قلت من زمن طويل إن معدة التعليم لن تستطيع هضم أعداد الخريجات (من كل الجامعات) لكي يعملن بحقل التعليم. وبسبب هذا نجد طوابير الخريجات يقفن متراصات بالآلاف منتظرات فرصة الدخول إلى العمل (ليس أي عمل بل عمل مشروط وهو التعليم) ولأننا دأبنا من زمن طويل على استقبال خريجات الجامعات في التعليم حتى فاض العدد مئات المرات ولايزال المكان الوحيد المرحب به لعمل المرأة هو التدريس، بينما بقية الأعمال يعتريها النقص الحاد. وسبب هذه المشكلة أن العامل الاجتماعي يمثل أداة ضغط، فكل مشكلة تعوق حركتنا للأمام يأتي تصلبها أو جمودها من موقف اجتماعي متصلب، وهذه المواقف المتصلبة هي التي عطلت سير الحياة، وشكلت عقدا هنا وهناك. ولو افترضنا أن هذا المجتمع هو جسد حي تعرض لجلطة ويمكن إذابتها قبل أن تودي بحياة المريض فهل ينتظر الطبيب موافقة أهل المصاب كي يذيب تلك الجلطة؟! هذا ما يحدث معنا، فتجلطات واقعنا الحياتي أو المعيشي يقف أمامها كل مسؤول مكتوف اليد، منتظرا الموافقة .!! وقد أثبتت الإحصاءات ارتفاع نسبة البطالة بين النساء إلى 28,4 في المئة مقارنة ب 6,9 في المئة للذكور، وهذا الرقم من البطالة يعد كارثة في بلد يستقبل ملايين العمالة الوافدة. ويمثل العامل الاجتماعي أشد معوقات عمل المرأة وهو السبب الحقيقي في ارتفاع نسبة بطالة النساء. عند هذا الحد، ما جدوى الجامعات التي تخرج سنويا مئات الآلاف من القوة البشرية النسائية والتي ليس لها منفذ سوى التعليم.؟ هذا السؤال يوقفنا أمام تفرعات كثيرة: فإذا كانت الجامعات تعلم (علم اليقين) بأنها تدفع بمئات الآلاف من الفتيات المؤهلات وعلى افتراض أن سوق العمل يرحب بهذه الأعداد، فلماذا لا توجد الحلول لحلحلة موقف المجتمع المتصلب من عمل المرأة ؟ وإذا لم يتم حلحلة ذلك التصلب فليقف تدريس المرأة؛ لأن المسألة لها علاقة بالجدوى الاقتصادية، فما يصرف على تعليم المرأة في التعليم العام والعالي مبالغ مهولة أنفقت من أجل تأهيل تلك الثروة البشرية من أجل النهوض بأدوار مهنية حالما تنهي تعليمها، فإذا كانت عشرات الآلاف من الخريجات يشترطن العمل في التعليم فهذا خلل فادح في التركيبة الاجتماعية وفي السياسة الاقتصادية وخلل فادح في التركيبة الذهنية للمجتمع. وأعتقد أنه حان الوقت للوقوف بحلول جذرية تبطل تجلطات المجتمع الذي يقف حيال عمل المرأة والا فإن توقف الدورة الدموية للمجتمع واقعة واقعة. ومع أننا نعيش هذا التوقف إلا أن إهمال إيجاد الحل سيصيبنا بالسكتة الدماغية.. ونظل أحياء موتى في نفس الوقت. وهذا القول صيحة تتردد في كل حين. [email protected]