أمير مكة: المشروع يعكس اهتمام القيادة بتنمية المنطقة    في رثاء د. عبدالله عمر نصيف    القيادة تعزي رئيس جمهورية كينيا في وفاة رئيس وزراء جمهورية كينيا السابق السيد رايلا أودينغا    موجز    محافظ ساما: السعودية تتبنى أحدث التقنيات المالية    استعداداً لمؤتمرها التاسع.. مبادرة مستقبل الاستثمار تعزز شراكاتها الإستراتيجية    8 آلاف معلم جاهزون لإعادة تعليم الأطفال    خلال الجولة الآسيوية للرئيس الأمريكي.. قمة مرتقبة بين ترمب وكيم جونغ    احتجزت عدداً من الموظفين.. مليشيا الحوثي تقتحم مقر الأمم المتحدة بصنعاء    اختتام منافسات الأسبوع الأول من سباقات الخيل بالرياض    البرتغال ورونالدو في افتتاح استاد «أزتيكا» بالمكسيك    60 مليوناً تغري هداف القادسية بالعودة لأوروبا    فتاة تخرج «عجوزاً» بعد ربع قرن على احتجازها    تغريم من يترك الأطفال دون مرافق في المركبة    «زاتكا» تحبط 1507 محاولات تهريب    موسم الدرعية يعود بهوية متجددة وبرامج تراثية متنوعة    مستحضرًا إرث الدرعية التاريخية وقيمها الأصيلة| موسم الدرعية 26/25 ينطلق تحت شعار "عزّك وملفاك"    إصابة الإعلامية نجوى إبراهيم في حادث بأميركا    إنجاز طبي ينهي أزمة زراعة الكلى عالمياً    تحفيز الاقتصاد المحلي بجذب الخبرات وتنمية الابتكار والتقنية    الطلب العالمي على النفط يرتفع معززاً بقطاع البتروكيميائيات    أمير القصيم يوجه بإحالة "تبديل الجثمان" إلى النيابة    الإعلام الحقوقي.. ضرورة وطنية مُلحّة    الاقتصاد السعودي يواصل التنويع والصادرات غير النفطية تتجاوز التوقعات    غرينوود يقود مارسيليا لقمة الدوري الفرنسي    «حقوق الإنسان» تنظم زيارة ميدانية لأطفال جمعية رعاية الأيتام بالرياض    بحضور السواحه.. طلاب "كاليفورنيا بيركلي" يحتفون بياغي    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    خطيب المسجد الحرام: الثبات على الإيمان منّة من الله    أرتيتا ينتقد ال VAR بعد فوز أرسنال على فولهام    الهلال والنصر يكتسحان الاتفاق والفتح ب«خماسية»    أكثر من 13 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال أسبوع    يايسله يتجاهل أخطاء العثرات    "مجمع الملك سلمان" يشارك في معرض "فرانكفورت الدولي للكتاب"    القبض على مواطن في جازان لترويجه (45) كجم "حشيش"    منصة OERx السعودية تفوز بجائزة عالمية    ترحيل 13725 مخالفا خلال أسبوع    69 إجمالي الطائرات الإغاثية السعودية لغزة    كابل وإسلام آباد.. محادثات في الدوحة لمحاولة نزع فتيل الأزمة الحدودية    الجدعان: نضع اللمسات الأخيرة على استثمارات كثيرة في سوريا    تهنئة أذربيجان بذكرى يوم إعادة الاستقلال    جمعية الإعاقة السمعية بجازان تنفذ ورش عمل تدريبية لفئة الصم بالتعاون مع بنك التنمية الاجتماعية    التحالف الإسلامي يطلق المبادرة العسكرية "كفاءة" في الغابون    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الأديب إبراهيم مفتاح    سوريا: تفكيك خلية إرهابية في ريف دمشق    الهلال الأحمر بالقصيم ينقل مصاباً بالسكتة الدماغية إلى مستشفى بريدة المركزي عبر طائرة الإسعاف الجوي    الرضّع حديثو الولادة يتجاوبون مع اللغات الأجنبية    تجمع الرياض الصحي الأول يواصل قوافله الطبية بوادي الدواسر    موسم جدة 2025 يطلق موجة الرعب والتشويق هورور كون    مسؤول أممي: الوضع الإنساني في غزة كارثي    الشؤون الإسلامية بجازان تنظم محاضرة نسائية بقرية المدرك بعنوان «خطورة هجران القرآن الكريم» مساء اليوم    عمادة الدراسات العليا والبحوث تطلق برنامج "التمكين البحثي المتقدم" لتعزيز جودة البحث العلمي    البركة الخيرية" تخدم أكثر من 38 ألف مستفيد خلال الربع الثالث 2025    د. عبدالحق عزوزي يترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 167 حافظًا لكتاب الله    رئيس أمن الدولة يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقوب الحرية !
نشر في عكاظ يوم 17 - 05 - 2021

لاشك أن ما يميز عصرنا الحديث هو قدرة الكثير من وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير في الرأي العام؛ سواء محلياً أو حتى دولياً، سواء من خلال ضبط المخالفين أو من خلال مراقبة الأنشطة الاجتماعية للغير، ويتم ذلك من خلال المقاطع المصورة التي بمجرد أن يتم بثها حتى تعاد مشاركتها لمئات الألوف من المرات بسرعة غير مسبوقة، وخلال سويعات محدودة يكون قد تداولها الكثيرون، وانهالت عليها التعليقات من كل حدب وصوب، كل يدلي بما يعرفه وما لا يعرفه أيضاً، بلا ضابط أو رابط.
غير أن القضية لا يمكن طرحها بمثل هذه السهولة، فوجود كاميرا في أيدي الجميع أصبح بمثابة سلاح يعتقد البعض في قدرته الخارقة على تحقيق الانضباط بطريقته الخاصة، وبشكل قد يُعد في بعض الأحيان تجاوزا للخصوصية، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يمكن للبعض تصور إمكانية تحقيق الانضباط بعدم الانضباط؟ ففي بعض الأحيان لا يعتبر قيام البعض بتصوير بعض الأحداث ضبطاً للسلوكيات المجتمعية، بل قد يمثل تشهيراً أو إهانة أو تنمراً على الأبرياء.
وبخلاف ذلك، فإن تصوير بعض الوقائع قد لا ينقل سياقها الكامل للجمهور، ومع التداول السريع لتلك المنشورات يتم تدمير خصوصية البعض دون أن يتمكنوا حتى من الدفاع عن أنفسهم أو شرح الموقف محل الجدل، ولاشك في أن التشهير العمدي أو حتى بدون قصد يرقى لدرجة الجريمة التي يعاقب عليها القانون، فالتشهير عقوبة قاسية لا تعوضها أبداً بلاغة الاعتذار مهما بلغت من قوة أو صدق، والعالم الافتراضي عالم قاسٍ، يتابع فيه البعض الاتهامات -قبل إثباتها بأي صورة- باستمتاع فائق ونشوة زائدة، وكأنه وجد جزءاً مفقوداً مشرقاً من نفسيته المظلمة السوداء، في الوقت الذي قد لا تثير أحكام البراءة شهيته في شيء، بل يقوم أحياناً في التشكيك في مدى صحتها أو مصداقيتها.
الانضباط الحقيقي لا يعني التشهير ولا استباحة الحياة الشخصية للآخرين وتجريحهم دون تحفظ، الانضباط في جوهره انعكاس ومؤشر لمدى انتمائنا للوطن، وهو ليس مجرد شعارات نزين بها جدران منازلنا، فالوطن كيان ضخم يضم البشر والأرض والحجر والرمال، هو تاريخنا العريق وحاضرنا ومستقبلنا، هو احترامنا لبعضنا البعض ولقيمنا ولعاداتنا وتقاليدنا الراسخة.
يقوم البعض بتصوير تلك المقاطع مدعياً أن دافعه هو الوطنية، غير أن هذا التبرير لا يمكن تصديقه، فالانتماء للوطن لا يتم من خلال التعدي على خصوصية الغير، بينما يبرر البعض الآخر بأن ذلك يندرج تحت ما يمكن أن نطلق عليه الحرية الشخصية، غير أن الحرية الشخصية لا تتضمن التشهير والتجريح، فهذه الحرية هي حرية مثقوبة تغذيها العقد الشخصية والتعطش لتجريح الآخرين، والتشهير ليس أكثر من أغلال يضعها من قام بالتشهير وكبل بها أيدي من تم التشهير بهم، وكل ذلك للوصول لنسب مشاهدة عالية وتحقيق مكاسب مالية.
أما قيام البعض بتصوير بعض الوقائع دون التحقق من صحتها وأسبابها ثم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بذريعة توصيلها للجهات المسؤولة هو نوع من أنواع المغالطات المكشوفة، وهو بدون شك تشهير أيضاً، وليس من حق أي مواطن تصوير أي مخالفة وبثها دون إذن، وبإمكان من يشهد حدوث المخالفات أن يقوم بتصويرها ثم إرسالها للجهات المختصة، التي ستقوم بدورها بالتحقق من تفاصيل الواقعة نفسها، فقد يقوم شخص بتصوير مركبة تجاوزت الإشارة الحمراء وهي بلا شك مخالفة صريحة، ولكن قد تكون هناك حيثيات متعلقة بالمخالفة وغير متاحة لمن قام بالتصوير وتداول المقطع، فقد يكون دافعها وجود حالة مرضية حرجة جداً تتطلب الوصول للمستشفى بسرعة في أقل وقت ممكن للحصول على المساعدة؛ الأمر الذي دفعه لتجاوز الإشارة.
على الرغم من المزايا العديدة التي تنتج دوماً عن التطور التكنولوجي إلا أنها في غالبية الأحوال تحتاج لمراجعة دورية لإعادة الانضباط للسلوك البشري المصاحب لها، ومن غير الممكن تحقيق الانضباط المجتمعي بوسيلة غير منضبطة، فأداة تحقيق الانضباط جزء من عملية الانضباط ذاتها، ونحن مجتمع مؤسسي بلغ بفضل الله درجة عالية من التقنين والحداثة، فلا تعوزنا وسائل التحقق ولا نفتقر لآليات المساءلة، وبقدر ترحيب المجتمع بالدور الذي تلعبه التقنيات الحديثة في زيادة تماسك الصف الوطني ودعم وحدته، بقدر ما يتوجب علينا إعادة تقييم بعض الأدوار التي تلعبها وتتسبب في نشر الثقافة السلبية بين أفراد المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.