حينما أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله أمره السامي الكريم بإعفاء الدكتور محمد صالح بن طاهر بنتن وزير الحج والعمرة من منصبه ، وتكليف الدكتور عصام بن سعد بن سعيد بالقيام بعمل وزير الحج والعمرة، بالإضافة إلى عمله وزير دولة وعضو مجلس الوزراء ، استبشر الكثيرون خيراً لما عرف عن معاليه من نجاحات خلال تكليفه بوزارتي الاسكان ، والخدمة المدنية . وظهرت أولى خطوات الدكتور عصام مع بدء مباشرته لمهامه بمقر الوزارة بمكة المكرمة ، فكان قراره للموظفين بالانضباط في العمل والالتزام بالأنظمة ، قائلا لهم : " عملكم في الوقت نفسه تكليف عظيم، وأمانة سيُسأل عنها، مع ما فيها من عظيم الأجر والثواب" ، وهي خطوة تعني أن كل ذي حق سينال حقه . والآن وبعد مباشرة معاليه لمهام عمله واطلاعه على إجراءات سير العمل ، والتقائه واجتماعه بقيادات الوزارة ومسؤولي مؤسسات الطوافة ، وقبل أن أطرح معاناة منسوبي مؤسسات الطوافة خاصة ، وأرباب الطوائف عامة ، أود أن أقول إن المعاناة الحقيقية للإنسان لا تأتي إلا بعد أن يعيش مواقف وتجارب مؤلمة ، ويزداد الألم وتزداد المعاناة حينما يحرم من الحصول على حقه نتيجة لمعلومة خاطئة نقلت عنه قلبت الحقائق وزورة الوقائع . ومعاناة المطوفين ومعهم أرباب الطوائف من " الوكلاء الزمازمة الأدلاء " بدأت منذ أن حلت جائحة كورونا وأغلقت المطارات والمنافذ البرية والبحرية ، وتوقف قدوم الحجاج من خارج المملكة ، فلحق العاملون في خدمات حجاج بيت الله الحرام ضرر كبير ، لكونهم معتمدين بعد الله على ما يحصلون عليه من أعمال الحج ، وازدادت معاناتهم حينما حرموا من الدعم الحكومي الذي ناله الكثيرون ومنهم شركات ومؤسسات الحج والعمرة لمواجهة خسائر جائحة كورونا ، والذي تراوح من 2.5 مليون إلى 15 مليوناً حسب تصنيف كل شركة ومؤسسة ستستفيد منه 560 شركة ومؤسسة في قطاع العمرة و195 شركة ومؤسسة في قطاع الحج مرخصة من قبل وزارة الحج والعمرة ، كما أوضحت ذلك اللجنة الوطنية للحج والعمرة ، وفقا لما نشرته جريدة عكاظ بعددها الصادر بتاريخ 02 مايو 2020 ، ولم تحظى مؤسسات الطوافة والعاملون بها بمثله رغم تأثرهم الكبير جراء عدم قدوم الحجاج ! واليوم وبعد مضي عام على جائحة كورونا وعدم حصول منسوبي مؤسسات الطوافة على أي دعم مالي ، فإن ما يسعون إليه ليس الحصول على دعم ، بل المطالبة بالإفراج عن حقوقهم المالية المحجوزة تحت بند الاحتياط داخل مؤسسات الطوافة نتيجة لتعليمات أصدرتها الوزارة تمنع الصرف منها ، وهي مبالغ تمثل حقوقاً خاصة بمنسوبي مؤسسات الطوافة وليست حقوقاً للوزارة . وما يطلبه المطوفون وغيرهم من أرباب الطوائف هو تمكينهم من الحصول على حقوقهم التي حجزت دون مستند قانوني ، سوى القول بأنها ستذهب للرسملة ، فهل يعقل أن يمتلك الشخص مائة ألف فيما يقال أنه بند الاحتياط ، ويترجى الآخرين لمنحه مائة ريال ليسد جوع أسرته ؟ إن المبالغ المالية المحجوزة داخل المؤسسات تمثل احتياطيات أعوام 1438، 1439، 1440 ه ، ولم تدخل ضمن الرسملة ، وما قيل أو يقال بأنها مبالغ تمثل رسملة قول خاطئ أريد به تعطيل حقوق الآخرين وفضح أسرارهم . ومن يدعي عدم قانونية صرفها فعليه أن يعود قليلاً إلى الوراء ويتذكر أنه في موسم حج عام 1437ه لم يصل حجاج ايرانيون ، وعملت مؤسسة مطوفي حجاج إيران على صرف تعويضات للمطوفين من المبالغ الاحتياطية ، ولم تكن هي الوحيدة فقد سبق وأن صرفت المؤسسة من نفس البند على مدى ثلاث مواسم بدأ من عام 1988 1990 م ، وإن كان الرصيد الاحتياطي بالحساب هو مبلغ من المال يتم احتجازه لتغطية المخاطر المالية المحتملة ، فهل ثمة مانع قانوني يحول دون صرف تعويضات للمطوفين من هذه المبالغ التي تخصهم وحدهم . قال تعالى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } للتواصل [email protected]