أبرز 3 مسببات للحوادث المرورية في المنطقة الشرقية    دول عربية وإسلامية ترحب بإعلان "حماس" تسليم غزة للجنة إدارية فلسطينية    بدء أعمال التسجيل العقاري ل 115 حيا بالرياض والقصيم والمنطقة الشرقية    بر العالية " تفعل مبادرة وطنية    الأرصاد تتوقع أمطارًا غزيرة على جازان وعسير وجريان السيول في عدد من المناطق    كاتب نرويجي يشيد بتجربة المشي في الرياض    الإدارة تسرق كوادرنا الصحية    مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير تنفذ برنامج تبادل الزيارات بين المعلمين    «أخضر الناشئات» يستعد في الدمام    فيريرا: فيليكس يلعب بثقة    الذهب يسجل أعلى مستوى قياسي محققاً مكاسب أسبوعية سابعة قوية    توازن السوق العقاري    معرض الصقور.. يجذب الأنظار    «الدراسات العسكرية» إضافة تثري القارئ عبر «الرياض»    "الإنتربول السعودي" يشارك ضمن جناح وزارة الداخلية في "معرض الصقور'    ربع مليون ريال.. بيع صقرين من منغوليا لأول مرة في معرض الصقور    بدء انتخابات مجلس النواب المصري 7 نوفمبر المقبل    كارينيو: الهلال يستطيع اللعب في أي دوري عالمي    اليوم.. آل الشيخ يكشف تفاصيل موسم الرياض 2025    قمة الدوري الفرنسي تجمع باريس وليل    الأخضر يكثف تحضيراته لمواجهة نظيره الإندونيسي    إنزاغي والهلال.. حين يتحول النقد إلى سطحية    «سكوتر» الدوريات يلفت الأنظار بمعرض الصقور    بهدف تطوير ورفع كفاءة منظومة العمل بالعاصمة.. إطلاق برنامج «تحول الرياض البلدي»    1568 مرشحاً يتنافسون على 140 مقعداً.. انطلاق الانتخابات البرلمانية في المحافظات السورية    بحضور سفراء ورجال أعمال .. بالخيور وكويتي يحتفلان بعقد قران مؤيد ولمار    مجاهد يستقبل نهى    والدة الشنقيطي في ذمة الله    أكد أن مشروعه يركز على إعادة البناء.. رئيس الوزراء اللبناني: درء الفتنة يبدأ بتطبيق القانون والمساواة أمام الدولة    رئيس إنستغرام ينفي التجسس على«الهواتف»    يدخل «غينيس» بلحية متر    الجاسر يشارك في الغردقة السينمائي    وسم الثقافي يكرم البازعي وآل سليمان    ركن لمنتقيات الصحف الورقية ب«كتاب الرياض»    وزير الأوقاف السوري يزور مجمع طباعة المصحف    نماء الأهلية تحتفي باليوم الوطني    تحديثات جوهرية بخصوص شروط التقديم.. تعديل اللائحة التنفيذية لتنظيم الدعم السكني    غفوة سائق تقتل 4 ركاب    العنقري يشارك في اجتماع مجلس إدارة المعهد الدولي للمراجعين الداخليين في السلفادور    شاهين فرخ    إعادة تصميم وخياطة البخنق الحساوي يدويا    افتتاح مقبرة فرعونية بعد 226 عاما    خطيب المسجد الحرام: تجديد الإيمان يزكّي النفوس    تحديث أنظمة Windows 11    منع سلاف فواخرجي يجدد الجدل    توابل شهيرة تقلل فعالية الأدوية    ابن عيّاف يطلق برنامج «تحوّل الرياض البلدي»    الأخضر يرفع استعداده لمواجهة إندونيسيا في ملحق المونديال    أمير القصيم يتفقد مستشفى الملك سلمان    القبض على (3) إثيوبيين لتهريبهم (280) كجم "قات" في جازان    أنت الأفضل    وزير الأوقاف السوري ينوه بجهود المملكة في خدمة القرآن الكريم    بلدية ضرية تحتفي باليوم الوطني 95 بفعاليات وطنية منوعة    العمل رسالة وأمانة    ابدأ يومك بهذه الكلمات    قواعد بسيطة تحمي قلبك    اللجنة المنظمة لدورة ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025 تطلق شعار "أمة واحدة"    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025 يقدّم "السفاري"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إذا بكى فزيدوه
نشر في عكاظ يوم 21 - 10 - 2021

زنّ الفقيه على مسمع العريفة قائلاً؛ ما تندم، طِع شوري، وخُذ لك عِرْبِيّة، تريّحك، وتنسيك أيام الشقا، تقعد لحالك في بيت لا مرة ولا ثمرة، وكمّن ربي يرزقك منها ذرواً صالح. فأقسم له؛ لو تلد النساء حتى من خشومها، ما عاد يلقى مثل (أُمّ المطاليق) عفا الله عنها. فقال الفقيه؛ وفوق يمينك يمين لأزوّجك اللي تخليك تنسى المطاليق وأمهم. فأبدى تردداً، ثم قال: دخيلك لا تهب لي غَثى اتلا عمري، وأخاف لو لقيت هيلة، ما ألقى هيلة. فقال: (إن كان كذّبتني يا مشنوي، خلّك تشوف الغزال وفر فره). فسأله: إنت مِن صِدقك؟ أجابه: جرّبني، قال: طاعك الله.
زوّجه مخلوقة نَصَف، مشفية على الحياة، ومتهالكة على الملذات، وسرعان ما شلّت، وأنجبت ولداً أحسن ما زيّن الله، وكلما أخذه العريفة، في حثله يقول (ولدك ذيه كما الهُدهد، شكله فاكهة، وريحته اكّووه).
أنشب (المصفوق) والده العريفة، بين نار الخجل من جماعة القرية، ومداراة أمه، الزوجة الوِرعة، المتبوئة في قلبه مكاناً، والمعتلية ببيته مكانة، فهي دلوعة ما تتمارى إلا في قاعة البئر، ورضيت تتزوجه على كبر، وبحكم معرفته بقدراته، وحدود إمكاناته، يغض الطرف عن تدليلها لابنهما (المصفوق) ويتفهم نفيها كل التهم والشكاوى المرفوعة ضد (ذروة السكون) كما يطلق عليه.
نام متكدراً، ونهض متثاقلاً، وإذا بناره طافية، ومصفاة القهوة سامطة، ما فيها ما يبل ريقه، ويغيّر رائحة ثمه، فمد يده على القُطف المعلّق، واستخرج آخر ما فيه من حبّات البُن، وتناول الملقاط، وحرّك الدخسيس، فسرّه أن جمرة قرض ما زالت قادحة، فوضع فوقها من هَدب العرعر الناشف، والتقط المنفاخ، فضكّت الداخنة في فضاء الشقيق، وبدأت تكحكح، وتنذّر به من تحت الكسا، سمعها وسوّى نفسه ما سمع، وقال في خاطره: هذي نهاية اللي يرخص روحه، وتذكر الزوجة الراحلة، فترحّم عليها، وهو يعقد مقارنات، بين النشمية، وبين المخورة، وأقسم لو ما يخاف من الله، ليطشّ راسه بوارية القشاشة، ويخليها أماريّة، عشان يرتاح، ويريّح.
أعدّ قهوته، ورشف من الفنجال الأول رشفة، فإذا بها تحنم: وش قام بك في تيه الهجلة، ما تعرف ترقد سواة الناس، معك يَمنة يهدون ويبنون في رأسك. وطلبت منه يصب لها فنجالاً، وينخش لها حبة تمر من العِدلة، فقال: وعلى خشمي دهانة، وناولها التمر والفنجال، وسألها عن ولدها، فأجابت: راقد في السافلة، وانفلت لسانها، تعاتبه وتلومه، وتتهمه أنه ما يحب ولدها، مثل ما يحب عيال المرحومة، فعلّق: عيال المرحومة ينومسون، والمِخْوِرة ما تنجب إلا مخور، وولد البغّاية رغّاي.
أقبل الفقيه، وطق الباب المفتوح بعصاته، فقال: أدخل ما أنت غريب، ترددت ثيابها على قدميها المنقوشة بالحناء، وتلفعت شرشفها، واصطبت في طاسة من الزفّة، لتغسل وجهها، فطلبها الفقيه وقال: دخيلك لا تغسلينه، وزاد: وجهك مغسول من ربّي، والله ما كنك رقدتي، فانتشت، والعريفة يلمح للسما أقرب من الحيلة، وبخروجها لتتوضأ، طلب العريفة منه يورّيه عصاته، فأعطاه، فملخه بها في فخذه، وقال: تمدّحها يا دلّال النسوان، أنت اللي أنشبتني فيها الله ينشبك، فردّ عليه: وين بتلقى كماها، زين ونعمة، ردّت فيك الروح يا الملاوك، فعلّق: راحت روحك، أنت وهي.
أصبح نسوان القرية يتشاكين على بعضهن، وهنّ يستقين الماء، اللي ما لقيت خبزتها في ملّتها، واللي بيضها ملقوط من تحت الدجاج، وحلفت زوجة المؤذن أنه (المصفوق) ولد العريفة، يخلّي الناس حتى يرقدون، ويفرّع عن رأسه، ويلبس كُرتة أمه، ومعصبها، وفوقها جاعد أحمر، ويسري لأذية الأوادم، وتلفّتت، ثم قالت بصوت خافت: تصدّقن بالله، إني نشرت غسيلي البارح، ويوم عدّيت باروّحه من فوق الحبل، لقيته ناقص. ضحكت وقالت: سراويلي وسراويل بناتي ما لها الطاري، فتعالت ضحكاتهن، وقالت زوجة الفقيه: الله يخذله، وش يبغي بالسراويل.
سبقهن العلم من الوادي للبيت، وسمع العريفة أن زوجة المؤذن تتهم ولده، فطلب من الفقيه يدعيه. دخل وسلّم وتودد، فقال: لا تتضيعف لي وأنت ومرتك مشرومة البرطم ما غير تتلحقون خلق الله بكلام ما يجمّل، فنشده: وش العِلم يا كبيرنا؟ أجابه: عِلم شرهة على قايله وناقله ومتداوله، فقال: أبشر بالحق إن وقع منّي تخلة عليك، فقال (امسك لسانك ولا ابغي منك عسيّة).
خلاهم الفقيه لين أطفوا القازات، فحذف بحجر في بِداية العريفة، فتناول الفانوس وخرج فوق الجناح، فلزّه في قفاته، مردداً: عدّ.. عدّ، لا أحد يشوفنا، وفي الداخل، رتّب له المخرج، وقال: ما معنا إلا نحشها في ولد المؤذن (نِبِقَان) ومن بكرة، لا أنت ولا أحد منّا يورّيهم الوجه الراضي.
استدعى العريفة الموامين، وقال: دعيناكم لخير، الفقيه له ثلاث ليالي، شغال عسّة، وعرف من هو اللي يفجر سفولكم، ويخرّع عوّلكم، ويتلقط قرصانكم، واسمعوا منه، فقال: والله لو ما كلفتني، وأوزيتني ما أسويها، لكنك رجّال وافي، وفي رأسك شيمة، وما زدت على سمنك إلا عسل، وولد المؤذن، موذي، ويبغي له هو وأبوه (تربة خشم) عشان يهجدون، ويعرفون أنّ الله حق.
اتفقوا على إدانة المؤذن، وولده، وأقبل المؤذن يهدد ويتوعد، فقال العريفة: يا عيّ الله، يا بو نبقان، ما بقي إلا هي، تلصّق في ولدي عيرة (سرّاق السراويل)، وطلب من الحضور، يكتفونه بالرشاء في الحدة، ويحضرون ولده، ويربطونه في المشمشة، وأمر العريفة الفقيه يجلد الولد بالمطرق عشر في الصبح، وعشر بالليل، وكلما قالوا: المؤذن يشتكي، قال: إذا زاد اشتكى فشدّوه. ثم قالوا: ولده يبكي، قال: إذا بكى فزيدوه.
وكلما أدرج نظره ويلا الفقيه، يغنّي باللبيني (جُرّة المنتشي لا سِقيَتْ جُرتك يا منتشي).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.