التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الهلال والقادسية في دوري روشن للمحترفين    450 ألف طفل يعانون صدمات نفسية    3 ملايين تأشيرة في الربع الثاني 2025    الكشف عن تفاصيل إصابة نواف العقيدي    العدوان والسيادة بين الحق والوعي    بذور الخريف    نائب أمير منطقة مكة يقدم التعازي للفريق محمد الحربي في وفاة والدته    التعاون يتفوق على الأخدود بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر اغسطس 2025    الهلال الاحمر السعودي بنجران يحتفي باليوم العالمي للاسعافات الاولية    في رثاء عبدالعزيز أبو ملحه    أرتيتا: أرسنال يمتلك الآن عمق التشكيلة المناسب للمنافسة على كل الجبهات    المرء أسير الإحسان    ضبط باكستاني مقيم في المدينة المنورة لترويجه (الشبو)    المملكة تدين الهجوم الإرهابي شمال غرب باكستان    «أمن الطرق» في القصيم يضبط مخالفًا لنظام البيئة    العناية بشؤون الحرمين: 121 دقيقة متوسط زمن أداء العمرة    الإرث بين الحق والتحدي    يامال يغيب عن برشلونة بسبب إصابة في منطقة العانة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تنظم لقاءً معرفيًا لسفير خادم الحرمين الشريفين لدى الصين    الداخلية: ضبط 21,339 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل والحدود خلال أسبوع    بيان مشترك لوزراء خارجية المملكة ومصر والإمارات وأمريكا بشأن السودان    المركزي الروسي يرفع سعر صرف الروبل أمام العملات الرئيسة    الشهري: التعادل أمام الأهلي إيجابي.. والإرهاق أثر على فاعلية الاتفاق    القادسية ينهي تحضيراته ويغادر لمواجهة الهلال    أحلام تشعل موسم جدة بحفل استثنائي في عبادي الجوهر أرينا    نتنياهو بين النرجسية والخوف    المعلمون والمعلمات بين حضوري وتحديات العام الدراسي الجديد    أحياء على الشاشات أموات في الواقع    تحميل الركاب وتوصيل الطلبات    الأثر المعرفي والاقتصادي للشهادات الوهمية    خطاب يستحضر التاريخ: السعودية ونهضة عالمية برؤية 2030    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تعاملاتها على تباين    موسم الخريف: اعتدال الأجواء واقتران القمر بالثريا في قران 19    رابطةُ العالم الإسلامي تشيد بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتماد "إعلان نيويورك" بشأن حلّ الدَّولَتين    ثقافة العافية الرقمية تهدد الصحة بالهامشية    التسويق والأسعار معوقان يواجهان مربي الحمام    والدة الزميل إبراهيم القصادي في ذمة الله    موسم الرياض 2027 يستضيف WrestleMania ® 43 الأضخم في تاريخ المصارعة الحرة    الرياض الأكثر تبرعا بالدم    بلدية القطيف تنظم ورشة "السلامة المهنية والحماية من الحرائق"    إجتماعاً تنسيقياً لبحث أولويات مشاريع الطرق في حاضرة الدمام    جامعة الإمام عبدالرحمن توقّع مذكرة تفاهم مع الجمعية السعودية للصيدلة الإكلينيكية    تخريج (3948) رجل أمن من مدن التدريب بمنطقتي الرياض ومكة    150 مستفيدا من مبادرة إشراقة عين بالشقيق    أبحاث أسترالية تؤكد دور تعديل نمط الحياة في خفض معدلات الإصابة بالخرف والزهايمر    ثوابت راسخة ورؤية متجددة    مجلس الشورى.. منبر الحكمة وتاريخ مضيء    هبات تورث خصاماً صامتاً    سِيميَائِيَّةُ الأَضْوَاءِ وَتَدَاوُلِيَّتُهَا    التكامل بين الهُوية والاستثمار الثقافي    مها العتيبي.. شاعرة تُحاكي الروح وتكتب بوهج اللحظة    الراية الخضراء    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُعيد قدرة المشي لستينية بإجراء جراحة دقيقة لاستبدال مفصلي الركبة    كشف مبكر لمؤشرات ألزهايمر    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الخطاب الملكي يؤكِّد على المبادئ الراسخة لهذه الدولة المباركة    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    بولندا تدعو لاجتماع عاجل.. أزمة المسيرات تشعل التوتر بين موسكو والناتو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وديع الصافي مغني الحلم اللبناني
نشر في عكاظ يوم 20 - 10 - 2013

مهيضا وموهنا وشبه وحيد رحل وديع الصافي عن هذا العالم. ذلك أن عمره المديد الذي تجاوز التسعين وصراعه القاسي مع المرض غيباه بشكل عن حاضر اللبنانيين المشغولين بحروبهم الصغيرة ونزاعاتهم المتجددة وجعلاه ينكفئ داخل شرنقة شبه تامة من العزلة والإحباط. وحده الموت حرر صاحب الصوت الماسي من العزلة وجعل اللبنانيين والعرب ينتبهون إلى أن المكان الذي شغر بغياب وديع لن يتاح لأحد أن يملأه وأن مساحة الشجن والفرح والبراءة في الأرض قد ضمرت إلى حد لا يوصف. لذلك فقد بدا تكريمه اللاحق والاحتفاء الإعلامي اللافت به والثلم الذي شق القلوب برحيله نوعا من الشعور بالندم أو الذنب إزاء أحد أكثر الأصوات جمالا على هذا الكوكب.
لا يحتاج المرء أن يكون ناقدا فنيا أو خبيرا بالغناء الموسيقي لكي يتفاعل مع تلك الحنجرة التي وهبها الله كل طبقات الصوت وتعرجاته وتلويناته. ذلك أن شيئا في صوت وديع الصافي يمسك بنياط القلب ويقذف به إلى ذرى النشوة الخالصة والخدر الروحي والعاطفي. إنه صوت لا تنقصه الرجولة أبداً، ومع ذلك فهي ليست الرجولة الفظة والمتسلطة بل هي مزيج نادر من الأنفة واللين، من الانتصار الصلب لكرمة الإنسان، ومن هبوب النسيم الراعش فوق حقل من التنهدات.
يختزل وديع الصافي في صوته الحالات والمشاعر كلها: الحزن والمرارة والفرح والندم والغضب والأسى، والحنين إلى ما تصرم من هناءة العيش وجمالات الإقامة على الأرض. صوته لا يتلقف بالأذن بل بالشغاف والمفاصل ومسام الجلد. وهو يشف حينا ليلامس في تضاؤله تمتمات الأعشاب في باطن الأدوية، ويعنف حينا آخر ليصبح توأما للأعاصير على ذرى الجبال.
لقد بدا وديع في معظم أغانيه الوطنية واحدا من عمالقة الفن الذي أسهموا منذ أربعينات القرن الماضي في صياغة الأساطير المؤسسة للكيان اللبناني وللفكرة اللبنانية. فدولة لبنان الكبير التي أعلنها الجنرال الفرنسي غورو عام 1920م كانت تحتاج لصغرها وضيق رقعتها إلى منظرين سياسيين كما إلى صانعي أحلام، إلى ميشال شيحا وشارل قرم وشارل مالك، كما إلى سعيد عقل ووديع الصافي والأخوين رحباني وفيروز وصباح. وحين هتف وديع الصافي بصوته المنقوع بالأجراس والبلابل «لبنان شو لبنان؟/هالكم أرزة العاجقين الكون» أو «لبنان يا قطعة سما» كان يحاول أن يرسم للبلد الصغير، الذي لا يكاد يرى على الخارطة، خارطة أخرى مصنوعة من نثار الأحلام ويوتوبيا الوعود المرجأة.
ومع ذلك فصوت وديع الصافي لا تتماهى حدوده مع حدود لبنان بل هو بفيض عن حاجة الجغرافيا الوطنية الضيقة ليلامس الوجدان العربي الأوسع حيث غنى لدمشق والقاهرة وعمان وتونس والكثير من مدن العرب وأصقاعهم البعيدة. وبغيابه الآن نشعر أن مساحة العذوبة والفرح ونشوة السماع الطربي والشعبي قد تقلصت إلى حد بعيد وأن شعوراً بالبرد، لا علاقة له بالشتاء، يخترق أوصالنا المكدودة وأحلامنا الآخذة في التضاؤل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.