الجبير يرأس وفد المملكة المشارك في القمة العربية ال(34)    "أنعش قلبي".. نادي الشرق بالدلم يطلق مبادرة رياضية بمشاركة مشاة من مختلف المناطق    اختتام منافسات الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا كسر الزمن 2025    غدًا.. الهلال يتوج باللقب في ختام الدوري الممتاز للكرة الطائرة    نائب وزير "البيئة": ارتفاع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج الإجمالي إلى (114) مليار ريال وحائل تساهم ب (10%)    سمو أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج 100 صحفي وإعلامي    وزارة الشؤون الإسلامية تبدأ باستقبال أول وفود الحجاج عبر منفذ البطحاء    انطلاق المعسكر الإعدادي للكشافة والجوالة المشاركين في معسكرات الخدمة العامة لحج 1446ه في تقنية الرياض    أرتيتا يعتقد أن عصر "الستة الكبار" في الدوري الإنجليزي انتهى    أنشيلوتي: برشلونة بطل الدوري الإسباني قدم كرة قدم جميلة    وزير الصحة يكرم تجمع الرياض الصحي الأول نظير إنجازاته في الابتكار والجاهزية    توطين الصناعة خارطة طريق اقتصادي واعد    هلال جدة يتوج بلقب الغربية في دوري الحواري    رقم سلبي لياسين بونو مع الهلال    استشهاد 13 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة    استمرار ارتفاع درجات الحرارة ونشاط الرياح المثيرة للأتربة على عدة مناطق في المملكة    أكثر من 6000 حاجاً يتلقون الخدمات الصحية بمدينة الحجاج بمركز الشقيق خلال يومين    القاسم يقدم ورشة بعنوان "بين فصول الثقافة والصحافة"    جمعية نماء تنفذ برنامجًا شبابيًا توعويًا في بيت الثقافة بجازان    إطلاق النسخة التجريبية لأكبر مشروع للذكاء الاصطناعي في المسجد النبوي    اتفاقية تعاون بين قدرة للصناعات الدفاعية وفيلر الدفاعية لتعزيز الصناعات العسكرية بالمملكة    تشلسي يفوز على مانشستر يونايتد في الجولة ال (37) من الدوري الإنجليزي    الفريدي يحصل على الماجستير في الإعلام الرقمي    محافظ الزلفي يدشن ملتقى الباب للتمكين التقني    المملكة تحتل المركز الثاني عالميًا بعد الولايات المتحدة في جوائز "آيسف الكبرى"    النفط يتجه لثاني أسبوع من المكاسب    النصر يتعادل إيجابياً مع التعاون في دوري روشن للمحترفين    الRH هل يعيق الإنجاب؟    الرياض عاصمة القرار    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 23 جائزة في مسابقة آيسف 2025    سلام نجد وقمة تاريخيّة    سيرة الطموح وإقدام العزيمة    سمو الأمير سلطان بن سلمان يدشن "برنامج الشراكات العلمية العالمية مع أعلى 100 جامعة " مع جامعة كاوست    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 53,119 شهيدًا    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقرّبوا إلى الله بالفرائض والنوافل.. ولا وسائط بين العبد وربه    نائب رئيس جمعية الكشافة يشارك في احتفالية اليوبيل الذهبي للشراكة مع الكشافة الأمريكية في أورلاندو    أمانة القصيم تطرح فرصة استثمارية لإنشاء وتشغيل وصيانة لوحات إعلانية على المركبات بمدينة بريدة    جمعية تعظيم لعمارة المساجد بمكة تشارك في معرض "نسك هدايا الحاج"    زمزم الصحية تشارك في فرضية الطوارئ والكوارث    أمين الطائف" يطلق مبادرةً الطائف ترحب بضيوف الرحمن    46٪ لا يعلمون بإصابتهم.. ضغط الدم المرتفع يهدد حياة الملايين    مبادرة طريق مكة والتقدير الدولي        "الصحة" تُصدر الحقيبة الصحية التوعوية ب 8 لغات لموسم حج 1446ه    ضبط مصري نقل 4 مقيمين لا يحملون تصريح حج ومحاولة إيصالهم إلى مكة    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    نائب أمير الرياض يطّلع على برامج وخطط جائزة حريملاء    تحذيرات فلسطينية من كارثة مائية وصحية.. «أونروا» تتهم الاحتلال باستخدام الغذاء كسلاح في غزة    جناح سعودي يستعرض تطور قطاع الأفلام في" كان"    أكد أن كثيرين يتابعون الفرص بالمنطقة… ترامب لقادة الخليج: دول التعاون مزدهرة.. ومحل إعجاب العالم    أسرتا إسماعيل وكتوعة تستقبلان المعزين في يوسف    رؤيةٌ واثقةُ الخطوةِ    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    عظيم الشرق الذي لا ينام    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحسم والإنذار للأئمة المُصرين على إطالة خطب الجمعة
نشر في عكاظ يوم 26 - 08 - 2010

أوضح وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق السديري أن الوزارة حثت الأئمة والخطباء على اتباع السنة النبوية، وأن يراعوا أحوال الناس، مشددا على أن هذه الأمور من فقه الإمام.
وأضاف السديري «دائما ما تؤكد الوزارة على هذه الأمور وتتابع الحالات المخالفة التي ترد حولها شكاوى، كما أنها تهتم بالملاحظات التي تأتيها من فروع الوزارة في مناطق المملكة، وتؤكد خلال لقاءاتها مع الأئمة والتعاميم التي ترسلها على ضرورة اتباع السنة كما ورد في حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة في فقه، أوكما قال عليه الصلاة والسلام».
ودعا السديري الأئمة والخطباء إلى اتباع السنة النبوية في خطبهم ومراعاة أحوال الناس وعدم إرهاقهم بطول الخطبة والامتثال للهدي النبوي رحمة بالمسلمين.
وأرجع رئيس لجنة إعادة تقييم الأئمة والخطباء في فرع وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض الدكتور عزام الشويعر إطالة الخطباء للخطب بقلة الفقه، وقال «من يفعل ذلك لايفقه سنة النبي لأن سنة الرسول في خطب الجمعة قصر الخطبة وإطالة الصلاة، مشيرا إلى أن خطب الرسول كانت قصيرة موجزة بليغة مع أن الناس في عهده حديثوا عهد في الإسلام وبحاجة لفهم الأمور الشرعية.»
وشدد الشويعر على أن الدراسات النفسية والاجتماعية أثبتت أن إطالة الخطبة تقفد الخطبة أهميتها إذا يصيب المصلين بالسرحان وعدم التركيز.
وأوضح الشويعر أن سبب إطالة خطب الجمعة من خلال الحالات التي تم ضبطها في المساجد كانت أغلبها تتركز في جهل الخطيب للفقه.
مبينا أن الوزارة تقوم بلفت نظر الخطيب وبعدها يتم توجييه بأن قصر الخطبة هي السنة وليست إطالتها، مشددا على أن كثيرا منهم يحب الخير فيبدا بالاقتناع.
وأفاد الشويعر أن الوزارة تتببع خطوات معينة في حال ورد لها شكوى عن خطيب يطيل خطبتها أو تم وضع ملاحظة عليه من قبل مراقبي الوزارة أولها يتم اتسدعاؤه للوزارة والجلوس معه ويتم تبين خطئه ومخالفته لسنة الرسول ثم يلحق بدورة شرعية مكثفة يعطى فيها أساسيات خطبة الجمعة ضمن المنهج النبوي، موضحا أنه في حال ثبت تكرار الإمام لهذا الخطأ فإنه يستدعى من قبل لجنة المخالفات في الوزارة وتطبق بحقه العقوبات من الخصم أو لفت النظر والإنذار، مفيدا أن كثيرا من الحالات سرعان ما تستجيب ومن النادر أن يكرر الإمام هذا الخطأ في حال تنبيهه، ونفى وجود أي قيد طي للإمام بسبب إطالة الخطب.
وأشار الشويعر إلى أن جل الأئمة والخطباء يلتزمون في حال لفت نظرهم وكثير منهم يقصر خطبته ويعالجون أو ضاعهم، مفيدا أن الوزارة توجه الخطباء بتقسيم المواضيع على خطب الجمعة بدل من حشر عدة مواضيع في خطبة واحدة حتى يستوعب الناس، إضافة لضرورة أن يراعوا فهم الناس ويعالجوا قضايا تهمهم.
وأرجع سبب إطالة الخطب إلى قلة الفقه والحماسة وحب الخير للناس، مفيدا أن كثيرا ممن يقع منهم في هذه الأخطاء هم خطباء شباب، وأوضح الشويعر أن الوزارة تستقبل شكاوى المصلين على الإمام في حال إطالته للخطبة في فروع الوزارة ومن ثم تقوم بالتحقق منها واتخاذ اللازم للخطيب المخطئ.



تذمر «أبو محمد» الرجل الكبير في السن من طول خطبة جمعة خطيب مسجد الحي ففي كل أسبوع يتكدس أغلب المصلين على باب المسجد ينتظرون حتى ينتهي من خطبته التي قد تستغرق في بعض الأحيان أكثر من 40 دقيقة في ظل الأجواء الحارة وخلال يوم صيام شاق، إلا أن الخطيب لايعبأ بهذه الأمور ويواصل إلقاء موعظته دون اهتمام بكبير بالسن لايستطيع الجلوس لفترة طويلة أو مريض أحب أن يكتسب الثواب وحضر بنفسه للمسجد لحضور الخطبة والصلاة.
حال أبو محمد يتكرر مع العديد من المصلين في بعض مساجد المملكة في ظل كثرة عدد المساجد التي تقام فيها الجمعة والتي يخطب فيها أكثر من 35 ألف خطيب مع قلة عدد المراقبين وصعوبة الوصول إلى بعض المساجد في القرى والهجر رغم جهود وزارة الشؤون الإسلامية في هذا المجال، مما يستوجب أن يكون لدى الخطيب فقه واسع ومعرفة بالنهج النبوي في خطبة الجمعة ومما يضيع الفائدة على المصلين.
تكتسب خطبة الجمعة أهمية خاصة كونها تعد جزءا من الصلاة وهي رسائل وعظية ونفحات أسبوعية يتلقاها المصلون يذكرهم فيها الخطيب بالله عز وجل يأمرهم فيها بالمعروف وينهاهم فيها عن المنكر ويناقش القضايا والأحكام التي تهمهم في دينهم ودنياهم، وكلما كانت الخطبة موجزة وقصير وبليغة كلما كانت أكثر تأثيرا في النفوس ونفعا وإرشادا وبالتالي تتحقق الفائدة التي شرعت من أجلها الخطبة، وفي الآونة الأخيرة ظهر بعض الخطباء التي يطيلون خطبهم إما لقلة وعيهم وفقههم وحماسهم الشديد مما يصيب الكثيرين بالململ الشديد وقد يتضرر البعض خصوصا في ظل وجود كبار السن والمرضى والمصلين خارج المسجد تحت أشعة الشمس الحارقة وهذا أمر غير جائز شرعيا وإنسانيا «عكاظ» ناقشت موضوع خطب الجمعة ومراعاة أحوال الناس خصوصا في فصل الصيف وفي شهر الصوم مع العلماء والفقهاء وعلماء النفس وكيفية حل هذه الظاهرة وصولا للنهج النبوي في خطب الجمعة وخرجت بالمحصلة التالية:
وصف عضو هيئة كبار العلماء رئيس مجلس القضاء الأعلى إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور صالح بن حميد أن الخطبة تأثيرها ليس بإطالتها وإنما بالكلمة الموجزة البليغة، مضيفا «تأثير الخطيب في سامعيه ليس بالإلزام أو بالإفحام، بل مرده إلى إثارة العاطفة وحملهم إلى الإذعان والتسليم وهذا لايكون إلا بخطبة موجزة بليغة قصيرة الزمن حتى لايتململ المستمع، ولايكون ذلك أيضا بالدلائل المنطقية تساق في المتن جافة، ولا بالبراهين العقلية تقدم عارية، ولكن تقدم الخطبة بإثارة العاطفة ومخاطبة الوجدان ومراعاة أحوال الناس والإيجاز البليغ».
وشدد بن حميد على أن مهمة خطيب الجمعة شاقة تحتم عليه أن يستعد الاستعداد الكافي لها في صواب الفكر وحسن التعبير وطلاقة اللسان وجودة الأداء، مبينا أن الخطيب بلسانه ورقة جنانه وتجرده يقتلع جذور الشر من نفس المجرم ويبعث في نفسه خشية الله وحب الحق وقبول العدل ومعاونة الناس، مؤكدا أن الخطبة الناجحة هي التي ترنو إلى عملية إصلاح الضمائر وإيقاظ العواطف النبيلة في نفوس الأمة وبناء الضمائر الحية وتربية النفوس العالية في عمل خالص وجهد متجر، يرجو ثواب الله ويروم نفع الناس.
وخلص بن حميد إلى أنه لايمكن لصاحب فكره أن ينجح أو ينتصر ذو حق أو يفوز داعية إصلاح إلا بالكلمة البلغية الموجزة والحجة الظاهرة والخطبة الباهرة.
النهج النبوي
وبين عميد كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سعود الفنيسان النهج النبوي في خطبة الجمعة بقوله «خطبة الجمعة يجب أن تكون كما جاء في السنة النبوية (من فقه الرجل قصر خطبته ومؤونة في صلاته) أو كما جاء في الحديث وهذا يعني أن تؤدي الصلاة باطمئنان وتودة وخشوع، مضيفا «النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت خطبته قصيرة جدا وعدد جمله تعد عدا وتمتع بالشمول وتراعي أحوال ومستويات فهم الناس» ، ودعا الفنيسان الخطباء بالتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم في كيفية خطبته وأن يراعوا احتياجات المصلين وأن لايطيل خطبهم، مشيرا إلى وجود فئة من الخطباء الشباب اليوم يطيلون خطبهم والتي تتجاوز النصف الساعة وتصل أحيانا إلى الساعة، موضحا أنه هذا الفعل غير مطلوب لادينا ولا إنسانيا فهناك بين المصلين العاجز والمريض وكبير السن، وقال الفنيسان «من يطيل خطبته ولايراعي أحوال المسلمين قد يأثم بفعله هذا إن كان في إطالة الخطبة ضرر للمصلين»، مستشهدا بحادثة معاذ بن جبل عندما عاتبه الرسول لإطالته في صلاته وقال له «أفتان أنت يامعاذ»، مؤكدا أنها رسالة لكل إمام وخطيب أن يتأسى بسنة وهدي الرسول في الصلاة والخطبة حتى تتحقق المصلحة العليا للإسلام والمسلمين ولفت الفنيسان إلى أن يوم الجمعة يتميز عن باقي الأيام كونه يوم عيد المسلمين الأسبوعي وإطالة الخطبة بشكل ممل وواضح أمر قد يفسد على المسلم راحة نفسه ويلحق به الضرر إذا كان يعاني ضررا أو كبر سن أو يصلي تحت أشعة الشمس الحارقة، داعيا الأئمة بأن يكونوا على وعي عالٍ بأحوال واحتياجات المسلمين وقدوتهم في ذلك الرسول.
مراعاة احتياجات الناس
ووافق المشرف على كرسي الأمير سلطان للدراسات الإسلامية المعاصرة أستاذ العقيدة في جامعة الملك سعود الدكتور خالد القاسم، رأي الفنيسان بكثرة الخطباء الذين يتجاوزن الوقت في خطبة الجمعة والتي يجب ألا تتجاوز العشر دقائق إلى ربع ساعة كأكثر حد وفق السنة النبوية، وذهب القاسم إلى اتهام بعض الائمة بإضرار الناس من خلال عدم مراعاتهم للمصلين خارج المسجد خصوصا تحت أشعة الشمس في فصل الصيف وفي شهر رمضان، مؤكدا على أن ذلك مخالف للنهج النبوي الذي كان يقصر صلاته عندما يسمع بكاء طفل، ولفت القاسم إلى أن المشكلة تكبر وتتعاظم عندما يطيل الخطيب خطبته في كلام غير مفيد للناس ولا يراعي أحوالهم واحتياجاتهم وفهمهم، مشيرا إلى أنه لكل وقت مواضيعه التي تناسبه ففي رمضان يناقش الإمام مواضيع مناسبة للشهر مثل "الحكمة من الصيام، وحسن الخلق، والصبر، وأداء الزكاة، وجهاد النفس، وغيرها من الأمور إضافة لربطها بالأمور الحياتية ووصف القاسم بعض الخطباء بالمهملين لقضايا مهمة وحيوية تسهم في تقدم الأمة مثل الإخلاص في العمل والتكسب في الحلال.
ودعا القاسم الأئمة إلى أن يراعوا وقت وموضع الخطبة حتى تكون أكثر تأثيرا في النفوس واستيعابا من قبل المصلين، ووضع القاسم الروشتة الشرعية للخطيب حتى يقدم خطبة مثالية ويؤدي رسالته على أكمل وجه وهي تكمن في ثلاثة شروط أولها «أن لاتكون الخطبة طويلة بحيث لايضيع المستمع بين أول الكلام وآخره»، ثانيها «أن تراعي الخطبة أحوال واحتياجات الناس» ثالثها «أن يكثر الخطيب من الاستدلال بالقرآن والسنة. وأن لايقصر الكلام على النواحي الفلسفية فقط والتنويع في كلام الخطبة بين الشعر والكلام المأثور في عبارات بليغة وموجزة وسهلة».
تطوير المحتوى
ولم تقف مشكلة الإطالة في خطبة الجمعة عند حد الإطالة فقط، بل ذهبت القضية إلى مشكلة أكبر عندما بين الكاتب محمد عبد الله الحميد أن بعض الأئمة يخرج عن هدف خطبة الجمعة ويطيلها بالدخول في مناقشات سياسية وحزبية والإطالة في أمور تصنيفية تفرق بين المسلمين وتشق صفوفهم وتضر مصالحهم،مشددا على أن الدعوة إلى تقصير الخطبة يجب أن يواكبها دعوة لتطوير فحواها، ولفت الحميد إلى أن بعض خطباء الجمعة يطيلون خطبهم باستعراض عضلاتهم لغويا بالتقعر والتنطع في الكلام مما يساهم في تملل المستمعين، مؤكدا أن هذه الأمور لاتجوز شرعا؛ لأنها قد تلحق ضررا بالمصلين خصوصا إذا كانوامن كبار السن والمرضى أو من يصلون تحت أشعة الشمس الحارقة في فصل الصيف، مشددا على إطالة خطبة الجمعة لاتحقق المصلحة التي وجدت من أجلها، بل تساهم في ضرر البعض.
وفي الوقت الذي رأى الحميد أن مشكلة الإطالة بالخروج عن المحتوى والتقعر في الكلام أرجع مستشار وزير الشؤون الإسلامية عضو لجان المناصحة الدكتور ماجد المرسال ذلك إلى قلة فقه الخطيب، إضافة لقيام بعض الخطباء بأخذ الخطب الجاهزة من الكتب والإنترنت ويقرأها كاملة دون أن يعي معناها فضلا عن أن يستوعبها المصلون، مشددا على أن الخطبة الجيدة المؤثرة هي الخطبة التي يراعى فيها الزمن وألا تزيد عن ربع ساعة.
قلة التركيز
واعترف المرسال بوجود أئمة وخطباء لايراعون الازدحام الذي يحدث في المساجد مما يدفع بعض المصلين إلى الصلاة خارج المسجد تحت أشعة الشمس الحارقة ويتضرروا من طول خطب الجمعة، ولفت المرسال إلى مشكلة أخرى تجعل الفائدة من خطب الجمعة تنعدم بإطالتها وهي قلة تركيز الناس.
وهو ما أكده استشاري الصحة النفسية في مستشفى الأمل في جدة الدكتور محمد أيمن العرقسوسي؛ أن تركيز الإنسان يقل بعد 40 دقيقة، موضحا أن الخطبة إذا طالت عن عشرين دقيقة فإنها ستقل فائدتها؛ لأن المصلي قد يصاب بالسرحان وعدم التركيز، مبينا أن الإمام يجب أن يراعي أن الوقت منذ الأذان إلى نهاية الصلاة يجب ألا تتجاوز 40 دقيقة ويقسمها بشكل متوازن حتى يستوعب المصلون مضامين الخطبة ويتفاعلون معها بشكل كبير، وأفاد العرقسوسي أن نجاح الخطيب بإيصال الخطبة يكمن في قصر الخطبة تنوع أساليب الخطيب بالتحول بالنصيحة بدلا من إعطائها كجرعة واحدة، إضافة لطرح مواضيع تلمس احتياجات الناس وطبيعة الوقت والزمان، مؤكدا أن تقصير الإمام للخطبة وتنويعه فيها ينشط الذاكرة والذهن ويصبح المصلي أكثر تقبلا للنصح والموعظة وأبعد عن السرحان وبالتالي تتحقق المصلحة الكبرى من خطبة الجمعة، مشيرا إلى أن بعض الخطباء لايلتزمون بهذه القواعد ولايحسبون حسابا للعوامل النفسية والاجتماعية للمصلي مما يقفد الخطبة قوتها وتأثيرها .
رأي الخطباء
وأمام المد الكبير من الاتهامات التي طالت الخطباء بإطالة الخطب وعدم مراعاة أحوال الناس انقسم الخطباء بين مؤيد لهذه الاتهامات ومتحفظ عليها ففي حين أيد عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى خطيب مسجد فقيه في مكة المكرمة الدكتور أحمد بن نافع المورعي بقوله «انتشر في الآونة الأخيرة بعض الخطباء الذين يطيلون خطبهم والسبب في دلك توسعهم في عرض الموضوع والخروج عنه كثيرا»، مضيفا «لو التزم الخطباء بنهج الرسول صلى الله عليه وسلم لكانوا أدوا وظيفتهم على أحسن مايرام بإيصال الفكرة للناس دون إطالة أو إلحاق ضرر» واستذكر المورعي خطب الشيخ عبد الله خياط إمام وخطيب المسجد الحرام التي كانت لا تتجاوز السبع دقائق وكانت من أروع الخطبة وأكثرها إيجازا ووصولا لإفهام المستمعين.
واستدل على فائدة الخطبة القصيرة حينما خطب المورعي خطبة للرسول صلى الله عليه وسلم لم تتجاوز في وقتها دقائق وكانت بليغة للغاية وقلت في نفسي ما أبلغ هذه الخطبة، بل إني فوجئت أن الناس قد استوعبوا الخطبة أكثر من الخطب التي نعدها في هذا العصر.
لكن عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى خطيب مسجد الفارسي الدكتور محمود حسن زيني اعترض على قضية اتهام الخطباء بالإطالة وقال «لايصح التعميم وهذه القضية شاذة وحالات فردية يجب معالجتها والالتفات لها».
مبينا أن كثيرا من الخطباء يلتزمون بوقت الخطبة ولايتجاوزون العشرين إلى الثلاثين دقيقة كأقصى حد، داعيا إلى تطوير محتوى الخطبة، مشيرا إلى أن مشكلة خطب الجمعة ليس في الوقت وإنما في مضامين ومحتوى هذه الخطب، مطالبا الوزارة بعمل دورات تأهيل للخطباء الشباب حتى يؤدوا رسالة الخطبة بشكل مثالي ووفق المنهج النبوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.