فرصة عقارية كبرى بمزاد جوزاء الرياض العلني الهجين    أمين مجلس التعاون: قمة "ألاسكا" تؤكد على أن حلّ الخلافات يأتي من مسارات التعاون والحوارات البنّاءة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية إندونيسيا بذكرى استقلال بلاده    المياه الوطنية: 24 ساعة فقط على انتهاء المهلة التصحيحية لتسجيل التوصيلات غير النظامية    مستفيدين جمعية السرطان السعودية برفقة أسرهم في زيارة روحانية للمدينة المنورة    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 .. الكوري الجنوبي Ulsan بطلاً للعبة Tekken 8    الهند وكوريا الجنوبية تبحثان سبل تعزيز العلاقات الثنائية    الصين تطلق فئة جديدة من التأشيرات للشباب المتخصصين في العلوم والتكنولوجيا    إصابة فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    6 اضطرابات نفسية تؤثر على الرياضيين النخبة    علماء كوريون يطورون علاجًا نانويًا مبتكرًا لسرطان الرئة يستهدف الخلايا السرطانية    نائب وزير الرياضة يتوّج نيل روبرتسون بلقب بطولة الماسترز للسنوكر 2025    يونيسف تحذر: مئات الأطفال يواجهون سوء التغذية    تحت رعاية وزير الداخلية.. اللواء القرني يشهد حفل تكريم المتقاعدين من منسوبي"مكافحة المخدرات"    2.1 % نسبة التضخم    مدينة التمور العالمية في بريدة    مؤامرة (ثمانية)    صيني يخسر 120 ألف دولار في «صالة رياضية»    مرضاح والجفري يحتفلون بزواج فهد    التحول في التعليم    محمد بن عبدالرحمن يدشن 314 مشروعاً تعليمياً في الرياض    وزارتا الإعلام والتعليم تطلقان برنامج الابتعاث إلى 15 دولةً    ترقية آل هادي    العدل تطلق خدمات مركز الترجمة الموحد    «ماما وبابا» في دور السينما 27 الجاري    فسح وتصنيف 90 محتوى سينمائياً خلال أسبوع    شراحيلي يكرم أهل الفن والثقافة    المشاركون في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يغادرون مكة متجهين إلى المدينة المنورة    تحذيرات من تهديد للأمن الإقليمي وتصفية القضية الفلسطينية.. رفض دولي قاطع لخطة إسرائيل الكبرى    طبيبة مزيفة تعالج 655 مريضاً    دواء تجريبي مبتكر يعالج الصلع خلال شهرين    الاتفاق يتعادل إيجابياً مع الرفاع البحريني ودّياً    صندوق الاستثمارات العامة.. من إدارة الثروة إلى صناعة القوة الاقتصادية    النفط يستقر على انخفاض وسط آمال تخفيف العقوبات على الخام الروسي    الإنسانية في فلسفة الإنسانيين آل لوتاه أنموذجا    مشاهد إيمانية يعيشها المشاركون في رحاب المسجد الحرام    "هجرس".. أصغر صقار خطف الأنظار وعزّز الموروث    الاستدامة تهدد وظائف الاستثمار الاجتماعي    الشؤون الدينية تنفذ خطتها التشغيلية لموسم العمرة    خطيب المسجد الحرام: شِدَّةَ الحَر آية يرسلها الله مَوعِظَةً وعِبْرَة    إمام المسجد النبوي: العِلْم أفضل الطاعات وأزكى القُربات    "الفتح"يتغلّب على أوردينو الأندوري برباعية ودية    خلال معسكره الخارجي في إسبانيا .. "نيوم"يتعادل مع روما الإيطالي    الفريق الفتحاوي يختتم معسكر إسبانيا بالفوز في مباراتين وديتين    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري" برعاية كريمة من خادم الحرمين الشَّريفين    «متحف طارق عبدالحكيم» يختتم المخيم الصيفي    التعليم تشدد على ضوابط الزي المدرسي    اللاونجات تحت عين الرقيب    "الشؤون الإسلامية" بجازان تنفذ أكثر من 460 جولة ميدانية لصيانة عدد من الجوامع والمساجد بالمنطقة    أميركا: وقف إصدار جميع تأشيرات الزيارة للقادمين من غزة    تجمع تبوك الصحي يطلق مشروعات تطويرية لطب الأسنان    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    المملكة تعزي وتواسي باكستان في ضحايا الفيضانات والسيول    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إذا وهب !
الاربعاء
نشر في عكاظ يوم 05 - 09 - 2018

كنت أجلس في قاعة الانتظار في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، منتظراً مقابلة الدكتور عبدالله محمد علي باسليم استشاري العظام، والذي كلما أعوده أزداد إعجاباً به أكثر وأكثر، كطبيب محترف وإنسان وهبه الله علماً ومهارة وقلباً كبيراً يتسع للجميع، وضميراً حيا يخاف الله، شخصية تستحق أن يكتب عنها ويشاد بها كثروة وطنية حقيقية، وإذا بكل من الدكتور ماجد إبراهيم الفياض المشرف العام التنفيذي، والدكتور ياسين محمد ملاوي المدير العام التنفيذي، وهما يتجولان في المستشفى، كنت أرقبهما من بعيد وأرى كيف تطير العصافير بعيداً في سحب ملونة، إبرة مورفين تغوص في نخاع الذاكرة تقذف بنشوتها في القلب، تأخذني إلى صندوقي الخشبي القديم، حيث «الإدارة بالتجول» منهجي وفلسفتي في جميع المستشفيات التي أدرتها وسر نجاحي في هذا المجال، كانت الذاكرة تتوهج من جديد، كيف العمر يمر، تجري أعوامه فنتذكر أن ما نذكره الآن، قد حدث منذ أعوام وأعوام، وكأنه قد ولد للتو، يتوهج من جديد، آه يا دنيا الكلمات، كيف يفاجئنا العمر برصانته التي نعرف متى ولدت فينا بالضبط، كانا طبيبين قائدين منحهما الله سيرة ذاتية علمية وعملية تتجاوز قامتي، يمارسان الحياة من أجل إعادة تأهيل الإنسان للحياة، تمارين مجانية لها منافع كثيرة، تتجاوز أصابع اليدين والقدمين، كنت أتابعهما كبقعة ضوئية تضيء ممرات التخصصي، ضوء يبهر الطرقات التي دمرتها الحلكة الدامسة، كانا يبتسمان للموظفين من القلب، يتوقفان في نقاط مختلفة، يشكران الموظفين بحميمية وصدق وتواضع جم وبرقة عصافير ملساء، كان من عادة «دونلد تبرسن» الرئيس السابق لشركة «فورد» والذي يرجع له الفضل في إنقاذ الشركة من الإفلاس، أن يبعث برسائل تشجيعية كل يوم بعد أن يقوم بجولة على مرافقها يقول «كنت أخربش بملاحظاتي على ورقة مذكراتي، وما إن أعود لمكتبي حتى أقوم بإرسال رسائل الشكر للموظفين، كانت أفضل عشر دقائق في يومي، حيث أمضيها في عمل يدفع الناس الذين يعملون معي للأمام، ويضيف، يجهل الناس الذين يعملون معنا، غالبا، ما هو شعورنا تجاههم، كم دقيقة في اليوم قلت فيها كلاماً لطيفاً لموظف، فأسعدناه وسعدنا بسعادته، لماذا تتثاقل ألسنتنا عن قول المديح وعبارات الثناء، حين يكون هناك داع لقولها، كلمة شكراً التي تصدر من القلب تساوي وزنها ذهباً»، ولقد لمست أن الدكتور الفياض والدكتور ملاوي، كانا يجيدان فن الإطراء وفن الثناء وفن التحفيز، كنت أستسلم لدهشة كبيرة وألملم اللحظات الحلوة في بحر الغصة، وأنا أستمع لبعض الموظفين ممن أعرفهم قولهم، إن هذه الجولة تكاد تكون منتظمة وشبه أسبوعية وأحياناً أكثر من مرة في الأسبوع بل هي عادة لدى الاثنين، وأسلوب من أساليب إدارتهما للمستشفى التخصصي، ومجال فرحتي؛ لأن الإدارة بالتجوال هي من أنجح السبل لاصطياد المشكلات والمعوقات ومطاردتها على أرض الواقع والقضاء عليها، رياضة روحية تعبر عن فلسفة متقدمة في مجال الإدارة لنفي خطأ التقدير، لقد أخطأ «أرسطو» عندما قال إن أسنان المرأة أقل عدداً من الرجل، وكلما كان منه هو أن يطلب من زوجته أن تفتح فمها، ويعد أسنانها بنفسه، لو فعل ذلك لما وقع في الخطأ، وهذا ما يقع فيه أكثر المديرين، الذين يربطون عيونهم بمقاعدهم، زنزانتهم تضيق بهم، وأقدامهم تتشبث بقضبانها، ينتظرون، وينتظرون، حلولاً للمشكلات والمعوقات التي يسمعون بها ولا يقفون عليها، ولا يصلون إلى حل أبدا؛ لأنهم أموات أحياء، وهم يموتون كثيرا، كأرملة لم تجن من حلمها غير السواد، تعيش لعبة سادية، مكررة، في ممرات مغلقة ومكاتب مغلقة وأفق مغلق، في رواية «الخيمائي» والتي ترجمت إلى 45 لغة، يروي «ملك سالم» للراعي الذي يريد أن يكتشف العالم، قصة شاب أرسله والده إليه ليتعلم سر الحياة، عندما قابل أحكم الحكماء الشاب، طلب منه أن يقوم بجولة في قصره ولمدة ساعتين وهو ممسك بملعقة فيها قطرتان من الزيت وحذره من ألّا ينسكب الزيت، بعد انقضاء الساعتين عاد الشاب ليسأله الحكيم، هل رأيت السجادة الفارسية في صحن القصر، وهل رأيت الحديقة الداخلية التي أنفق الزراع عشر سنوات ليبدعوها، وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي، ارتبك الشاب واعترف أنه لم ير شيئاً، من هذا كله لأنه كان مركزاً على ملعقة الزيت، وهذا حال بعض المديرين الذين يعهد لهم بإدارة مكان لا يعرفون منه غير مكاتبهم، ومكان قضاء الحاجة، يفقدون روعة إدارة المكان لأنهم لا يطوفون بالمكان، إن أخطر أنواع الخوف ما قالته «هلين كلير» أن تكون لديك عينان ولا تستطيع أن ترى، الأخطر من ذلك في رأيي، أن نخاف أن نصرح بعواطفنا، فنحن نميل دائماً إلى كبت عواطفنا ونختصر الكلمات التي تعبر عنها، تحت شعار أن يساء فهمنا، فنبني حائطاً بيننا وبين من نحبهم ونعجب بهم أحياناً، إن حفيدي «أدم» يكرر عبارة «أنا أحبك» مرات عديدة في اليوم، وفي كل مرة تغمرني فيها سعادة وكأنني أسمعها لأول مرة لأنها حقيقية، ونحن نعتقد أن الحياة العملية تستدعي كتمان عواطفنا وإعجابنا وحبنا، وأن الطرف الآخر، يشعر بها ولا داعي لأن نعبر عنها بالكلمات، وهذا الاعتقاد، يورثنا الندم، وحتى لا أشعر بالندم كتبت ما كتبته اليوم، وأقول للدكتور ماجد فياض، والدكتور ياسين ملاوي والدكتور عبدالله باسليم، كم أحبكم وكم أنا فخور بكم وممتن بوجودكم في هذا المكان الحيوي والهام والإنساني.
* كاتب سعودي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.