إن الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم يُعد من الدفوع الشكلية المهمة التي يجب على هيئة التحكيم الفصل فيها قبل السير في الدعوى ونظر موضوعها وفقاً لما هو مستقر عليه نظاماً بوجوب الفصل في الدفوع الإجرائية (الشكلية) قبل الفصل في الدفوع الموضوعية. كما يُعد من الدفوع الشكلية المهمة التي يلزم الفصل فيها قبل الدخول في الموضوع أيضاً الدفع بعدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع التحكيمي. لقد تطلب نظام التحكيم الجديد الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/34) وتاريخ 24/05/1433ه أن يبدي دفع عدم الاختصاص من المحتكم ضده في مذكرة دفاعه أو على استقلال في الميعاد المحدد لتقديم مذكرة الدفاع، سواء كان هذا الميعاد قد تم تحديده باتفاق الطرفين أو عينته هيئة التحكيم، وهذا ما تم النص عليه في المادة (العشرين) من نظام التحكيم الجديد بالقول ""1- تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم، أو سقوطه، أو بطلانه، أو عدم شموله لموضوع النزاع. 2- يجب إبداء الدفوع بعدم اختصاص هيئة التحكيم وفقاً للمواعيد المشار إليها في (2) من المادة (الثلاثين) من هذا النظام""، وبذلك يكون المنظم قد منح الحق لهيئة التحكيم في الفصل في الدفع الخاص بعدم اختصاصها أو عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه، وأن تفصل هيئة التحكيم بنفسها في هذا الدفع، ويُعد هذا الأمر من الأمور الجديدة المهمة التي نص عليها نظام التحكيم الجديد ولم يكن منصوصاً عليه في نظام التحكيم السابق، ويرجع السبب في ذلك إلى مقدرة هيئة التحكيم على الفصل في هذا الأمر، وأيضاً لضمان سرعة الفصل في الدعوى التحكيمية كضمانة من ضمانات التحكيم. أما فيما يخص الميعاد الذي يجب التقيد به لإبداء الدفع بعدم الاختصاص أو عدم وجود اتفاق تحكيم وما يرتبط به من دفوع شكلية أخرى، فقد تم النص عليها في الفقرة الثانية من المادة (الثلاثين) من نظام التحكيم الجديد التي تضمنت ""يرسل المدعى عليه خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين، أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى المدعي وإلى كل واحد من المحكمين، جواباً مكتوباً بدفاعه رداً على ما جاء في بيان الدعوى، وله أن يضمن جوابه أي طلب متصل بموضوع النزاع، أو أن يتمسك بحق ناشئ منه بقصد الدفع بالمقاصة، وله ذلك ولو في مرحلة لاحقة من الإجراءات إذا رأت هيئة التحكيم أن الظروف تسوغ التأخير""، ويترتب على عدم تقديم هذه الدفوع في المدة المتفق عليها أو التي تقررها هيئة التحكيم سقوط الحق في إبدائها بعد ذلك أو التمسك بها، ويُعد ذلك تنازلاً من الخصم في التمسك بهذا الدفع، إلا أن سقوط هذا الحق لا يُعد من النظام العام، فلا يجوز أن تقضي به هيئة التحكيم من تلقاء نفسها، إذ يجوز أن تقبل هذه الدفوع إذا كان هنالك سبب مشروع ومقبول أدى إلى تأخير الدفع به بعد الميعاد المحدد في المادة السابقة. وبذلك يكون نظام التحكيم قد أوكل إلى هيئة التحكيم اتخاذ الإجراء الذي تراه مناسباً سواء بشأن قبول الدفع في مدته النظامية أو بعد انقضاء المدة المنصوص عليها نظاماً، كما يجوز لصاحب الدفع إذا ما أبداه أن ينزل عنه صراحة أو ضمناً أثناء سير الدعوى التحكيمية، كما لا يترتب على قيام أحد طرفي التحكيم بتعيين محكم أو الاشتراك في تعيينه سقوط حقه في الدفع بعدم الاختصاص أو الدفوع الأخرى المنصوص عليها في المادة العشرين، وهي عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع نزاع التحكيم. وإذا انتهت هيئة التحكيم إلى رفض الدفع بعدم الاختصاص، سواء كان هذا القرار قبل الفصل في موضوع نزاع التحكيم أو مع الحكم الصادر منها، فإنه ليس للخصم أن يعترض على هذا القرار، إلا حال طعنه بدعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقاً للمادة (الرابعة والخمسين) من هذا النظام التي نصت على أنه ""لا يترتب على رفع الدعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم. ومع ذلك يجوز للمحكمة المختصة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب مدعي البطلان ذلك في صحيفة الدعوى، وكان مبنياً على أسباب جدية. وعلى المحكمة المختصة الفصل في طلب وقف التنفيذ خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب. وإذا أمرت بوقف التنفيذ جاز لها أن تأمر بتقديم كفالة أو ضمان مالي، وعليها إذا أمرت بوقف التنفيذ الفصل في دعوى البطلان خلال 180 يوماً من تاريخ صدور هذا الأمر"".