ديشان يدعم قاعدة (البطاقة الخضراء) ويدعو لاستغلالها بشكل إيجابي    "الهجن السعودية" تتصدر قوائم كأس الاتحاد السعودي ب 4 كؤوس و45 شوطاً    الرخص الرياضية استثمار منظم يفتح أبواب الاقتصاد الجديد    هيئة المساحة الجيولوجية: رصد زلزال بقوة 5.1 درجات في وسط إيران    "جيل Z".. ناشئة يبحرون في عوالم كتب الكبار    الهويدي: "الشريك الأدبي" أدخل الأدب في حياتنا وكسر احتكار الثقافة    ترامب: أميركا تخوض «نزاعاً مسلحاً» مع كارتلات المخدرات    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    العلا.. مرحلة جديدة    التطور التكنولوجي في بيئة الحروب    قراءة في مجد الطبيعة وصغارة الإنسان    أسعار النفط تتراجع بنحو 2%    معهد العاصمة النموذجي.. شواهد على التعليم    الإعلاميان الكبيران : محمد عابس وعبدالعزيز خزام في مهرجان القصيدة الوطنية    نحترق لتنضج الطبخة    الشيخ والغوغاء 2/2    نادي الاتحاد يتوصل لاتفاق مع المدرب البرتغالي كونسيساو    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    ضبط مواطن في جازان لتهريبه ونقله مواد مخدرة وإيواء مخالفين    الأهلي يعلنها: روي بيدرو المدير الرياضي الجديد    في اليوم الأول ل"كتاب الرياض".. مهرجان ثقافي حي للمعرفة    خالد الغامدي رئيساً تنفيذياً للشركة السعودية للكهرباء    عدد من الدول تعلن احتجاز إسرائيل عددًا من مواطنيها    تركيب لوحات شارع الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في العاصمة الرياض    التعليم معركة الوعي وبناء المستقبل    رفقًا بالمعلمين والمعلمات أيها المتنمرون    وزير الصحة يبحث مع وزير الثقافة السوري تعزيز التكامل بين القطاعين الصحي والثقافي    من الاستدامة إلى التنافسية العالمية: هل تكفي رؤية 2030 لتجعل السعودية في الصدارة؟    أمير منطقة جازان يطلق جائزة "الأمير محمد بن عبدالعزيز لمزرعة البن النموذجية" بنسختها المطورة    "وقاء نجران" يُنظّم ورشة حول أهم الآفات التي تصيب البُنّ    "هيئة العناية بالحرمين": 115 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر ربيع الأول    التكيُّف مع الواقع ليس ضعفًا بل وعي وذكاء وقوة    "التخصصي" في المدينة ينجح في إجراء زراعة رائدة للخلايا الجذعية    «التأمينات» اكتمال صرف معاشات أكتوبر للمتقاعدين    تابع سير العمل ب«الجزائية».. الصمعاني: الالتزام بمعايير جودة الأحكام يرسخ العدالة    حققت مع 387 موظفاً في 8 وزارات.. «نزاهة» توقف 134 متهماً بقضايا فساد    الصورة الذهنية الوطنية    إرث متوارث.. من قائد (موحد) إلى قائد (ملهم)    شذرات.. لعيون الوطن في يوم عرسه    أمراء ومسؤولون يقدمون التعازي والمواساة في وفاة الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    هجوم حوثي صاروخي يستهدف سفينة هولندية في خليج عدن    زلزال الفلبين: بحث يائس ومخاطر متصاعدة    في كأس آسيا 2.. النصر يعبر الزوراء ويتصدر.. وتعادل الشباب والنهضة العماني    الهلال يطالب بإعفاء نونييز من وديتي منتخب الأوروغواي    اغتيال مرشح برلماني يهز طرطوس.. أردوغان يحذر من المساس بسلامة الأراضي السورية    قمة أوروبية لمواجهة تهديدات موسكو.. مفاوضات روسية – أمريكية مرتقبة    ائتلاف القلوب    شذرات لعيون الوطن في يوم عرسه    البنتاغون يواصل تقليص مهمته العسكرية بالعراق    تسعى إلى إشراكهم في التنمية..«الموارد» : ترسيخ التحول الرقمي لخدمة كبار السن    باحثون يطورون علاجاً يدعم فعالية «المضادات»    شيءٌ من الوعي خيرٌ من قنطار علاج    تقليص ساعات العزاء والضيافة عن نساء صامطة    ملتقى لإمام وقاضي المدينة المنورة بن صالح    معتمرة تعود من بلدها لاستلام طفلها الخديج    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام الأحوال المدنية بالمنطقة    أمير جازان يستقبل وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية    بطل من وطن الأبطال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعرة من العقل في صلع الجنون
نشر في أنباؤكم يوم 14 - 05 - 2014


الجزيرة - السعودية
تتنازع العالم العربي اليوم عدة أصوات وعدة توجهات وعدة مصائر أخشى ما نخشاه أن يكون صوت الجنون فيها أعلى من صوت العقل، وتوجهات الهاوية فيها أوضح من توجه الجادة ومصائر الهلاك أقرب من مصير السلامة. فليس الواقع في مصر ولا في تونس أو ليبيا ولبنان والأطراف النائمة أو المتظاهرة بالنوم بأحسن من الواقع في سوريا إلا إذا استخدمنا النسبية بكثير من الإسراف. كما أن ليس ما يجري اليوم من جرائم فادحة في حق الشعب السوري وغيلة أطفال بلاد الشام نهارا جهارا على رؤوس الأشهاد وتطاير لحمهم حيا من الشاشات إلا صورة كافرة مكررة لما جرى ويجري على أرض العراق منذ الحرب الأمريكية على العراق.
وليس كل هذا النفخ الطائفي والسعار المذهبي والاحتراب التعصبي بين أفراد الأسرة الواحدة من منافذ الوتس آب إلى الحواري والأزقة والزنقات بما يرافقه ويتقدمه ويزيد عليه من تشظي جغرافي وسياسي إلا إعادة إنتاج لمصائر التخلف لن تفاجئنا، كما فاجأت آباءنا وأجدادنا صحيفة البرافدا السوفيتية قبل ما يقارب قرن من الزمان بتقسيم الوطن العربي بين قوى الهيمنة آنذاك.
وفي قلب هذا الوضع الخطير تتنازعنا اليوم تجاه ما يجري عدة مواقف أخشى ما يخشى منها أن يكون موقف الجبن فيها أعم من موقف الشجاعة, وموقف التهاون والهوان أقوى من موقف الكرامة والاهتمام. وتتعمق الخشية حين يتحول الواقع والمواقف إلى حالة من التشتت بين الضبابية الضائعة والتعصبات العمياء والانكفاءات الكسيحة والتخبط بين إدعاء الحياد والتورط الإدماني أو المجاني.
هذا فيما تندر مع ما يلحق بها من تندر وتبدد ونبذ تلك المواقف المبدئية القادرة أو على الأقل التي تملك شرف محاولة إضاءة شمعة العقل والضمير بدل الولوغ في مختلف مزالق الظلام. وفي هذا نكاد ننسى أنه عندما أطل الربيع العربي كان حلم المواطن العادي الذي لم يكن قد جرب أي معنى للمواطنة منذ تأسيس ما سمي بالدولة الوطنية المعاصرة إلا الطاعة العمياء والمشي منحنيا بمحاذاة الجدار, حلما إنسانيا بسيطا وهو الخروج على حالة التخلف الاجتماعي والبؤس الحضاري والتحنط السياسي التي جعلت الوطن مقابر مطبقة على أصحاب الحق فيه وأرضا مشاعا لأصحاب المطامع من القوى المحلية والخارجية معا.
فكيف تحول حلم المواطن بالحرية والكرامة واللقمة النظيفة الحلال واستقلال الأوطان إلى هذا الكابوس المرعب الذي أصبحنا نعيشه في الليل والنهار، وكأن المقصود بالمصحات العقلية التي تناولها فوكو ليفكك تركيبة الهيمنة الرأسمالية هي أوطان بأكملها وليس مجرد المؤسسة السياسية المسيطرة. والسؤال الذي يغيب بذهول العقل مما يجري وصدمة الضمير هو: لماذا وبمن ولصالح من يتحول الحلم البسيط بالحرية في هذه الدول إلى كابوس بواح يهدد بتدمير كل شيء بداية بتدمير حلم الحرية نفسه ونهاية بتحطيم الإنسان الذي تجرأ على هذا الحلم البسيط والذهاب بعيدا إلى محو الأوطان التي اجترح الحلم من أجلها.
هل خاننا الحلم أم خاننا التأويل أو خانتنا الفراسة أم نحن من خان الحلم بقلة الصبر على تجربة التحول من الحلم إلى الحقيقة ومن الخضوع المطلق إلى الحرية ؟!
ليس المقصود بالسؤال البحث عن إجابات تبتاع الوقت للاستمرار في جنون الحاضر بمقارنات تاريخية خاطئة وخارج السياقات والانساق للثورة الفرنسية أو الثورة الروسية. كما ليس المقصود بالسؤال استعارة أجوبة جاهزة كتلك التي تقول بأننا شعوب مقموعة لا تعرف كيف تتعلم تجربة الحرية أو بأن المنطقة لا تحتاج إلى حكم ديمقراطي، بل إلى حكم المستبد العادل (لو كان هذا التنويع الميكافلي ممكنا) والدليل ما يجري في دول ما يسمى بالربيع العربي، أو تلك التي تنحي باللائمة على هذا الطرف أو ذاك من أطراف الصراع السياسي والأيدولوجي على السلطة. فكل المتصارعين على السلطة اليوم لا يستطيعون أن يخفوا أظلاف الذئب وأنياب الضباع مهما نتفوا من ريش الشعب أو نسلوا من وبر الغزلان ليغطوا سوءات شهواتهم في الاستفراد السياسي بالسلطة. إنما المقصود بالسؤال محاولة الحفاظ على شعرة عقل في لحظة نسقط فيها إلى حالة غير مسبوقة من صلع الجنون، كما أن المقصود شرعنة السؤال بعد أن صرنا لا نعيش إلا تحريم الأسئلة حيث لكل فريق من فرقاء التناحر مفتيه ومطبليه وأزلامه وقتلته وقواه الخارجية ومثاله التاريخي, أما الضحايا فهي المشترك الشعبي الوحيد في الأوطان المختطفة.
ونختم هذا المقال المقدود من قلق العقل والضمير بسؤال: أليس من شعب رشيد يوقف جنون الصراع السياسي بما يحمله من خطر التعصب والتقسيم والمحو بأيدينا وأيدي سوانا معا ؟
[email protected]
Twitter: F@abukhalid


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.