو المطلوب والمتبع. ومن يخالف ذلك يخضع للوائح والأنظمة وما نصت عليه من عقوبات». ماذا لو اشتعل حريق جديد؟ «عكاظ» سألت العبدالعالي.. ماذ لو اشتعل حريق مماثل في أحد مستشفيات المنطقة خلال فترة إدارتك القصيرة هذه، ثم تلقيت مباشرة قرارا بإعفائك، هل تعد ذلك عدلا؟، فأجاب: «يجب أن ندرك أن التكليف أو الإعفاء ليس حقا مكتسبا لأي موظف، فالإعفاء قد يرتبط بتوقيت معين أو لأمر معين، ولا يمكن ربط مفهوم العدل أو الظلم بقرار الإعفاء أو التكليف، قد يرى صاحب القرار والمسؤول عن التكليف بأن للمرحلة أو للمعطيات الحالية شخصا أفضل وأجدر في التوقيت المحدد، ربما يصيب أو يخطئ المسؤول، والأهم من كل ذلك هو أن من يتم تكليفه يبذل كل جهده ليكون أهلا للتكليف، وتكون المسؤولية أمامه أكبر وأكبر حين تكون هذه الظروف كالتي نعيشها حاليا. أما مسألة إذا ما وقع شيء ما وتم إعفائي، فأعتقد أنه متى ما وجد صاحب الصلاحية بأن المسؤول يجب ألا يكمل في نفس الموقع، أو لديه من هو أفضل منه فدورنا هو أداء الواجب، واعتبار المهمة والمنصب الإداري تكليفا لا تشريفا، ومتى ما أعفيت منه فهذا يعني تخفيفا من المسؤولية، وكان الله في عون من يأتي بعدي». الفرصة سانحة لتحسين الخدمات هناك من يقول إن في صحة جازان ما يشبه التكتلات والخلايا، ويستدل هؤلاء على ذلك بتأخر العديد من مشاريعها مقارنة بالإدارات الأخرى التي تتقدم بشكل واضح؟ على ذلك أجاب مدير صحة جازان الجديد بالقول: «من خلال مشاهداتي في أسبوع، وقفت على مواقع شهدت تحسنا في الخدمات، ولم نبلغ التطلعات بعد. لا تزال الفرصة سانحة لتحسين الخدمات، ويحتاج هذا الأمر إلى جهد كبير في المحافظة على المواقع التي شهدت تحسنا والعمل بقوة للوصول إلى ما يحقق الطموحات، وهذه من ضمن الوعود التي منحتنا الوزارة. سنكون يدا فاعلة لتنفيذ الوعود وأعني أن نكون نحن والمساعدون وفريق صحة جازان يدا واحدة، ولا يستطيع مدير الشؤون الصحية أن يفعل شيئا بمفرده. أما ما يخص المجموعات التي قد تكون بعيدة عن مهنية عملها أو تعمل بمنهجية مختلفة ولديها أجندات سلبية، فلن تجد الفرصة للعمل ولن تجد الفرصة لتنفيذ أجنداتها». لا أعدكم بتاريخ عودة البرج وعن برج مستشفى جازان قال إنه أحد المواقع الصحية التي تهتم بها الشؤون الصحية وتحرص على عودته للعمل بعد إصلاحه، وهناك لجان زارت الموقع والوزارة داعمة لذلك. وخلال الأيام الماضية اتخذت خطوات مهمة لإدارة العمل وتأمين الموقع، ونسعى للاستفادة من جميع الاستشارات والتوصيات المختصة المقدمة من اللجان المشاركة في عملية إعادة تأهيله ومعالجة إشكالاته، والعمل يسير وفق خطة عمل ولن نتقاعس. في المقابل لن نقبل أن نكون متأخرين في الإنجاز ولا متعجلين، وسنسير بخطى دقيقة مع الحفاظ على الجودة والتمسك بأن تكون المخرجات موافقة للاشتراطات الهندسية والأمن والسلامة». وعن موعد اكتمال العمل، أوضح العبدالعالي أن الأهم هو إنجاز العمل وإعادة المستشفى بشكل سليم، وقال: «نؤمن بالشفافية وهي منهجنا خلال الفترة المقبلة، لا نريد أن نطلق وعودا لا يتم الوفاء بها، ولن أحدد الفترة الزمنية إلا بعد أن أصل لكافة النتائج التي توصلت إليها اللجان، وأعدكم بأن إصلاح المستشفى لن يطول».
