الأهلي يسحق أبها بخماسية ويضمن التأهل إلى دوري أبطال آسيا للنخبة 2024-2025    جامعة الملك عبدالعزيز تمكّن القبول النسائي بالقطاع البحري    199 مليار ريال مساهمة قطاع الطيران في الناتج المحلي    نيابة عن ولي العهد.. وزير البيئة يرأس وفد المملكة في المنتدى العالمي للمياه    الرياض يتعادل والحزم يهبط رسميًا    ضبط 16023 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    منتخب العلوم والهندسة يحصد الجوائز بآيسف 2024    المملكة رئيسا للمجلس التنفيذي للألكسو حتى 2026    الرئاسة العامة تستكمل جاهزيتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام ١٤٤٥ه    التخصصي: الدراسات السريرية وفرت نحو 62 مليون ريال    إصابة ناقلة نفط بصاروخ أطلقه الحوثيون قبالة سواحل اليمن    فيضانات أفغانستان تزهق الأرواح وتدمر الممتلكات    قانون التعبئة يهدد بهروب المزيد من الأوكرانيين    الأرصاد: أجواء شديدة الحرارة في الشرقية والوسطى مع دخول الصيف    تشيلسي يتوج بلقب الدوري الإنجليزي للسيدات للمرة الخامسة على التوالي    القبض على 3 مقيمين بالمدينة المنورة لترويجهم «الشبو» المخدر    رئيس وزراء اليونان والعيسى يناقشان الموضوعات المشتركة بين البلدين    تشخيص حالة فيكو الصحية «إيجابي» ووضع منفذ الاعتداء قيد التوقيف الاحتياطي    عرعر تحتضن صالون أدب    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعلن إطلاق استطلاعات الرأي لجودة التعليم الجامعي وبرامجه.    تشافي يستبعد قرب الإطاحة به من تدريب برشلونة    "إرشاد الحافلات" يعلن جاهزية الخطط التشغيلية لموسم الحج    توطين تقنية الجينوم السعودي ب 140 باحثا    ورشة عمل لبحث أخلاقيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي مع عدة جهات حكومية    افترقوا بحب معشر العشاق    حلبة النار تشتعل بفيوري وأوسيك    إتاحة مزاد اللوحات للأفراد ونقلها بين المركبات عبر أبشر    جامعة الملك فيصل تحصد الميدالية الذهبية عن اختراع جديد    من ينتشل هذا الإنسان من كل هذا البؤس    مجسم باب القصر يلفت انظار زوار وسط بريدة    «غرفة بيشة» تساهم في دعم حفل تكريم المشاركين في مبادرة أجاويد ٢    "تعليم الطائف" يعتمد حركة النقل الداخلي للمعلمين والمعلمات    نعمة خفية    الأمير سعود بن نهار يرعى حفل اطلاق الاستراتيجية الجديدة لغرفة الطائف    البحث العلمي والإبتكار بالملتقى العلمي السنوي بجامعة عبدالرحمن بن فيصل    المربع الجديد: وجهة لمستقبل التنمية الحضرية بالسعودية    قائد فذٌ و وطن عظيم    إندونيسيا: الكوادر الوطنية السعودية المشاركة في "طريق مكة" تعمل باحترافية    متحدث «الداخلية»: مبادرة «طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي والتقنية لخدمة الحجاج    «الحج والعمرة»: لا تصاريح عمرة ابتداء من 16 ذو القعدة وحتى 20 ذو الحجة    سفارة المملكة في قرغيزستان تحذر المواطنين بأخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن أماكن التجمعات    دراسة: الشركات الألمانية لا تسوق للسيارات الكهربائية بشكل جيد    استمرار هطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    تيليس: ركلة جزاء الهلال مشكوك في صحتها    جيرارد: فخور بلاعبي الاتفاق    الهلال يخطف تعادلاً مثيراً من النصر بعد حسم "روشن"    السمنة والسكر يزيدان اعتلال الصحة    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    العلماء يعثرون على الكوكب "المحروق"    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    مستقبلا.. البشر قد يدخلون في علاقات "عميقة" مع الروبوتات    طريقة عمل الأرز الآسيوي المقلي بصلصة الصويا صوص    طريقة عمل وربات البقلاوة بحشو الكريمة    ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    حراك شامل    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعر الفصيح والعامي في ميزان الشرعية
نشر في الخرج اليوم يوم 28 - 01 - 2009

أدبنا السعودي اخذ بالانحدار ، ولماذا الاستغراب ، هل اعتدتم المجاملات حتى أصبحت الحقيقة كالكفر ! الشعر السعودي المعاصر من بدأ إلى الآن لم يتقهقر كما حدث الآن ، فكما نرى التيارات الشعبية المنتشرة في المحافل الخليجية التي تسخر منا ببرامج شعرية مختلفة ونحن واعذروني ( إمعات ) نلحق خلفهم ونظهر في البرامج فقط ليُقال عنا شعراء ، وجوائزها من جيوبنا فلم نستفد بل استفادوا منا بشهره أو بضحك فالضحك يطيل العمر لو تعلمون فكم أطلنا من عمر أحدهم ! ، الاختلاف في شرعية العامي منذ فترة طويلة ، إلا أن السؤال يعود من جديد ويطرق أبواب النسيان ، هل يعتبر الشعر العامي شعرا ؟ وما سبب اختفاء الشعر الفصيح ؟
الشعر الفصيح لغة العرب ، عنوان بلاغتهم ، ومرجع لآدابهم وقاموس للغتهم ولسانها الفصيح _ قبل نزول القرآن _ ، وما يختلج في نفوسهم من مؤثرات خارجية ، كالمصائب والموت والحياة والحماسة والحب والكرم وغيرها كثير ، وكان العرب منذ القدم يولون الشعر عنايتهم التامة ويلقنونه لأبنائهم منذ الصغر ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " علمّوا أولادكم الشعر فإنه أعذب لألسنتهم" ، فالشعر الفصيح هو بوح القلب ، الكلام المقفى الموزون ، والوزن هنا ليس تطابق الأحرف الأخيرة فقط بل يتفرع لتفاصيل وبحور ، ولتكن لنا عبره في الشعر الأندلسي والصور الفاتنة والتشبيهات الخلابة فيه ، لا أريد أن نصل إلى مستواهم _ لأنه مستحيل بحالنا هذه _ ولكن أن نترفع عن هرطقة الشعراء المستشعرين ولندعهم مع أمثالهم " يصرخون " معهم كما يشاءون ، وان يعود الشعر العربي الأصيل الفصيح كما كان هو ، الأول والتالي ، وأن نجعل من لغتنا الأم مرجعا لنا حتى في تعبيرنا وتفكيرنا ، هناك شعراء فصيح لا زالوا لنا قدوة وأملا وهما الدكتور عبد الرحمن العشماوي ، والدكتور غازي القصيبي ، فمن يتأمل في شعرهم القوي الخلاب الأصيل سيندهش من تماسكهم إلى الآن في عالم تسوده الفوضى الشعرية والتهميش الصريح للشعر العربي.
بالنسبة له لا احد يختلف في شرعيته ، فالكل متفق فيه ولكن الاختلاف في أنصاف الشعراء " المستشعرين " اللذين يخرجون ويصرخون ويصيحون ولا تفهم ما يقولون بشعر شعبي موجه إلى شريحة معينة ! لا ادري لم انحسر الشعر العربي هل هو الزمان والمكان أم الهوى أم ببساطة المال ؟! لو كان المال السبب فلتعلموا أن سبب تقهقر الشعر العباسي في نهاية الحكم العباسي هو أن الشعراء اتخذوا الشعر منفعة ! .
الشعر العامي بعد أن كان عاله _ ولا زال _ أتى لينحدر إلى شعبي " قَبَلِي " ، كنا نختلف في الماضي على الشعر العامي ولم ننتبه أن له أفرع " خرج منها الشعبي " . فكل قبيلة أصبح لها شُعَار وهم لا يستحقون أن يكونوا كذالك ، بل كلمات مرصوصة يغطيها بصراخه فيُعتقد أنها شعر ! باستثناء الكثير الذين اعرف بعضهم يستحقون الأفضل حقيقة لأنهم أبدعوا من لا شئ .
نرى الكثير من " المستشعرين " الذين يقذفون أنفسهم في الشعر العامي طلبا لشهرة زائفة ، وهذا دليل على ضعف هذا العامي الذي يستطيع أي شخص الدخول فيه من غير إبداع ، ومن جهة أخرى هذا دليل على قوة الفصيح ، فلن يستطيع احد أن يتطبع أو يستشعر بالفصيح إلا أن يكون شاعرا بحق ، وعلى بقايا أنقاض أرشيف ذاكرتي أتذكر لقاء مع الشاعر الدكتور عبد الله الفيفي في مجلة حياة الناس عام 1425 أو 1426 سُئل فيه : " من الأفضل بالساحة ؟ الشاعر الفصيح أم العامي؟ " فأجاب : " إن كان السؤال عن "الأفضل"، فالأفصح، أمّا إن كان عن "الأكثر انتشارًا"، فالعامّي" .
ولعل قصة الرسول مع عمرو بين شريط دليل على حضور الشعر الفصيح وتمكنه في القلب . فيها : قال الرسول لعمرو بن الشريط : " هل تحفظ أبيات لأميه بن الصلت شعرا ( وأميه ابن الصلت هذا كان يرجوا أن تنزل فيه النبوة ولكن لما نزلت على الرسول حسده وكذب دعوته, وكان من أهل الطائف ومات كافرا ، ولكن قالوا عنه إنه آمن شعره وكفر قلبه ) فقال عمرو نعم يا رسول الله أحفظ له قال الرسول هيه فأنشده فقال :( شهدت بأن وعد الله حقا ، وان النار مثوى الكافرين ، وأن الله فوق العرش رب ، وفوق العرش رب العالمين ) .
الشعر العامي يبقى شعرا له عشاقه ولكن المصيبة هو أن الكل أصبح " يتحدث " به بحديث _ وليس شعر _ كأنه شعر لذا اختلط الحابل بالنابل وهذا في رأيي هو سبب تشويه الشعر العامي ، من الرغم من معارضتي للعامي _ وهذه وجهة نظري فقط _ ولكن بعض من أبدع فيه ككبار الشعراء أمثال الأمير خالد الفيصل ، لا يسعك إلا أن تقدر بوحه وتحترمه ، لأنه تمكن منه وأبدع شيئا من لا شئ ، وكذالك ليس ممن يأتون وهم لا يفقهون ، ولأنه أوصل فكرته عاميا باحتراف قلم ، فهل كلنا مثله ؟ ، ليخرج لنا كل يوم شاعر عامي لا يفقه في الثقافة شيئا ، فكيف يكون الشعر شعرا من غير ثقافة خارجية وتجارب أدبية واختلاط مع أدباء ، وإن اختلط _ المستشعر _ اختلط مع من هو في شاكلته ، فقد أصبح عذر البعض في اتخاذ العامي والشعبي شعرا وبوحا له أن لهجتنا عامية ، سبحان الله ( حشفا وسوء كيلة ) من قال أن الشعر لهجة ، هل كان بوح الخاطر وأنات القلب وفرحته يوما لغة ما أو لهجة ؟ ! هي خيال وإبداع ، هي سحابه حرب عابرة ، فكيف نحولها إلى كلمات عامية ؟ ونهضم حقها وقدرها ، أما إن كانت الفكرة " سخيفة ومكرره " بحيث تستطيع أن يتقنها كل شخص _ لكثرة تداولها _ ، فسيستطيع أن يخرجها في أبيات ثم يصرخ بها كما نرى ، وما يكتب وينشر هذه الأيام من الشعر الشعبي يختلف اختلافا جوهريا عن الشعر الشعبي عند مؤسسية والأوائل فيه كالسديري والشايع ، وحقيقة : أجمل الشعر أكذبه .
قبل أن انهي المقال ، أريد منكم أن يتأمل ( قصيدة المطر ) لبدر شاكر السياب ذالك الغامض رحمة الله وما فيها من الإحساس ، ذالك العراقي الذي سطر لنا تلك الملحمة بإحساسه ، وبحبه ، وبغضبه ، وبشوقه ، وبهيامه ، من قرءها أو سمعها يدرك ما اقصد لذة الفصيح وجزالته ، ولمن لا يعرفها لن أفوتها عليه : ( عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر، أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر ، وترقصُ الأضواءُ كالأقمارِ في نهر ، أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر؟ ، وكيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟ ، كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام ، بأنّ أمّه التي أفاقَ منذ عام ، فلم يجدْها ثم حين لجَّ في السؤال ، قالوا له بعد غدٍ تعود ، لا بدّ أنْ تعود ، وكم ذرفنا ليلةَ الرحيل من دموع ، ثم اعتللنا خوفَ أن نُلام بالمطر، مطر ، مطر) ، وفي المقابل قفوا وقفة مع الشاعر فهد محسن : ( هذا زمان المسخرة هذا زمان المسخرة ، جوال ومشية بفشخره في وسط السوق متبخترة ) ! استخرجوا الفكرة ، التشبيهات ، العاطفة ، والأسلوب ، واحكموا انتم .
اعلم أنني سأُهاجم بعنف ، ولكن هذه وجهة نظري فاحترموها . أنا لا أحارب الشعر العامي بل ادعوا إلى الارتقاء به والابتعاد عن الابتذال الحاصل هذه الأيام وكذالك " طرد " المستشعرين والمستصرخين ، لن أقول الشعر الفصيح هو الأفضل في وجود العامي ، ولكن فالنتعايش معا بالعامي والفصيح ، من غير دخلاء مستشعرين يصرخون في المحافل وفي القنوات بكلام أقسم أنني اشمئز من تفاهته ويعطى أكثر من حقه ! ، وكما قيل في الجاهلية عن أنواع الشعراء ، ( شاعر يجري ولا يجرى معه ، وشاعر هائم في المعمه ، وشاعر لا تريد بان تسمعه ، وشاعر لا تستحي بان تصفعه ) .
يحيى آل زايد
[email protected]
مدونتي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.