أحياء الخبر الجنوبية تشكو الفقر، يسكنها عدد من السعوديين ذوي الدخل المحدود لعدم تمكنهم من الانتقال إلى أحياء راقية، وظلوا في تلك المباني القديمة بعد أن حاصرتهم العمالة بسبب ضعف حالتهم المادية، فيما سكنها آخرون من ذوي النفوس الضعيفة لأنهم وجدوا فيها ملاذا آمنا لارتكات الجرائم بعيدا عن أعين الجهات الرقابية. وفيما طالب سكان هذه الأحياء بتوفير العديد من الخدمات وإزالة المباني الآيلة فيها للسقوط، وتنظيفها من النفايات المتراكمة وسحب السيارات المتعطلة فيها، كشف رئيس بلدية الخبر المهندس عصام الملا، وجود مشاريع تطويرية في الخبر تتمثل في صيانة الأحياء وإنارتها، إعادة سفلتة الكثير من الشوارع، وقال «انتهينا من إنشاء قرية شعبية تعتمد على إنتاج الأسر المنتجة، إضافة إلى موقع المارينا والصالة الرياضية، وذلك ضمن مشروع سياحي كبير يتوقع أن تتضح معالمه خلال العام المقبل، بعد أن بدأ المستثمر في التحرك الإيجابي من خلال أخذ التصاريح والاستعداد للانطلاق الفعلي للمشروع الذي تعثر في الفترة السابقة، مبينا أنه رصد ما يقارب سبعة ملايين ريال لإنشاء السوق النسائية في الثقبة، مشيرا إلى بدء العمل في الحديقة المجاورة للسوق الحالية. ويعد حيا الثقبة والصبيخة من أكبر أحياء الخبر، سمي الأول ب «الثقبة» نسبة إلى عين الماء أو الثقب في الأرض، حيث كانت الثقبة منطقة مستقلة صغيرة تقع على الساحل وكانت منازلها من الخوص، نظرا لقربها من الميناء، حتى ضمت بعد ذلك إداريا إلى الخبر، فيما سمي الحي الثاني «الصبيخة» بهذا الاسم نسبة إلى أرضية الحي، التي كانت عبارة عن صبخة «سبخة» كبيرة؛ بسبب قربها من الشاطئ، ويسكن في الحيين حاليا أغلبية من العزاب والعمالة الآسيوية بعد أن هجرها الكثير من السكان السعوديين. ممرات ضيقة وقديمة وقال يوسف العلي (أحد السكان القدامى في الخبر الجنوبية) حي الصبيخة: إن التطور العمراني الذي شمل كل أحياء المنطقة الشرقية، لم تحظ به أحياء الخبر الجنوبية، فلا تشاهد فيها إلا الممرات الضيقة والشوارع المحفرة والقديمة، ويصعب على الفرد أن يسير عليها بسيارته، نزح منها غالبية سكانها الأصليين قبل أكثر من 20 عاما إلى أحياء أخرى بعد أن أجروا مساكنهم للعمالة الوافدة، ويأتي هجر الأهالي لها لعدم الاهتمام بها وعدم وجود آلية واضحة لتطويرها وانتزاعها من الحالة المتردية التي تعيش فيها منذ عدة سنوات. أعمال مخالفة أما المواطن موسى محمد (أحد سكان حي الثقبة) فقد وصف الحي ب «المهترئ للغاية»، وقال: شوارع هذا الحي مليئة بالحفريات والمطبات الصناعية والإزعاج الليلي، ويرجع ذلك لكثافة وجود العمالة الوافدة التابعة لمجموعة من الشركات اختارت الثقبة مقرا لسكن عمالها، حيث تنفذ الجهات الأمنية بين فترة وأخرى عملية دهم لمنازل الحي يلقى خلالها القبض على عدد من المخالفين، لافتا إلى أن طبيعة التركيبة السكانية غير المتجانسة داخل الحي هي ما أفرزت مثل هذه الأعمال المخالفة لقيم المجتمع ومعتقداته. شوارع مظلمة وبين المواطن سعد السبيعي، أن أحياء الخبر الجنوبية تشتكي من وجود الكثير من الشوارع بلا إنارة، وتجاهل نقل أكوام النفايات المكدسة بين المنازل لأيام متتالية، مضيفا بأن فصل الصيف يكاد يكون الأسوأ لسكان الحي بسبب كثرة الحشرات والذباب مع اختفاء وسائل رش المبيدات. أما الموطن محمد العيسى، فقد أوضح بأن حي الثقبة أصبح للعزاب؛ بسبب رخص الإيجارات وتحوله إلى حي شعبي بسبب البنيان القديم الذي يغلب عليه، مضيفا «أن الكثير من سكان الحي يعانون من وجود العديد من المشكلات المتغلغلة داخل تركيبته السكانية، حيث تم أخيرا رصد نحو 10 في المائة من حالات تدخين السجائر والشيشة وتعاطي المخدرات بين سكان الحي، وتمثل المشكلات الصحية 30 في المائة من مشكلات الحي، إضافة للمشكلات الاجتماعية، وجاءت البطالة من أبرز المشكلات التي تواجه أحياء الخبر الجنوبية، خصوصا حي الثقبة». وأكد الموطن يوسف الفاضل، أن الكثير من المشاهد والوقائع التي تسجلها شرطة محافظة الخبر لحالات السكر وتصنيع الخمور وترويجها تكون في حي الصبيخة، إضافة إلى الحالة الصحية المتردية في الحي، حيث يتكدس أكثر من 12 شخصا في غرفة واحدة، لا تتجاوز مساحتها 4 في 4، ويكون في العمارة الواحدة أكثر من 12 شقة، أي 144 عاملا، وقال «إن العديد من المنازل والعمائر على مثل هذا الوضع في حي الصبيخة»، مطالبا بتكثيف تواجد الدوريات الأمنية في كافة أحياء الخبر، خصوصا الجنوبية منها. منازل آيلة للسقوط وأشار المواطن محمد الفرج إلى انتشار عدد من البنايات والمستودعات الآيلة للسقوط والتي كتبت عليها بلدية الخبر «تزال فورا» ولكنها ظلت محتفظة بمكانها على الرغم من تحديد مدة الإزالة عليها، وطالب الفرج بسرعة إيجاد حلول سريعة لتنظيف أحياء الخبر من المباني الآيلة للسقوط وكف خطرها على السكان، بالإضافة إلى سحب السيارات المتعطلة والمتكدسة في الشوارع وإزالة النفايات المتراكمة. تشتهر الأحياء الجنوبية في الخبر بإيوائها للعمالة الهاربة، فقد نظمت الجهات الأمنية عددا من الحملات الميدانية ففي حملة واحدة ضبط 714 مخالفا لنظام الإقامة، منهم 112 في قضايا تزوير، وامرأتان تديران شبكة لتشغيل الخادمات. وشملت تلك الحملات حي الصبيخة وعددا من الأحياء الجنوبية في الخبر التي تتواجد فيها العمالة بشكل لافت، وألقي القبض على عدد من المخالفين الذين يحملون إقامات مزورة يصعب كشفها إلا على ذوي الخبرة، فيما قبض على وافد من جنسية أفريقية يحمل إقامة لا تخصه وأتضح أنه من أصحاب السوابق الذين تم ترحيلهم سابقا، إضافة إلى ضبط مخالفين دخلوا البلاد بطريقة غير نظامية. وتسعى الجمعيات الخيرية والتطوعية في أحياء الخبر الجنوبية لانتزاع تلك الأسر من خط الفقر، فقد أثبتت جمعية ود الخيرية للتكافل والتنمية الأسرية في الثقبة نسب أكثر من 100 عائلة من مجهولي النسب بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة. إلى ذلك، أوضحت رئيسة الجمعية نعيمة الزامل، أن في حي الثقبة ثلاثة أنواع من مجهولي النسب هم: مجهولو النسب القادمون من خارج المملكة، مجهولو النسب بسبب إهمال الوالدين ومجهولو النسب بسبب ضعف ثقافة إثبات النسب، مؤكدة بأن الجمعية وجدت تعاونا من كافة الجهات ذات العلاقة في كل من الرياض، جدة، وجازان. 3 مراكز صحية جديدة من جانبه، بين مدير عام المراكز الصحية في الخبر الدكتور خالد العيسى، أن في الخبر ثمانية مراكز قائمة هي: «بترومين، الراكة، الدوحة، العقربية، الخبر الجنوبي، ابن حيان، الإسكان، والبايونية» مشيرا إلى أنه يجري العمل حاليا على إنجاز ثلاثة مراكز جديدة هي: «الدانة، الجسر، والخزامى» موضحا أن المرحلة الرابعة ستشهد تطوير المراكز الصحية وإطلاق المزيد من المشاريع لاستيعاب أكبر عدد من المرضى في أحياء الخبر. وأضاف أن العمل جار على الانتهاء من مستشفى الخبر الحكومي الجديد الذي يتسع ل500 سرير وأنجز العمل فيه بنسبة 30 في المائة، ويتوقع الانتهاء منه بالكامل خلال الفترة القليلة المقبلة، لينضم إلى كوكبة المشاريع الصحية في الخبر، ويقضي بذلك على طول المواعيد والضغط على المستشفيات الأخرى.
