موقف ميتروفيتش من مواجهة مانشستر سيتي    حقيقة تعاقد النصر مع جيسوس    نيوم يعلق على تقارير مفاوضاته لضم إمام عاشور ووسام أبو علي    رابطة العالم الإسلامي تُدين العنف ضد المدنيين في غزة واعتداءات المستوطنين على كفر مالك    رئيسة الحكومة ووزير الصحة بتونس يستقبلان الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية    لجنة كرة القدم المُصغَّرة بمنطقة جازان تقيم حفل انطلاق برامجها    ليلة حماسية من الرياض: نزالات "سماك داون" تشعل الأجواء بحضور جماهيري كبير    عقبة المحمدية تستضيف الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا صعود الهضبة    "الحازمي" مشرفًا عامًا على مكتب المدير العام ومتحدثًا رسميًا لتعليم جازان    «سلمان للإغاثة» يوزّع (3,000) كرتون من التمر في مديرية القاهرة بتعز    فعاليات ( لمة فرح 2 ) من البركة الخيرية تحتفي بالناجحين    في حالة نادرة.. ولادة لأحد سلالات الضأن لسبعة توائم    دراسة: الصوم قبل الجراحة عديم الفائدة    ضبط شخص في تبوك لترويجه (66) كجم "حشيش" و(1) كيلوجرام "كوكايين"    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة البسام    نجاح أول عملية باستخدام تقنية الارتجاع الهيدروستاتيكي لطفل بتبوك    صحف عالمية: الهلال يصنع التاريخ في كأس العالم للأندية 2025    مقتل 18 سائحًا من أسرة واحدة غرقًا بعد فيضان نهر سوات بباكستان    الهلال يحقق مجموعة من الأرقام القياسية في مونديال الأندية    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقوى الله أعظم زاد، وشهر المحرم موسم عظيم للعبادة    12 جهة تدرس تعزيز الكفاءة والمواءمة والتكامل للزراعة بالمنطقة الشرقية    الشيخ صالح بن حميد: النعم تُحفظ بالشكر وتضيع بالجحود    تمديد مبادرة إلغاء الغرامات والإعفاء من العقوبات المالية عن المكلفين حتى 31 ديسمبر 2025م    بلدية فرسان تكرم الاعلامي "الحُمق"    مدير جوازات الرياض يقلد «آل عادي» رتبته الجديدة «رائد»    استشهاد 22 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    وزارة الرياضة تحقق نسبة 100% في بطاقة الأداء لكفاءة الطاقة لعامي 2023 -2024    رئاسة الشؤون الدينية تُطلق خطة موسم العمرة لعام 1447ه    ثورة أدب    أخلاقيات متجذرة    القبض على وافدين اعتديا على امرأة في الرياض    استمتع بالطبيعة.. وتقيد بالشروط    د. علي الدّفاع.. عبقري الرياضيات    في إلهامات الرؤية الوطنية    البدء بتطبيق"التأمينات الاجتماعية" على الرياضيين السعوديين ابتداءً من الشهر المقبل    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    تدخل طبي عاجل ينقذ حياة سبعيني بمستشفى الرس العام    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    تحسن أسعار النفط والذهب    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    عسير.. وجهة سياحة أولى للسعوديين والمقيمين    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    الإطاحة ب15 مخالفاً لتهريبهم مخدرات    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    "التخصصات الصحية": إعلان نتائج برامج البورد السعودي    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن حميد يحذر المفتين والمستفتين من التزوير في الألفاظ والوقائع
خطيب الحرم النبوي يحث المسلمين على التمنّي
نشر في عكاظ يوم 18 - 11 - 2017

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل والحذر من علم لا عمل معه وعمل لا إخلاص فيه ومال لا ينفق فيه وجوه الخير منه وقلب خال من محبة الله والشوق إليه ووقت معطل من فعل الخيرات واغتنام المبرات.
وبين ابن حميد أن من القواعد المحفوظة في ذلك: اسأل سؤال الجاهل، وافهم فهم العاقل، وحسن السؤال نصف الجواب، ومن أحسن السؤال وجد حسن الجواب، ومن أساء السؤال فلا يأمن الحرمان، ومن ذَلَّ في التعلم طالبا عزَّ في التحصيل مطلوباً، ولا ينال العلم إلا صاحب اللسان السؤول والقلب العقول، ودأب غير ملول كما لا ينال العلم مستحيي ولا مستكبر يقول الحسن : "من استتر عن طلب العلم بالحياء لبس للجهل سرباله".
فتصدر أسئلة كريمة مقرونة بالصدق والرغبة، وحسن الأدب، وحسن السؤال نصف العلم ونظراً لأهمية ذلك سؤالاً وجوابا، فقد بسط أهل العلم الكلام في آداب السؤال والاستفتاء، وآداب الجواب والإفتاء وقد يسر الله لأهل هذا الزمان أسباب الاتصال والتواصل، وأدواتهما، مما ظهرت فيه الحاجة للنظر فيما بسطه أهل العلم في ذلك من أداب وأخلاق وحينما ينظر المتأمل تصدر بعض المفتين، ومواقع الفتوى في الصحف، والمجلات، والقنوات، وشبكات المعلومات يتبين خطر هذا الأمر، وعظم المسؤولية.
واستعرض الشيخ الدكتور صالح بن حميد في خطبته وقفات في هذه الآداب ومنها الوقفة الأولى في أدب السائل والمستفتي فعلى المستفتي والسائل ان ينظر فيما يبرئ ذمته، وينجيه حين يقف بين يدي ربه في صحة ما يقول، ودقة ما ينقل، حتى يكون السؤال مطابقاً للواقع، وينبغي الوضوح في السؤال في كلماته وتفاصيله.
وحذر ابن حمدي من الكتمان والتدليس، أو التزوير في الألفاظ والوقائع، وليسأل عما وقع له، ولا يتنقل بسؤاله بين المفتين وأهل العلم، فهذا ليس من الديانة ولا من الورع، كما يجب أن يحذر من أن يتتبع الرخص، ويتخير من فتاوى أهل العلم ما يروق له، وقد قال أهل العلم: من أخذ برخصة كل عالم أو زلة كل مفتي اجتمع فيه الشر كله وليحذر من يريد الخير لنفسه أن يضرب أقوال أهل العلم بعضهم ببعض، فأهل العلم لا يزالون يختلفون في اجتهاداتهم، وآرائهم ، وأجوبتهم منذ عهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة، بل يجب الحرص على براءة الذمة ليسلم الدين، وتصح العبادة، وتحل المعاملة، وتستقيم الحياة وإذا سمع في مسألة أكثر من جواب أو قول فعليه أن يأخذ بفتوى الأوثق عنده في دينه وعلمه وورعه، وليغلق عن نفسه باب الهوى، وتتبع الرخص وليحذر المستفتي كل الحذر أن يكون قصده اختبار المفتي، أو تصنيفه، أو إحراجه، أو تعجيزه، أو الإيقاع فيه، أو إظهار التعالم، وسعةِ الاطلاع.
وأكد ابن حميد أنه من كان قصده بالسؤال الاختبار والامتحان رجع بالحرمان والخسران وقسوة الجنان فالسؤال لا يطلب إلا لحاجة السائل ومعرفة الجواب ليستفيد منه ويعمل به ، لا ليجادل ، ويظهر التعالم ، وفي الحديث الصحيح : " من تعلم العلم ليجاري به العلماء ، ويماري به السفهاء ، ويصرف وجوه الناس إليه كبه الله في النار " . ولا ينبغي أن يورد السؤال بصيغة تتضمن الجواب فيضع صفات وقيوداً وافتراضات من عنده لا يسع المفتي أو المسؤول إلا أن يقول هذا جائز أو هذا ممنوع ، فكأنه يوجه المفتي ليجيب حسب رغبته ، أي أنه يريد جوابا موجها ، ولهذا جرت عادة العلم في أجوبتهم أنهم يستفتحونها بقولهم : " إذا كان الحال على ما ذكر ومثل ذلك أيضا قول السائل ما رأيكم فيمن يدعي كذا ، أو ما قولكم فيمن يزعم كذا ، فهذا كله توجيه للجواب لا يحسن سلوكه ." وإذا أراد طالب العلم أن يبحث المسألة مع العالم فليبين له ذلك ، وليستأذنه ، فإن أذن له ، وإلا توقف بأدب ، وتواضع ، ورضا ولا يكتب جواب المفتي ولا يسجله إلا بإذنه ، فقد تكون الكتابة غير دقيقه أو غير سليمه ، وقد يكون للجواب ظرفه ومناسبته التي يختلف فيها الجواب عن ظروف ومناسبات أخرى كما أنه ينبغي عدم الإطالة في السؤال ، أو الحديث قبل السؤال مما لا فائدة فيه ، ولا كثرة الأسئلة فيما لا حاجة إليه ، محافظة على وقت المفتي وحق الأخرين .
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام إنه من الآداب التزام الأدب عند السؤال وتوقير العالم ، وتحسين الألفاظ ، وحفظ الألقاب ، وخفض الصوت ، وحسن الإنصات والاستماع ، ولا يكثر في إيماء يديه ، أو بصره ، وليتجنب الرعونة والجفاء ، وقلة الأدب ومن الأدب عدم الإكثار من إيراد الأسئلة على المفتي أو الشيخ مما يجلب الإملال وسوء الخلق وكذلك من الأدب أن لا يقول في استفتائه قال العالم الفلاني كذا ، أو أن العالم الفلاني يخالفك في كذا ، فهذا من قلة الأدب ، ومن طبيعة النفوس أنها لا تحب إيراد قول غيرها في معرض السؤال وقد قالوا : كلام الأقران يطوي ولا يروي ، وليحذر إيقاع الخلاف أو الشحناء بين أهل العلم ومن الأدب كذلك تحري الأوقات المناسبة للمفتي فلا يسأل في كل وقت ، ولا سيما مع تيسر أدوات الاتصال والتواصل واختلاف الأوقات بين الدول والمناطق ، فينبغي مراعاة ذلك حتى لا يتسبب ذلك في إيذاء المفتي ، فللمفتي الحق في الراحة ، والأكل ، والشرب ، والقراءة ، والعبادة ، والجلوس مع الأهل ، وغير ذلك من الحاجات والأغراض .
وبين ابن حميد أن الوقفة الثانية فمع المرأة وحقها في السؤال وآدابها فيه، إن سؤال المرأة أهل العلم عن أمر دينها حق مشروع ، وأمر لا يستغنى عنه ، فعند البخاري رحمه الله : " كانت عائشة رضي الله عنها لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه ، ولم تزل نساء الصحابة يكلمن الرجال في السلام ، والاستفتاء ، والسؤال ، والمشاورة ، وعند مسلم : " قالت عائشة رضي الله عنها : " نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يسألن عن الدين ويتفقهن فيه " أما الوقفة الثالثة فهي في أدب المفتي فالمفتي موقع عن رب العالمين ، فهو يفتي بما يرى انه حكم الله ، إما بشرع منزل ونص مباشر ، أو باجتهاد سائغ صادر من أهله في محله فالمفتي يوقع عن الله في إخبار الناس بأحكام الله ، وكان بن عمر رضي الله عنهما إذا سئل يقول : يريدون أن يجعلونا جسرا يمرون عليه إلى جهنم " كيف وقد جاء في الحديث : " إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء فحرم من أجل مسألته " فهذا يشمل السائل والمسؤول ،إذا كان ذلك كذلك ، فعلى المفتى أن يكون واسع الصدر ، يتغاضى عن غليظ العبارات ، وجفاء التعامل ، فضلا عن سفه السفهاء ، وجهالة العوام ويحسن فيه الا يتسرع في الفتوى أو يتعجل ، بل يتأنى ، ويتفهم السؤال ويتصوره مع فكر ونظر وعليه أن يكون واضحا في الإجابة ، مبينا لها بيانا شافيا كافيا ، ويرفق بالسائل ، ويصبر على تفهم السؤال ، وتفهيم الجواب .
ودعا ابن حميد إلى العناية بالتيسير على الناس ومراعاة أحوالهم ، وظروفهم ، وعوائدهم ، ورفع المشقات عنهم ودفعها ومعلوم أن التيسير ليس بإسقاط فرائض الله ، أو التحلل من التكاليف الشرعية ، والتمشي مع أهواء الناس ورغباتهم ولئن كانت الفتوى تتغير بتغير الأزمان والأمكنة ، والأحوال والعوائد - كما يقول أهل العلم - ، لكنها لا تتمشى مع الأهواء والشهوات ، بل تلتزم الأصول الشرعية ، والعلل المرعية ، والمصالح الحقيقية، ومن الأدب ألا يفتي إذا كان لديه ما يشغله ويصرف قلبه من مرض ، وشدة غضب ، أو غلبة نوم ، أو نعاس ، وكل ما يخرج عن حد الاعتدال .
وحث إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد كلا من المفتي والمستفتي أن يتقوا الله ويضعوا أحكام الشرع مواضعها ، ويراقبوا الله حق المراقبة ، أداء لحقه سبحانه ، وبراءة للذمة ، وطلبا للنجاة في الأخرة يوم العرض والسؤال والوعد والوعيد.
وفي المدينة المنورة بيّن إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالباري بن عواض الثبيتي أن الأماني وحدها لا تكفي ليبلغ العبد مرامه, ويحقّق أحلامه, فحياة بلا عمل غرقٌ في أحلام واهية يزيّنها الشيطان, وأن الفوز بالجنة يحصل بالعمل الصالح وعبادة الله وطاعته فينال العبد بها رضا الرحمن وجنته.
وقال الثبيتي في خطبة الجمعة في المسجد النبوي اليوم: إن كل أمنية تمنى لفعل الخير فهي ممدوحة, وما كان منها اعتراض على القدر وفي تحصيل المستحيل فهي مذمومة, التمني يدل على الهم الذي يحمله الإنسان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والنفس تمنّى وتشتهي" فهناك من يرنو بأمنيته إلى ذرى العزّ والمجد، وهناك من يهوي بأمنيته إلى مهاوي الحفر.
وذكر الثبيتي، أن أصحاب الهمم والعزائم تتسع أمانيهم وبها تزين حياتهم، فبينما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجلس مع أصحابه يوماً, قال لهم : تمنوا, فقال رجل : أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله, ثم قال, تمنوا, فقال رجلٌ : أتمنى لو أنها مملوءة زبرجداً وجواهراً, فأنفقه في سبيل الله وأتصدّق به, ثم قال عمر رضي الله عنه : تمنوا, فقالوا : ما ترى يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : أتمنى لو أنها مملوءة رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح, ومعاذ بن جبل, وسالم مولى أبي حذيفة, وحذيفة بن اليمان. وقال, اجتمع في الحجر مصعب, وعروة, وعبدالله بن الزبير, وعبدالله بن عمر, فقالوا : تمنوا, فقال عبدالله بن الزبير : أما أنا فأتمنى الخلافة, وقال عروة : أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم, وقال مصعب : أما أنا فأتمنى إمرة العراق, والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين, وقال عبدالله بن عمر : أما أنا فأتمنى المغفرة, فنالوا كلهم ما تمنوا, ولعلّ ابن عمر قد غفر له. وذكر أن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله رافقته همّة عالية, تحققت له بفضل الله, ويرجى أن ينال آخرها, يقول رضي الله عنه : إن لي نفساً تواقة تاقت إلى فاطمة بنت عبدالملك فتزوجتها, وتاقت إلى الإمارة فتوليتها, وتاقت إلى الخلافة فأدركتها, وقد تاقت إلى الجنة فأرجو أن أدركها إن شاء الله عزّ وجل.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن الأماني الطيبة من أبواب الثواب العظيمة, فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أربعة رجال "رجلٌ آتاه الله مالاً وعلماً, فهو يعمل بعلمه في ماله ينفقه في حقّه, ورجلٌ آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً فهو يقول لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما في الأجر سواء, ورجلٌ آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً فهو يخبط في ماله ينفقه في غير حقه, ورجلٌ لم يؤته الله علماً ولا مالاً فهو يقول لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, فهما في الوزر سواء" رواه ابن ماجه .
وأشار إلى أن الأمنيات وحدها لا قيمة لها ما لم يصاحبها عمل صالح بنية صادقة, ومتابعة ومثابرة, لقول الله عزّ وجل " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ". وبيّن أن الأماني ضرب من ضروب الدعاء, تتحقّق بالاستجابة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا تمنى أحدكم فليستكثر فإنما يسأل ربّه" رواه الهيثمي وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته" رواه أحمد . وأشار إلى أن العاقل لا يتمنى الفتن ولقاء العدو, لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تمنوا لقاء العدو, وسلوا الله العافية". وأكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الإسلام يدعو إلى التفاؤل وبثّ الأمل والحياة, ولا يدعوا إلى الموت والسلبية, ولا تليق به الأمنيات السوداء وتمني الموت وإن اشتدّت الفتن, إذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يتمنيّنّ أحدكم الموت من ضرٍّ أصابه, فأن كان لا بد فاعلاً, فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي, وتوفّني إذا كانت الوفاة خيراً لي" متفق عليه . وبيّن فضيلة الشيخ عبدالباري الثبيتي أن الأمنيات الفاضلة تعبّر عن حسن ظن العبد بربه, مورداً الحديث القدسي "أنا عند ظنّ عبدي, فليظنّ بي ما شاء". رواه ابن حبان .
وأوضح أن العاقل ينسج أمنياته مستشعراً نعمة الله عليه, دون حسد لإخوانه, أو تمني ما في أيديهم, قال الله تعالى : " وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ", مضيفاً أن المسلم يدرك أن تحقق الأمنيات يرجع إلى مشيئة الله وحده, فلا يتضجّر ولا يحزن لعدم تحقيق الأماني التي يتمناها, والخير فيما اختاره الله, ويشكر العبد ربه في ل أحواله, فقال الله تعالى : " وعسى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ". وذكر أن إبليس هو مصدر الأمنيات الواهية, وقد تعهّد بالسعي لإغراق عباد الله في بحار الأماني الكاذبة في لذة عاجلة, وسعادة موهومة, كما يزيّن فيها للإنسان سوء عمله فيراه حسناً, قال الله تعالى : "وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا".
وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي أن أمنيات الإنسان إذا اقتصرت على ظاهر الدنيا, وخلت من الدار الآخرة, فقد تنكّب الطريق وضلّ عن سواء السبيل, إذا قال الله تعالى : " مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ".
وقال, ومن كانت أمنيته تسبح في بحار الأحلام يقظة ونوماً بلا عمل, وأحاط جسده بالكسل, فلن يجني إلا السراب, عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الكيّس من دان نفسه, وعمل لما بعد الموت, والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله". وأضاف فضيلته أن من يسلك السبل المحرّمة لتحقيق الأماني باللجوء إلى السحرة والمشعوذين فقد ظلم نفسه, قال صلى الله عليه وسلم : " من أتى كاهناً أو ساحراً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" رواه الطبراني ، وأن القبور التي تبدأ فيها حياة البرزخ ترد فيها أشدّ الأمنيات حرجاً, فأمنية المؤمن في قبره أن تقوم الساعة لما يرى وينتظره من النعيم والسرور, أما الكافر فأمنيته في قبره ألا تقوم الساعة لما يرى وينتظره من العذاب الأليم.
وأوضح الشيخ عبدالباري الثبيتي أن الميّت يتمنى العودة للحياة, لإدراك ما فات من الطاعات, وليصلي ولو ركعتين, وذكر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مرّ بقبرٍ فقال: "من صاحب هذا القبر؟ فقالوا : فلان, فقال : ركعتان أحبّ إلى هذا من بقية دنياكم". وأشار إلى أن الموتى يتمنون الرجوع إلى الدنيا ليتصدّقوا, وليذكروا الله ولو بتسبيحة واحدة, أو بتهليلة واحدة, فقد قال تعالى في شأنهم "أنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدّق وأكن من الصالحين".
وأوضح الأمنية المؤلمة التي لا محيد عنها, نداء الحسرة لأهل العذاب يوم القيامة, فالكافر العاصي حينما يأخذ كتابه بشماله, ويرى مصيره, يتمنى لو كان تراباً : " ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا" وقوله جل وعلا " إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا".
وبيّن إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبدالباري الثبيتي أن أشرف موقف في رحلة الأمنيات, ما يناله أهل الجنة من نعيم الأمنيات وربّهم يجود عليهم ويزيدهم بكرمه, فأقلّ أهل السعادة منزلة هو آخر أهل الجنة دخولاً إليها, إذ يدخل الجنة وقد انفهقت له وتزيّنت, فيقول له ربّه : تمنّ, فيتمنى العبد ويتمنى, حتى إذا انقطعت به الأماني, قال الله له " لك الذي تمنّيت وعشرة أضعاف الدنيا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.