ذكرت المنظمة العربية للتربية والثقافة أن عدد الأميين العرب بلغ أكثر من 70 مليونا (ثلثاهم من النساء) في العام 2005 وبنسبة تتجاوز 35 % وهو ما يساوي ضعف معدل الأمية في العالم، أيضا مشكلات البطالة والفقر والجوع أصبحت سمة عامة في البلدان العربية قاطبة. من الدلالات الفاقعة على انسداد أفق التنمية المستدامة في البلدان العربية التدهور والتقلص الحاد لدور ومكانة الطبقة الوسطى التي تمثل دعامة الاستقرار والتوازن الاجتماعي والسياسي في المجتمعات الحديثة، حيث جرى تهميشها وإضعافها على جميع المستويات، وفي المقابل نشهد تعمق الفوارق الاجتماعية والطبقية في المجتمعات العربية بين الغالبية الساحقة من الناس وغالبيتهم من الشباب الذين يطحنهم الفقر والبطالة والحرمان وبين أقلية تمتلك وتحتكر الثروة. وفقا لتقرير أعدته أريبيان بزنس تضمن قائمة بأغنى 50 عربيا في عام 2010 وقد قدرت ثرواتهم بما يزيد على 245 مليار دولار، ومن بينهم 32 سعوديا يملكون ثروات تقدر ب166 مليار دولار وهو ما يفوق الدخل القومي لعدة بلدان عربية مجتمعة، علما ان التقرير لم يشمل أصحاب المليارات الذين يفضلون أن يكونوا في الظل. بالطبع لا نستطيع أن نحصر أو نختزل أسباب الثورات العربية في جانب أو بعد واحد فقط هو الجانب الاقتصادي/المعيشي. من الواضح أن هناك سمات عامة مشتركة للبلدان والمجتمعات العربية رغم تباين نظمها الحاكمة، وفي مستويات تطورها السياسي/الاجتماعي/الثقافي، ومدى الغياب أو الحضور النسبي لمؤسسات المجتمع المدني العابرة للهويات التقليدية الفرعية، وكذلك التفريق في طريقة و أسلوب تعامل الحكومات العربية مع تلك الأزمات والاحتجاجات كما حصل في تونس ومصر وكما هو الحال في ليبيا وسورية واليمن وغيرها، حيث منسوب القمع المرتفع وحيث الدماء سالت وتسيل بغزارة من جهة، وما هو حاصل في المغرب والأردن حيث يتم التغيير سلميا بوجه عام، ومن خلال إصلاح النظام وليس عبر إسقاطه من جهة أخرى. لكن في الحالات العربية المختلفة لا نستطيع تجاهل دور العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية المتردية والمتراكمة على مدى عقود، والتي كانت بحاجة إلى مجرد شرارة لتقوم بدور المحفز والمفجر للحراك الشعبي والشبابي العارم وغير المسبوق على امتداد العالم العربي، والتي يمكن اختزالها في بعدي الخبز والحرية في الآن معا.