حسام بن سعود يشارك منتسبي إمارة الباحة احتفالهم باليوم الوطني    نائب أمير الشرقية: مشروعات البيئة والمياه تحقق التنمية الشاملة والمستدامة    121 سجلا تجاريا تصدر يوميا    تداول يخالف التوقعات ويغلق على تراجع 78 نقطة    إنتاج الأوبك يواصل الارتفاع للشهر السادس ويسجل أعلى مستوى في 26 شهرا    أمير حائل يلتقي وزير البلديات والإسكان    الفضلي: مشروعات المياه في الشرقية تترجم رؤية 2030    الهوية الوطنية «بدل مفقود» عبر أبشر    المرور: قيادة الدراجة الآلية تستوجب رخصة خاصة    العلا تتألق عالميًا في يوم السياحة    أكثر من 53 مليون قاصد للحرمين خلال ربيع الأول    نائب أمير الرياض يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    "الشؤون الإسلامية" تواصل جهودها التوعوية في الجعرانة    استشاري أورام: مستقبل القضاء على السرطان مشرق    خالد ينقذ حياة شقيقه بكلية    الاتحاد يسرح بلان ويستنجد بخليفة    الهلال يلاقي ناساف.. والأهلي أمام الدحيل    «فنون الرياض» تحتفل باليوم الوطني وتكرم الرموز    إيران بين المواجهة والدبلوماسية بعد إعادة فرض العقوبات الأممية    أزمة الحرب تتفاقم بتصعيد روسي وهجوم أوكراني    تمادي إسرائيل في حرب غزة ومقترح عماني يدعو لفرض العقوبات    دوري المقاتلين المحترفين يختتم جولة نصف النهائي ونزالات الجولة النهائية في الشرقية    منتدى فكر بجامعة جازان يناقش الوسطية والانتماء    مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير تحتفل باليوم الوطني ال95    حقيقة مفاوضات الاتحاد مع تشافي هيرنانديز    مساعدات إغاثية سعودية جديدة تعبر منفذ رفح متجهة إلى قطاع غزة    وزير العدل: التشريع في المملكة يرتكز على الوضوح والمشاركة المجتمعية    وزارة البلديات والإسكان تُحدّث الاشتراطات الفنية والتنظيمية لمكاتب تأجير وسائل النقل    نائب أمير تبوك يكرّم مدير الشرطة السابق ويستقبل خلفه المعين حديثًا    95 لوحةً فنية ترسم مشاعر طلبة تعليم مكة المكرمة باليوم الوطني    جامعة الإمام عبدالرحمن أول سعودية تحصد الاعتماد الدولي من الكلية الملكية بكندا    بن شفلوت يرعى إحتفال اليوم الوطني في أحد رفيدة    المثالية: لعنة النجاح المؤجل!    المعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر استعداداً للكذب والخداع    المملكة ترأس جلسة أعمال المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة    الشرع: سورية عادت لمكانتها التاريخية الفاعلة بين الأمم    القادسية يعبر الفتح ويقفز ل «وصافة روشن»    بطولات كبرى شهدها ختام موسم سباقات الطائف 2025    تتجاوز 1.74 مليار دولار.. 42 اتفاقية استثمارية سعودية مع شركات صينية    وسط مساعٍ أمريكية لوقف الحرب.. 120 غارة إسرائيلية على غزة و52 قتيلاً    ملتقى سعودي عن الذكاء الاصطناعي في سيئول    16 باحثاً سعودياً ضمن قائمة الأفضل عالمياً    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً في أسبوع    أوباما: لا مبرر لقصف غزة وإقامة دولة فلسطينية ضرورة    50 مليار ريال فرصاً استثمارية في التعليم    «زاتكا»: 1511 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية    ضبط 12 متورطاً واحباط تهريب 234 كجم مخدرات    الاهتمام بتطوير التجربة الإيمانية لضيوف الرحمن.. «الحج» : التنسيق مع ممثلي 60 دولة للموسم القادم    آرسنال في اختبار صعب أمام نيوكاسل    «قط وكلب» يتسببان في طلاق زوجين    أزمة قلبية تنهي حياة عريس    الملك عبدالعزيز الوحدة والمنهج    قطرات تقلل ألم مرضى الشبكية    خطر خفي لنقص سوائل الجسم    %20 استعادوا النبض بعد توقف القلب    دراسة: كبسولات صغيرة تسعى للحد من التهاب الدماغ    حماة البيئة    محافظ قلوة يرعى احتفال أهالي المحافظة باليوم الوطني ال 95    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاجأة هيكل : دور مبارك في الضربة الجوية كذبة وامريكا قتلت بن لادن وهي تعلم انه سيموت بعد 3 اشهر بسبب مرضه
نشر في مسارات يوم 15 - 05 - 2011

فجر المؤرخ والكاتب المصري الشهير محمد حسنين هيكل مفاجأة خلال حواره مع صحيفة الاهرام والذي نشر السبت , حيث اشار الى ان التوظيف السياسي لدور مبارك في الضربة الجوية في حرب تشرين اول عام 73 كان كذبا صريحا هدفه تأسيس شرعية للنظام , في واقعة خرجت تماما عن اطارها الصحيح.
وكشف هيكل عن أن إسرائيل دخلت الحرب وهي تعرف موعدها وقد أبلغها بذلك جاسوس كان يعمل لحسابها لكنه استطرد: لا أتهم الآن أحدا بالذات في هذا الموضوع .
من جانب اخر تحدث هيكل عن اغتيال أسامة بن لادن زعيم القاعدة بالقول :أمريكا قتلت رجلا كانت تعرف أنه علي حافة الموت من فشل في الكلي وأن الإحساس العام كان أن الرجل سوف يموت بشكل طبيعي خلال3 أو4 شهور.
وتاليا نص الحوار :
بعد سنوات طويلة افتقد فيها الأهرام وقارئه بشدة آراء الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل علي صفحاته، وهي سنوات وصفها الأستاذ بكلماته في بداية حواره المهم والمطول الذي بدأ الأهرام في نشره من اليوم الجمعة بأنها كانت سنوات من الفراق ولم تكن سنوات من القطيعة.
قال الأستاذ هيكل فى حوار شامل وقيم أجراه معه الأستاذ لبيب السباعى رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام: إن الأهرام كان طول الوقت بيتي، وكل من فيه أهلي وكنت دائما أشعر بالألفة مع كل شيء فيه.. من البشر إلي الحجر.. ومن الورق إلي الماكينات.. وكانت مشاعري تنحاز دائما للأهرام وبكل من فيه وحتي الأجيال التي لم يسعدني الحظ في التعرف عليها والعمل معها.
الأستاذ لبيب السباعى فى كلمات موجزة قبل سرد تفاصيل حواره القيم وتحت عنوان "الأهرام والأستاذ .. بين سنوات الفراق وليس القطيعة... ثم العودة" كتب قائلاً: قبل بداية الحوار كان الأستاذ هيكل قاطعا في كلماته وهو يقول رغم كل الظروف فإن الأهرام سيبقي هو الأهرام وأتمني أن يستعيد روحه وهذا سوف يحدث حين يستعيد مهمته الأساسية، فالأهرام جزء من التاريخ المصري واستمراره رهن بأداء مهمته, وأداء مهمته رهن باستقلاله.. أضاف رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام: قد يسمح الأستاذ هيكل وقد أجريت معه علي مدي سنوات سابقة العديد من الحوارات في مختلف الصحف أن أقول إنها كانت المرة الوحيدة التي وبكل صدق شاهدت الأستاذ هيكل بكل هذا التدفق والرضا.. سعيدا وهو يفتح قلبه بحواره مع الأهرام، ومن هنا أقول إن إطلالته اليوم مرة أخري علي صفحات الأهرام بعد كل ما جري وهو للأسف كثير والأستاذ يترفع عن الحديث فيه إنما يلقي بمهمة كبيرة علي أسرة الأهرام كلها بما فيها الأجيال التي يري الأستاذ هيكل أنه لم يكن سعيد الحظ بالتعرف عليها أو العمل معها، والحقيقة أن هذه الأجيال من الزملاء بالأهرام هي التي تري أن الحظ لم يسعدها بالعمل معه أو الاقتراب ولكن الأهرام قادر علي الوفاء بها بإذن الله وهي المهمة التي أوجزها الأستاذ هيكل في كلمتين هما استقلال الأهرام.
استكمل الأستاذ لبيب كلمته الموجزة التى تنم عن حنكة القائد، قائلاً: قبل الحوار الذي استمر أكثر من180 دقيقة تدفق فيها الأستاذ هيكل شارحا للمشهد السياسي المحلي والعالمي والذي ينشره الأهرام علي مدي ثلاثة حلقات يوما بعد يوم، فإن الواجب والامتنان يقتضي بأن يعرف الأستاذ أن إضاءاته اليوم علي صفحات الأهرام لم تكن مصدر سعادة له وحده فقد كانت السعادة والثقة التي سادت بين قراء الأهرام ومعهم كل أبناء الأهرام مع أولي كلماته التي نشرها الأهرام تحت عنوان عن الفتنة الطائفية وغيرها تفوق كل التصورات وتتجاوز كل ما توقعناه.
إلى تفاصيل الحوار، فقد اعتبر الأستاذ محمد حسنين هيكل أن الثورة المصرية نجحت ووصلت إلي مشارف الهدف، إلا أنه عاد ليؤكد أنها لم تصل بعد إلي مرحلة النصر التي تعني تحقيق الهدف وهو الحرية والديمقراطية وكفاءة الأداء وعدالة التوزيع وسيادة القانون.
وحدد هيكل- في الحلقة الأولي من حواره الجرائم التي ارتكبها مبارك واستبعد التحقيق فيها جنائيا- وهي العدوان علي روح النظام الجمهوري والبقاء في الرئاسة30 سنة وتعديل الدستور للسماح بتوريث السلطة والتصرف في موارد البلد وثروته كما لو كانت ملكا شخصيا.
وأكمل هيكل قائمة الاتهامات، بالقول إن النظام السابق أهمل إهمالا جسيما في قضايا لا تحتمل الإهمال، مثل قضية مياه النيل والفتنة الطائفية والتعاون مع إسرائيل بما جعل أحد وزرائها يصفه بأنه كنز استراتيجي لها، وتزييف إرادة الشعب وانتهاك حقوق الإنسان والتواطؤ في أعمال سرية لتحقيق غايات سياسية ومالية.
واستطرد الأستاذ: تلك كلها تهم سياسية وليست تهما قانونية والتعامل حيال هذه الجرائم لابد أن يكون سياسيا.ودعا إلي محاكمة برلمانية لهذا النظام بعد تشكيل البرلمان المقبل.
وانتقد اعتماد النظام السابق علي العنف، وهو ما أصابه بوهم كبير في تأثير قوته علي الأرض، مشيرا إلي أن تعداد قوات البوليس وصل إلي مليون و240 ألف فرد، بالإضافة إلي توافر كل الوسائل التكنولوجية لهذه القوات. وعلي الرغم من هذه الانتقادات فإن الأستاذ استدرك بقوله : في بعض اللحظات وأنا رجل عرفت وتابعت وعارضت سياسته في وقتها لم أتمالك نفسي من التعاطف مع مبارك كإنسان وكأب وكزوج.
وحول دور مبارك في الضربة الجوية في حرب أكتوبر وأسلوب التوظيف السياسي لها، قال هيكل إن هذه الضربة وتصويرها علي النحو الذي صورت به, كان كذبا صريحا له قصد مقصود, وهو تأسيس شرعية نظام بأكمله علي واقعة خرجت بها تماما عن إطارها الصحيح, وكشف الأستاذ عن أن إسرائيل دخلت الحرب وهي تعرف موعدها وقد أبلغها بذلك جاسوس كان يعمل لحسابها لكنه استطرد: لا أتهم الآن أحدا بالذات في هذا الموضوع
وانتقل الأستاذ هيكل، في حديثه، إلي عملية قتل أسامة بن لادن زعيم القاعدة كاشفا عن أسرار مثيرة وجديدة، وقال إن أمريكا قتلت رجلا كانت تعرف أنه علي حافة الموت من فشل في الكلي وأن الإحساس العام كان أن الرجل سوف يموت بشكل طبيعي خلال3 أو4 شهور.
وقد رأي مجلس تحرير الأهرام أن ينشر هذه المجموعة من ثلاثة أحاديث مع الأستاذ محمد حسنين هيكل بفاصل يوم بين الواحد والآخر، حتي تكون الفرصة كافية وواسعة أمام قارئ الأهرام. وسوف تفتح الأهرام باب المناقشة فيها لثلاثة أيام متوالية, بعد اكتمال نشر الأحاديث، أي أن نشرها سوف يتم ابتداء من اليوم، ثم الأحد15 ايار، ثم الثلاثاء17 ايار2011.
لبيب السباعى كان أول سؤال له مع هيكل بقوله: غاب الأستاذ عن صفحات الأهرام فهل كانت لديك ملاحظات علي أداء الأهرام قبل انهيار النظام وأثناء الثورة.. كيف كنت تراه ؟!
هنا رد الأستاذ هيكل قائا: أظن أنكم توافقون معي علي أنه من الضروري قبل أن أتحدث عن أي شأن عام مع الأهرام بعد فراق، ولاحظوا أنني لم أقل قطيعة، بضع عشرات من السنين، أن أقول وبجد بأن الأهرام كان طوال الوقت بيتي، وكل من فيه أهلي وكنت دائما أشعر بالألفة مع كل شيء فيه من البشر إلي الحجر ومن الورق إلي الماكينات وحتي تلك الأجيال التي لم يسعدني الحظ بأن أتعرف إليها أو أعمل معها.
ملاحظة أخري لابد أن تجيء في أول الكلام، وهي أن صلتي بالصحافة المصرية كلها الآن في إطار الرؤي والتجربة ليس أكثر، فأنا رجل يحاول أن يعرف حدوده وأن يلزمها، فلكل عصر رجاله، ولكل زمن ناسه الأجدر بملاحقة أحداثه, وعرض أفكاره, وليس من اللائق أن يتلكأ أحد علي العصر والزمن, مهما بلغ حسن ظن الناس فيه وتعاطفهم معه, وربما تتذكر يوم أن تركت الأهرام4 فبراير1974 أنني قررت إنزال الستاره بيني وبين الحنين إلي الماضي لأنه قد يؤثر بالعاطفة علي الموقف، وردا علي السؤال أقول: أنا عندي ضعف تجاه الأهرام في كل ظروفه وأحواله، ودائما كنت موضع اتهام بأن هذا غرام اساسي في حياتي، وعندما تقول لي ماذا تغير في الأهرام بعد يناير عن قبله ؟! أقول لك: الأهرام سيبقي هو الأهرام ولكنني أتمني في يوم من الأيام أن يستعيد روحه، وهذا سوف يحدث عندما يستعيد مهمته الاساسية، فهو جزء من التاريخ المصري.. واستمراره رهن بأداء مهمته، وأداء مهمته رهن باستقلاله، واستقلاله يتمثل في أداء صحيفة تسير وراء الاخبار الصحيحة وتسبق بها، فهي صحيفة إخبارية بالدرجة الأولي، ثم تحلل هذه الأخبار بعمق وفهم وأمانة، ويجيء التعليق والرأي منسوبا لأصحابه ومعزولا عن الخبر في مكانه، والصحافة المصرية عموما فيها ظاهرة غريبة وهي كثرة أعمدة الرأي.. وكثير منها لا يستند إلي قاعدة إخبارية، وأنا لا أؤمن بتعليق أو رأي خارج قاعدة الخبر.. وأقصد هنا أن كل من يريد أن يعلق في مقال لابد أن يكون مستندا علي خبر هو نفسه الذي حصل عليه أو اكتشف تفاصيله، أويطرح رؤية جديدة جدية عنه، أما الموضوعات الانشائية والنميمة فهذه لا تصلح لصحافة جادة.
الأستاذ لبييب سأل : عدت مؤخرا من رحلة خارجية سريعة، ببساطة.. كيف يرانا العالم الآن ؟! كيف يفسرون الثورة المصرية ؟ وما الإيجابيات والسلبيات من وجهة نظرهم ؟!
الأستاذ هيكل أجاب: ليلة27 إبريل الماضي كنت ضيفا علي عشاء دعا إليه اللورد ديفيد أوين وزير خارجية بريطانيا الأسبق، وزوجته الليدي ديبي في قاعة الطعام الرئيسية في مجلس اللوردات في ويستمينستر، وتصادف هذا التوقيت مع الزفاف الملكي وكانت هناك شخصيات عالمية كثيرة موجودة علي أطراف هذا الاحتفال، وكانت الأسئلة تنطلق نحوي بسرعة مدفع رشاش ولاحظت وجود حالة من الانبهار بالثورة المصرية، وكل الناس تتكلم علي علم اسمه ميدان التحرير وأجواء أسطورية محيطة به، وهناك إعجاب بشعب تصوروا أنه لا أمل فيه فإذا به يأخذ خطوات بديعة بكل المقاييس، أيضا كانت هناك رغبة في اعتبار ما جري جزءا من ظاهرة تم تعميمها وأنا اعترضت علي ذلك، واهتمام واضح بتطورات الأمور وما يجري.. ثم حالة قلق من الوقوف في المكان وكان هذا واضحا عند الجميع، كانت هناك أسئلة كثيرة عن الشباب والمجلس العسكري والمشير طنطاوي وخطط المستقبل وتكلمت طويلا لكن في كل ما قلته كنت واضحا في أنني لا أعبر سوي عن رأيي الشخصي وتصورات لمراقب مهتم من بعيد.
بلغة توصف ب"المحترفة" فى التلاعب بالكلمات عند طرح السئوال، قال رئيس مجلس إدارة الاهرام للأستاذ هيكل: أنت لاعب قديم لرياضة الجولف ومتابع لها، هل تري أن العالم العربي فجأة ملعب جولف كبير.. يمتليء بالحفر.. وتحولت الشعوب إلي لاعبين يحاول كل منهم أن يصيب الهدف.. لتستقر كرة الثورة داخل حفرة السلطة, ففي تونس مثلا نجح الشعب في أن يسجل( بيردي) فادخل كرة الثورة في الحفرة من مسافة بعيدة, ومن ضربة واحدة.. وهو يقترب كثيرا من حيث النتيجة مما حدث في مصر.. بينما اختلفت الأمور كثيرا في اليمن وفي ليبيا وأيضا في سوريا.. لكن قبل أن نبدأ في قراءة هذه المباراة أو تحليل ما جري أسأل حضرتك: كيف رأيت ما حدث في مصر ؟! هنا أجاب الأستاذ هيكل على السئوال بقوله: لا أعرف إذا كان كل القراء يتابعون نموذج لعبة الجولف الذي استعملته في سؤالك, ويبدو لي أنك تعرفها من استعمالك لمفرداتها مثل الضربة والحفرة والكوز الذي تنزل فيه كرة الجولف وتحقق الفوز، دعني أقل بصراحة أن ما جري في تونس ومصر لم يكن ضربة بيردي لسبب مهم.. وهو أن ثورة مصر وتونس لم تدخل في الهدف بضربة واحدة، بلغة الجولف النصر يصبح إيجلإذا دخلت الكرة للهدف بضربة واحدة وبعده البيردي حين يقل عدد الضربات واحدة عن الحد المقرر، وبلغة الجولف أيضا فإن الثورة وصلت بنا إلي مشارف الهدف الإبروش، سواء كنا علي الحشيش الأخضر أو في خندق الرمل علي حرف الهدف، وأمامنا ضربة، أو ربما أكثر، لكي تنزل الكرة في الكوز وتسجل الفوز الحاسم للثورة، نحن فعلا علي الإبروش أي المشارف، وذلك صنعته حالة الثورة، لكن الكرة تنزل في الكوز ويتحقق الفوز عندما تتحقق أهداف الثورة، ولابد أن نفرق هنا بين حالة الثورة، وبين بلوغ هدف الثورة لاكتمال الفوز وتتويجه, بشكل أوضح هناك فارق بين النجاح والفوز.. فالأول هو في الأداء وعملية أن يصبح الهدف في متناول يدك، أما الفوز بمعني النصر فهو تحقيق الهدف فعلا ومؤكدا، وأنا أعتقد أنه في حالة الثورة المصرية فإنها نجحت والكرة وصلت إلي مشارف الهدف بالفعل لكنها لم تصل بعد لمرحلة النصر والتي تعني تحقيق الهدف.. هي وصلت إلي مشارفها، أنت فتحت الأبواب للمستقبل.. لكن السؤال الآن هو: من يملك جسارة الدخول من هذه الأبواب المفتوحة ؟! فأنت بالفعل كنت في الطريق إليها ووصلت إلي قربها لكن التحدي الأكبر في إحراز النصر نهائيا وكاملا، حتي هذه اللحظة بلغت درجة النجاح ووصلت إلي مشارف الفوز وبقي عليك تحقيق الضربات الحاسمة لتحقيق الهدف.
هنا عاوده الأستاذ لبيب بتساؤل: وما الذي ينقصنا لنصل إلي حالة الفوز ؟!
فأجاب الأستاذ هيكل: أشياء كثيرة تنقصنا.. هذا المجتمع لم يتغير بعد، صحيح أنه أزاح كل العقبات وفتح كل الأبواب، واستطاع بشبابه وملايينه أن يصل إلي قريب جدا من هدفه.. لكن بقيت جسارة القدرة التي تتعلق بما كان مختلا من الأوضاع واستدعاك للقيام والنهوض والثورة، لابد أن يتحقق تغييره علي الأرض، بمعني أوضح.. الوصول إلي تحقيق هدف الحرية والديمقراطية وكفاءة الأداء وعدالة التوزيع وسيادة القانون، أي أن تجدد حياتك في كل شيء، وتتسق مع تاريخك وعصرك وزمانك وتحدد أهدافك ومستقبلك وتقرر الوسائل الضرورية لها وتحشد من القوي المعنوية والمادية لتحقيقها، بمعني أن الثورة ليست خروج الشباب وجماهير بالمليون فهذه هي الافتتاحية العظيمة للثورة، وأما هدفها فهو تغيير الواقع علي الأرض اجتماعيا واقتصاديا وفكريا بالدرجة الأولي، وهذه عملية لاتزال تجري في مناخ الثورة، ووهجها، وقوة اندفاعها، نحن فعلا في حالة ثورية، وهذا شيء رائع، لكن الكرة لم تنزل بعد في الكوز، لكي ترفع الأعلام، وتدق الأجراس، وهذا هو التحدي الكبير أمامنا في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ.
سأل الأستاذ لبيب: لكن كثيرين يعتقدون أن الحالة الثورية كفيلة بالضرورة وبمقتضي الأحوال أن تؤدي لتحقيق الهدف ما دامت مستمرة بحد أدني من الاتجاه الصحيح ؟!
فأجاب الأستاذ هيكل: عند مشارف الهدف وإزاءه، فإننا لابد أن نفرق بين ثلاث علامات: حالة الثورة والتي تمر بمرحلة قلق، ونقصد هنا رفض وإسقاط ما كان بالفعل في وقت الرئيس السابق مبارك، نضج الجماهير والشباب ووعيهم بأن ما هو واقع لا يمكن أن يستمر.. هذه هي حالة الثورة، ثم نصل إلي فعل الثورة وهو خروج الجماهير المذهل وطلب التغيير أي الحدث الذي تحقق في ميدان التحرير وبقية أنحاء مصر من جانب الشباب معززين بكتل الملايين، وهذا أيضا نجحنا فيه, وعندما فتحت الأبواب أصبح كل شيء أمامك متاحا لتتحقق العلامة الثالثة وهي الدخول لتحقيق هدف الثورة وهو التغيير الشامل في كل شيء، وهنا الفوز.. وهو ما يتحقق عندما تجد الثورة في نفسها جسارة دخول أبواب المستقبل وتعيد صياغته من جديد.
هنا عاد الأستاذ لبيب إلى المباراة مجددً وسأل الأستاذ لبيب قائلا: الشأن المصري ربما يحتاج إلي مباراة من ألف شوط حتي نستطيع ان نري الواقع ونتخيل ملامح الغد.. اسمح لنا ان نطل من نافذتك علي ما يجري الآن في نقاط محددة.. بم تصف السقوط المروع للنظام الذي كنا نظنه مرعبا ؟
فأجاب الأستاذ هيكل: ببساطة.. النظام ارتكب الخطأ التقليدي لكل من اعتمد علي العنف، عندما تجد البوليس وصل تعداده إلي مليون و240 ألف فرد ووفرت له كل الوسائل التكنولوجية وكانت النتيجة ما رأيت أن القوة المفرطة أصابت النظام السابق بوهم كبير جدا في تأثير قوته علي الأرض، والقوة في كثير من الأحيان يدعوها احساسها بنفسها إلي الاعتماد علي تأثيرها أكثر من اللازم، تتواكل وتتكاسل، والناس أيضا يكون شعورها تجاه هذه القوة مبالغا فيه، وارجع إلي قصة جابرييل جارسيا ماركيز خريف البطريرك ولكي نعرف قيمة ما حدث في تونس، فقد كان الهيلمان موجودا وطاغيا والكل يخشاه.. لكن الناس كسرت حاجز الخوف، كان النظام هناك يشبه النظام المصري، لكنه كان نموذجا معمليا علي نطاق أضيق.. ناس تقدمت وأزاحوا الوحش المغرور بسلطانه.. فتهاوي بسهولة، تماما مثل البطريرك في قصة ماركيز.
هنا خرج الأستاذ لبيب من نطاق المباراة إلى حدود شرم الشيخ عندكا سأل الأستاذ هيكل: هل مازلت عند رأيك فيما يتعلق ببؤرة شرم الشيخ.. وهل تحركت هذه البؤرة لتدير ثورتها المضادة من أماكن أخري وبأشخاص آخرين.. ومن هم ؟
فأجاب الأستاذ هيكل: لم أستعمل كلمة بؤرة هذه، فقد عدت لما قلته خلال لقاء تلفزيوني، ووجدت أنني استعملت كلمة موقع في الإشارة إلي شرم الشيخ4 مرات، واستعملت كلمة مركز مرتين، بينما كلمة بؤرة استخدمتها مرة واحدة، وأنا لم أقصد أنها بؤرة قذرة أو أي شيء من هذا القبيل.. لكنه وصف جغرافي أو طبوغرافي لشكل موقع.
الأستاذ لبيب: دائما كنت تتكلم بتقدير عن مقام الرئاسة.. حتي وأنت تنتقد سياسات مبارك، فهل أضاع الرئيس السابق هيبة مقام الرئاسة ؟!
الأستاذ هيكل: عندما تختار شخصا لهذا المنصب.. فالاختيار هو لرئيس في مقام الرئاسة، وهنا إما أن يتصرف الرئيس خطأ فتعزله، إما بحق الثورة أو بحق القانون، فالخلل ليس في مقام الرئاسة هو دائمامحفوظ أو كذلك ينبغي والمخطئ يسئ إلي نفسه، وينبغي أن يعاقب المخطيء وفقا لقاعدة وقانون يراعي الأمور التي تحدثنا فيها بالفعل.
إلى هنا، تؤكد "بوابة الأهرام" أن ماكتب سالفاً يمثل جزءاً بسيطاً من الحوار القيم الذى أجراه الأستاذ لبيب السباعى رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، مع الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل، ذلك الحوار الذى نال قدراً كبيراً من إعجاب قراء الأهرام، لما شمله من معلومات واعترافات ل"الأستاذ" ربما تنشر لأول مرة، خاصة وان نوعية الأسئلة التى طرحها الأستاذ لبيب على "الأستاذ الكبير" ساهمت فى إخراج عبارات وجمل واعترافات من الكاتب الكبير،ربما كان قد يصعب على البعض إخراجها منه بسهولة.
الاهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.