يفتتن بعض السعوديين، خاصة البسطاء منهم، بسعوديتهم إلى درجة أنهم قد يُحمّلون جنسيتهم أكثر مما تحتمل، بينما هي انتساب ككل (الانتسابات) إلى جغرافيا وحدود معينة. والسبب في هذا الافتتان، الذي خف أواره على كل حال، هو ما وقر في نفوس القوم بأنهم فوق الناس وتحت الله جراء بعض ما ورثوه قبليا من جهة وما تلقوه من صدمات شعرية وغنائية شهيرة من باب (إرفع رأسك) و(الإعصار) و(فوق هام السحب) .. إلخ. وإذا كنا نعترف بأن كل الشعوب الخليجية، وقبلها بعض الشعوب العربية، وقعت في هذا الافتتان وأصيبت بهذه الصدمات إلا أن ما يعنينا هنا (ربعنا). وبما أن العقل أحق أن يتبع، فإن العقل هنا يقول انه ليس للإنسان قيمة، مهما بلغت موروثاته واشتدت أشعاره وصدحت أغانيه، إلا بأعماله وبأخلاقه الإنسانية الرفيعة التي يعامل بها بني قومه والناس أجمعين. أنت تتمتع بقيمة إذا أتقنت عملك وراقبت الله حقا في كل تصرفاتك ونحيت جانبا تلصصك على الآخرين وأقلعت عن دس أنفك في كل صغيرة وكبيرة من شؤونهم. وترتفع قيمتك كسعودي وكإنسان إذا أعطيت كل ذي حق حقه بدون تجبر أو غطرسة على الضعفاء والمحتاجين وقليلي الحيلة ممن تستخدمهم في أي أمر من أمور حياتك. وتزداد هذه القيمة بهاء إذا أحسنت تصرفاتك وسموت بأخلاقك في البلدان التي تزورها وتحترم نفسك والآخرين الذين تتعامل معهم من أهل هذه البلدان، الذين طالما وضعوا أكثر من علامة استفهام على غرابة ممارسات بعض السعوديين. وما عدا ذلك هو محض دجل وفوقية فارغه لن ينفع معها عقالك ولن يشفع لك بها غترتك أو شماغك.. وقديما قال الشاعر : خفف الوطء إن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد.. فلا تسرفوا وتظنوا أنكم أفضل من غيركم.. الفضل لله يؤتيه من يشاء من عباده، وكل الناس عباده.