نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على فهد بن ثنيان    سعود بن نهار يشرف تكريم "الدينية" للمفتي    وزير الخارجية يترأس بالشراكة مع وزير خارجية فرنسا الجلسة الافتتاحية لمؤتمر حل الدولتين    القادسية يتعاقد مع ياسر الشهراني حتى عام 2027    «هلال جازان» يحقق المركز الأول في الاستجابة للحوادث    مكة تتصدر المناطق في عدد ركاب الحافلات    الأخضر الشاب في المجموعة الأولى بكأس الخليج تحت 20 عاماً    شوريًّة تحذر من الممارسات المسيئة من بعض المعتمرين والزوار وتقترح الحلول    المسعودي مديرا تنفيذيا للاتصال بكدانة    أمطار الباحة تجذب المصطافين    حرس الحدود: احذر من الغرق    برنامج تأهيلي لفابينيو    نائب أمير جازان يستقبل مدير مركز الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بالمنطقة    السعودية وفرنسا توقعان الوثيقة التنفيذية للتعاون الأمني    لجنة مراقبة إنتاج (أوبك+) تشيد بالتعديلات الطوعية ومساهمتها في دعم استقرار السوق    الهشاشة النفسية    أعضاء المجلس المحلي ومشايخ ووجهاء صبيا يهنئون المهندس نمازي بتكليفه رئيسًا للبلدية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تفتتح على ارتفاع    أكثر من 1000 جولة رقابية وفنية على الجوامع والمساجد نفذتها إدارة مساجد العيدابي خلال شهر محرم    "الغامدي": متحدثًا رسميًا لوزارة "الشؤون الإسلامية"    الفريق الأمريكي يحقق اللقب الحادي عشر في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    الخريجي يلتقي نائب وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني    موعد اعلان النصر عن ضم جواو فيليكس وحقيقة التعاقد مع أنتوني    مُحافظ الطائف يلتقي رئيس جمعية "بصمة" للخدمات الإنسانية    وفد من "الثقافة" يزور "مركز الملك فيصل" لتعزيز التعاون البحثي    أمير القصيم يرعى تدشين فعاليات اليوم العالمي لالتهاب الكبد الفيروسي    انطلاق جائزة كفاءة الطاقة في دورتها الأولى لعام 2025    فندق فوكو يعلن عن ترقية طلال القحطاني كمدير للمبيعات    تحت رعاية خادم الحرمين .. انطلاق المنتدى السعودي للإعلام فبراير المقبل    وزير الخارجية يصل نيويورك للمشاركة في ترؤس الاجتماع الوزاري لمؤتمر حل الدولتين    بنك التنمية الاجتماعية يُطلق المرحلة الثانية من مبادرة "بنك الفن"    مبادرة توعوية عن البدع في شهر صفر والدعوة إلى اجتنابها    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق الدورة العلمية الثالثة في العارضة    ابتكار جهاز يقيس ترطيب الجسم لتجنب الإصابة بالجفاف    قافلة مساعدات مصرية تتجه إلى معبر كرم أبوسالم في طريقها إلى غزة    فريق طبي سعودي يستعد لاستقبال توأم ملتصق من جامايكا    دراسة سعودية: بعض أدوية الطوارئ تحتفظ بجودتها بعد انتهاء الصلاحية    امطار على جتوب المملكة ورياح نشطة على عدة مناطق    دور المملكة الريادي تجاه القضية الفلسطينية امتداد أصيل لمواقفها التاريخية    وزارة الرياضة تُطلق برنامج "حكايا الشباب 2025"    بعد أربعة أيام من المواجهات الدامية.. تايلاند وكمبوديا تقتربان من وقف إطلاق النار    مشاورات سورية – إسرائيلية لاحتواء التصعيد    إحالة 26 مخالفة لحماية الآثار للجهات المختصة    أحمد العوضي..«علي كلاي» في رمضان    "مانجا للإنتاج" تعزز المحتوي الإبداعي المحلي    اعتقال صاحب «السفارة الوهمية» بالهند    543 فسحاً كيميائياً للصناعيين    إحباط تهريب 75,000 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    عقدت اجتماعها الدوري برئاسة المفتي.. هيئة كبار العلماء تستدعي خبراء لتقديم رؤى متخصصة    محمية الأمير محمد بن سلمان تحتفي بولادة أول"وعلين نوبيين"    تعكس قوة وتنوع الاقتصاد السعودي.. 9 مليارات ريال فائض تجاري خلال شهر    ضبط 4 مخالفين لاستغلالهم الرواسب في الشرقية    إيقاف مصنع منتجاته تهدد السلامة.. الغذاء والدواء: ضبط 471 منشأة مخالفة وإغلاق 28    عملية تجميل تمنع امرأة من السفر    "كبار العلماء" تعقد اجتماعها ال(97)    براك بخصوص سلاح حزب الله: الكلمات لا تكفي    وزير الخارجية: مؤتمر تنفيذ حل الدولتين يأتي استنادًا لموقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تحتفي بولادة أول وعلين نوبيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيهما تفضل .. نموذج دبي أم سنغافورة؟
نشر في أنباؤكم يوم 29 - 04 - 2013


د. جاسر عبدالله الحربش - الجزيرة السعودية
مقدار الطموح متقارب، الفرق في النوعية كعربي، أتمنى أن يصل طموح دبي إلى نوعية طموح سنغافورة ويتعداه. فرق النوعية يتلخص في أن سنغافورة خططت منذ البداية لأن تكون مركزا علميا وصناعيا وماليا وسياحيا في آن واحد، وقد نجحت في ذلك وصارت أحد النمور الآسيوية الأربعة، ولكن ليس في الاقتصاد السياحي فقط. حبيبتنا دبي خططت لأن تصبح مركزا سياحيا ترفيهيا وماليا وإعلاميا، وحققت في ذلك نجاحا باهرا، لكنها لم تصبح مركزا علميا ولا صناعيا، ويبدو أنها لم تخطط لذلك.
الفارق النوعي بين الطموحين هو أن التقدم العلمي والصناعي المستثمر في الإنسان، عقلا ومهارات، يعطيك حصانة أقوى وأضمن للمستقبل. النجاح في السوق المالي والسياحي الترفيهي والإعلامي وإعادة تدوير الصناعات المستوردة لا يجعلك مستقلا بل العكس، يجعلك مرتبطا مصيريا بأحوال وأريحيات الآخرين. النجاح العلمي والصناعي يجعل الآخرين يحتاجونك مثلما تحتاجهم وربما أكثر، لأنك أنت العنصر المنتج.
لكن ماهو الموضوع بالضبط ولماذا المقارنة؟.
الموضوع هو أن المعجبين السعوديين خصوصا والعرب عموما بتجربة دبي كثيرون، بل وكثيرون جدا. السبب هو أنهم يقيسون تجربة دبي في تحقيق الحياة الرغيدة، بنفس المسطرة التي يقيسون بها تجارب بلدانهم المتعثرة والفاشلة في أحيان كثيرة. مقارنة دبي بجوارها تشبه مقارنة غرفة واحدة بالغرف الأخرى في نفس البيت وهي الغرفة الوحيدة المنظمة والمرتبة وحسنة الإضاءة، لكنها مؤجرة بالكامل تقريبا لغير أصحاب البيت. الغرف الأخرى في نفس البيت أحوالها ليست على مايرام في نواحي التنظيم والترتيب والإضاءة، لكنها على الأقل تسكنها في أغلب مساحاتها أكثرية من ملاكها الأصليين. فيما عدا ذلك فإن دبي تشبه تماما الغرف الأخرى في المنزل، وخصوصا في حقيقة أن الأبواب والمفاتيح مجموعة في جيوب قليلة، وكذلك في شعور أصحاب الدار الأصليين بضياع الهويات الجغرافية والديموغرافية واللغوية والتاريخية.
الإشكال إذن يقع في التحيز المسبق الكامن في عناصر المقارنة نفسها، حين يتم اختيار اليوم على حساب الغد وميزات التشابك الاقتصادي المصلحي المؤقت مع تناسي تصادم المصالح الحتمي المؤجل.
بناء على ما تقدم أيها السيدات والسادة، وانطلاقا من الحرص على تجربة حبيبتنا وابنتنا دبي والرغبة الصادقة في توسيع قاعدتها العلمية والصناعية لتأمن تقلبات الزمن، ولكي تصبح نموذجا عربيا مقنعا يستحق التقليد عند كل البلدان العربية، سوف تكون الحلقة القادمة في مجالات المقارنة بين دبي وسنغافورة وليس بينها وبين الغرف المجاورة في نفس المنزل.
__
ربما كان أوضح وجوه الشبه بين دبي وسنغافورة التطبيق الصارم للنظام. أهم الفضائل المعيشية في العالم شعورك بالأمان واطمئنانك إلى وجود سلطات الأمن والعدالة حين تحتاجها. كلا الأمرين مضمون في دبي وسنغافورة.
هذه الفضيلة الأمنية تميل لصالح دبي التي تحتوي تعايشا سكانيا من كل أعراق و شعوب الأرض، وربما بعض الزوار من المريخ وكواكب أخرى لا يمكن مشاهدتهم. ضمان الأمن والنظام لأكثر من مائة وخمسين جنسية عالمية في مدينة لا يشكل سكانها الأصليون سوى عشرة بالمائة تعتبر معجزة قياسية. هذا هو الحاصل في إمارة دبي، بينما أهل سنغافورة الأصليون يشكلون ستين في المائة من مجموع السكان.
وجوه التشابه والتباعد الأخرى بين دبي و سنغافورة سوف تتضح، جزئيا على الأقل من خلال المقارنات التالية.
مساحة سنغافورة 704 كم مربع، ومساحة إمارة دبي 4114 كم مربع. عدد سكان سنغافورة 5.2 ملايين نسمة، ستون بالمائة منهم مواطنون والباقي أجانب. سكان دبي 2.25 مليون نسمة، تسعون بالمائة منهم أجانب وعشرة بالمائة مواطنون. ستة وخمسون بالمائة من القوى العاملة في سنغافورة مواطنون، وأربعون بالمائة عمالة أجنبية. تركيبة القوى العاملة في دبي تقفز فوق نسبة التركيبة السكانية لصالح الأجانب بفارق إضافي آخر.
المركز المالي في العالم تتقدم فيه سنغافورة ليس على دبي فقط، وإنما على أغلب دول العالم، حيث تأتي في المركز المالي العالمي الرابع. مركز دبي المالي العالمي متقدم لكنني لا أعرف الرقم. لدى سنغافورة أعلى مؤشر عالمي في نسبة التجارة من الناتج القومي الكلي، وهي تجارة شديدة التنوع تدخل فيها الصناعات الالكترونية والطبية والمعلوماتية، وهذه الأنواع تتنافس بشدة مع تجارة السياحة الترفيهية والخدمات.
في دبي تشكل السياحة الترفيهية المصدر الاقتصادي الرئيسي، إلى جانب تجارة العقار والخدمات المالية واستضافة المناسبات الرياضية والترفيهية الكبرى على مستوى العالم. في دبي يتركز النشاط التصنيعي في إعادة تصدير البضائع المستوردة المحسنة ويحتل مركزا متواضعا بالنسبة لمصادر الاقتصاد الأخرى. في سنغافورة حوالي عشرة في المائة من الاقتصاد السياحي يقع في خانة السياحة الطبية، أي الاستفادة من إمكانيات سنغافورة المتميزة في الاستشفاء وإعادة التأهيل. حسب تقديري هذا النوع من السياحة غير موجود في دبي.
في سنغافورة يشكل الإنتاج الصناعي أكثر من سبعة و عشرين بالمائة من الناتج القومي، وتدخل فيه صناعة الالكترونيات وتكرير النفط والهندسة الميكانيكية والمنتجات الحيوية الطبية والبيطرية، وتسيطر سنغافورة على عشرة بالمائة من صناعة صهر الرقائق المعدنية في السوق العالمي.
ليس لدي أرقام عن إمارة دبي في مجالات التصنيع المذكورة أعلاه، ولاأعتقد أنها تشكل رقماً رئيسياً في مصادرها الاقتصادية.
أختتم المقارنة بما هو أهم الأنشطة البشرية في أي تجمع مدني، التعليم والصحة.
لدى سنغافورة جامعتان من بين المائة جامعة الأولى في العالم، هما الجامعة الوطنية والجامعة التقنية، ويشكل الطلبة الأجانب عشرين في المائة فيهما، والإقبال أكبر من إمكانيات القبول. تحتل سنغافورة دائما أحد المراكز الخمسة الأولى في مسابقات الطلبة في الرياضيات على مستوى العالم، وحازت على المركز الأول عام 2011م. أما نظام الرعاية الصحية فيأتي من ناحية الكفاءة في المركز السادس على مستوى العالم. قبل عدة اعوام بدأت السلطات التعليمية في سنغافورة في استقطاب أي عالم أو باحث مرموق يبلغ سن التقاعد في بلده الأصلي، ليساهم في تدريب الطلبة والباحثين الصغار على مهارات البحث العلمي في كل المجالات.
بالمقابل، كيف هي أحوال التعليم والصحة في دبي؟. التعليم الأساسي جيد مقارنة بالتعليم في الجوار، لكن ليس بسنغافورة. أما التعليم العالي ومراكز البحث العلمي فلا يمكن مقارنتها لا كما ولا نوعاً بسنغافورة. التعليم الجامعي في دبي محدود بفروع تابعة لجامعات أجنبية هندية وأمريكية في المقام الأول، وهناك كلية الخليج للعلوم الطبية.
أختتم المقارنة بالتالي: إمارة دبي المتوثبة والطموحة تمتلك إمكانيات مالية وعلاقات عالمية هائلة، لكنها حتى الآن تركز على الاستثمار في السياحات الترفيهية وتجارة العقار والخدمات المالية والإعلامية. استثمارات دبي في التطور العلمي والتعليمي والصحي والإنتاجي لصالح المنطقة العربية وأبناء دبي بالذات لا يختلف كثيراً عن أي دولة عربية أخرى، بل وربما كان الوضع أفضل في دولة قطر المجاورة.
السؤال إذا الموجه للمتحمسين لتجربة دبي الاقتصادية.. أي نموذج تفضلون؟ دبي أم سنغافورة؟. في كل الأحوال وبصرف النظر عن الاختيارات، على قدر أهل العزم تأتي العزائم، ولا يزال المجال مفتوحاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.