يستعيد قدامى البحارة والصيادين في أملج أيامهم الخوالي ورحلات البحر بتفاصيلها قبل عشرات السنين حينما يجتمعون فترة العصر من كل يوم على رمال ساحل ميناء أملج القديم، يلعبون «السيجة» وهي لعبه شعبية قديمة منها الخماسية والثلاثية وكان البحارة قديماً يلعبونها لاستعادة الذكريات. وأجمع عدد من الصيادين أنهم في كل يوم يعودون إلى شاطئ البحر ، ويجلسون تحت ظلال السنابيك و«القطاير» وفوق رمال الساحل وبجوار الميناء الحالي، ويستعيدون أهوال البحر وذكريات الليالي المظلمة تحت رحمة الأمواج العاتية، مؤكدين أن هذه الجلسات تشهد تنافساً وإثارة ويتبادلون أحاديث الذكريات والمواقف التي لاتنسى في عرض البحر ولا يقطعها سوى مواراة قرص الشمس خلف مياه البحر وقرب موعد الإفطار. وتابعوا أن أحاديثهم لا تخلو من استرجاع أحاديثهم العذبة عن حياتهم في البحر مسترجعين ذكريات رحلات الصيد والعزبة والقرشه والغواصة. وأوضح محمد علي أبو رويعي أحد البحارة القدامى في املج أن هناك مفردات مهنية لعمل البحارة والصيادين قديما، مبيناً أن غالبية رحلاتهم تتجاوز مدتها الستة الأشهر، وتمر عليهم أشهر وهم يجوبون عرض البحار في طلب الرزق فتجد أحدهم يبحر لصيد السمك ويجلبه للسوق بأملج لبيعه والآخر لصيد السمك لغرض تجفيفه ويقوم بحراسته في الجزر القريبة من أملج مثل جزيرة أم سحر ، مردونة ، جزر الفوائدة ، وجبل حسان وغيرها وتستمر هذه الرحلة أياما طويلة حتى يجف السمك ويسمى بعد جفافه قشاط أو شريح ويستعيد العم أبو رويعي أجمل أيامه في البحر حينما يذكر رحلاتهم البحرية الطويلة للوصول الى موانئ السودان ، السويس وميناء بر عجم كما يسمى ولا ينسى الصعاب التي يواجهونها خلال هذه الرحلة من عناء وأهوال ومخاطر البحر بيد أن كثيرا من أهالي أملج تعرضوا للهلاك والموت غرقاً في أعماق البحر. ويتوقف أبو رويعي عن الحديث خنقته العبرة وذرفت عيناه دمعاً ليصارحنا بعدم مقدرته تمالك نفسه وهو يتذكر رفاق العمر ممن قضوا في البحر رغم مرور سنوات طويلة، طالباً منا إعفاءه من ذكر أسمائهم، واستدرك بقوله إنهم رجال شجعان بمعنى الكلمة والمثل يقول لارجال إلا رجال البحر ، إذ تجد لديهم الصبر والجلد على تحمل الصعاب متوكلين على الله سبحانه وتعالى لتسهيل أمورهم.