22.6 مليون وحدة سكنية يتوقع تغطيتها بالطاقة المتجددة    الذهب يتراجع عالميا مع ترقب بيانات أمريكية    94.1 % من المنشآت تستخدم البريد الإلكتروني    استخراج هاتف من معدة مريض    فوائد ومخاطر النعناع الصحية    أسباب ظهور بقع أمام العين    للعام السادس ضمن قائمة المائة.. "أرامكو السعودية" ثاني أعلى العلامات التجارية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    بنوك استشارية.. تخفّض توقعاتها لأسعار النفط    أكدت أن حياة الآلاف في خطر.. الأمم المتحدة: 100 طفل فلسطيني قضوا جوعاً في غزة    تقدّم روسي على جبهة أوكرانيا.. توتر قبيل قمة بوتين وترمب    شددت على أهمية السماح بدخول المساعدات.. 27 دولة تضغط على إسرائيل لوقف العدوان    بقيادة المملكة.. العالم يرفض سيطرة إسرائيل على غزة    وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يبحثان المستجدات الدولية    الجماهير السعودية تترقب كأس السوبر    كأس السوبر الأوروبي بين عنفوان باريس وطموح توتنهام    الهلال يلاقي الأهلي بالجولة الثالثة.. والنصر أمام الاتحاد في «الرابعة»    الدحيل يكمل عقد المتأهلين ل"نخبة آسيا"    عودة المشرفين والإداريين في 11 منطقة للمدارس    الدفاع المدني: حالة مطرية بعدة مناطق حتى السبت    ضبط 194 كلجم مخدرات و60 ألف قرص محظور    مجلس الوزراء يشيد بالإجماع الدولي الداعم لمسار تنفيذ حل الدولتين    أمين الشرقية يشدد على تكثيف أعمال المشروعات القائمة    «هن» مبادرة لدعم المواهب النسائية في الموسيقى    «مزرعة إنجليزية» تشارك في مزاد الصقور الدولي    «تنظيم الإعلام» توضح 6 سمات للإعلامي الناجح    فهد بن سعد يستعرض جهود الجمعية الأهلية بعنيزة    نائب أمير الشرقية يطلع على مشروعات وبرامج هيئة الترفيه    23.61 مليار ريال تسهيلات للصادرات السعودية    50 مليون ريال للصناعيين    «الغذاء» تسجيل مستحضر «الريكسيفيو» لعلاج الورم النقوي    استهداف الصحفيين.. «إسرائيل» تخشى الحقيقة    أدبي الطائف تصدر الأعمال المسرحية الكاملة للدكتور سامي الجمعان    محاولات وساطة لإنهاء الحرب في غزة والمؤثرون العالميون يطالبون بإنهاء التجويع    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    العالمي يكسر القاعدة برهان العجوز    أوروبا تسعى للتأثير على موقف ترمب قبل قمته مع بوتين    سفير صربيا يزور المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    فيصل بن فرحان يتلقى اتصالًا هاتفيًّا من وزير خارجية الأردن    اختتام برنامج"حكايا الشباب"في الطائف بمشاركة نخبة من الرياضيين المختصين    إحباط تهريب 36,600 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    أمير تبوك يواسي أسرة الغيثي في وفاة فقيدها    استثناء ذوي الإعاقة من رسوم دخول معارض هيئة المتاحف    فلكية جدة: تساقط شهب البرشاويات 2025 بدءًا من اليوم    وكيل إمارة جازان يلتقي "محافظي" المنطقة    نائب أمير الرياض يرعى ورشة العمل التطويرية لجائزة الرياض للتميز    برنامج تعاون بين "كاوست" والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية    أمير الشرقية يستقبل منسوبي هيئة الأوقاف ورئيس اللجنة الوطنية وقائد قوة أمن المنشآت    مفردات من قلب الجنوب 10    سيرة من ذاكرة جازان.. الفريق ركن عمر حمزي رحمه الله    الإدارة الروحية لمسلمي روسيا تحدد شروط تعدد الزوجات    مدير الشؤون الإسلامية في جازان يناقش شؤون المساجد والجوامع ويطلع على أعمال مؤسسات الصيانة    شركة "البحري" السعودية تنفي نقل شحنات أسلحة إلى إسرائيل    مباهاة    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    الشعب السعودي.. تلاحم لا يهزم    حقنة خلايا مناعية تعالج «الأمراض المستعصية»    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقفات قبل صياغة العقد
نشر في أنباؤكم يوم 30 - 10 - 2014


د. عبد اللطيف القرني
الاقتصادية - السعودية
عند النظرة الأولى لكيفية استحداث العقود، نجد أنها ذات صبغة اجتماعية في الأساس، فمعلوم أن الإنسان كائن اجتماعي، وهو مدني بأصل فطرته التي فطره الله عليها، بل هذه إحدى خصائصه الأساسية، ومن ضرورات هذا الاجتماع الإنساني وجود معاملات بين أفراده وجماعاته، ولا يمكن أن تؤدي هذه المعاملات وظيفتها في خدمة الاجتماع البشري إلا إذا سارت على وجه واضح ومستقر بل ومتفق عليه من المجتمع، أو معلوم لأطراف التعامل، حتى لا تفضي المعاملات إلى نزاع دائم وشقاق بعيد في شؤون الحياة الضرورية المتكررة، وتعتبر العقود دليل الإرادة بين رغبة طرفين أو أكثر في الاتفاق على شيء معين، وفي القرآن جاءت الإشارة إلى تعزيز معنى حفظ الحقوق من خلال الكتابة، ويدخل في ذلك أيضا المعاني المتضمنة في الكتابة، قال الله تعالى: (... إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ....)
ومن العوامل التي تساعد على حفظ العقود الاهتمام بها من حيث صياغة المعاني الأصلية فيها، وتفصيل الالتزامات، ومعرفة التراكيب والألفاظ ذات الدلالة.
ومن خلال تخصصي في الدراسات الشرعية والقانونية، وجدت أن أكثر الاختلافات الناشئة في العقود تكمن في ملاحظات معينة، وسأذكر أهمها فقط، لأن المقام لا يتحمل البسط، وهي على النحو الآتي:
الأولى: أن الذي يقوم بكتابة العقد وصياغته غالبا لا يكون متخصصا في المعاني المتضمنة للعقد المراد كتابته، وغالبا تكون العقود النمطية هي السائدة، ويتم التعديل عليها، وغالب هذه العقود ليس دقيقا، ويتضمن أخطاء موضوعية وشكلية، وفيه تكرار في جوانب ونقص في جوانب أخرى، ثم إن أغلبها صيغ من قبل أشخاص لم يدرسوا الدراسة الشرعية والقانونية المقارنة، بل وأغلبهم غير مدركين للقانون واجب التطبيق مع عدم المعرفة بالعرف القضائي، كما يكتبون هذه العقود وفق دراسات تخصصية لقوانين لا تتلاءم مع ظروف البلد وأنظمته، وهذا ما يجعلها لا توفر الحماية القضائية عند الاختلاف ومع الأسف الشديد.
ومن أمثلة ذلك أن يتولى صياغة عقد تجاري من الباطن بناء على عقد إداري شخص لم يدرس أحكام القانون الإداري عموما، وأحكام العقود الإدارية على وجه الخصوص، ولذا لا يعرف ولا يتصور العقبات التي ترد على هذه العقود، وكيفية معالجتها في العقد.
الثاني: قد يتوافر الشخص الملم بمعاني العقد الأساسية إلا أن الصياغة بحد ذاتها فن ومهارة، فكتابة الشكل التنظيمي للعقد، وذكر الألفاظ التي تؤيد المعاني وتنسيقها مع بقية مواد العقد ليست بالأمر السهل، لأن العقد يتضمن معاني ظاهرة، وعند الاختلاف تظهر إشكالات تعرف بالمعاني الباطنة، فكيف يكون التفسير عند ذلك. هل يعتبر المعنى الظاهر المجمل أم المعاني غير الظاهرة المفصلة والمتناسقة مع مواد العقد الأخرى؟ وقد تكون دلالات المعاني الباطنة كثيرة تغلب المعنى الإجمالي الظاهر، فأيهما يقدم؟ وهل يتدخل العرف كمؤثر خارجي للتفسير أم تظهر الإرادة الباطنة من العقد التي تخالف الإرادة الظاهرة كما في العقود الصورية؟
كل هذه الإشكالات تدل على أن الصياغة العقدية ليست بالأمر السهل، ويجب أن يكون كاتب العقد ذا معرفة باللغة وألفاظها سواء اللغة العربية أو الإنجليزية أو غيرها، وفي العقود الأجنبية يفضل العقد باللغة الفرنسية لدقة دلالة ألفاظها بخلاف اللغة الإنجليزية التي تحتمل معاني مختلفة بحسب السياق.
الثالث: من الشيء اللافت للنظر تقادم كثير من هذه العقود وعدم تجديدها، مع أن الاجتهاد القضائي والقانوني قد يكون تغير، ومع ذلك ترى هذه العقود صيغت لزمن وفق اجتهادات معينة، ثم تغيرت، ومعلوم أن الاجتهاد القضائي يتجدد، فالعلامات التجارية ذات صور الأراوح كانت غير مقبولة قضاء نظرا لفتوى تحريم التصوير، والآن تغير الوضع وأصبحت مقبولة قضاء، ومثل إدراج التعويض المعنوي فكان غير متداول، والآن نظام العمل نص على أحقية التعويض المعنوي، وبدأت بعض الأحكام في القضاء الإداري تؤسس هذا المبدأ، كذلك ما يتعلق ببعض مسائل المعاملات المصرفية ومبادئ الأحكام المصرفية والتأمين، فمثلاً نظام الأوراق التجارية لا يمنع كتابة الشيك على أي ورقة ما دامت الشروط الشكلية والموضوعية موجودة، بينما استقر العرف القضائي في دعاوى الأوراق التجارية على اعتبار النماذج التي تصدر من المصارف هي الأوراق الوحيدة التي تأخذ طابع الورقة التجارية واجبة الوفاء لدى الاطلاع.
الرابع: يغلب على الذين يكتبون العقود الجانب النظري دون الجانب التطبيقي، وبالتالي يغيب عن إدراكهم أثناء صياغة العقد الاحتمالات المستقبلية، فمثلا مع انتشار الكوارث الطبيعية لا تجد أي ذكر في عقود التغطية التأمينية ما يتعلق بكارثة السيول، ومقدار التعويض فيها، مع اشتراط كثير من هذه العقود وجود طرف ثالث في الحادث معلوم الهيئة والبيانات بمعنى لو هرب المتسبب في الحادث، فلا توجد تغطية تأمينية لكون المتسبب غير معلوم البيانات، وتجد شركات التأمين تذكر الكوارث الطبيعية في البداية ثم تخصصها ببعض الكوارث نادرة الحدوث.
الخامس: إهمال عناصر الهيكل التنظيمي للعقد بحيث لا يوجد موضوع العقد، ولا التزامات بين الطرفين بشكل واضح؛ بل متناثرة في العقد، وعليك ربطها مع بعض، كذلك إهمال آلية معالجة الوضع عند حصول نزاع.
السادس: إن كان العقد من نسختين مصورتين فيجب أن تقرأ النسخة الأخرى قراءة متأنية وشاملة وكاملة للتأكد من مطابقة جميع النسخ قبل التوقيع عليها، فإن كانت النسخة الأخرى طبعت بورقة كربون تأكد من وضوح الخط والتواقيع.
إن الاهتمام بكتابة العقد يوفر -بعد الله- جانب حماية للطرفين في معرفة الحقوق وتنفيذها، وينبغى إسناد هذه الأمور إلى أهلها الذين جمعوا بين النواحي النظرية والعملية، ويستطيعون صنع عبارات تكون لها حماية -بعد الله- من كل التقلبات التي تعتري ظروف العقد، بداية من كتابته حتى الانتهاء من تنفيذ الالتزامات بين الطرفين.
أسأل الله حسن التدبير لي ولكم.. والله الموفق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.