كشفت دراسة بحثية حديثة نُشرت في "المجلة السعودية الصيدلانية" عن إمكانية استخدام بعض أدوية الطوارئ بعد تجاوز تاريخ صلاحيتها، مع احتفاظها بجودة فعّالة وآمنة، مما يمهّد الطريق لمناقشة تمديد صلاحية هذه الأدوية في المملكة. وقد أُجريت الدراسة من قِبل فريق بحثي علمي في كلية الصيدلة بجامعة الملك سعود، بقيادة الدكتورة هيا الجوهر، حيث ركزت على ستة أدوية لإنقاذ الحياة شائعة الاستخدام. وتم فحص عينات محفوظة في ظروف مناسبة (بين 15 - 30 درجة مئوية) بعد انتهاء صلاحيتها. وأظهرت النتائج أن بعض هذه الأدوية لا تزال تحتفظ بتركيبتها الفعالة حتى بعد انتهاء مدة صلاحيتها الرسمية، مما يجعلها مرشحة لبرامج تمديد الصلاحية. في حين لوحظ انخفاض ملحوظ في جودة بعضها الآخر، مما يستدعي الحذر عند استخدامها بعد تاريخ الانتهاء. وأكد الباحثون أن هذه النتائج قد تسهم في تقليل هدر الأدوية، وخفض التكاليف، وتحسين إدارة المخزون الدوائي، خصوصًا في حالات الطوارئ والأزمات. وأوصت الدراسة بإجراء اختبارات إضافية في ظروف مناخية متنوعة، ومع شركات تصنيع مختلفة، قبل اعتماد أي قرار رسمي بتمديد الصلاحية. وتفتح هذه الدراسة الباب أمام الجهات الصحية للنظر في برامج تمديد صلاحية الأدوية كأحد الحلول الممكنة لمواجهة أزمة نقص الأدوية، وتعزيز الأمن الدوائي في المملكة، وكذلك تقليل الهدر المالي الناتج عن التخلص المبكر من الأدوية، مما يسهم في توفير ملايين الريالات التي تُنفق سنويًا على الشراء الحكومي للأدوية. كما يدعم المشروع التوجّه الوطني نحو الاستدامة البيئية من خلال الحد من النفايات الدوائية، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 في حماية البيئة وتعزيز الكفاءة. ولا يقتصر الأثر على الجانب الاقتصادي والبيئي فحسب، بل يتعدّاه ليشمل الأمن الصحي الوطني. ويسعى القائمون على هذا البحث إلى تحويله إلى مشروع وطني يتم من خلاله إنشاء قاعدة بيانات دوائية دقيقة، وتوفير بيانات علمية موثوقة، لتعزيز قدرة المملكة على الاحتفاظ بمخزون استراتيجي من الأدوية الفعالة في حالات الطوارئ والأزمات مثل الأوبئة والانقطاعات في سلاسل الإمداد، مما يعزّز جاهزية القطاع الصحي في مواجهة التحديات.