بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    إعفاء المدارس المتميزة من الاختبارات المركزية .. وتمكين الإدارات من التوسع في التطبيق    الاتحاد يفوز على جولف يونايتد الإماراتي بخماسية وديًا    نواف بوشل: السعودية جاهزة لمواجهة الأردن    الملازم أول بندر بن ناجع آل عادي يدخل القفص الذهبي بالرياض    شقيق اللواء محمد أبو ثامرة في ذمة الله    أمير الرياض يستقبل رئيس المحكمة الجزائية المعين حديثًا بالمنطقة    قبل المواجهة المنتظرة.. حقائق تاريخية عن مواجهات المنتخب السعودي والأردني    ديبورتيفو ألاهويلنسي الكوستاريكي يتوّج بلقب النسخة الثانية من بطولة مهد الدولية للقارات    أمير جازان يستقبل رئيس النيابة العامة بالمنطقة    لجنة الإعلام والتوعية المصرفية تطلق النسخة الرابعة من حملة "خلك حريص" للتوعية بالاحتيال المالي    محافظ الأحساء يكرّم عددًا من ضباط وأفراد الشرطة لإنجازاتهم الأمنية    القبض على مواطن بتبوك لترويجه الحشيش المخدر وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    وزير الخارجية يرأس أعمال المنتدى الدولي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات في نسخته الحادية عشرة بالرياض    إدارة الترجمة بوزارة الداخلية تعزز التواصل مع زوار معرض الداخلية بمهرجان الإبل    محافظ الأحساء يرعى منتدى "أفضل الممارسات في تصميم المساجد" بجامعة الملك فيصل    تجمع القصيم الصحي يحصد ثلاث جوائز وطنية في الرعاية الصحية المنزلية لعام 2025    فهد الطبية الأولى عالميًا خارج الولايات المتحدة كمركز تميّز دولي لعلاج الجلطات الرئوية (PERT)    السعودية تدين هجوما إرهابيا استهدف قوات أمن سورية وأمريكية قرب تدمر    البحري شريك استراتيجي لمبادرة ويف لدعم تعافي المحيطات والنمو البحري المستدام    مقتل 6 من قوات حفظ السلام البنغلاديشيين في هجوم على قاعدة للأمم المتحدة بالسودان    استمرار هطول الأمطار.. والدفاع المدني يحذر    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب غرب إندونيسيا    اختتام بطولة جازان الشاطئية لرياضة الإنقاذ والسلامة المائية    كورال المركز الوطني للفنون المسرحية في الصين تقدم عروضا في مركز إثراء بالسعودية    ختام أكبر هاكاثون في العالم "أبشر طويق"    مقتل شخصين وإصابة ثمانية جراء إطلاق النار في جامعة براون في أمريكا    جيش الاحتلال يستهدف القيادي في حماس رائد سعد    لحظة تأمُّل    تعزيز الأمن الغذائي المستدام    حققت قفزة نوعية بمعدل 9 نقاط خلال عامين.. السعودية بالمرتبة ال10 بمؤشر التغطية الصحية الشاملة    ضبط 19.5 ألف مخالف    1145 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ    دعت لتبني سلوكيات التنزه.. البيئة: 3 آلاف ريال غرامة مخالفة التخييم دون تصريح    وسط حصيلة متزايدة لضحايا غزة.. استشهاد فلسطيني متأثرًا بجراحه في خان يونس    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لمواجهة الأردن    برعاية خادم الحرمين.. أمير الرياض يحضر ختام العرض الدولي الثامن لجمال الخيل العربية الأصيلة    يسرا اللوزي تستعد بمسلسلين لرمضان    أمسية شعرية وطنية في «جدة للكتاب»    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    تنظيم الإعلام الرياضي وعقوبات على المتجاوزين ومثيري التعصب.. بعد الموافقة عليه.. تفاصيل مشروع نظام الرياضة الجديد    وسط انتقادات واشنطن لقرار أممي.. مؤتمر دولي لبحث إنشاء «قوة غزة»    ورحلت رفيقة دربي أُم تركي    تحسين الفئات الوظيفية ل3808 من منتسبي المساجد    «الأمر بالمعروف» تفعّل معرض «ولاء» بالطائف    المملكة توزع 1000 سلة غذائية في ولاية البحر الأحمر بالسودان    دراسة: كلما زاد إقناع الذكاء الاصطناعي قلت دقته    71.5% من الأنشطة العقارية بالرياض    2.31 تريليون دولار قيمة الإقراض بالبنوك الخليجية    حقن التخسيس تدخل عالم القطط    النوم الجيد مفتاح النشاط اليومي    رب اجعل هذا البلد آمنا    العزاب يغالطون أنفسهم    زبرجد فيلم روائي يجذب زوار معرض جدة للكتاب    ورشة عمل في فندق كراون بلازا تحت إشراف جمعية القلب السعودية ضمن حملة 55 قلبك بخير    أمير الشرقية ونائبه يعزيان العتيبي في وفاة والده    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التسويات السياسية والصفقات الاقتصادية
نشر في عكاظ يوم 10 - 07 - 2018

ما يجعل الظاهرة السياسية تختلف عن السلوك الاقتصادي، متغيرات كلا حقلي العلمين، الذي يحاول تفسير حركتهما، وإن أمكن استشراف وتوقع أوضاعهما المستقبلية. في غالب الأحيان: تعتمد متغيرات علم الاقتصاد على محددات مادية، يمكن قياسها كمياً. في المقابل: لا يمكن تجاهل وجود متغيرات (معيارية) تتحكم في حركة الظاهرة السياسية، لا يمكن قياسها كمياً، يهتم بها علم السياسة.
الاختلاف في متغيرات علمي السياسية والاقتصاد، لا يقتصر على النواحي المنهجية، فحسب... لكنه يمتد إلى طبيعة واختصاص واهتمام كل علم، بمجال حيوي خاص به. لا يمكن على سبيل المثال: إسقاط متغيرات الاقتصاد الكمية على واقع سياسي معين، كما لا يمكن تجاوز التأثير القوي
للمتغيرات الاقتصادية على واقع سياسي بعينه. صحيح أنه من أهم وظائف أي نظام سياسي رشيد إشباع حاجات مادية خاصة للجماعة السياسية، إلا أن عملية الإشباع تلك، لا يمكن النظر إليها (حصرياً) على أنها غاية وجود (الدولة).
بالتالي: تسويات المشاكل والأزمات السياسية، لا يمكن حلها أو محاولة حلها، عن طريق إغراء إشباع الحاجات المادية، مهما كانت دقة وحساسية الأوضاع المعاشية لأي شعب. الأزمات السياسية تحتاج حلولاً سياسية، تحترم أبعاد متغيرات الظاهرة السياسية المادية والمعيارية معاً.
التركيز على المتغيرات الاقتصادية، بعيداً عن الاهتمام بالمتغيرات المعيارية، من شأنه ليس فقط استحالة التوصل لتسويات سياسية مُرْضِيَة، فحسب... بل، أخطر: عدم ضمان استقرار سياسي، يقود إلى سلام حقيقي.
في التسويات التي اعقبت الحرب الكونية الأولى، جرى التركيز على المتغيرات المادية (الاقتصادية)، فكانت التعويضات المجحفة على دول المحور، وخاصة ألمانيا.. واقتطاع أراضٍ من أقاليم الدول المنهزمة.. وتحريم تسلح الدول المنهزمة مع تقليص عدد جيوشها والتحكم في نوعية عتادها.. وفرض رقابة مالية صارمة على موارد ومصروفات حكوماتها... وكانت النتيجة إذلال الدول المنهزمة، وخاصة ألمانيا، قاد إلى حرب كونية ثانية، بعد عقدين من توقيع معاهدة فرساي.
في المقابل: تَنَبّهَت الولايات المتحدة عقب الحرب الكونية الثانية، لأخطاء الحرب الكونية الأولى الإستراتيجية. وكان قرار إعادة إعمار دول مسرح العمليات الأوروبية واليابان، للحؤول دون نشوب حرب كونية ثالثة.. وبالتبعية: سيادة سلام حقيقي للعالم. لم يقتصر الأمر على خطة مارشال الاقتصادية، بل كان هناك اهتمام موازٍ بالجوانب السياسية، لمنع قيام أنظمة شمولية جديدة في دول المحور. فكان مشروع «دمقرطة» ألمانيا واليابان وإيطاليا، جنباً إلى جنب مع مشروع مارشال.
قارن هذا النهج الذي اتبعته الولايات المتحدة في المعسكر الغربي، وبما فعله السوفيت. الأول: استمرت فيه التنمية بشقيها الاقتصادي والسياسي. بينما جرى، في الثاني: التركيز على الجانب السلبي من المتغير الاقتصادي، مع تجاهل متطلبات المتغير السياسي، في دول المعسكر الاشتراكي بما فيه الاتحاد السوفيتي! وكانت النهاية سقوط الحل الاشتراكي القمعي في المعسكر الاشتراكي، وزوال الاتحاد السوفيتي، نفسه.
أي تسويات سياسية تأخذ منطق ونهج الصفقات الاقتصادية، دون مراعاة اعتبارات المتغيرات السياسية المعيارية، لا يمكن أن تقود إلى تسويات حقيقية لأزمات سياسية مزمنة. لا يمكن فصل الشعوب عن مفهوم الدولة وحقيقة مشروعيتها الوطنية والإنسانية. الشعوب لا تتطلع إلى إشباع حاجاتها المادية، بعيداً عن مفهوم الدولة وما يحويه من قيم معيارية، تتجاوز إمكانات حصرها في مقادير كمية رقمية. الشعوب تتطلع إلى الحرية.. والاستقلال.. والحصول على الهوية الوطنية.. والارتباط الوثيق بأرضها ومقدساتها وتراثها الثقافي الإنساني. قيم معيارية لا تُقدر عند الشعوب الحرة بأي ثمن مادي، مهما كانت الحاجة إليه ملحة ودقيقة.
التسويات السياسية القابلة للصمود والاستمرار، عليها أن تبتعد عن منطق ونهج الصفقات الاقتصادية، التي لا تصلح إلا في عالم الشركات ومراكز المال والأعمال. الدولة، بالنسبة للشعوب، أسمى وأعز رفعة، بل وألح حاجة، من بناء المصانع.. ورصف الطرق.. وتشييد المؤسسات الخدمية.. واستصلاح الأراضي.. وتشييد السدود.. وبناء المطارات، مع ذل العيش على المعونات الخارجية، التي قد يأتي وقت وتقل، بل وتنقطع. الدولة عند شعوب الأرض قاطبة، هي رمز الهوية الوطنية.. وحقيقة السيادة العظمى.. وجائزة الاستقلال الكبرى.. وفناء الحرية الحقيقي.. ورمز الكرامة والعزة الوطنية الأسمى.
تسويات الأزمات السياسية الكبرى، لا تقوم على رهان معاناة الشعوب الحياتية... بل على احترام تطلعاتهم الوطنية.. وتمكينهم من حقهم في تقرير مصيرهم، بعيداً عن واقع الاحتلال وشبح الوصاية الأجنبية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.