لم يكن الشيخ صالح كامل -رحمه الله- مجرد رجل مال وأعمال وكفى. بل كان رمزا ومعلما لكل من أراد أن يخدم اقتصاد وطنه، ومن يسعى لخدمة مجتمعه والإنسانية كلها. وقد لا تجد أحدا ممن خاض في مجال الأعمال بالمملكة والوطن العربي خلال العقود الأخيرة، إلا ورأى في الشيخ صالح نموذجا وقدوة يحتذى بها سواء في أعماله التجارية أو الخيرية على حد سواء. وأذكر قبل نحو ثلاثة عقود من الآن، حين كنت أمر إلى جوار برج دلة في مدينة جدة، كان يخالجني الأمل في كل مرة أن أحظى برؤية الشيخ صالح، أو العمل معه في هذا الصرح العملاق، حيث كان يمثل أيقونة نجاح لجيلنا، والأجيال التي عاصرته في كل أرض مارس فيها نشاطا. وبعد مرور نحو ثلاثين عاما، حاولت خلالها أن أحقق ما أصبو إليه في مجال الأعمال. ظل حلم لقاء الشيخ والعمل معه يراودني مرات ومرات، حتى تحقق لي ذلك كما كنت أتمناه. فقد حظيت بلقاء الشيخ والتقرب منه خلال مهرجان جدة التاريخية، الذي تشرفتُ بتنظيمه عبر شركة «بنش مارك»، وتعددت اللقاءات بعدها، حتى حظيت بالعمل مع شركاته أكثر من مرة، وفي كل مرة أرمق الشيخ صالح بتواضعه المبهر الذي لا يختلف فيه أحد، ومشواره الطويل والعظيم من النجاح والإنسانية، الذي أصبح أيقونة الأجيال في الوطن العربي كله. ولعل فقدان الشيخ صالح كامل -رحمة الله عليه- قد أحيا تلك المشاعر في قلوب كل من عرفه ومن لم يعرفه على حد سواء. فمن عرف الشيخ، فقد في رحيله الأب والإنسان والقدوة.. ومن لم يعرفه فقد في رحيله الرمز والمثل الأعلى في النجاح والإنسانية في آن معا. لذلك من يتابع تناول الجهات والشخصيات في المملكة والوطن العربي لخبر وفاته، يدرك أن هذا الرجل قد ترك أثرا كبيرا لا يمكن أن يُنسى أو يمحوه الزمن. وكيف لا، وهو أحد أبرز مؤسسي فكرة الاقتصاد الإسلامي، التي طبقها على أرض الواقع من خلال العديد من المشروعات الناجحة التي أسسها في سائر أنحاء الوطن العربي والإسلامي. بل أنشأ مركزا علميا لأبحاث ودراسات الاقتصاد الإسلامي في جامعة الأزهر، مما دعا مؤسسة الأزهر الشريف أن تنعيه قائلة: «فقدنا رائدا من رواد العمل الخيري والإنساني».. وأنا هنا أثنّي على هذا القول بأننا فقدنا أبا وأخا وإنسانا وقدوة، داعين الله له بالأجر على ما قدمه من مثل طيب في الحياة، وما تركه في نفوسنا من حب للخير والعطاء. فنستودعك الله أبا عبدالله، ونسأله جل وعلا أن يجمعنا بك في جنة الخلد بإذن الله. * كاتب سعودي