رصدت صحيفة الإيكونوميست البريطانية في تقرير لها عددًا من الانتهاكات التي باتت تنتهجها العديد من دول الخليج بحق المعارضين، وخاصة ما يتعلق بتلك الانتهاكات من سحب للجنسية. وكانت دولة الكويت قد قامت بسحب جنسية عدد من المعارضين الذين تتعالى أصواتهم بانتقادات للنظام. وقد تجاوزت حالات سحب الجنسية في الكويت الصيف الماضي التسعين حالة. ففي شهر يوليو بلغ عدد تلك الحالات 59 حالة مقارنة بأربع عشرة حالة في شهر أغسطس وثماني عشرة حالة أخرى في شهر أكتوبر. وبحسب الإيكونوميست، فإن ثمة تكتيكات مماثلة قد تم تبنيها أو على الأقل دراسة إمكانية تطبيقها في عدد آخر من الممالك الخليجية. ففي الوقت الذي قامت فيه دولة البحرين بسحب الجنسية من 31 شخصية معارضة في عام 2012 وتسع حالات أخرى في شهر أغسطس الماضي، نجد أن سلطنة عمان هي الأخرى قد أصدرت الشهر الماضي قانون الجنسية الذي يسمح للسلطات بها سحب جواز السفر من أي شخص يعمل "ضد المصالح العمانية". ولم تختلف الأمور كثيرًا في المملكة العربية السعودية التي أعلنت عن دراسة إجراءات مماثلة تتعلق بالجرائم المتصلة بالأمن. واعتبرت الصحيفة أن تلك الإجراءات إنما تعكس رسالة واضحة وهي "أن المعارضة سواء أكانت من قِبَل إسلاميين أو ليبراليين فهي ليست غير قانونية فحسب، بل وخيانة عظمى كذلك". ناهيك عما يكتنف تلك الإجراءات من تداعيات سلبية تتعلق بحرمان من تم إسقاط جنسيتهم من الخدمات والمزايا المعيشية. ووفقاً لما نقلته الصحيفة عن حمد البلوشي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، فإن قضية المواطنة والجنسية في الكويت إنما تعني الحياة نفسها. فالإجراءات التي تصاحب سحب الجنسية في الكويت لا تقتصر مخاطرها فقط على فقدان العمل والمسكن، بل تتعدى ذلك لتشمل حقوق الرعاية الصحية والتعليم. فضلاً عن أن المتضررين من تلك الإجراءات يحصلون في المقابل علي تعويضات قليلة. أضف إلى ذلك رفض المحاكم في الكويتوالبحرين نظر تلك القضايا بدعوى أنها لا تمتلك أية ولاية قضائية علي قرارات سحب الجنسية. كما أن القانون العماني نص علي أن اللجان الحكومية وليس الجهات القضائية هي المخولة بالتعامل مع قرارات سحب الجنسية. وكانت الأسماء التي تم إسقاط الجنسية عنها في الكويت قد شملت أحمد الشمري الذي يمتلك قناة اليوم وهي إحدى القنوات الفضائية المعارضة في الكويت، والتي كانت قد بثت تقارير زعمت بوجود خطة للانقلاب داخل عائلة الصباح الحاكمة الصيف الماضي وهو ما أثار حفيظة السلطات الكويتية آنذاك. أيضاً، فقد ضمت القائمة الشيخ نبيل العوضي الداعية الإسلامي وغيره من عشرات الشخصيات التي تنتمي إلى عدد من القبائل المعارضة في الكويت مثل آل شمر وآل عجمان وآل مطير. و في سبتمبر الماضي، قام مجلس الوزراء الكويتي بسحب جنسية سعد العجمي، أحد المقربين من زعيم المعارضة الأكثر شعبية في البلاد، مسلم البراك. وهو ما علق عليه العجمي بقوله لوسائل الإعلام أنه تم استهدافه لأسباب سياسية. علي الجانب الآخر قال الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، أن العجمي يحمل جنسيتين بشكل غير قانوني إحداها سعودية والأخرى كويتية وباسمين مختلفين. أما في البحرين، فقد شهد عام 2012 إسقاط الجنسية عن 31 شخصية يقيمون خارج البلاد باستثناء عشرة منهم لا يزالون يقيمون بالبحرين، غير أنهم عاجزون عن القيام بأية إجراءات رسمية سواء أكانت هذه الإجرءات تتعلق بتسجيل مواليد جديدة أو حتى الحصول على وظيفة. كما أنهم لا يستطيعون حتى منح الجنسية لأبنائهم الذين سيولدون دون جنسية. وكانت المحاكم قد أصدرت في الثامن والعشرين من أكتوبر الماضي حكمًا قضائيًا يقضي بترحيل هؤلاء العشرة خارج البلاد، ولم يتضح حتى الآن آلية سفر هؤلاء الأشخاص دون أوراق رسمية. وبحسب أحمد المخيني، المستشار السابق لمجلس الشورى العماني، فإن القوانين والإجراءات التي تقضي بإسقاط الجنسية والمواطنة تجسد الممالك الريعية الخليجية التي ترتكز في تمويلها على النفط وليس على الضرائب. بل وتمنح امتيازات في مقابل الولاء. ولفتت الصحيفة الانتباه أخيرًا إلى أن البدون كثيراً ما واجهوا اتهامات بالخيانة كالاتهامات التي تتعلق بدعمهم لصدام حسين خلال حرب الكويت عام 1990، أو دعم إيران. وبالرغم من المحاولات الإماراتية لوضع حد لمشكلة البدون من خلال إقناع جزر القمر بمنحهم الجنسية للبدون كأحد الحلول المؤقتة، إلا أن ذلك لم يحل دون تصاعد المخاوف من تهجير البعض منهم فيما بعد لجزر القمر.