أثناء اجتماع عقد مطلع الصيف في مقر وزارة الثقافة الفرنسية في باريس بترتيب من السفير المثقف الدكتور محمد آل الشيخ ضم مثقفين سعوديين ومساعد وزير الثقافة الفرنسي، كان الزميل العكاظي عبدالله الأحمري يتولى مهمة الترجمة بين اللغتين العربية والفرنسية ورغم مهارة الترجمة إلا أن أي حوار ثنائي يفقد الكثير من حيويته عندما يمر بقناة الترجمة! عقب نهاية الاجتماع خرج مساعد الوزير بصحبة ضيوفه في جولة في حديقة المبنى العتيق الذي تشغله مكاتب الوزارة وفاجأني أنه يتحدث اللغتين العربية والإنجليزية وعندما سألته ألم يكن من الأسهل لو أننا تبادلنا أحاديثنا خلال الاجتماع بشكل مباشر، توقعت جوابا لا يخرج عن دائرة الكبرياء الفرنسي التقليدي المعتز بالثقافة الفرنسية، لكنه قال إنه من الممنوع عليه أن يتحدث بغير اللغة الفرنسية في الاجتماعات الرسمية التي تعقد في الوزارة! على الفور تذكرت العديد من الاجتماعات والندوات والمنتديات التي تعقد عندنا بحضور الزوار الأجانب وتكون فيها اللغة الإنجليزية لغة التخاطب الأولى بدلا من اللغة العربية فشعرت بالأسى على اعتزاز مفقود عند البعض منا بلسانهم العربي الفصيح مقابل انبهار زائف ومصطنع باللسان الأجنبي ينسحب حتى على تخاطبهم مع بني جلدتهم فتبدو لغتهم كالهجين الذي لا هوية له! لم تكن تلك ملاحظة المقارنة الوحيدة خلال الاجتماع بالمسؤول الفرنسي بل كانت أيضا طاولة الاجتماع الفقيرة حد الخلو حتى من قنينة ماء واحدة أو ورقة يتيمة لتدوين الملاحظات، وقارنتها على الفور بطاولاتنا التي نفرشها للضيوف الأجانب بباقات الورود الملونة وكراسات الملاحظات الجلدية الفاخرة وكؤوس العصائر الطبيعية وصحون «البيتي فور» والحلويات الشهية وأباريق الشاي والقهوة اللامعة وقناني مياه «الإيفيان» الفرنسية! ترى هل هذا هو سر نجاحهم وتفوقهم في الغرب .. ثقة بالنفس، اعتزاز بالهوية، اهتمام بالمخبر لا المظهر؟! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ 153بالرمز مسافة ثم الرسالة