آخر تحديث للمقالة بتاريخ : 28 ديسمبر 2014 الساعة : 5:28 صباحًا الاختلاف نعمة وليس نقمة قال تعالى : "ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين" (الروم:22) الحمدلله على نعمة الاختلاف ، فهي نعمة قلما نحمد الله عليها وقلما نعرف فائدتها . فالناس مختلفين في الألسنة والأشكال والألوان والمذاهب والعقائد والأديان وفي أشياء كثيرة . وهذا التباين والتمايز فيه فوائد : منها المعرفية والفكرية والثقافية والنفسية والفنية وغيرها من النعم التي لا تحصى . والبشر في اختلافهم كالبستان الذي يحوي أزهارا مختلفة الألوان والأشكال والعبير ،وأنت كالفراشة تنتقل من زهرة لأخرى وتأخذ من كل زهرة رحيق وتغذي بها نفسك حتى تنمو وتزدهر وتظهر في أجمل شكل ثم تقف بعيدا متأملا وتقول سبحان الله والحمدلله الذي لم يخلق في الكون كله نوعا واحدا من الأزهار بل هي أنواع وأشكال جميلة وعديدة ومفيدة. هكذا هي الحياة ليتنا نقف ونقول الحمدلله الذي لم يجعل الناس كلهم على مذهب واحد ولا على دين واحد ولا علىاعتقاد واحد، فلو كنا كذلك لأصبح لا فرق بيننا وبين الحيوان لأنه لا مجال للتفكر والتأمل والابداع والاختراع ؛ فالعقل نمطي وتقليدي ويعمل بنفس الطريقة الذهنية لأي انسان آخر ، ولكن عند الاختلاف يختلف أسلوب التفكير والفهم من شخص لآخر وبذلك تُصنع المعرفة وتتنوع وتتمايز . قال تعالى : "كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين " (سورة البقرة: 213) ربما تصور لنا الآية حكاية الانسان الأولي البدائي الذي لا يعرف من الحياة الا الصيد وأدواته . وبعد مجيء الأنبياء أصبح انسانا ذا لغة ودين ومعرفة بسيطة ثم تطور تدريجيا حتى أصبح الانسان العصري الذي يتخاطب بلغة التكنولوجيا الرقمية . النفس التي تكره الانسان الذي يختلف عنها في العرق أو اللون أو الدين أو المذهب هي لا شك نفس عنصرية تظن أنهاهي الأحسن والأفضل والأكرم ،ولكن المعيار يختلف عند الله ألا وهو التقوى، قال تعالى " إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (الحجرات: 13) ما نحتاجه في بلادنا هو ثقافة احترام الاختلاف وكذلك تعزيز الاختلاف وتشجيعه وهو العمل الأصعب تطبيقا وتقبلا على أرض الواقع . ولا يكون ذلك إلا بتوجيه النشء نحو كيفية التعايش مع المختلفين باحترام وبر واحسان كما أمرنا الله ورسوله، وأيضا تطوير المناهج لتصبح أكثر مرونة في استيعاب الانسان الآخر والتعريف بحقوقه وكرامته كما كرمه الله تعالى في قوله "ولقد كرمنا بني آدم" (الاسراء:70). هذا الأملإن كان صعبا فهو ليس مستحيلا بل ممكنا لكن نحتاج الصبر والتعاون على البر والتقوى لنحيي الرسالة المحمدية التي بدأت بالسلام وتوسطت بالرحمة وانتهت بالبركة . . أ. رفعة اليامي صحيفة نجران نيوز الالكترونية