حين أعلنت دولتا الفلبين وإندونيسيا قراراتهما القاضية بتعديل شروط تصدير العمالة للعمل في المملكة، تضايق الناس بسبب ما طرأ من زيادة في الأجور وتعقيد في إجراءات الاستقدام، فذلك بالنسبة لهم يعني أنهم قد لا يتمكنون من استقدام الخدم، أو أنهم لن يتمكنوا من استقدام أعداد كبيرة منهم كما اعتادوا. وفي رأيي أن ما فعلته الدولتان كان سلوكا طبيعيا منهما، يهدف إلى حماية مواطناتهما وحفظ حقوقهن، وذلك بعد أن تصاعدت أعداد النماذج الرديئة من التعامل مع الخدم التي أظهرها البعض في مجتمعنا، سواء من حيث أكل حقوق الخادمات المادية أو إساءة معاملتهن أو تعذيبهن وإيذائهن، إلا أن البعض رأى في ذلك التصرف من الدولتين عقابا جماعيا ينال كافة المجتمع السعودي جراء وقوع بعض أفراده في الخطأ. ومن الواضح أن ضيق الناس بما وضعته الدولتان من عقبات نحو استقدام الخادمات، ناجم من التخوف من فقد حياة الرفاهية والترف التي ألفوها بوجودهن. فبفضل الفلبين وإندونيسيا تكاد لا تجد بيتا يخلو من الخدم، بصرف النظر عن الحالة الاقتصادية لأهل البيت، وأعرف بعض العاملات البسيطات اللاتي لا تكاد مرتباتهن تسد احتياجاتهن الضرورية يستقدمن خادمات، ولا يترددن أن يتسولن تكاليف الاستقدام أو تجديد الإقامة وإجراءات الكشف الطبي لخادماتهن! هذه الحياة المترفة الهينة اللينة التي تعيشها بيوتنا بفضل نساء الفلبين وإندونيسيا، لا تعدم أن تجد من حين لآخر من يظهر لينتقدها ويسرف في النقد واللوم، مثل القول إن وجود الخادمات علم أولادنا الاتكالية، وعودهم على الكسل، وجعلهم يتخلون عن حمل المسؤولية، ويبتعدون عن الحياة التعاونية بين أفراد الأسرة. أو مثل ما يردده كثيرون بتذمر بالغ، من أن أطفالنا صاروا مهملين في رعاية الخادمات، وأنهم ساءت لغتهم لكثرة اختلاطهم بهن، كما ساءت تربيتهم وفقدوا اكتساب القيم الصالحة، إلى آخر تلك المعزوفة التربوية النائحة على حالنا المتردية بسبب وجود الخادمات في بيوتنا. ولكن بمجرد ما ظهرت في الجو بوادر التعذر في استقدام الخادمات، ضاقت الصدور، واكتأبت النفوس، وهاج الناس وماجوا في نقد الحكومتين الفلبينية والإندونيسية، واشتعلت الحماسة في بذل الجهود الحثيثة للتوصل إلى حلول تزيح ذلك الكابوس، وتعيد سيل الخادمات إلى تدفقه. أما كان الأولى بالناس أن يرحبوا بتلك الأزمة، فهي تتيح لهم فرصة العودة إلى حياتهم السابقة، التي يكثرون من تذكرها والتغني بجمالها، حياة ما قبل الفلبينيات والإندونيسيات حين كان استئجار الخدم محدودا في نطاق ضيق. معظم شعوب العالم يعيشون معتمدين على أنفسهم في إنجاز أعمالهم الخاصة، والقادرون ماديا منهم قد يستعينون بمساعدين لبضع ساعات في اليوم أو في الأسبوع، ونادرا أن تجد بيوت الطبقة الوسطى تفيض بالخدم كما تفيض بيوتنا، والبركة في الفلبين وإندونيسيا. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة