الفقه وشرع الله سبحانه وتعالى ثابت لا يتغير، ولكن ما يحكم عليه الفقهاء من تغييرات هو المستجدات، ولا بد أن يكون الفقه موائما للعصر ومتماشيا مع هذه المستجدات، لأن الشرع وحكمه على الأشياء يشعرنا بالندب أو الجواز أو ما هو مكروه، وهذه لا تكون بمعزل عن الأمور المستجدة، والفقه الإسلامي ثبت أنه قادر علي استيعاب مستجدات العصر على ضوء الكتاب والسنة وسائر أصول التشريع الإسلامي. والأمور المستجدة هي واقع المجتمع وهي متغيرة، ولا بد أن تتغير الأحكام إذا تغيرت الأعراف، ولا بد أن تتغير الأحكام التي لها وسائل إذا تغيرت هذه الوسائل، ولا نحتاج إلى أن نقول عصرنة الفقه وإنما نقول ملازمة الفقه وتماشيه مع الواقع. وتوجد العديد من القضايا المستجدة التي لابد من الاجتهاد فيها من خلال تدارس شريعة الله تعالى الواسعة، فإن الله عز وجل أنزل هذه الشريعة سمحة صالحة لكل زمان ومكان وفي طياتها كل ما تحتاج إليه البشرية، وإنما فهوم الناس تتفاوت في استخراج الحلول من أعماقها، وبذل الجهود من أجل أن يوجد في كل زمان ومكان من يقومون بحل هذه المشكلات. نحن نريد أن نطور الفقه حتى يكون ملائما للأمور العصرية ويراعي الأعراف التي تغيرت، لأن هذه مستجدات على الحياة ولأنه ليست هناك نصوص تدل عليها وإنما هناك اجتهادات تدل على الواقع، وهناك أشخاص نزلوا هذه النصوص على الواقع، وكثير من الناس نزلوا النصوص على واقعهم في زمن ما، وتغير ذلك الواقع بما لا تقول هذه النصوص. ولذلك فإن الفقيه قد يحدث له من النوازل ما لا قول فيه للعلماء، أو فيه قول لهم ولكن ظهر موجب تغييره بناء على عرف طارئ أو مصلحة مؤقتة أو مستجد ما، فإذا حدث من النوازل ما لا دليل عليه خاص بجزئه من كتاب أو سنة، أو ما لا قول فيه للفقهاء، أو ما يوجب إعادة النظر فيه لكونه بني على أعراف مستجدة، فيجب علينا حينها الاجتهاد والرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، أو تخريجها على الأصول والقواعد المقررة منهما.