المملكة تدين مصادقة الكنيست على قوانين لفرض سيادة إسرائيل على الضفة    الذهب يشهد انتعاشًا مع قوة الطلب وتراجع الدولار    "الفيصل" يشهد اجتماع المكتب التنفيذي للمجلس الأولمبي الآسيوي    كوليبالي: إنزاغي أعاد الثقة للفريق    الرابطة توقّع مذكرة تفاهم مع الجمعية السعودية للذوق العام    سمو الأميرة نجود بنت هذلول تزور أمانة الشرقية    المملكة تستضيف النسخة الثانية من منتدى الأونكتاد العالمي لسلاسل التوريد في نوفمبر 2026    كأس آسيا 2 .. النصر يتغلب على جوا الهندي بثنائية ويعزّز صدارته    العالمي بالعلامة الكاملة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال70 لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة    ضبط 13 إثيوبياً في عسير لتهريبهم (195) كجم "قات"    مشاريع نوعية بأمانة جازان لرفع كفاءة الطرق وتحسين المشهد الحضري    فتح باب تسجيل المتطوعين لبطولة كأس آسيا تحت 23 عاما    تجمع الرياض الأول يعزّز التكامل الصحي في وادي الدواسر والسليل    السياحة تُشدد العقوبات بحق المخالفات الجسيمة    نائب أمير جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة    الأمير ناصر بن محمد يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    محافظ الأحساء يرعى توقيع اتفاقيات إستراتيجية لجمعية زهرة    أمير حائل يستعرض خطط وبرامج جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة    نائب أمير منطقة الرياض يرعى حفل جائزة الاستدامة المالية    غرفة الطائف تبحث فرص الاستثمار في التعليم الأهلي    وزير الثقافة يلتقي وزيرة الثقافة الفرنسية    "مركزي القطيف" يحقق إنجازا طبيا نوعيا متسلحا بكوادر طبية سعودية    الحقيل يختتم جولته الآسيوية بتوقيع اتفاقيات إسكانية نوعية تعزز الشراكات الدولية    "الوداد" تحصد جائزة الأميرة نورة للطفولة في مجال جودة الحياة والرفاه النفسي للطفل    "القارب الفارغ".. كيف تتقن فن الهدوء وسط زحام الغضب؟    تشغيل وحدة العلاج الطبيعي والتأهيل للأطفال في مستشفى الأسياح العام    بيع 3 صقور ب (399) ألف ريال في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    بهدف جميل أمام السد.. سافيتش يُظهر مهارته المُعتادة مع الهلال    بيونجيانج تطلق صواريخ باليستية قبل أسبوع من قمة أبيك في كوريا الجنوبية    هجوم صاروخي روسي يستهدف كييف ومدنا أوكرانية    الصليب الأحمر يؤكد تبادل 15 جثماناً لفلسطينيين.. «حماس» تسلم جثتي أسيرين إسرائيليين    تحايل قانوني.. قضية «شمس الزناتي» تشتعل    «رجال عبدالعزيز» في التلفزيون السعودي    السواحة للمبتعثين: الوطن يترقب إسهاماتكم المستقبلية    ترمب ينتقد «حماس» ويهدد بتدخل الحلفاء.. تحرك أمريكي لدعم وقف النار في غزة    الأمم المتحدة: إسرائيل تسعى لفصل المزارعين عن أراضيهم    موجز    جمجمة في سنارة صياد بدل السمكة    أكد دعم المملكة لجهود السلام بالعالم.. مجلس الوزراء: الموافقة على إنشاء فرع لجامعة ستراثكلايد بالرياض    ميالبي.. فريق القرية الصغيرة يتوج بالدوري السويدي    4.9 مليار تداولات السوق    شريحة ذكية تعيد البصر ل84% من المكفوفين    جائزة صيتة بنت عبدالعزيز تستعد لملتقى دراية بحائل    محمد بن عبدالعزيز يشيد بمنجزات «محكمة إدارية جازان»    سعود بن نايف: القطاع غير الربحي شريك في تحقيق مستهدفات رؤية 2030    أرسنال يكتسح أتلتيكو مدريد برباعية في دوري أبطال أوروبا    حراك متنامٍ    اكتشاف نادر لشجرة «السرح» في محمية الملك عبدالعزيز    روسيا تضرب شبكة الطاقة الأوكرانية وأوروبا تتحرك لإجبار بوتين على السلام    العنزي مديرا للإعلام والاتصال    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    انطلاق منتدى الأفلام السعودي الثالث غدا الأربعاء    محافظ بيش يستقبل شيخ شمل السادة الخلاوية والشابين المبدعين الشعفي    استقبل الفائز بالمركز الأول بمسابقة تلاوة القرآن بكازاخستان.. آل الشيخ: دعم القيادة لحفظة كتاب الله يحقق الإنجازات    استقبل وزير الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: العمل التكاملي يعزز جودة خدمات ضيوف الرحمن    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتحف الذي كان متحفا
نشر في عكاظ يوم 20 - 02 - 2014

كان مشروع المتحف المفتوح في جدة الذي قام به أمين جدة الأسبق المهندس محمد سعيد فارسي إنجازا فريدا ميز جدة عن كثير من المدن وأعطاها طابعا محببا اعتز به أبناؤها، بل كل أبناء الوطن لسنوات طويلة. يشمل المتحف بمسماه الأوسع مختلف ميادين جدة وشوارعها وساحاتها، وعلى الأخص واجهتها البحرية، أو حيثما أقيمت المجسمات الجمالية الرائعة التي فاق مجموعها 325 عملا تحمل أسماء بعض أشهر الفنانين العالميين والمحليين. قلب هذا الإنجاز بالفعل جدة كلها إلى متحف كبير مفتوح. مع ذلك كان التركيز الأكبر للمجسمات الجمالية في منطقة كورنيش الحمراء الواقعة جنوب قصر السلام وخاصة من مسجد العناني إلى شارع فلسطين، وهذه المنطقة أصبحت هي أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن متحف جدة المفتوح، وهي المنطقة التي أقصدها في مقالي هذا. وقوع المجسمات في هذه المنطقة داخل الرصيف الساحلي للمتنزهين وتقاربها من بعضها البعض، بعكس حال المجسمات الكبيرة المحاطة بالشوارع أهل هذه المنطقة بالذات لحمل مسمى المتحف المفتوح، وجعل من الممكن للناس الاقتراب فيها من المجسمات والوقوف بجوارها وتأملها والتنقل من واحدة لأخرى بسهولة مثلما يحدث داخل متحف مغلق يعج بالمعروضات. كان اختيار المكان موفقا لإطلالته الباهرة على خليج زمردي جميل متفرع من بحر جدة وعلى نافورة جدة الشهيرة، التي تشكل أحد أجمل معالم المدينة. وكان المكان دائما يعج بالزوار والمتنزهين قبل أكثر من عامين قررت أمانة جدة إعادة تأهيل هذه المنطقة من كورنيش الحمراء التي سمتها الكورنيش الأوسط، بما في ذلك المتحف المفتوح. وضعت يدي على قلبي وأنا أشاهد الآليات الضخمة تقلب المكان رأسا على عقب. قلت وقتها إن متحف جدة المفتوح أصبح في «مهب الريح» . طمأنني حينذاك أحد الأصدقاء في الأمانة بأنه سيتم الحفاظ على المجسمات بأقصى حد ممكن وأن نقلها سيتم تحت إشراف الفنانين الذين صمموها بعد أن تبرعت إحدى الشركات المحلية بتحمل التكاليف اللازمة. ماذا حدث منذ ذلك الحين؟ انتهى المشروع وتم افتتاحه وقد تحول إلى حديقة جميلة واسعة، لا يختلف على جمالها اثنان. تمت إضافة مساحات واسعة من النجيلة الخضراء لجلوس المتنزهين ولعب الأطفال. كما تم زرع عدد كبير من النخيل والأشجار الباسقة والشجيرات المتنوعة وإضافة مسار عريض للمشي وتجديد الإضاءة وإنشاء أكشاك لبيع المشروبات والأغذية الخفيفة ودورات مياه وغير ذلك. ذهبت للتنزه في هذه الحديقة عدة مرات ثم بالأمس القريب منتهزا طقس جدة الشتوي الرائع. في هذه المرة عاودتني ذكرى المتحف المفتوح وحاولت أن أرى ماذا حل به وبكل تلك المجسمات الجمالية التي ما زال كثير منها يعشعش في ذاكرتي. استفقت على صدمة اختفاء المتحف ككيان مترابط يعج بالجماليات المتجاورة. وجدت نفسي أبحث عن تلك المجسمات فوجدتها وقد تبعثرت بين الأشجار. في السابق كانت المجسمات موضوعة على قواعد رخامية تكسبها علوا وتميزا. تمت إزالة تلك القواعد فأدى ذلك إلى تقزم المجسمات. بصعوبة أحصيت فقط 30 مجسما في كامل الحديقة وما حولها، وهو لا شك أقل كثيرا من العدد الذي كان يزخر به المتحف سابقا. كم وأي مجسم اختفى وأين ذهب؟ لا أدري. أصابني الذهول عندما تيقنت أن المتحف الشهير قد تحول إلى قطع متناثرة ضاعت بين الأشجار والأرصفة والأكشاك، أي أنه «ذهب مع الريح». الطامة الأكبر كانت رؤية مساحة ضخمة محجوزة بسور انتشرت عليه صور مقهى أو مطعم كبير بدأ إنشاؤه هناك. إذا لم تقم الأمانة ببعثرة المجسمات وتقزيمها فقط لتوسعة المساحات الخضراء للمتنزهين، بل لإيجاد مساحة يمكن تأجيرها لهذا المقهى أو المطعم. مرة تاسعة وعاشرة تقوم أمانة جدة بالتضييق على المتنزهين واستغلال المتنزهات العامة بصورة غير مناسبة. ومرة أخرى تقوم الأمانة بإفساد عمل فني شهير بذل فيه الأولون قصارى جهدهم دون احترام أو تقدير لذلك الإنجاز الرائع. أسوأ من ذلك، يقع هذا المقهى أو المطعم مباشرة أمام قصر المؤتمرات الذي يوشك على الانتهاء. أستعجب: هل انتبه القائمون على بناء هذا القصر إلى المطعم الذي يبنى أمامهم؟ ماذا سيقول عنا كبار الضيوف من جميع أنحاء العالم الذين سيقيمون هناك؟ كيف نسمح بتشويه الحدائق العامة والتضييق على المتنزهين وإخفاء الواجهة البحرية الرائعة بهذا الشكل؟ أين الحس الفني والجمالي للأمانة؟ أكاد أجزم أن إنشاء الحديقة لم يكن يتطلب إزالة المتحف وبعثرة محتوياته بهذه الصورة لو تنازلت الأمانة عن بناء المطعم ورتبت بعض الأشياء بصورة مختلفة. كان من الممكن أن نكسب حديقة دون أن نفقد متحفا. ختاما أقول: البكاء على الأطلال تراث عربي أصيل كان يثيره الترحال المتكرر للقبيلة بحثا عن الكلأ والماء مما يحتم هجران مرابع الصبا التي تحمل أجمل ذكريات الحب والمحبوب. أما الآن فيثيره الهدم والتغيير المستمران للمعالم التاريخية والجمالية التي نألفها ونتعلق بها بحجة النمو والتطور العمراني، وأحيانا بدون أسباب وجيهة على الإطلاق. لذا فإنني أقول:
قفا نبك من ذكرى متحف جدة المفتوح الذي كان ... بكورنيش الحمراء بين قصر السلام وشارع فلسطين.
كما أقول:
لجدة أطلال بكورنيش الحمراء .. تلوح كباقي الوشم من ظاهر اليد.
وقوفا بها صحبي على سياراتهم .. يقولون لا تهلك أسى وتجلد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.